سيرة المهدي - الجزء 2 الحلقة 31

سيرة المهدي – الجزء 2 الحلقة 31

مرزا بشير أحمد

قانون عذاب الله  وصفة رحمته

428- بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: حدثني المولوي عبد الله السنوري وقال كما أنني أيضا سمعت المسيح الموعود يقول: يعرض أمام الله تعالى شخص فيسأله الله: اذكر لي إن عملت من خير قط في الدنيا. فيقول: ربّ لم أعمل بأي خير قط. يقول الله: تذكّر! واذكر لي عملا حسنًا واحدًا فحسب من أعمالك. فيقول: لا أتذكر لي أي عمل حسن. يقول الله: هل استصحبت عبدًا صالحًا من عبادي قط؟ يقول: لم أجلس في صحبة عبد صالح من عبادك قط. يسأله الله: أذكر لي إذا رأيت عبدًا صالحًا من عبادي؟ يقول: اللهم لا تخجلني، لأنني لم أنظر إلى عبدٍ صالح من عبادك. يقول الله: كان أحد عبادي الصالحين يقيم على طرف من قريتك، أفلم تقع نظرتك عليه إذ التقيت به أثناء مرورك من زقاق كذا وفي يوم كذا وفي وقت كذا. يجيب ويقول: اللهم لقد تذكّرت أنني نظرت إلى عبدك الصالح هذا، غير أنها لم تكن سوى نظرة واحدة فحسب، ثم مرّ هو من قربي ومضى إلى سبيله. يقول الله تعالى: فانطلقْ فقد غفرت لك بسبب نظرتك هذه، فاذهب وادخُلْ جنتي.

أقول: كان المسيح الموعود يذكر هذا المثال لبيان رحمة الله تعالى ومغفرته.

وأضيف: لا يعني هذا المثال أنه سيُغفر للإنسان بمثل هذا السبب مهما كانت حياته في الدنيا سيئة ومهما قضاها في سوء الأعمال، بل يبدو أن المراد منه أنه إذا عاش الإنسان في هذه الدنيا حياة سلمت فيها بذرة الحسنة والصلاح في فطرته دون أن تتيسر له العوامل الأخرى المساعدة لتنمية هذه البذرة وظلّ محاطًا بالصحبة السيئة والظروف التي جعلته غافلاً التي أسفرت عن ارتكابه المتكرر لسوء الأعمال، إلا أنه لو تيسيرت له ظروف تميله إلى الحسنة والصلاح لترك السيئة وتمسك بالحسنة، فلا بد أن مثل هذا الإنسان سينال نصيبًا خاصًّا من مغفرة الله تعالى.

إضافة إلى ذلك إنه الحق –ولعل ذلك سيثير بعض الطبائع المتزمتة والجافة- أن البحث عن قانون وقواعد لرحمة الله ومغفرته يدل على الجهل وينم عن ضيق فكري. لا شك أن هناك قواعد وقوانين ذكرها الله تعالى لعذابه وعقابه ولكن ليس من قانون لرحمته لأن صفته هذه تظل سارية المفعول بشكل أو بآخر على كل شيء وفي كل ظرف وفي كل مكان. فيقول الله تعالى:

عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ (الأَعراف 157)

أي أن عذابي أصيب به في أحوال خاصة وفق قوانين وضعتها، أما رحمتي فهي تسع كل شيء في كل حين.

لا يعني قوله تعالى: مَنْ أَشَاءُ أن عذابه ينـزل وفق مشيئته أما رحمته فقد تعدّت حدود مشيئته فوسعت كل شيء، كلا، بل الحق أن هذه الكلمة وفق التعبير القرآني تستخدم للإشارة إلى قوانين الله تعالى، والمراد منه أن عذاب الله تعالى إنما ينـزل وفق قوانينه في حالات خاصة فحسب، أما رحمة الله تعالى فلا تخضع لأي قانون، بل هي تتوقف على مشيئة الله تعالى ورضاه. وبما أن صفة رحمة الله غالبة على جميع صفاته الأخرى لذلك فإن صفة الله هذه تظهر في كل حين وفي كل شيء. وأحيانًا تظهر رحمته في صبغة لا تستطيع نظرة الإنسان القاصرة إدراكها، وقد تبدو في بعض الظروف كأنْ لا سبب لها إلا أن الله تعالى رحيم ويريد أن يرحم عبادًا خلقهم. والله أعلم.

صلاة حضرته في المسجد المبارك مؤتما بالمولوي نور الدين

429- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي محمد إسماعيل الحائز على شهادة «مولوي فاضل» وقال: لما أتيت قاديان مبايعا المسيح الموعود في عام 1908، كانت صلاة الظهر قد أوشكت، فتوضأت في دار الضيافة، وحضرت المسجد المبارك. كان المسيح الموعود في المسجد في عدد كبير من أصحابه الذین كانوا جالسين على مقربة منه، ذهبت وجلست قريبًا منهم فی آخر المجلس. في ذلك الوقت كان شيخ محمد يوسف مدير جريدة «نور» يقدّم إلى حضرته بعض المراجع من كتب ديانة السيخ من أجل ذكرها في كتاب «ينبوع المعرفة». كان المولوي نور الدين الخليفة الأول رضي الله عنه جالسًا على شِماله. فلما جئت وجلست اشتبه عليّ لبعض الوقت شخص المسيح الموعود عليه السلام لأنني لم أستطع أن أميز بين حضرته وبين المولوي نور الدين، ولكن بعد ذلك توضح لي الأمر أثناء الكلام. فلما انتهى الكلام حول المراجع المذكورة حاولت أن أتقدم إلى حضرته من أجل البيعة ولكن في الوقت نفسه قال سيد نور أحمد الكابلي بصوت مرتفع نوعًا ما: هذا الشخص يريد أن يُسْلِم، فليُفسَح له الطريق. تعجبت في نفسي وتساءلت: ما معنى أنني أريد أن أسلم؟ ثم خطر ببالي فجأة أن الدخول في بيعة المسيح الموعود هو الدخول في الإسلام الحقيقي بعينه، فماذا إذن؟ فبايعت المسيح الموعود ، وشخص آخر. بعد البيعة قام المسيح الموعود للصلاة، وكان المولوي نور الدين قد أمّ الصلاة، وصلى المسيح الموعود مؤتمًّا بالمولوي نور الدين واقفًا معه في الناحية الشَّمالية للمسجد متقدّمًا من الصف الأول. وبعد أداء الصلاة دخل حضرته إلى بيته.

أقول: كان المسيح الموعود في أيامه الأخيرة يصلى دائمًا قائمًا مع الإمام. وبعد وفاته كان الخليفة الأول يترك مكان حضرته ويقف إلى شِمالِه دومًا، بحيث لم يحدث ولا مرة أنه وقف في وسط المصلى أو إلى اليمين، وهكذا يفعل الخليفة الثاني أيضا الآن. وعلى الأغلب يعود هذا الأمر إلى احترام المسيح الموعود . والله أعلم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك