التقوى منكم وإليكم

التقوى منكم وإليكم

  • زحام الموضة والاستهلاك والتقليد الأعمى
  • الاختراق الإلكتروني (أمن الخصوصية)
  • نظرة اقتصادية للطلاق في بريطانيا

__

في زحام موضات الاستهلاك والتقليد الأعمى

تطالعنا الصحف العربية في كل سنة، ونحن على أعتاب الشهر الفضيل، بكَمٍّ كبير من الإعلانات عن السلع الغذائـية والمشـروبات والمأكولات، وعن المطاعم والفنـادق وعـروضها المغرية. إلى جانب الفوازير والمسلسلات الرمضانية التي تتنافس فيها الفضائيات العربية، وهي مسلسلات بكل اللهجات، وتخلو الشوارع عند بثها، وأحيانا المساجد. وأي أجنبي يزور البلاد خلال هذه الأيام سيظن أننا نعيش  مهرجانًا للأكل والشرب ومشاهدة المسلسلات، مع أنه في الحقيقة شهر الصيام والقيام. ومما يزيد في تعجبه ودهشته هو أننا الأمة الوحيدة التي تقلل من طعامها وجبة في كل يوم خلال هذا الشهر الفضيل،  وفي نفس الوقت يتضاعـف اسـتهلاكها للطعام أضعافا خلاله. حتى إن حكومات بعض البلدان العربية تضطر إلى استيراد كميات هائلة من الحليب والمستلزمات الغذائية الأخرى ولكنها في باقي شهور السنة تتمكن من تحقيق اكتفائها الذاتي. ولا فرق في هذا السلوك بين دولة وأخرى إلا في أنواع الطعام والحلوى التي تمتد موائدها منذ أذان المغرب وحتى مطلع الفجر. وهكذا فقد تحول شهر الصوم إلى مناسبة لإهدار المليارات على المأكولات، ومئات الملايين على المسلسلات وبرامـج ذات صبـغة سطحية. وكأن صيـامنا لن يُقبل إلا بهذه الطقوس البعيدة كل البعد عن معنى الصوم ومغزاه الروحي. وقد أضيفت إلى المظاهر الاستهلاكية في رمضان في السنوات الأخيرة  موضـة إرسال مئات الرسائل من الهواتف المحمولة، كما ظهرت على الساحة مباريات في  كتابة الرسائل المسجوعة والمقفاة أو ذات الرسوم، وهي تجارة رابحة بالتأكيد لشركات الهواتف النقالة.

وهكذا فقد كان من المفروض أن الشهر الذي يجب أن نكسب فيه مزيدا من الحسنات بالتقرب إلى الله تحول إلى شهر للخسائر المادية ونزيف في كل بيت عربي. ويبدو أنه لا يقدر أحد على أن يوقف هذه الحمى التي تتفاقم حرارتها من عام إلى آخر، وكل من يحاول إيقافها سيُتهم بالتخلـف أو الجـهل والبخل، لأن هناك من يستفيد من تحوّل هذا الشهر إلى مناسبة للإنفاق والصرف، فيستثـمرون في هذه العادات الغريبة ويربحون المليارات حتى لو كان ذلك على حساب أفقر الفقراء.

ويطرح سـؤال نفسه ونحن في خضم هذه المأساة: هل افتقدنا القدرة على المحافظة على شيء واحد مقدس دون أن نجتث معناه. لقد ضاعت معان كثيرة في حياتـنا حتى اختـفت أجـمل المعاني في زحام موضات الاستـهلاك والتـقلـيد الأعمى، ولا أرى أحدا قـادرا على أن يـرفع صوتـه عاليـا ويقول: إلى متى هذا الهـراء؟

أمن أبنائنا على الإنترنت

لفت انتباهي خبر صدور حكم من محكمة الاستئناف الكبرى في البحرين بتأييد حبس متهم بحريني لمدة ستة أشهر في قضية تهديد فتاة بنشر صورها على شبكة الإنترنـت. وورد  في تفاصيل القضية أن المجني عليها وخلال استخدامها شبكة الإنترنت كانت تتحدث مع صديقتها عن طريق أحد برامج “الدردشة” وفـوجئت بتسلل شخص إلى جهازها وسرق  بعـض الصور والمحادثات الموجودة في بريدها الإلكتروني وقام بعرضها عليها وهددها في حالة عدم إقامتها علاقة عاطفية معه بأنه سبنشر صورها على شبكة الإنترنت. اتصلت الفتاة بالمتهم للتأكد من صحة الأمر، فتبين لها صحة التهديد، فسارعت بإخبار والدها الذي قدم شكوى إلى الجهات الأمنية  التي تمكنت من التوصل إلى المتهم الذي اعترف بالواقعة وأنه عن طريق أحد البرامج تمكن من سرقة ملفات وصور من جهازها.

