أحمدية الشيخ محمد الغزالي

 أحمدية الشيخ محمد الغزالي

هاني طاهر

  • مواضيع اتفق فيها رأي محمد الغزالي مع الأحمدية: موت المسيح، والجهاد، والجزية، والنسخ، وتقديم القرآن على الحديث..

__

 التقيت بعدد من كبار المثقفين بين المشايخ فرأيتُهم أقرب إلى الفكر الإسلامي الأحمدي، وكنت أقول لهم: الحجة عليكم قائمة أكثر من غيركم، وذنبُكم أكبر، فأنتم مَن يسهل عليه أن يحسّ بصدق المسيح الموعود ، لأنه من ثماره تعرفونه، فما دمتم تتبنَّوْن هذه الأفكار السامية التي تحدث عنها حضرته قبل أكثر من مائة عام وترَوْنها الحق المبين، فهل يمكن أن يكون حضرته متقولا؟ وهل يقبل الله تعالى أن تأتي الدرر هذه عن طريق متقوّل؟ وهل تقدِّم ثمارا طيبة غير الشجرة الطيبة؟

الحجة عليكم قائمة أكثر من غيركم، وذنبُكم أكبر، فأنتم مَن يسهل عليه أن يحسّ بصدق المسيح الموعود ، لأنه من ثماره تعرفونه، فما دمتم تتبنَّوْن هذه الأفكار السامية التي تحدث عنها حضرته قبل أكثر من مائة عام وترَوْنها الحق المبين، فهل يمكن أن يكون حضرته متقولا؟

كنتُ أتمنى أن ألتقي بالشيخ محمد الغزالي، ولكنه توفي قبل عامين من إيماني بالمسيح الموعود . هذا الشيخ الذي أحببتُ كتبه المتخصصة في نقد السلفيين وسطحيتهم وعداوتهم وبغضائهم وقساوتهم.. وفيما يلي بعض الأمثلة من أقواله التي جاءت أحمديةً بحتة:

اعتبار القول بوفاة المسيح خيرا

لم يوافق الغزالي على القول بوفاة المسيح فحسب، فهذا أمر مفروغ منه عند مفكّر مثله، ولكنه أضاف إلى ذلك فكرة أن القول بذلك هو خير للمسلمين.

يقول الشيخ محمد الغزالي:

“ومن رأيي أنَّه خير لنا نحن المسلمين … أن نرى الرأي الذي يقول إنَّ عيسى مات، وإنَّه انتهى.. وأرى من الآيات التي أقرؤها في الكتاب أنّ عيسى مات، وأن موته حق، وأنَّه كموت سائر النبيين”(المسيحية، شلبي، ص56).

قارنوا ذلك بما قاله المسيح الموعود  قبل ذلك بستين عاما:

“اعلموا جيدًا أن العقيدة الصليبية لن تموت من دون إثبات موت المسيح الناصري ، فما الفائدة من الاعتقاد بحياته خلافًا لتعاليم القرآن؟ دَعُوه يَمُتْ ليحيا هذا الدين”. (سفينة نوح)

الجهـاد

بيّن الغزالي بوضوح أن علة القتال في الشرع الإسلامي هي العدوان وليس الكفر، فقال:

 “ولو كانت دولتا الروم والفرس تقومان على مبادئ الحرية والعدالة وضمان الحقوق الإنسانية ما قامت بيننا وبينهما حروب”. (جهاد الدعوة)

قارنوا ذلك بما قاله المسيح الموعود قبل ذلك بعشرات السنين وكرره مرارا:

“كانت حروب نبينا وأصحابه إما لحماية أنفسهم من هجمات الكفار، أو لإرساء السلام، أو لدفع عدوان الذين يريدون القضاء على الدين بالسيف؛ ولكن مَن مِن المخالفين اليوم يرفع السيف من أجل الدين، ومن ذا الذي يمنع أحدًا من الدخول في الإسلام، ومن ذا الذي يمنع من رفع الأذان في المساجد ومن الصلاة فيها؟” (ترياق القلوب، الخزائن الروحانية مجلد 15 ص 158-159)

