إن التغطية الإعلامية بوسائلها المقروءة والمسموعة والمرئية تشير إلى فقدان العلاقة الزوجية لقداستها. إذ لم يعد لديها تلك المكانة التي تقوم على المودة والرحمة وتزدهر في ظل الاحترام المتبادل والسكينة وقد حل محلها الخصومة والضغينة؟!
وقد غزا العناد العلاقة الزوجية حتى امتلأت القلوب بمختلف السموم واشتعلت نيران البغض والحقد في عش الزوجية. فأصبحت حياة الكثير من المتزوجين القدامى والجدد خرابًا لا يسكنها ولا يشيع فيها ضياءٌ ولا صفاء بل انطفأ فيها نور الأمل والرجاء. وهبت رياح عاصفات على بيوت شتى فحطمت أسقفًا وأعمدة كثيرة. فأصبحت خاوية على عروشها.. ضاع منها الاطمئنان وفقدت أمل الهجرة إلى بر الأمان.. تلك حال أناس تسكب عليهم العين دموعًا بغزارة الأمطار لأنهم كانوا يصرون على الظلم إصرارًا ولا يرجون لله وقارا.
وامتلأت المحاكم بمثل هذه الحالات وأصبح إصدار الحكم فيها بطيئًا كبطء السلحفاة. وباتت المآسي قائمة على قدم وساق ولا نسمع إلا العويل والصرخات.
شكاوى الزوجات مملوءة بحوادث دامية من أزواج قلوبهم لاهية ونفوسهم من الكرامة خاوية وعقولهم من المنطق فارغة.. فتحولوا إلى وحوش آدمية يطاردون زوجاتهم بلا رحمة ولا شفقة.. فنفّروا الأزواج والأبناء والأقارب وعاشوا في بروجهم المشيدة من أحلام واهية وأمان كاذبة وغرسوا في نفوس من يعرفهم كراهية لادغة وحقدًا لن تنساه أجيالهم المستقبلية. فلا إمساك بمعروف ولا تسريح بإحسان.
وتنفجر تقارير وملفات المحاكم بمآس ألوان العذاب التي ذاقتها الزوجات على يد أزواجهن.. وتسرد كيف أنهم تخلوا عن الإنفاق عليهن وعلى من خلفوا من الأولاد متجاهلين أقدس واجباتهم ومسؤولياتهم ويرضون بالهوان ويتركون ضمائرهم في طي النسيان، ويتناسون أن هذا عار لا يليق بشرف الرجال. أساءوا فهم الرجولة وفرطوا في كرامتهم على مرأى ومسمع أبنائهم وذويهم، ولم يخجلوا أن يفعلوا تلك الفعلة الشنيعة لأنهم فقدوا معنى القدوة الحسنة لأبنائهم.. فماذا يعطونهم.. وفاقد الشيء لا يعطيه!! ويستدل بعضهم لتبرئة أنفسهم من خزي وعار ضرب الزوجات بقوله تعالى:
والعجب كل العجب أنهم يتناسون ما ذكره الله عز وجل في بداية هذه الآية:
والتي ليس من معانيها قضاء الرجال حاجيات الأسرة المادية فحسب بل يجب أن يكونوا قالبًا يذوب فيه معدن المرأة ثم تكون أخلاق الزوج الرفيعة أسوة للأسرة قاطبة. ولن تُعطى إجازة ضرب الزوجة لأي رجل يفشل في الوصول إلى عقلية زوجته، ولكن هنالك شروط وواجبات عديدة إذا أداها الزوج يخول له استعمال قدر ضئيل من القوة لكي يُخيف الزوجة الناشز. وما هذه إلا حالة استثنائية نادرًا ما تحدث في مجتمع إسلامي مثالي..
فتشوا معنا في كتب السيرة هل هنالك أثر لضرب المصطفى لإحدى زوجاته -والعياذ بالله- فالعمل الذي لم يصدر من خيرِ خلقِ الله كيف نعمل به؟ فهو صلى الله عليه وسلم الذي أوحى الله له القرآن الكريم وهو الذي فهمه أحسن من أي شخص إلى يوم يبعثون. ورضي الله على السيدة عائشة حين قالت: “كان خُلُقه القرآن”. فدعونا نطبق قرآن محمد المصطفى ونهجر أفكار دعاة الفتن والفساد..
ضاع منها الاطمئنان وفقدت أمل الهجرة إلى بر الأمان.. تلك حال أناس تسكب عليهم العين دموعًا بغزارة الأمطار لأنهم كانوا يصرون على الظلم إصرارًا ولا يرجون لله وقارا.
ويبيح البعض لأنفسهم اللجوء إلى السحرة وكتاب التمائم لعلهم يجدون مخرجًا لمأزقهن وتتحسن أوضاعهن الأسرية وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على البعد التام من روح الدين الحنيف..
وقد يتبادر لبعض الأذهان أننا أخذنا على عاتقنا الدفاع على حقوق المرأة.. فاطمئن أيها القارئ الكريم فنحن بفضل الله من خدام الحق ولا نخاف لومة لائم عند إعلائها. وإننا نؤكد على السيدات للحفاظ ومراعاة حقوق أزواجهن ومعاشرتهن لهم بالمعروف. وإذا غُصنا في أعماق مشاكل الزوجية في عالمنا اليوم فلا نجد لها علاجًا. والحال هكذا فمستحيل تحطيم الرؤوس بحثًا عن العقول.. ولنفتش في قلوب البشر عن الدين فأين الدين؟
وصدق من قال: اتق الله وافعل ما شئت!!