- وقفة تأملية في أوضاع وأحوال البلدان الإسلامية.
- السبب الحقيقي وراء إرسال الله لأنبيائه.
- سُبل الوصول لـلسعادة الروحانية والاستقرار النفسي.
- الإسلام دين السلام.
- مؤتمر السلام بالمملكة المتحدة كشف النقاب عن الفساد.
أجواء باطنها مفعم بالخوف والبؤس، ظاهرها الظلم والفساد وانتهاك الحرمات وإراقة الدماء.. تلك هي أهم عناوين أخبار الشارع الإسلامي الذي ابتعد عن العيش في ظل الأمن والسلام بُعد الأرض عن السماء. ورب سائل يستفسر: هل هذه هي الحياة التي ارتضاها الله لخير أمة أُخرجت للناس؟ وهل هذا الوضع المزري هو هدف الاستخلاف في الأرض؟! و لا شك أن قائمة الاستفسارات ستطول وإلى هذا الحد الفاصل ستؤول، وعندها سنستفسر ونقول: هل الغدر، الخيانة، السرقة، الجشع، النفاق، التمرد، البغضاء وإراقة الدماء تستطيع أن ترضي النفوس لتنعم بالأمان والسلام؟!
صيحات عديدة تعلو في هذه الربوع وتلك يطلقها الحالمون بالخلاص من براثن هذه العلل. لقد انتشرت النـزاعات والحروب وذاب سلام الإنسان الداخلي والخارجي وأصبح العالم ينام ويستيقظ على أخبار الفواجع والنكبات والمآسي والآفات! ولا شك أن كل ما يحدث هو بسبب نسيان الإنسان الهدف النبيل الذي خُلق من أجله، وما لم يدرك كنهه، وهو أن تصطبغ البشرية بصفات الله تعالى لأننا فُطِرنا على فطرته أي لدينا مؤهلات لكي تنعكس فينا صفاته.
إن السبيل إلى السعادة والرضى مع النفس والمجتمع لا يناله أحد بالذهب والفضة ولا بالمساعي الذاتية والمقولات الفلسفية ولا بامتلاك القوة والسلطان، لذلك نرى أنه من سنن الله أنه يرسل أنبياءه إلى الناس ليرشدوهم إلى سبيل تحصيل السعادة والسلام الحقيقيين بعد الإيمان به سبحانه وإخلاص العبودية له والالتزام بتعاليمه التي أوحى بها إلى رسله.
لقد تحدى عبر التاريخ كثيـرٌ من المخالفين أنبياءهم واستهانوا بدعوتهم بسبب اغترارهم بما عندهم من مناهج وعلوم ومكتسبات مادية فظنوا أنها تضمن لتحقيق السعادة والسلام وليس باتباع ما يدعوهم إليه المرسلون..
وإلى يومنا هذا ما زالت البشرية لقلة فهمها وإدراكها غافلة عن غاية وجودها ومغرورة ومعجبة بسعيها الحثيث وراء المقاصد المادية والأماني الكاذبة، وانصرفت عن مائدة السماء وانهمكت في المفاسد والموبقات.. لقد غاب عنها حقيقة أن امتلاك الأسباب والانشغال في المتع والملاهي لا يمكنه أن يمنح السكينة والسلام الداخلي والطمأنينة القلبية، لأن السلام والسكينة تأتي من واهب السلام وهو الله الواحد القهار، ويستحيل تحصيل هذا الفردوس بمال أو ذهب أو سلطان، فسلام الله نعمة جليلة لا يمكن الوصول إليه إلا بمعرفة الله ووصاله والسعي الصادق عملا بتعاليمه وتطهير القلب من كل الأدناس والأرجاس حتى يصير مهبط أنواره .