انتهاء الجزية بانتهاء مبرراتها

يقول الشيخ محمد الغزالي: “إن الجزية ما تؤخذ إلا من المعتدين والمريبين في مقابل الدفاع عنهم، فإذا انقطعت أسبابها انقطعت معها”. (حقيقة القومية العربية)

قارنوا ذلك بما قاله المسيح الموعود  قبل ذلك بعشرات السنين وكرره مرارا: “لماذا لا يتفكرون في أن النبي قد قال بحق المسيح الموعود قبل ثلاثة عشر قرنا بأنه سوف “يضع الحرب”.. مما يعني أن المسيح الموعود سينهي ببعثته الحروبَ، وإلى ذلك تشير الآية القرآنية حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا .. أي قاتِلوا حتى يأتي زمنُ المسيح (الحكومة الإنجليزية والجهاد)

إذا سَلَّم أحد بأنه لا تزال في القرآن آيات منسوخة..فلماذا يكلف نفسه عناء التدبر فيه والعمل به؟ ….. ولكن الذي يؤمن أن هذا الكلام بتمامه وكماله منزه عن النسخ، وأن كل لفظ منه جدير بالعمل به..لا بد أن يتدبر القرآن، وهكذا يزيده القرآن علما ومعرفة.

النسخ في القرآن الكريم

كتب الغزالي: “إن تجويز النسخ يفتح باب التهوين لسائر النصوص”. (جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج)

وقال المسيح الموعود : “إذا سَلَّم أحد بأنه لا تزال في القرآن آيات منسوخة..فلماذا يكلف نفسه عناء التدبر فيه والعمل به؟ سيقول في نفسه: لماذا أضيع جهدي ووقتي في ذلك؟ من يدري أن الآية التي أُعمل فكري فيها يتبين لي فيما بعد أنها كانت منسوخة؟ ولكن الذي يؤمن أن هذا الكلام بتمامه وكماله منزه عن النسخ، وأن كل لفظ منه جدير بالعمل به..لا بد أن يتدبر القرآن، وهكذا يزيده القرآن علما ومعرفة. (التفسير الكبير)

تقديم القرآن على الحديث

يقول  الشيخ محمد الغزالي في كتابه السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث :”كل ما نحرص عليه هو شد الانتباه إلى ألفاظ القرآن ومعانيه، فجملة غفيرة من أهل الحديث محجوبون عنها، مستغرقون في شؤون أخرى تعجزهم عن تشرُّب الوحي”. وقال:”وقد ضقت ذرعًا بأناس قليلي الفقه في القرآن كثيري النظر في الأحاديث، يصدرون الأحكام، ويرسلون الفتاوى فيزيدون الأمة بلبلة وحيرة”. وقال:”والزعم بأن حديث آحاد ينسخ آية من القرآن الكريم زعمٌ في غاية الغثاثة”. وقال:”إن القاصرين من أهل الحديث يقعون على الأثر لا يعرفون حقيقته ولا أبعاده، ثم يشغبون به على الدين كله دون وعي”.

أما المسيح الموعود فقد قال قبل ذلك بعقود:

“وآمنَّا بالفرقان أنه من الله الرحمن، ولا نقبل كلَّ ما يعارض الفرقانَ ويخالف بيِّناتِه ومحكَماتِه وقصصَه، ولو كان أمرًا عقليًّا أو كان من الآثار التي سمَّاها أهل الحديث حديثًا، أو كان من أقوال الصحابة أو التابعين؛ لأن الفرقان الكريم كتاب قد ثبت تواتره لفظًا لفظًا، وهو وحيٌ متلُوٌّ قطعي يقيني، ومَن شكَّ في قطعيتِه فهو كافر مردود عندنا ومن الفاسقين. والقرآن مخصوص بالقطعية التامة، وله مرتبة فوق مرتبةِ كلِّ كتاب وكل وحيٍ. ما مسَّه أيدي الناس. وأما غيره من الكتب والآثار فلا يبلغ هذا المقامَ. ومن آثَرَ غيرَه عليه فقد آثر الشك على اليقين.” (تحفة بغداد، ص 34)

