
- الدعاء مستجاب
- من هو أبي بكر الصديق
- عن عثمان بن عفان
__
حدث أنه في زمن أبي بكر الصديق (1) مرت المدينة بجفاف شديد وقحط لم يُشهد له من قَبل نظير. وطال الأمر على هذه الحال حتى أخذ الناس يخشون على المؤن أن تقل وتنفذ. فما كان من كبار القوم إلا أن شكلوا وفدًا ليشكوا حالهم إلى الخليفة علَّهم يُرشَدون إلى سبيل الخلاص. فلما امتثلوا أمامه، وعرضوا عليه من الأنباء ما كان سببا لحضورهم كان جوابه : سبيلنا الدعاء لله عز وجل والتحلي بالصبر حتى يغير الله من أمرنا ويهدينا سبيل الرشاد. ومضت فترة أخرى كان الناس فيها يبتهلون إلى الله تعالى، ولكن الأمر اشتد سوءًا وبدأت المؤن تنفذ فعاودوا زيارة أبي بكر مرة أخرى لكن جوابه لم يختلف عن سابقه بل شدد قائلاً: لكل دعاء استجابة وما علينا إلا الصبر، حتى يقضي الله أمرًا هو مريده. وما هي إلا أيام حتى تناهى إلى مسامع أهل المدينة نبأ قافلة عثمان بن عفان (2) قادمة محملة بشتى أنواع المؤن فتهللت أساريرهم وبدؤوا يترقبون وصول هذه القافلة. وعند قدوم القافلة وعلى رأسها عثمان بن عفان كان الناس باستقباله على مشارف المدينة، فعلم عثمان حينها بما حل بالمدينة أثناء غيابه من قحف وشح في المؤن، وما إن دخل داره وقبل أن تبرك الجمال في صحن داره دخل عليه بعض الزوار وهم وفد من كبار تجار المدينة، عارضين عليه شراء حمل الجمال. فقال لهم : كم تعطوني؟ فقالوا له: ضعف بضاعتك. فقال لهم: قد أُعطيت أكثر. فقالوا له: ثلاثة أضعاف، فقال: قد أُعطيت أكثر. فزادوا حتى وصلوا معه إلى ستة أضعاف، فقال: قد أُعطيت أكثر. فتعجبوا وأخذوا ينظرون إلى بعضهم البعض باستغراب. ثم قال كبيرهم: يا عثمان ما عرفنا فيك إلا الصدق، وإن ما أعطيناك من ربح لم يكن من قبل لتجارة قط أن تُعطى، وأنت تعلم أن جمعنا هذا هو كبار التجار، ولا يوجد أحد سوانا في المدينة بقادر على شراء حمل جمالك، فمن ذا الذي أعطاك أكثر؟ فرد عليهم إن الله أعطاني عشرة أضعاف.. فهي صدقة إلى أهل المدينة.