إن ما يستخلصه أي واحد منا أبا كان أو أخا أن هنالك ظاهرة خطيرة تتعلق بأمن المعلومات الموجودة على أجهزتنا الإلكترونـية الموصولة بالإنترنت ومدى سلامة أبنائنا وبناتنا حين إبحارهم في تلك الشبكة المليئة بالمخاطر. والحادثة التي ذكرتها هي في الحقيقة عينة بسيطة لما يحدث لأن كثيرا من مستخدمي هذه الشبكة مِن قليلي الخبرة أو اليائسين من الحياة أو الباحثين عن الثروة أو طالبي الإثارة والمغامرة يقعون في قبضة المتصيدين الذين يسرقون أموالهم أو يغوونهم لممارسة الرذيلة أو يجندونهم للانضمام إلى التنظيمات السرية والحركات المتطرفة.

فبالدرجة الأولى تـقع مسئولية تأمين سلامة أبنائنا وبناتنا عند استخدامهم شبكة الإنترنت على عاتقنا نحن الآباء، فأول ما ينبغي علينا فعله هو تلقينهم المعرفة الضرورية والمعلومات الحيوية حول هذه الشبكة قبل السماح لهم بالإبحار فيها وحدهم، ليتعرفوا على طـرق تحصين أجهزتهم وحمايتها من الاختراق، وكيفية تأمين صورهم وملفاتهم حتى لا تقع في أيدي العابثين ومتصيدي أسرار الآخرين. فعلى الآباء أن يلتحقوا بدورات تدريبية وينموا معلوماتهم النظرية والعملية حول استعمال الحاسوب ومبادئه، فقد أصبح هذا الأمر من ضروريات العصر التي لا نستطيع الاستغناء عنها.

صحيح أن تأمين أجهزة الكمبيوتر بنسـبة مائة بالمائة بات اليوم أمرا مستحيلا، لكن هناك خطوات احترازية لابد من اتخاذها، في مقدمتها كما ذكرت آنفا تحصين أبنائنا وبناتنا بالمعلومات والمعـارف المتـعلقـة بطرق تأمين تصفحهم للإنترنت، ثم الخـطوة التالـية الهامة جدا عدم الاحتـفـاظ بالصـور الشـخصية والعـائلية والملـفات الهامة على القرص الصـلب الرئيسي للجهاز بل نقلها على قرص صلب خارجي يتم وصله بالكمبيوتر كلما دعت الحاجة لمطالعة تلك الصور والملفات أو إضافة ملفات وصور جديدة إليها. كما يجب الامتناع عن وصل القرص الخارجي بالكمبـيوتر خلال الاتصال بشـبكة الإنترنت، إلى جـانب تزويد الجهـاز  دائـما بأحدث إصدارات برامج مكافحة الفـيروسات وبرامـج التجـسس والاخـتراق.

وأخيرا يجب التشـديد على أبنائنا وبناتنا بضرورة عدم الاستجابة مطلقا لأي ابتزاز أو إغراء من أي شخص كان، سواء على الإنتـرنت أو في أي جانـب من جـوانب الحيـاة، والمسـارعة إلى إبلاغ جهات الأمن عند حدوث حالة ابتزاز أو مسـاومة، لأن الانـسيـاق وراء ذلك نتائـجه وخـيمة جـدا.. فالـوقـاية خـيـر من العلاج.

نظرة اقتـصادية للطلاق في بريطانيا

توصل باحثون اجتماعيون في بريطانيا مؤخرا إلى فوائد انخفاض أسعار العقارات الذى يتنافى تماما مع تصريحات رجال البورصة الذين يقولون: انهيار أسعار البيوت يهدد بالخراب والدمار.

وقد توصل الباحثون أن الطلاق يتسبب في نسبة ستة بالمائة من حالات بيع العقارات. وترتفع هذه النسبة إلى ثلاثة عشرة بالمائة بين أصحاب البيوت التي تزيد قيمتها على مليون جنيه إسترليني. وتزداد ارتفاعا إلى ثمانية عشرة بالمائة إذا كانت قيمة البيت الذي يملكه الزوجان أكثر من مليوني جنيه إسترليني. ووصل الباحثون إلى أن انخفاض أسعار البيوت أدى إلى انخفاض نسبة الطلاق بين مالكي البيوت. وقالوا: كلما ارتفع سعر العقارات نجد أن الزوجين  يلجآن للقضاء من أجل الطلاق وذلك لأنهما سيصبحان أكثر غنى عندما يقتسمان ثمن البيت معا. وعادة يشتري أحد الزوجين عند الطلاق نصيب الطرف الآخر ثم يبيعه بعد ذلك أو يحتفظ به. ولكن النتيجة هي أنه مع انخفاض سعر العقارات يفضل الزوجان تأجيل الطلاق، ولذلك فإن انخـفاض الأسعار جعل الطـرفين يترددان في الطـلاق ويعدلان عنه. وواضـح من ذلك أن الأزمة المالـية والكسـاد الاقـتصادي يحـفـظان الـزواج ويحافظان عليه.

هذا هو حـال الطلاق عند  الإنجليز. أما عندنا نحن العرب فحدث ولا حرج.

مساهمة: عمار المسكي (المملكة المتحدة)

Share via
تابعونا على الفايس بوك