تقدير أبي حنيفة والفقه الحنفي

قال محمد الغزالي: “أبو حنيفة يرى أن من قاتلنا من أفراد الكفار قاتلناه، فإن قتل فإلى حيث ألقت، أما من له ذمة وعهد فقاتله يُقتصّ منه. ومن ثم رفض حديث “لا يقتل مسلم بكافر”، مع صحة سنده، لأن المتن معلول بمخالفته لنص القرآني “النفس بالنفس” … وعند التأمل نرى أن الفقه الحنفي أدنى إلى العدالة، وإلى مواثيق حقوق الإنسان، وإلى احترام النفس البشرية دون نظر إلى البياض والسواد أو الحرية والعبودية، أو الكفر والإيمان. (السنة النبوية، 18).

يقول المسيح الموعود : والحق أنه (أبو حنيفة) كان أفضل وأعلى من الأئمة الثلاث الآخرين من حيث قوة اجتهاده وعلمه ودرايته وفهمه وفراسته. وإن القوة التي وهبها الله تعالى له للوصول إلى القرار الصائب كانت متقدمة بحيث كان يستطيع أن يفرّق بين الثبوت وعدمه بكل سهولة. كانت قوته المدركة موهوبة بوجه خاص في فهم القرآن الكريم. وكان لطبعه انسجام خاص مع كلام الله تعالى، وكان قد بلغ من المعرفة مبلغا أعلى. لذلك اعتُرِفَ بمرتبته العليا في الاجتهاد والاستنباط التي تقاصر عنها الآخرون. سبحان الله! كيف فهِم هذا الإمام الرباني والذكي إشارة عليا ورفيعة لآية واحدة وترك كشيء رديء أحاديث كثيرة كانت تعارض الآية، وما خاف طعن الجهلاء قط. (إزالة الأوهام)

إن كبار المشايخ قد تبنَّوا أقواله ، ولا ندري هل أخذوها من كتبه مباشرة أم بطرق غير مباشرة. وما على تلامذتهم اليوم سوى أخذ العبرة من ذلك، وأن يعودوا إلى المصدر الرباني، وأن يعلموا أن الخير الذي عند مشايخهم مسبوق بما أوحى به الله للمسيح الموعود والإمام المهدي ، وأن عليهم أن يأتوا البيوت من أبوابها.

الجن والأشباح

أبدى الشيخ محمد الغزالي استنكاره للاعتقاد السائد بالتلبس فقال ساخرا : “هل العفاريت متخصصة في ركوب المسلمين وحدهم؟ لماذا لم يشكُ ألماني أو ياباني من احتلال الجن لأجسامهم؟”وتابع قائلاً: “إن سمعة الدين ساءت من شيوع هذه الأوهام بين المتدينين وحدهم! إنكم تعلمون أن العلم المادي اتسعت دائرته ورست دعائمه، فإذا كان ما وراء المادة يدور في هذا النطاق فمستقبل الإيمان كله في خطر. فلنبحث علل أولئك الشاكين بروية، ولنرح أعصابهم المنهكة، ولا معنى لاتهام الجن بما لم يفعلوا !! (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، ص93-94)

أما أقوال الخليفة الثاني التفصيلية في موضوع الجن وأقوال المسيح الموعود المجملة فهي مشهورة لا داعي لسردها هنا.

وهناك قضايا أخرى يقول فيها الغزالي بما قاله المسيح الموعود  وهي في ذهني، ولكني لم أجد عبارات الغزالي فيها في هذه العجالة، ولا أرى ضرورة أن أكتبها بالمعنى، فالأمثلة السابقة تكفي لإيصال الفكرة، والتي كانت الغاية منها إظهار صدق المسيح الموعود ، حيث إن كبار المشايخ قد تبنَّوا أقواله ، ولا ندري هل أخذوها من كتبه مباشرة أم بطرق غير مباشرة. وما على تلامذتهم اليوم سوى أخذ العبرة من ذلك، وأن يعودوا إلى المصدر الرباني، وأن يعلموا أن الخير الذي عند مشايخهم مسبوق بما أوحى به الله للمسيح الموعود والإمام المهدي ، وأن عليهم أن يأتوا البيوت من أبوابها.

Share via
تابعونا على الفايس بوك