بوسع الإنسان المادي أن يتباهى بماديته وغناه، لكن ليس بوسعه أن يشعر بالسكينة والطمأنينة التي هي مدار السعادة الروحانية والاستقرار النفسي، وحُقَّ للإنسان المؤمن رغم فقره وبساطة عيشه أن يَسْعَدَ بنعمة السكينة والطمأنينة التي تغمر قلبه باهتدائه إلى الإيمان. إنها نعمة عظيمة عجز الملوك عن تحصيلها بسلطانهم وجبروتهم، وأنْهَكَتْ الفلاسفة والحكماء رغم منطقهم وحكمتهم، وافتقر إليها الأثرياء رغم كثرة أموالهم وعقاراتهم، وغابت عن الكهنة والمشعوذين والمنجمين رغم معابدهم وطَلاَسِمِ كُتُبِهم ومراصدهم.. إنّ من تَسَامَتْ أرواحهم وقلوبهم إلى السماء فأولئك هم الوارثون لهذه النعمة، إذ لا يصل إليها أحد إلا بتزكية النفس ومجاهدة الأهواء والأماني الشيطانية بصدق وإخلاص. لقد فاز بهذه النعمة على مدى التاريخ الأنبياء عليهم السلام ومن اهتدى بهديهم، وفازوا بما اسْتَيْقَنَتْهُ أنفسهم على بصيرة من أمرهم بوصال الله تعالى حتى بذلوا نفوسهم وأرواحهم واسترخصوها في سبيل الإيمان ومعانيه العظيمة. فالسرّ الذي جعل كل هؤلاء الصديقين والربانيين الأبرار في مختلف العصور يضحون بكل غال ونفيس في نشوة وسعادة روحية ما هو سوى بريق صفات الله الذي لمع في قلوبهم فصارت مفعمة بمحبة الله وسلامه ثم أصبحت عرش تجلياته وإنعاماته.
إن الإسلام من السلام الذي هو من أسمائه تعالى، وفي هذا الاشتقاق اللفظي دلالة روحية على أن هذا الدين يحوي تعليمُه الطمأنينة والسكينة الروحية والمادية إن استسلم المؤمن لله تعالى استسلاما كليا. إن عبادات الإسلام كلها تؤدي بالإنسان إلى السلام مع الله ومع النفس والمجتمع، إنها الجنة الحاضرة التي يحظى بها المؤمن الصادق في الدنيا قبل الآخرة، وأما جنة الآخرة فما هي إلا انعكاس آخر لها بتجليات أقوى وأعظم. فيا ليت عالمنا يبصر ويستشعر هذه النعمة التي غابت عنه للخلاص من الاضطراب الداخلي والخارجي ومن كل الشرور والمآسي من حوله.
وبقولنا هذا ندعو من هذا المنبر أبناء الأمة أن يقفوا وقفة تأملية إزاء الوضع المزري الذي هم فيه، ويحللوا تداعيات مستجدات الأحداث في بلدانهم وثورات ربيعهم المظلم كي يتعرفوا على تلك الأيادي الخفية التي حركت الشباب الناقم لإحداث الفساد. والنتيجة الأخيرة استحواذ على موارد بلدانهم النفطية والمالية. وهكذا وفي آخر المطاف خرجوا بخفي حُنين. يحدث كل هذا من خلال مؤسسة دينية مزعومة شوهت معالم الدين الحنيف بطريقة غير مسبوقة. عزيزي القارئ تجد داخل هذا العدد خطاب حضرة أمير المؤمنين -أيده الله- ألقاه مؤخرا في مؤتمر السلام بالمملكة المتحدة، كشف فيه حضرته النقاب عن حقائق تبين الصفقات السرية بين القوى الدجالية والجماعات المتطرفة التي تنسب نفسها للإسلام ظلما وعدوانا. وفي ختام كلمته قدم حضرته الحل الناجع لتمكين السلام في العالم.
نتمنى لكم قراءة مفيدة وندعو الله أن يهبنا وإياكم الفراسة الإيمانية كي لا نخوض مع الخائضين ويبين لنا سبل الحق والهداية كي لا نكون من زمرة المضغوب عليهم ولا الضالين، اللهم آمين وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين.