الله نور السماوات والأَرضِ
  • كيف تتحقق العبادة المرجوة على الوجه الأتم؟!
  •  لماذا لم تُجْدِ قروض الدول الماتحة ولا برامجها لتنمية الشعوب الفقيرة أي نفع؟!
  • وصفة علاجية لأهم أسقام الإنسانية؟!

__

إن مدار الحياة الإنسانية هو معرفة الإنسان ربه ، تلك المعرفة التي بتحققها على الوجه الأتم يتحقق الهدف من وجود الخلق بشكل عام

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ .

ولكن أنى لتلك العبادة المرجوة أن تتحقق واقع حال الإنسانية المعاصرة يحكي قطيعة مريرة بينها وبين خالقها ؟! وليس أدل على تلك القطيعة من سير العالم متخبطا في ظلمات الحروب والآفات والكوارث الإنسانية، الاقتصادية منها والاجتماعية والصحية وغيرها، ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، بحيث إنه، أي العالم بشعوبه وحكوماته ومراكز صنع القرار فيه، حتى لو أخرج يدا لحل تلك المشكلات يتحسس بها في خِضَمِّ تلك الظلمات الدامسة لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا، فلا تُجدي نفعا قروض الدول المانحة، ولا برامجها لتطوير وتنمية الشعوب الفقيرة، فليس هذا هو السبيل الأنجع لعلاج أي من مشكلات العالم. وبصدد الحديث عن علاج المشكلات بكافة أنواعها، فإن أولى خطوات العلاج تتمثل في التشخيص، أي تحديد كنه المشكلة وأصلها تحديدا واضحا قبل التوجه إلى مداواة الأعراض المَرَضِيَّة، فالعرض يكون نتيجة للمرض، وليس هو المرض في حد ذاته. إن مرض البشرية الأخطر يتمثل في بعدها عن خالقها ، وذلك المرض العضال هو ما تنشأ منه سائر الأعراض الأخرى من فقر وجوع وجهل ومرض وسوء خُلُق وكِبْرٍ وتفكك أسري ومجتمعي وغير ذلك من آفات تنخر عظم جسد الإنسانية نخرا.

وفي سياق وثيق الصلة بإيجاد الدواء الأنفع والأنجع لذلك الداء المُردِي والوباء المتفشِّي جراء هجران البشرية طريق ربها وخالقها . وقد جعل حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله تعالى بنصره العزيز) من الجلسة السنوية الثانية والخمسين المنعقدة في المملكة المتحدة أوائل أغسطس/آب من هذا العام، مدارا أكد من خلاله أن جميع الخصومات والنزاعات والمشكلات والآفات والأمراض والسلبيات والتداعيات المكروهة والأخطاء والصعوبات والعقبات والمؤامرات وكل ما سوى ذلك من أمور سلبية
إنما علاجها عند ذلك الإله الذي وصف نفسه:

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ

فينبغي علينا، حتى بعد اتخاذ كافة التدابير والخطط لعلاج كافة ما سبق من السلبيات والتقصيرات والإساءات، ألا ننسى ذلك المرجع الأول والآخِر، فلنرجع إليه مستحضرين عظمته وجلاله سبحانه، ومستصغرين أنفسنا مع استعظام ذنوبنا وتقصيراتنا سالفة الذكر، داخلين في حالة من الموت جرى العرف بين أولياء الله تعالى أن تُسمَّى بـ «التوبة»، فتوبة كهذه لو تابها المسلمون في هذا الزمان لتغير وجه العالم وعاد إليه نوره ونضارته، فماذا لو تابتها البشرية جمعاء بكافة أطيافها وأعراقها وأديانها؟! لا شك أن العالم يصبح جنة بكل المقاييس.

طوال العام المنصرم وربما قبل ذلك، طالما ردد سيدنا مرزا مسرور أحمد الخليفة الخامس للمسيح الموعود أن العالم يسير بخطى متسارعة نحو الهاوية، وأن الدول الكبرى إن لم ترجع عن سباقها المحموم في التسلُّح والتسليح فإنها تكتب بيدها شهادة وفاة العالم ككل. فخلال الأيام المنصرمة كان حضرته (أيده الله تعالى بنصره العزيز) يُشخص المرض ويُبرز مدى خطورته، وها هو حضرته الآن يصف الدواء اللازم للعلاج، ولكن صدق الشاعر القائل:

لِكُــلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْــتَـطَبُّ بِــهِ
إِلا الحَمَاقَة أَعْيَتْ مَنْ يُدَاوِيهَا

وفي هذا العدد تُخصص مجلة التقوى أغلب صفحاتها لإبراز الدواء الموصوف في خطابات مَن أقامه الله تعالى لمداواة أسقام الخلق في هذا الزمان، أي حضرة الخليفة الخامس للمسيح الموعود، فتتشرف المجلة بأن تُقدم إلى القارئ العزيز خطابَي حضرته الافتتاحي والختامي لأيام الجلسة، ولن يخفى على من يطلع عليهما تركيز حضرة الخليفة الخامس (أيده الله تعالى) على مبدأ الدعاء كونه الخط الساخن للاتصال بالطبيب . في الخطاب الافتتاحي أسهب في شرح كيف أن العبادة إذا خلت من الدعاء الحقيقي تُمسي مجرد طقوس حركية لا طائل من ورائها، مع تزويدنا بجرعة مكثفة من الأدعية المناسبة لواقع الحال الراهن من اضطهاد تعانيه جماعتنا منذ مدة، وغير ذلك من الأمور، وفي ثنايا ذلك الخطاب الهام ركز حضرته على ضرورة اتخاذ الصلاة على النبي الخاتم سيدنا محمد المصطفى وِردًا دائما، إذ بدون تلك الصلاة تفقد كافة الأدعية قوتها وأهم مسوغات قبولها. أما الخطاب الآخر الذي ألقاه حضرته (أيده الله بنصره العزيز) ونهديه إلى القارئ الكريم في هذا العدد – فيفصل فيه حضرته مسألة دقيقة، وهي أن أمن العالم وسلامه لا يمكن أن يتحقق إلا بالاستجابة لثلاثة أوامر إلهية، وهي: العدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وأن بالاستجابة للأوامر الثلاثة المذكورة لا يمكن أن يتحقق بدوره ما لم يُنتهَ عن منهيات ثلاثة أيضا، وهي: الفحشاء، والمنكر، والبغي.. فما أصل هذا الموضوع وفصله؟! هذا ما سيدركه قارئ الخطاب بعين الإمعان وبسؤال المولى قوة الإدراك والعرفان.

والجدير بالذكر في هذا المقام أن من مظاهر الوحدة المتجلية تمثلت في البيعة العالمية والتي تم من خلالها تجديد عهد الوفاء والطاعة لمنقذ البشرية في هذا العصر. وفقنا الله – نور السماوات والأرض – وإياكم للاستفاضة من أنوار الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك