معترض "مجهـول"!! (الحلقة الثانية)

معترض “مجهـول”!! (الحلقة الثانية)

أبو الحارث

هناك شخصٌ ((مجهول)) يوزّع منشورات باللغة العربية تحتوي على افتراءات قذرة ضد  الجماعة الإسلامية الأحمدية، ويبدو من أسلوبه أنّه أخذ هذه التُرَّهات من المشائخ المتعصبين من الهند وباكستان المشهورين بكيل الشتائم وفتاوى التكفير بثمنٍ بخس بإشارة من مستأجريهم، كما سيبدو هذا في السطور القادمة جلياً. رأينا من الواجب الرد على هذه التُّهم والافتراءات كي يطَّلع القارئ على الحقيقة ويحكم بنفسه في الأمر. (التقوى)

شريعةٌ جديدة

كما يتهم المعترض المجهول الجماعة الإسلامية الأحمدية بأنها صنعت شريعةً جديدة، وقالت عن المسلمين أنّهم «كفار».

الحق أنّه لا أساس بتاتًا لهذا الاتِّهام الخطير مثل الاتهامات الأخرى. إنَّ أفراد الأحمدية متواجدون في أكثر من 140 دولة، ولا يستطيع أحد من معارضينا أن يُثبت صدق هذا الاتهام في واحدةٍ من هذه الدول. وإنّما هم المشائخ الأشرار في باكستان فقط الذين يحاولون أن يصنعوا شريعةً جديدة للأحمديين. فالاختلاف الأساسي بيننا وبينهم أنهم يضغطون هناك على أفراد الجماعة بشدة كيلا يعملوا حسب الشريعة المحمَّدية، ولكن إخواننا ليسوا مستعدين للانفصال عنها قيد شعرة، ويتمسكون بها بكل قوة صابرين على المشاكل والاضطهاد. وبسبب هذا التمسك الشديد بالشريعة المحمدية حُبِسَ مئات الأحمديين في السجون، وضُرِبوا في الطرقات، وطُرِدوا من الوظائف، وأُخرِجوا من المدارس والكُليَّات، واغتيلوا وقُتِلوا. وبالرغم من هذا القتل والتعذيب لم ولن ينفصلوا عن شريعة محمد المصطفى . وهذا ما يغيظ المشائخ ويؤلمهم. فإذا كانت للجماعة الإسلامية الأحمدية شريعةٌ أخرى غير شريعة المصطفى حسب زعم هذا المعترض المجهول وأمثاله، فلماذا أرغم المشائخ الحكومة الباكستانيّة على سنِّ قانون لمنع الأحمديين عن العمل بشريعة المصطفى ؟!

فبسبب إلحاح المشائخ أمثالك وضع الدكتاتور ضياء الحق قيودًا عديدة شديدة على جماعتنا، ولا تزال مستمرة إلى اليوم وفيما يلي قائمتها:

* ممنوعٌ على الجماعة الإسلامية الأحمدية أن تستعمل الاصطلاحات الإسلاميّة.

* ممنوع على أفرادها أن يرفعوا الآذان وقت الصلوات في مساجدهم.

* ممنوعٌ عليهم إظهار عقائدهم.

* ممنوعٌ عليهم أن يُبلِّغوا أو ينشروا عقائدهم.

* ممنوعٌ على الأحمدي قول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله).

* ممنوعٌ على الأحمدي أن يكتب في بيته أو في دكّانه آيةً قُرآنيّة.

* ممنوعٌ على الاحمدي أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم.

* ممنوعٌ على الأحمدي أن يقول: السلام عليكم.

وكثيرٌ غيرها من قيود نُشرت بالتفصيل في مرسوم تشريعي ضد الأحمديين. وذلك المرسوم مطبوعٌ ومنشورٌ ويعرفه كل صغيرٍ وكبير في باكستان.

بقيَ أن نذكر بعض التفاصيل عن المظالم والاضطهادات التي تصبُّ على أفراد جماعتنا في باكستان. إنَّ الصُحف الباكستانيّة تنشر الأخبار عن هذه المظالم والاضطهادات كل يوم تقريبًا. وفي هذه العُجالة نرجو من القارئ الكريم أن يقرأ هذه الإحصائيات التي نشرتها الصحيفة اليومية «نوائي وقت» (نداء الوقت) التي تذكر أحداث سجن ألف وثلاثمائة أحمدي بسبب مخالفة هذه القيود، وذلك من سنة 1984 حتى سنة 1988. مع العلم أن العدد الواقع أكثر بكثير من هذا العدد. وبعد عام 1988 م قد تفاقم هذا العدد. وهذه الجريدة ليست من صحف جماعتنا، بل يصدرها مُعارضونا. تقول الجريدة:

* 125 أحمديًا سُجِنوا بسبب قولهم أنهم مسلمون.

* 588 أحمديًا سُجنوا لأنّهم علَّقوا شعار كلمة الشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)

* 178 سُجنوا لأنّ كلمة الشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) كانت مكتوبة على مساجدهم.

* 86 أحمديًا سجنوا لأنّهم استعملوا الشعار الإسلامي مثل قول بسم الله، أو السلام عليكم وغيرها.

* هذا إلى جانب 1461 أحمديًا اعتُقِلوا بسبب مخالفة القيود المذكورة ورُفعت قضاياهم في المحاكم. (1)

فما نقِمَ منهم الظالمون إلا أنَّ الأحمديين لا ينفكون متمسكين بأهداب الشريعة المحمَّدية، عاملين بالسُنَّة النبوية. فما أشدَّ حماقة المعترض وبهتانه في قوله بأنَّ الأحمديين قد اختلقوا دينًا جديدًا. إنَ زملاءه أنفسهم يُكذِّبونه في قوله هذا. الواقع أنَّ هذا المعترض يعرف جيدًا أنَّ الأحمديين ليس لهم شريعة يعملون بها غير شريعة المصطفى . ولكنه بافترائه هذا يريد أن يخسر الدنيا والآخرة.

عقائد مؤسِّس الأحمدية

وأمّا عقيدة مؤسِّس الجماعة بهذا الشأن فنذكرها فيمايلي لتَّتضح حقيقة افتراء المعترض. قال سيدنا أحمد مؤسِّس الأحمدية ما تعريبه:

