جائزة نوبل لا تُـعـطـى لـمسلم

جائزة نوبل لا تُـعـطـى لـمسلم

نشرت مجلة ((منار الإسلام)) في عددها الرابع السنة الثانية عشرة والصادر في ربيع الآخر 1407 الموافق لديسمبر 1986، خبراً عنوانه: ((جائزة نوبل لا تُعطى لعالم مسلم)) فيه يُعلن الكاتب وبكل صراحة: ((إنَّ المشرفين على جائزة نوبل أحرص من أن يُقدِّموها لمسلم يؤمن بالفكر الإسلامي ويُخلص له)).

وذلك غيظاً منه لاستلام الدكتور المسلم الأحمدي عبد السلام جائزة نوبل للفيزياء. راغباً في إقناع القرَّاء الكرام أنَّ الدكتور عبد السلام هو رجلٌ غير مسلم والدليل على ذلك أنَّ المشرفين على جائزة نوبل أحرص من أن يُقدِّموها لمسلم يؤمن بالفكر الإسلامي.

ومما لا سكَّ فيه أنَّ كاتب هذه المقالة قد وقع في شِرك المكفِّرين للجماعة الإسلامية الأحمدية، وأعتقد من غير تفكير ولا تدبير أنَّ كل مسلم يشهد ويعلن أنّه لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويترقّى في العلوم والأبحاث، فيستلم جائزة نوبل، لا بد أن يكون غير مسلم، لأنَّ جائزة نوبل لا تُعطى لمسلم)). فانظروا إلى مدى سخافة هذا الدليل على إسلام المرء أوكفره.

ومضت الأيام  ….. وإذا بالسيد نجيب محفوظ((العربي المسلم)) يحصل على ((جائزة نوبل للآداب)) وتهلك الصحف العربية فرحاً وغبطة وانهالت التهاني من كل حدبٍ وصوب على الأستاذ نجيب محفوظ من شخصيات إسلامية وغير إسلامية.

ولا أظنُّ أنَّ ((منار الإسلام)) قد تأخّرت في تهنئة الأستاذ نجيب محفوظ على هذا ((الشرف العظيم)) الذي ناله ونالته معه ليس مصر فحسب بل الدول العربية جمعاء.

فقليل من الخجل والحياء ((يا منار الإسلام)) هذا ما نطلبه.

فأنتم تُكفّرون رجلاً يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، معلّلين ذلك باستلامه جائزة نوبل. ثم ترفعون رجلاً مسلماً آخر فوق السحاب لحصوله على نفس الجائزة.

ودفاعاً عن الدكتور عبد السلام الرجل المسلم والعالم الفذّ ننقل إليكم فيما يلي مقالاً أعدّه الكاتب الصحفي الباكستاني أ.ب راجوت بعنوان: البروفيسر عبد السلام أول عالم مسلم يحوز على جائزة نوبل.

[التقوى]

البروفسور عبد السلام

أول عالم مسلم يحوز على جائزة نوبل

أدناه مقتبس من المقال الذي أعدّه أ.ب. راجوت الكاتب والصحفي الباكستاني، كراتشي.

الدكتور عبد السلام هو أول مسلم يحوز على جائزة نوبل. وهو ينتمي إلى مدينة صغيرة من مدن الريف مقاطعة البنجاب، حيث ولد في عام 1926. وقد تجلّت مواهبه لأول مرة في عام  1940 عندما تصدَّر اسمه القائمة في امتحان شهادة المتركيوليشن في جامعة البنجاب، إذ تفوّق في جميع امتحانات الجامعة، محطِّماً بذلك جميع الأرقام القياسية السابقة. وقد كافأته حكومة البنجاب بأن خصَّصت له بعثة دراسية سافر بموجبها إلى انكلترا في العام نفسه للدراسة في جامعة كامبردج.

وقد حاز البروفسور عبد السلام على مرتبة الشرف في الرياضيات عند تخرّجه عام 1948. كما فاز بدرجة الشرف في امتحانات الفيزياء بجامعة كمبردج، وذلك بأن اختصر دراسة ثلاثة سنوات إلى سنة واحدة فقط، وأصبح مرتين الطالب الأول في الفيزياء والرياضيات في عام 1948.

الدراسة في الولايات المتحدة

وبعد أن أمضى البروفسور عبد السلام سنةً في ميدان البحث في كمبردج، تلقّى منحة عام 1951 لمواصلة العلم في معهد الدراسات العالية في برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية حيث عمل بعض الوقت مع البروفيسور ((أوبنهايمر)). اختير في العام ذاته زميلاً (عضواً) في كليته بجامعة سانت جون في كمبرج.

وفي العام التالي، عاد عبد السلام إلى باكستان حيث عُيّن في وظيفة بروفسور ورئيساً لدائرة الرياضيات في جامعة البنجاب، وفي عام 1954 عاد إلى كمبردج محاضراً في الرياضيات، ومكث في هذه الوظيفة حتى نهاية عام 1956. وخلال هذه المدة عُيّن أيضاً أميناً لمؤتمر الأمم المتحدة الخاص ((بالذرّة من السلام)) الذي عُقد في عام 1955، ومرة أخرى في عام 1958.

وفي كانون الثاني من عام 1957، كان سنة آنذاك لا يتجاوز الحادية والثلاثين، غادر كمبردج  لشغل منصبه العالي وهو بروفسور في كلية العلوم والتكنولوجيا بلندن، وكان الكرسي الذي أُسند إليه يُدعى كرسي الرياضيات التطبيقية، غير أنه مُنح لقباً أشدَّ انتساباً إليه، وهو كرسي الفيزياء النظرية. وكان معظم عمله في التعليم في الكلية متصلاً بأبحاث بعد التخرُّج.

أول اعتراف دولي

ظهر أول اعتراف دولي بعمل البرفسور عبد السلام في نهاية عام 1957، عندما منحته جامعة كمبردج جائزة هوبكنز، تقديراً لأعظم اكتشاف له في ميدان الفيزياء خلال السنوات الثلاث السابقة. فهو صاحب نظرية النيوترينو الحديثة، وهي ذلك الجزء من علم الطبيعيات الذي يبحث في الدقيقة (الجسميّة) الأساسية. والواقع أنَّ تطوير هذه النظرية الفيزيائية هو الذي أدّى إلى منح الدكتور عبد السلام جائزة نوبل.

وفي العام التالي مُنِح العالم الباكستاني جائزة آدمر من جامعة كمبردج. وفي عام 1959 أنعم عليه رئيس الجمهورية الباكستانية بميدالية ((مفخرة الإنجاز))، كما مُنِح أيضاً وسام ((نجمة باكستان)). وكذلك تم انتخاب البرفسور عبد السلام عضواً (زميلاً) في الجمعية الملكية البريطانية، فكان أول باكستاني يحظى بهذا التقدير. وعند اختياره لهذه الزمالة كان أصغر عضو في الجمعية المذكورة.

وفي عام 1960 أنشأت الجمعية الفيزيائية البريطانية مدالية ((لأهم اكتشاف في العلوم الطبيعية خلال العشر السنوات السالفة)). وكان الدكتور عبد السلام أول من مُنِح هذه الميدالية تقديراً لنظريته الموسومة ((بالتكافؤ)).

وخلال السيتينات انصبَّ معظم أبحاث الدكتور عبد السلام على مبدأ ((تماثل الجسيمات))، الذي أسفر في إحدى نواحيه عن اكتشاف ما يُسمّى بجسيمات أوميغا ناقص، وبهذا الاكتشاف أصبح الدكتور عبد السلام أصغر عالم يتلقّى مدالية هيوز من الجمعية الملكية في عام 1964.

