الناسك الرحلة ابن بطوطة

الناسك الرحلة ابن بطوطة

التقوى منكم وإليكم

لا شك أن للسفر والترحال فوائد جمة حينما تصحبها رووح المغامرة وحب الاستطلاع، فكما للشعر رجاله وللأدب رجاله فكذلك للرحلة رجالاتها ومغامروها ومشاهيرها الذين أغنوا هذا الحقل بما اكتسبوه من موهبة في سرد أدق تفاصيل الأمم والشعوب والأمصار وتراث أهلها وجغرافيتها. ويعد ابن بطوطة المغربي الطنجي من أشهر المتألقين في عالم الرحلة ومشاهيرها في العالم إن لم يكن أغربهم وأفضلهم أيضًا؟ فمن يكون ابن بطوطة؟ وكيف تفتحت لديه مَلَكةُ الارتحال؟ وما سبب ميله إلى المغامرة؟ وهل مبعث رحلاته نزعة ترفٍ وهواية أم هدف سام سعى إليه عن طِيب نية؟! ولماذا اختلفت رؤى تقييمات الباحثين في معرفة بواعث فكرة رحلاته وسيكولوجية شخصيته وميولاتها؟! هذا ما سنحاول الإجابة عليه بتبسيط لإعطائكم لمحة حقيقية مفيدة عن هذا العَلَم من أعلام المغرب والأمة الإسلامية والعالم.

ابن بطوطة هو محمد بن عبد الله. ولد في طنجة بالمغرب الأقصى سنة ثلاث وسبعمائة هجرية (1303 م 703 هـ). نشأ في أسرة ذات نسب شريف معروفة بحب الشرع الإسلامي، فتربى ابن بطوطة وترعرع في هذا الجو المشبع بالدين ومن ثم سار على نهج أبويه في تعلم المعارف الإسلامية، كما نهل من علوم زمانه الأدبية والشعرية، وقد صقلت هذه التربية ابن بطوطة وجعلت منه رجلاً تقيا زاهدًا مائلا إلى التنسك والروحانية. تفتحت مواهبه حين كبر وصار شابا راشدا في الثانية والعشرين من عمره، لم يكن تفكيره من قبل يميل إلى الترحال والأسفار كحال المترفين وغيرهم الذين يقصدون سبل المشاهدات والاستماع بالمغامرات تنقلا بين البلدان والأمصار!، كما أنه لم يكن من أولئك الذين تستهويهم الرحلات رجاءً وطمعا في القوافل والسلع كشاكلة طباع وميولات التجار؟!

ولعل هذا من بين أقوى المفارقات الفاصلة بين شخصيته وشخصيات تاريخية أخرى لم تتجرد عن رغبات حب الظهور بمكاسب المغامرة والمتاجرة! لأن ما يدل على سمو مقاصد ابن بطوطة ونسكه وتقواه وإخلاص نيته ومبعث فكرة رحلته هو أمنية كانت تراود قلبه بشدة وتنتابه بشغف ألا وهي زيارة قبر الرسول الكريم محمد المصطفى والطواف ببيت الله الحرام بمكة وأداء فريضة الحج!؟ وهذا العزم من ابن بطوطة على الحج وهو ابن 22 عاما.. فيه أكثر من دلالة وإشارة لتقصي وتحديد ميولاته الروحية المبكرة وهو في بداية مقتبل العمر؟! وكان هذا حدثا في حياته ومنعطفا جديدا في منحى سيرته التي وعدها القدر بتوثيقها بأحرف من ذهب لما سينجم بعدها من عظيم الأثر. وعزم ابن بطوطة في تحقيق أمنيته كان بمثابة لبنة تأسيسية دفعته إلى سلسلة لبنات تشد بعضها بعضا لبدء مسيرة رحلات طويلة من حياته استغرقت من عمره ما مجموعه 29 عاما زار خلالها كلا من مصر والشام وفلسطين والعراق والحجاز وجنوبي بلاد العرب وبلاد العجم وأفريقيا الشرقية وآسيا الصغرى والقسطنطينية وخوارزم وروسيا وبخارى وأفغانستان وبلاد الهند والصين وبلاد البنغال والهند الأقصى والجزر الأسيوية وبعد عودته من آسيا وبلاد الشرق الأقصى والبعيد زار الأندلس ثم السودان. ووصف ابن بطوطة هذه الرحلات في كتاب دونه تحت اسم “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” والمعروف اختصارا برحلة ابن بطوطة، والذي ترجم إلى لغات عديدة كالفرنسية والإنجليزية والألمانية، وهذا غير العديد من الدراسات والمباحث والمعاهد التي اهتمت بتناول شخصية ابن بطوطة ورحلاته من زاوية رؤى الباحثين وتقييماتهم… ويروى أن ابن بطوطة لما استقر به المقام بالمغرب عائدا من ترحاله عام أربعة وخمسين وسبعمائة هجرية وبعد غياب طال أمده إلى 29 عاما إذ به يفاجأ بانتقال أفراد أسرته وعائلته إلى جوار ربهم وبتبدل أحوال الأهالي والبلاد وكل ما كان يعتاده ويتذكره في صباه وذروة شبابه! وكأنه لم يكن يدرك فجوة الزمن وتعداد السنين التي استغرقها؟ نعم ولم لا وهو ذلك الابن الشاب الذي كان بالأمس قاصدا الحج وهو ابن 22 وقد صار اليوم شيخا في الخمسين من عمره؟! ذاع صيت عودة الشيخ ابن بطوطة في البلاد وما تتناقله الألسن عن أخباره وعجائب رحلاته مما أثار دهشة الناس واستغرابهم! فحظي ابن بطوطة بتكريم سلطان فاس مما أشيع عنه أسطورته التي ذاع صيتها شرقا وغربا وفي طول البلاد وعرضها، فكان السلطان أشد المعجبين بأحاديث الشيخ وشخصيته ومعارفه وتجاربه مما جعله يسند مرسوما إلى كَتبة السلطنة بتوثيق وتدوين كل ما يمليه ذلك الرحالة الناسك في مجالس البلاط عن رحلته وأحوالها وغرائبها… إلخ. توفي رحمة الله سنة 1377م عن عمر يناهز 74 عاما، وأعطى ابن بطوطة في كتابه الآنف الذكر صورة مجملة عن الحالة الاجتماعية والروحية في بلاد العالم الإسلامي في زمنه وأتى إلينا ببعض الصور عن أخبار وأحوال المسلمين في كل بقعة جغرافية زارها…

إن المؤرخين والباحثين كثيرا ما تناقضت تقييماتهم وتباعدت في معرفة البواعث الحقيقية والحوافز الرئيسية التي فجرت تلك الموهبة والشهرة في ابن بطوطة وكثيرا ما أُوّلَت بأشكال وصور مختلفة أو جُرّدت من جوهرها وفحوى سياقها الديني، فلو أردنا أن نستقصي حقيقة ما يمكن استقصاؤه لعلمنا أن الحج هو شرارة مبعث موهبة ابن بطوطة وكأنه أدرك في قرارة نفسه ما للحج من مزايا وجوانب ثقافية واجتماعية وأدبية يمكن استثمارها خصوصا أنه عايش قدسية هذا الموسم الديني وشاهد مختلف الثقافات والأجناس المتنوعة التي التقت في تلك الرحاب المقدسة آتية من بلدان وأمصار قريبة وبعيدة واحتكاكه بهم وبطابعهم وخصالهم وألسنتهم ولا شك قد فتح عليه بادرة حب استطلاع واستكشاف وصلة. لقد حقق ابن بطوطة أمنيته الفياضة تلك في زيارة الرسول والطواف بالكعبة المشرفة وحقق أيضا ترجمة أخرى لأمنيته تلك التي أثمرت وعكست من خلال رحلته العالمية اجتهاده في تأكيد عالمية الرسول وعالمية الكعبة وعالمية الإسلام. ونختم هذا الموضوع بما أورده الدكتور “فيليب حتى” وهو من العرب المسيحيين في كتابه “تاريخ العرب” وتقييمه لجوانب الحج الأدبية والثقافية في الإسلام.

“ولا يزال الحج على مر العصور نظاما لا يُبارى في تشديد عُرى التفاهم الإسلامي والتآلف بين مختلف طبقات المسلمين، وبفضله يتسنى لكل مسلم أن يكون رحالة مرة على الأقل في حياته! وأن يجتمع مع غيره من المؤمنين اجتماعا أخويا.

ويوحد شعوره مع شعور غيره من القادمين من أطراف الأرض. وبفضل هذا النظام يتيسر للزنوج والبربر والصينيين والفرس والترك والعرب وغيرهم أغنياء كانوا أم فقراء، عظماء أم صعاليك لأن يتآلفوا لغة وإيمانا وعقيدة. وقد أدرك الإسلام نجاحا لم يتفق لدين آخر من أديان العالم في القضاء على فوارق الجنس واللون والقومية خاصة بين أبنائه، فهو لا يعترف بفاصل بين أفراد البشر إلا الذي يقوم بين المؤمنين وبين غير المؤمنين، ولا شك أن الاجتماع في مواسم الحج أدى خدمة كبرى في هذا السبيل”(تاريخ العرب ج1 ص 187 طبعة 2)

مساهمة الصديق: ج.أ  (المغرب)

الأسماك تحمي الإنسان من الأزمات القلبية

أظهرت آخر الأبحاث بأنه بالإضافة إلى الفوائد الصحية الأخرى للأسماك أنها مفيدة أيضا في منع الإصابة بالأزمات القلبية وذلك لاحتوائها على مادة “أوميغا 3” المفيدة لتنشيط عضلة القلب وتحسين النبض. وينصح الأطباء بتناول الأسماك مرتين في الأسبوع وذلك لإمداد الجسم بحاجياته من مادة “أوميجا 3”

كما أفاد البحث أن هذه المادة الموجودة بكثرة في أسماك السالمون والسردين والتونة تساعد في الحصول على نتائج طبية باهرة في علاج مرضى المخ والأعصاب لأنها تحتوي على مادة أساسية في تكوين الأغشية المحيطة بأعصاب الإنسان. كما توجد مادة “أوميغا” في زيت بذر الكتان التي أثبتت فعاليتها في تسكين الأوجاع الناجمة عن الروماتيزم وعن حالات مشابهة.

لا تُكثر من تناول فيتامين “ج”

يحتاج جسم الإنسان إلى فيتامين  “ج” بنسبة 100 إلى 200 ميليغرام يوميا. وبناء على هذا ينصح الأطباء بالحصول على فيتامين “ج” من المصادر الطبيعية، كالخضراوات والفاكهة. ويُنذر بعض المختصين أن امتصاص الجسم أكثر من جرام واحد من هذا الفيتامين يوميا قد يسبب مشاكل صحية.

مساهمة الصديق: م.ع.ا

(تونس)

Share via
تابعونا على الفايس بوك