من تراثنا

أحزنني شيئان

* قيل للصوفي حبيب العجمي: ما بالك لا تضحك، ولا تجالس الناس، ولا نراك أبدا إلا محزونا؟ فقال: (أحزنني شيئان: وقت أُوضَعُ في لحدي وينصرف الناس عني، فأبقى تحت الثرى مرتهنًا بعملي؛ ويوم القيامة، إذا انصرف الناس عن حوضه، عليه السلام، فإنه بلغني أنه يلقى الرجلُ الرجلَ في عرصة القيامة، فيقول له: أشربتَ من الحوض؟ فيقول: لا!، فيقول واحسرتاه! فأي حسرة أشد من هذا!).

*وقيل له في مرض الموت: (ما هذا الجزع الذي ما كنا نعرفه منك؟ فقال: سفري بعيد، بلا زاد، ويُنزَل بي في حفرة من الأرض موحشة بلا مؤنس!. وأُقدم على ملك جبار، قد قدّم إليّ العذرَ).

*ويرى أنه جزع جزعًا شديدا عند الموت، فجعل يقول: (أريد سفرًا ما سافرته قط! أريد أن أسلك طريقًا ما سلكته قط! أريد أن أزور سيّدًا ومولىً ما رأيته قط! أريد أن أشرف على أهوال ما شاهدت مثلها قط. أريد أن أدخل تحت التراب وأبقى تحته إلى يوم القيامة، ثم أقف بين يدي الله، وأخاف أن يقول لي: هات تسبيحة واحدة سبحتني في ستين سنة لم يظفر الشيطان منها بشيء؟ فماذا أقول؟ وليس لي حيلة؟ أقول: يا رب، هو ذا قد أتيتك مقبوض اليدين إلى عنقي) (طبقات الأولياء. لابن الملقّن: الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة، ص 186)

 قد تبتُ

وروي أن زيتونة، خادمة أبي الحسين النوري، واسمها فاطمة – وكانت تخدم الجنيد وأبا حمزة، قالت: “جئت يومًا إلى النوري، وكان يومًا شديد البرد والريح، فوجدته في المسجد وحده جالسًا. فأمرني بإحضار خبز ولبن فأحضرته. وكان بين يديه قصعة فيها فحم، فقلّبه بيده وهو مشتغل. ثم أخذ الخبز واللبن، فجعل اللبن يسيل على يديه، وفيها سواد الفحم، فقلت: (يا رب! ما أقذر أولياءك! ما فيهم أحد نظيف!). قالت ثم خرجت من عنده، فتعلقت بي امرأة وقالت: “سرقت رُزمة ثياب!” وجرّوني إلى الشرطي. فأُخبر النوريُّ بذلك، فخرج وقال: “لا تتعرض لها، فإنها ولية من أولياء الله”. فقال الشرطي: كيف أصنع والمرأة تدّعي ذلك؟!. قالت: فجاءت جارية ومعها الرزمة المطلوبة. وانطلق النوري بزيتونة وقال لها: “تقولين بعد هذا، يا رب! ما أقذر أولياءك؟!”، فقالت: قد تبتُ. (طبقات الأولياء، ص 66)

ضيف النبي

قال: الصوفي أبو الخير الأقطع: دخلت مدينة رسول الله وأنا بفاقة. فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقا. فتقدمت إلى القبر، فسلمت على رسول الله ، وعلى خليفتيه؛ وقلت: أنا ضيفك الليلة، يا رسول الله! وتنحّيت ونمتُ خلف المنبر. فرأيت رسول الله في المنام، والصديق عن يمينه، والفاروق عن شماله وعليّ بين يديه. فحركني عليّ، وقال لي: قد جاءك رسول الله. فقمت إليه وقبلتُ بين عينيه. فدفع إليّ رغيفًا فأكلت نصفه. فانتبهتُ فإذا في يدي نصفه. (طبقات الأولياء ص 191)

Share via
تابعونا على الفايس بوك