وقد أشار رئيس الجمعية الملكية السير هوارد فلوري إلى هذا الاكتشاف الذي حقّقه عبد السلام فقال: إنَّ قليلاً من العلماء من العلماء من حقّق مثل هذا الإنجاز في مثل هذه السنّ المبكرة، وفي فترة قصيرة من الحياة العلمية لا تتجاوز 13 عاماً.

وقد انهالت على الدكتور عبد السلام طائفة من الميداليات وجوائز أخرى من مختلف المعاهد العلمية في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وإيطاليا، كما انتُخب زميلاً في أكاديميات بريطانية، وسويدية، وأميريكية، وسوفيتية إلى جانب منحه درجة الدكتوراه الفخرية من جامعتي البنجاب وأدنبرة.

ولتقدير أهمية نشاطه في ميدان الفيزياء النظرية للجسيمات (الذرّات)، يمكن إيضاح ذلك باختصار أنَّ العلماء منذ القديم أقرُّوا بوجود أربع قوى أساسية في الكون: قوة الجاذبية، والقوة الضعيفة، والقوة الكهرمغناطيسية، والقوة القوية وكانوا يتحرّون عن قوةٍ واحدة بمفردها تستطيع تفسير مظاهر الكون جميعها. وقد عمل ألبرت أينشتاين في هذا الاتجاه دون أن يصيب نجاحاً. أما البرفسور عبد السلام فقد تقدَّم في عام 1967 بنظريةٍ مؤدَّاها أنَّ ((القوة الضعيفة)) والقوة الكهرمغناطيسية يمكن تفسيرهما بأنّهم مظهران من مظاهر القوة الواحدة ذاتها. وبناءً على هذه النظرية، بدأ عشرون عالماً من ست دول، قبل عامين، أبحاثاً للتحقّق من آراء الدكتور عبد السلام، الأمر الذي ثبت صحته في العام الماضي على يد أكبر مفاعل نووي في العالم والكائن في ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية.

وهكذا نرى أنَّ القوى الأساسية التي تتحكم بجميع ظواهر الكون، قد نقص عددها إلى ثلاث. وإذا جاز لهذه القوى الثلاث أن تتحد معاً فليس بعيداً أن يؤدي ذلك إلى اكتشاف قوة واحدة بمفردها تتحكم بظواهر الكون كله.

وكانت نظريته هذه المسماة ((بنظرية المجال الموحدة)) هي التي استحق من أجلها جائزة نوبل للفيزياء لعام 1979.

وقد قام البرفسور عبد السلام وعالمان أمريكيان، شلدون فلاشو ويوفين واينبرغ، بهذا العمل، كل واحد مستقل عن الآخر، بهدف إثبات أنَّ القوتين الاثنتين كانتا مظهراً لسببٍ واحد في ربط جميع أجزاء هذا الكون معاً.

وفي معرض خدماته لوطنه باكستان، عمل الدكتور عبد السلام على إنشاء لجنة الفضاء الباكستانية في عام 1961. وما زال يدأب منذ ذلك الحين على تأسيس معهد للفيزياء النظرية في باكستان برعاية الأمم المتحدة. وفي عام 1964 أُقيم معهد تجريبي في مدينة تريستا الإيطالية، تحت إشرافه، وهو الآن يعمل مديراً لهذا المعهد، إلى جانب إشغاله كرسي الفيزياء النظرية في كلية العلوم والتكنولوجيا في لندن.

وثمة إنجاز يعدُّ موضع فخر للدكتور عبد السلام وهو تأسيسه للجنة الطاقة الذريّة في باكستان والإشراف على تطوّرها وتدريب عدد كبير من الطلاب لهذا الغرض. وقد عمل أيضاً في منصب كبير المسشتارين العلميين لدى الحكومة الباكستانية بين عامي 1961 و 1979.

وللدكتور عبد السلام هوايات واهتمامات أخرى، وأهمها التاريخ والاقتصاد، إلى جانب الدراسات الدينية التي يتقن فيه العربية والفارسية والأردية. وقد زُيّنت غرفة الاستقبال في منزله بآيات مزخرفة من القرآن الكريم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك