من يحكم الإنترنت؟
هنالك اختلاف كبير حول هذا الأمر. فالبعض يعتقد أنه غير معقول أن توجد مؤسسة عالمية بدون إدارة أو متابعة أو تحكم من جهات مسئولة. أما البعض الآخر فيعتقد أنه لا أحد يتحكم بالإنترنت. ترى ما مدى صحة هذا الأمر؟!
للمؤسسات والحكومات كلمتها في الأسلوب الذي يعمل به الإنترنت وما يتضمنه ولكن بصورة صغيرة غير مؤثرة عموما.
هناك آلاف من الشركات داخلة في أعمال الإنترنت، وبالرغم من رغبتها في التحكم بالوسائل العديدة التي تتعامل مع الإنترنت على اختلاف مستوياتها مثل برامج التصفح وأنظمة التشغيل والمعدات الصلبة وأنظمة الاتصال وخدمات تزويد الإنترنت إلخ.. إلا أنه لم تنجح أي واحد منها في الحصول على أي درجة ملموسة من التحكم بمجمل الإنترنت.
ويخطر بالبال مباشرة شركة “مايكروسوفت” فبالرغم من سيطرتها على إنتاج برامج معدات الخدمة وتصميم الصفحات، إلا أن ما تواجهه من قضايا قد يدمر أو يضعف الشركة ويبخر حلم تحكمها على الإنترنت.
هناك بعض الشركات الأخرى نذكر منها على سبيل المثال شركة “أميريكا أون لاين” المتمكنة في مجال المواقع فقط وليس لها علاقة بالمعدات الصلبة أو البرامج المستخدمة. وشركة “سيسكو” التي تقوم بتصنيع أجهزة “الرويتر” المستخدمة كمعدات لمزودي خدمة الإنترنت.. وكلتا الشركتان ليس لهما تحكم تام في الإنترنت. وهكذا ليست هناك شركة معينة يمكن أن نقول بتحكمها ولو بدرجة معقولة في الإنترنت. والآن ماذا عن الحكومات؟ هل توجد دولة معينة لها نفوذ كبير على الإنترنت في بلدها؟ نعم هناك كثير من الدول تحاول التحكم بيد حديدية بالإنترنت. على شبيل المثال الصين وإندونيسيا وأستراليا ومعظم دول الشرق الأوسط وبعض الدول الأخرى تقوم بالتحكم بصرامة بعملية دخول الإنترنت.
بينما في دول أخرى يجري الحديث لاتخاذ إجراءات كضوابط على الإنترنت. مثلا في بريطانيا فإن الحكومة قد أجبرت شركات تزويد خدمة الانترنت على أن تكون تلك الشركات مفتوحة الاتصال بأجهزة الأمن والمخابرات، مما يسمح بسهولة الوصول لأي رسالة بريد الكتروني يتم ارسالها من داخل بريطانيا. وتعتبر الحكومة الأمريكية أكبر لاعب في هذا المجال، وبإمكانها التحكم في معظم الأشياء المتعلقة بالإنترنت. ولكن لحسن الحظ فإنها لا تستطيع أن تقتل الأوزة التي تبيض لها ذهبا، حتى وإن قامت تلك الأوزة بعضّاتٍ مؤلمة للحكومة بين الفينة والأخرى. وما دام الإنترنت يقوم بتقوية الاقتصاد الأمريكي باستمرار فإن الحكومة الأمريكية لن تقوم بالتدخل به. أما إذا خالف الإنترنت هذا الأمر ولم يعد مفيدا للاقتصاد الأمريكي فيمكن توقع مالا يُحسن عقباه. إن معظم الأجزاء المكونة للإنترنت هي أمريكية الأصل. يكفي أن من أهم نقاط الضعف فيه هو تسجيل “الدومين” أي أسماء العناوين التي تتم في أمريكا، والحكومة الأمريكية ذات نفوذ تام تقريبًا في هذا الأمر. ومع ذلك فإن ما يطمئن هو أن الانترنت قد توسع خارج الولايات المتحدة الأمريكية بدرجة كبيرة ولا يزال مستمرا في التوسع. إن هذا التوسع هو الذي سيقاوم أي تدخل لأمريكا على الإنترنت. هناك الآن ما يقارب 200 مليون مستعمل للإنترنت خارج أمريكا مقابل 130 مليون مستعمل فقط في الولايات المتحدة.
كما أن هناك نقابات وجمعيات هدفها دفع عجلة الإنترنت للأمام دون أن يكون لأحد نفوذ عليها، وهي غير مرتبطة بشركة أو حكومة. ولا يفوتنا ذكر الأخصائيين وخاصة مسئولي الشبكات المختلفة والمواقع الهامة. فهم يقررون كيف تسير الأمور يوميا وبشكل عملي. ويعطون للإنترنت شكله النهائي وصورته الحقيقية.
وهكذا نستخلص إلى أن الإنترنت يقوم بالتحكم به أعداد هائلة من الأفراد والشركات والحكومات. وبالتالي فإن من يتحكم بالإنترنت هم الجميع. يتحكمون بدرجات تكاد تكون متساوية لذا قد يصح القول بأن لا أحد يتحكم بالإنترنت.