  1. «إننا نُعلن بأنَّه لَكَافرٌ من يحيد قيد شعرة عن شريعة محمد المصطفى . وما دمنا نؤمن أنّه كافر من خرج من تبعيّة سيدنا محمد المصطفى ، فما بالك بالذي يدَّعي بأنّه جاء بشريعة جديدة، أو غيَّر شيئًا من القرآن المجيد، أو من سنّة رسول الله ، أو ألغى ونسخ أمرًا منها؟!! وحسب عقيدتنا ليس مؤمنًا إلا من يتّبع القرآن الكريم بصدق، ويؤمن بأنَّ القرآن الكريم هو خاتم الكتب، ويؤمن بأنَّ شريعة محمد سوف تظلُّ إلى الأبد، ولن يتغير منها مثقال ذرة، ويُفني وجوده في اتِّباعها، ويضحّي بكل ذرة من كيانه في هذا السبيل، ولا يخالفها لا بالاعتقاد ولا بالعمل. وهذا الذي يكون مسلمًا صادقًا…» (2)
  2. «… إنّي أؤكِّدُ لجميع المسلمين، بأنني لا أختلف عنهم في أيِّ حُكمٍ من الأحكام، وكما أنَّ جميع المسلمين يعتقدون بأنَّ الأحكام البيّنة في القرآن المجيد والأحاديث الصحيحة، والقياسات المسلَّم بها، كذلك هي عقيدتي.» (3)
  3. «… الحقَّ أقول: من نقضَ أصغر وصية من السبع مئات من وصايا القرآن فإنَّه بيديه يسدُّ على نفسه باب النجاة. القرآن فاتحٌ لسُبُل النجاة الحقّة الكاملة، وأما ما سواه من الصحف فما هي إلا ظلاله. لذلك فاقرأوا القرآن بتدبُّر، وأحبّوه حبًّا ما أحببتم شيئًا بمثله، لأنَّ الله قد قالَ لي: الخيرُ كُلُّه في القرآن. وهذا حق». (4)
  4. «ألا، إنَّ ينبوع فرحتكم ونجاتكم لَفي القرآن، وما من حاجةٍ إلّا وتوجد في القرآن. وسيكون القرآن مصدِّقًا أو مكِّذبًا لإيمانكم يوم القيامة. ولا يوجد تحت أديم السماء من كتاب يستطيع أن يهديكم بلا واسطة القرآن. إنَّ الله قد أحسن بكم إحسانًا عظيمًا إذ أعطاكم كتابًا كمثل القرآن…» (5)
  5. «… وأقسم بالله جلَّ شأنه، بأني لست كافرًا، وعقيدتي هي (لا إله إلا الله محمد رسول الله). إنّي أؤمن بكون سيدنا محمد المصطفى «رسول الله وخاتم النبيين». وتأكيدًا لكلامي هذا أستطيع أن أُقسِم بقدر أسمائه تعالى، وبقدر حروف القرآن، وبقدر كمالات محمد المصطفى التي هي في علم الله سبحانه وتعالى. وليست عندي أيُّة عقيدةٍ أبدًا تُخالف كلام الله وكلام الرسول . ومن يزعم عني غير ذلك فهو خطأٌ منه هو. وبعد هذا التصريح والبيان فالذي يحسبني (كافرًا) ولا يجتنب عن تكفيري عليه أن يعرف معرفةً يقينيّة بأنّه سيُسألُ عند الله . إنني أُقسم بالله جلَّ شأنه بأنّي أؤمن بالله وبمحمد بحيث لو وُضِعَ إيمانُ جميع الناس الموجودين في هذا العصر في كفةٍ من الميزان، ووُضِع إيماني في الكفّة الثانية لرجحت كفّة إيماني بفضل الله تعالى.» (6)

أمُّ المؤمنين

يوجِّه المعترض المجهول اعتراضًا آخر يقول: إنَّ الأحمديين جعلوا لهم أُمَّهات المؤمنين، مقابل زوجات الرسول ( ) اللواتي هُنَّ أُمَّهات المؤمنين لدى المسلمين.

والحقّ أنَّ اعتراضه هذا أيضًا صورة بشعة من الدجل والتلبيس. هناك سؤالان: هل يجوز إطلاق تسمية «أُمهَّات المؤمنين» على نساء دون أزواج النبي ، أم لا؟ وعندما يُطلق الأحمديون هذه التسمية على زوجة مؤسِّس الجماعة الأحمدية فهل يعنون بذلك أنّها أم كل المؤمنين من الأمة الإسلامية منذ عهد الرسول أن يعنون بها فقط أتباع مؤسِّس الأحمدية الذين يُكنِّون لها احترام الأم الحقيقيّة، وذلك مع إيمانهم الكامل أنَّ زوجات النبي ( ) هُنَّ أُمّهات المؤمنين الحقيقيَّات ولا تساويهُنَّ أية سيدة أخرى في المرتبة والمقام؟!

والجواب أنَّ الأحمديين لا يعنون بكلمة المؤمنين إلا أتباع مؤسِّس الأحمدية، وأنّهم لا يرون أبدًا أنَّ زوجة المؤسس تساوي زوجات الرسول درجةً ومقامًا. كلا، ثم كلا. وهذا الموقف إذا قُدِّم أمام أي عاقل منصف فلن يعترض عليه. ومن نسب إلينا غير ذلك الاعتقاد فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين.

كما نوضّح أنَّ هناك أمثلة عديدة لإطلاق لقب أُمَّهات المؤمنين على زوجات أولياء الله، بل على زوجات عامة المؤمنين من الأمة مثلاً:

  1. سُمِّيت والدة حضرة عبد القادر الجيلاني «أم المؤمنين» (7)
  2. كما أُطلقت هذه التسمية على زوجة ولي الله حضرة الخواجة جمال الدين الهانسوي. (8)
  3. وكان الشيخ الخواجة جمال الدين الهانسوي يُنادي إحدى خادماته العابدات الصالحات «أم المؤمنين». (9)
  4. وورد عن خادمة صالحة للسيد الشيخ جمال الدين الهانسوي أنَّ الناس كانوا يسمُّونها «أم المؤمنين» لوَرَعِها وصلاحها. (10)

بعد قراءة هذه الاقتباسات لابدَّ أن يتبرَّأ كل مسلم تقيّ شريف من هذا الطاعن ويتأكَّد أنّه سيّء النيّة والحظ. حيث يجهل أو يتجاهل هذه الحقائق ويعترض على الأبرياء.

مكة الجديدة

ثم يفتري المعترض المجهول كذبًا ويقول: لقد صنعوا مكة الجديدة (قاديان) إزاء مكة المكرمة في الجزيرة العربية، ويعني بذلك أنَّ الأحمديين يعتبرون قاديان مكانًا مباركًا، وهكذا أهانوا مكة والمدينة.

وليس جوابنا إلا أن نقول: لعنة الله على الكاذبين. إنَّ ما يقول الأحمديون عن قاديان هو أنَّ هذه القرية أيضًا نالت فضلاً وشرفًا بفضل مكة والمدينة. وليس هناك أحمدي واحد على وجه البسيطة يعتقد بفضيلة قاديان (والعياذ بالله) على هاتين القريتين اللتين هما أحبُّ البلاد إلى الله. ونكرر ونقول: لعنة الله على الكاذبين.

هذا، والذين أخذتَ منهم هذه التُرَّهات ضدنا فقد قالوا أكبر من ذلك. فقد ورد في كتب أسلافهم:

  1. «كان المجدد للألف الثاني يشتاق إلى زيارة الكعبة دائمًا. فرأى في المنام أنَّ العالم كله بما فيه الملائكة والجن والإنس يُصلّون ويسجدون له. فانتبه حضرته برؤية هذا المنظر، ورأى أنَّ الكعبة نفسها قد قدمت للقائه وقد أحاطت بوجوده الطاهر، ووجد الناس وكأنّهم يسجدون له. فأوحى الله إليه: ما زلتَ مُشتاقًا لزيارة الكعبة فأرسلناها لزيارتك، وقد أنزلنا حجرتك منزلة الكعبة، وأودعنا النورَ الذي كان في الكعبة أمانةً في حجرتك.

بعدئذٍ حلَّت الكعبة المشرَّفة حجرَتَهُ واستوت واختلطت أرضهما. فحصل لهذه الأرض فناءٌ وبقاءٌ تامٌّ في أرض بيت الله». (11)

أيها الشيخ الجاهل، قل بالله ما هي تعليقاتك على هذه العبارة؟

  1. كما قلنا كل امرئٍ يعرف أنَّ المسلمين يستخدمون مثل هذه المحاورات تيمُّنًا وتبرُّكًا فحسب، ولا ينوون أبدًا المقارنة بين أماكنهم وبين مكة والمدينة. كما يظهر من الأبيات التالية باللغة السرائيكية لأحد أتباع الخواجة غلام فريد الصوفي الشهير في القارة الهندية، نظمها في ذكر وطن مُرشده ويردِّدُها الناس هناك على نطاقٍ واسع. قال:

إنّي أرى قرية (شاشران) مثل المدينة المنوَّرة، وأرى قرية «كوت متن» كمثل بيت الله. إنَّ حبيبي في الظاهر الخواجة فريد، ولكنه الله في الباطن. (تشاشران وكوت متن اسما مكان). (13)

  1. كما قال الحاج إمداد الله المهاجر المكي: “حيثما أقيم فهناك مكة والمدينة وقبر النبي ” (14)
  2. كذلك قال شيخ الهند محمود الحسن وهو يرثي المولوي رشيد أحمد الكنكوهي:
“الذين في صدورهم شوق ومعرفة كانوا يتيهون في مكة ويسألون الناس عن موطنك “كنكوه”.

شبهت قبرك الذي هو مهبط الأنوار الإلهية بجبل الطور، وأردد: أرني، أرني. فانظر إلى سذاجتي” (15)

قل بالله، أيها المعترض المتعصب. ما هي تعليقاتك على هذا الكلام الذي قاله أحد من مشائخك الهنود والباكستانيين الذين تعلمت منهم هذه المفتريات؟ كيف نسيت أن تصدر فتوى التكفير ضدهم؟ إنك تثير الناس ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية وتخدع المسلمين البسطاء بحيلك ومكائدك المضلة. كيف تعاميت عما كتبه هؤلاء ولم تنبه الناس عليه؟

إن هذه الكلمات التي تفوه بها كبار الفرقة الديوبندية غير مكترثين لخطيرة جدًا. ولو أن أحدًا قد ارتكب الإهانة في حق الحرمين الشريفين فإنما ارتكبها آباؤك هؤلاء إذ لم يقولوا إن القرى الأخرى تصيبها بركات بفضل بركات مكة، وإنما قالوا أن الناس لا يطمئنون ولا تهدأ قلوبهم في زقاق مكة المكرمة التي وطئتها أقدام نبينا الكريم وإنما يطمئنون عندما يعرفون الطريق المؤدي إلى “كنكوه” قرية مرشدهم!!

5.وقال حضرة بابا غلام فريد غنج شكر:

“لا بد للدرويش من أن يجتاز 7 ألاف مقام. وفي المقام الأول منها يمر بحال حيث يجد نفسه أنه يصلي خمس صلواته بجانب العرش المعلّى مع سكان العرش. وحينما يعود منه يرى نفسه في الكعبة المشرفة كل حين، وحينما يعود من هذا المقام يرى العالم كله بين أصابعه”. (16)

  1. 6. وكذلك يقول الدكتور الشاعر إقبال عن الهند:
“وطني الهند هي موطن “بوذا”، وهي حرم لأهل اليابان، وهي أورشليم الصغيرة لعشاق المسيح عيسى”. (17)

  1. 7. ويقول سلطان المشائخ الخواجة نظام الدين أولياء:

وجدت في نفسي ذات مرة رغبة شديدة في حج بيت الله الحرام. فأردت أن أزور “باكبتن” قبل ذهابي للحج. وحينما وصلت إلى “باكبتن” وتشرفت بزيارة حضرة شيخ الإسلام بابا صاحب (غلام فريد غنج شكر)، تحققت أمنيتي في أداء الحج، وتلقيت مزيدًا من النعم الإلهية.

وأضاف الشيخ: بعد مدة وجيزة وجدت نفس الرغبة في الحج، فحضرت “باكبتن” مرة أخرى وتشرفت بزيارة الشيخ. وشرفني الله بنعمه الخاصة مرة أخرى. فقال لي الشيخ وعيناه تدمعان: “ذلك الطريق يؤدي إلى الكعبة وهذا يؤدي إلى الحبيب رأسًا” (18)

“إسمه أحمد”

ومن تلبيساته الوقحة افتراؤه أن مؤسس الأحمدية يقول أنه هو المصداق لقوله تعالى في القرآن: “ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد”. فهو أحمد الموعود في هذه الآية، وليس سيدنا محمد المصطفى .

وليس جوابنا على افترائه الخطير إلا أن نقول: لعنة الله على الكاذبين. إذ أن سيدنا المهدي والمسيح الموعود لم يعتبر النبي محمدًا المصطفى مصداقًا لهذا النبأ فحسب، بل قال إنه هو المصداق الحقيقي. وإذا كان مؤسس الجماعة الأحمدية قد قال عن نفسه أنه هو أيضًا مصداق له فإنما لكونه ظلاً تابعًا للنبي . وذلك عن واسطته وليس بدون ذلك أبدًا.

كل هذه الحقائق يعرفها هذا الضال المضل، ولكنه اتخذ تضليل الآخرين دينًا وموردًا للرزق. ليعرف كل واحد جيدًا أن مؤسس الأحمدية وكذلك أتباعه يؤمنون من الصميم: “أن لنبينا المصطفى اسمين: أولهما محمد ، وقد ورد هذا الاسم في التوراة التي كانت شريعة نارية كما يتبين من قوله تعالى: “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم.. ذلك مثلهم في التوراة”؛ وثانيهما أحمد وقد ورد هذا الاسم في الإنجيل الذي يشتمل على تعليم إلهي يتسم بالجمال، كما يتبين من قوله تعالى: “ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد”. وكان نبينا جامعًا لصفتي الجلال والجمال كلتيهما. (19)

ويعني حضرته من قوله “شريعة نارية” بأن التعاليم النازلة على موسى كانت تتسم بالجلال أي كانت تحض بني إسرائيل على أن يتشجعوا ضد الأعداء ويرفعوا هممهم ويتشددوا عليهم. وأما قوله أن الإنجيل فيه تعليم يتسم بالجمال فمعناه أنه يدعو إلى الرفق بالأعداء، ذلك لأن قلوب اليهود عندئذ كانت قاسية متحجرة، فكانت الحاجة إلى تعليم يتسم بالرفق.

افتراء خطير جدًا

المعترض الشقي يفتري على الأحمديين أنهم يعتقدون أن سيدنا محمدًا المصطفى قد ظهر بصورة أفضل في شخصية مرزا غلام أحمد (مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية). وتأييدًا لهذا الافتراء الخطير قدم أبياتًا لأحد الشعراء الأحمديين القاضي ظهور أحمد أكمل. مع أن أبياته هذه لا تعبر أبدًا عن عقائد الجماعة الإسلامية الأحمدية، كما ليس هذا الشاعر بمجاز لبيان عقيدة الجماعة بهذا الشأن، إذ أن الأديان والمذاهب إذا قيست وعرفت عقائدها بقول عالم أو بيت شاعر من أتباعه لارتفع الأمان في الدنيا ولم يبق دين ولا مذهب في مأمن.

إعلم أن صاحب هذا البيت لو كان يعني به أن الذي ظهر في قاديان كظل لمحمد هو أفضل شأنًا ومقامًا من محمد نفسه الذي ظهر في مكة المكرمة فلا علاقة لنا بهذا وليس هذا أبدًا من عقائدنا، ونعوذ بالله من هذه الخرافة الخطيرة، كما لا يمكن أن ينسبها إلى جماعتنا أحد من الشرفاء الذين قرأوا ما كتبه مؤسس جماعتنا. فإن حضرته لم يزل طوال حياته يبدي أمام المكانة العليا للرسول أعظم وأشد تواضع. ولا يمكن أن ينكر هذا الواقع من عاشر حضرته وعايشه أو قرأ كتبه وسمع كلماته. لقد كان يعتبر نفسه تراب ديار آل محمد . وما أدل على ذلك مما قاله في البيت التالي بالفارسية: (20)

أي: إن قلبي وروحي فداء لجمال محمد

وإن تراب جسمي فداء لتراب ديار آل محمد

ومن شعره بالعربية في مدح النبي :

لا شك أن محمدًا خيرُ الورى

رَيقُ الكرام ونخبةُ الأعيانِ

.

من ذكر وجهك يا حديقة بهجتي

لم أخلُ في لحظ ولا في آنِ

.

أُنظُر إليَّ برحمة وتحننٍ

يا سيدي أنا أحقر الغلمان

.

جسمي يطير إليك من شوق عَلا

يا ليت كانت قوة الطيرانِ (21)

والآن استمع، أيها القارئ الكريم، لقصة أبيات القاضي أكمل المحترم. الحق أن الشعراء أحيانًا لا يستطيعون التعبير بشكل صحيح عما يختلج في صدورهم من أفكار ومعان، وكثيرًا ما يضطرون فيما بعد لتوضيح ما يتضمنه شعرهم. ونفس الشيء حدث هنا. فعندما قال القاضي أكمل هذه الأبيات، كان لها انطباع سيء لدى كل أحمدي قرأها، وتألم كل واحد من الجماعة، واستاءوا منها لدرجة أن طالبوا صاحب الأبيات بتوضيح الأمر. فأدلى القاضي أكمل المحترم هذا التصريح ونشره في مقال كتب فيه:

“إن هذا البيت تعبير عن حبي العميق لسيدنا المصطفى . والله العليم بذات الصدور شاهد على أنه لم يخطر ببالي قط تفضيل شخصية ما على سيدنا خاتم النبيين صاحب الجاه والجلال. إن الله تعالى يعلم جيدًا أنني لم أرد بقولي: (أنه في بعثه هذا أعظم شأنًا من ذي قبل) إلا شخصية أفضل الأنبياء نبينا محمد نفسه لا غيره. لقد عنيت به أن النبي نفسه نزل فينا في بعثته الثانية. والمعروف أن جميع الأحمديين يؤمنون أن عقيدة تناسخ الأرواح (الهندوسية) أو حلول روح في جسم آخر عقيدة باطلة. فلم يكن مرادي من نزوله مرة أخرى إلا ظهور روحانيته . ولما كانت مكانة الرسول تزداد رفعة وسموًا باستمرار لقول الله تعالى: “وللآخرة خير لك من الأولى”، وكذلك يرتفع مقامه الروحاني بسبب ما يدعو به أمته من صلاة وسلام على روح المصطفى ، وبسبب أعمالهم الصالحة، لأن ثواب أعمالهم يكتب لصالحه أيضًا لكونه لا تزال تزداد كل لحظة؛ وخزائن الله الواسعة لا تنفد.

فلم أرد من ذكر نزوله في هذا البيت إلا القول بأن فيوض وبركات سيدنا المصطفى بدأت تتنزل من جديد، وأن مكانته العليا تظهر وتتضح الآن للعالم أكثر فأكثر. ولم أتصور إزاءه أية شخصية أخرى، بل في مقطع نفس القصيدة قلت:

أي:

“أن سيدنا المهدي والمسيح الموعود إنما نال هذه المكانة والمنصب لكونه خادمًا وتابعًا صادقًا لسيدنا أحمد المجتبى محمد المصطفى .” (22)

هذا هو التصريح الذي وضَّح فيه الشاعر بنفسه ما قاله في البيت. والواضح أنه ليس في هذا المعنى ما يستدعي الطعن.

ولو قال أحد أن هذا المفهوم اخترعه الشاعر فيما بعد فرارًا من الطعن واللوم، وأن المفهوم الحقيقي هو ما ذكره هذا المعترض، فجوابنا له أن يقول ما يشاء، ولكن العلماء يعلمون أن المفهوم الصحيح لأي قول أو شعر إنما هو ما يذكره القائل بنفسه.

وإذا لم يقتنع أحد بهذا التوضيح فله أن ينسب هذه “الإهانة المنكرة” إلى صاحب هذا البيت ويكيل له من اللوم ما يشاء، ولكن لا يحق له أبدًا نسبتها إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية. وها إننا نعلن بأعلى صوتنا وعلى الملأ ومرة أخرى أنه إذا كان معنى هذا البيت هو كما ذكره هذا المعترض فلا شك أنه بيت لعين ومردود ومرفوض ويستحق صاحبه كل اللوم، ولكن لا يمكن أن تلام الأحمدية بسببه.

مسألة التكفير

ومن ترهاته السخيفة أيضًا قوله إن مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية قال إن من كفر بي فقد كفر بالله، ومن لم يؤمن بي فقد خرج عن دائرة الإسلام.

ويضيف المعترض إلى سخفه ويقول: إن الأحمديين ما قرروا الامتناع عن التزاوج مع المسلمين الآخرين، والصلاة خلفهم، وصلاة الجنازة على موتاهم، إلا ليثبتوا أنهم المسلمون الحقيقيون، ولكن كانت النتيجة أنهم فصلوا أنفسهم عن باقي الأمة الإسلامية!!

إنه من الكذب الشنيع أن الجماعة الأحمدية هي التي أصدرت هذه الفتاوى قبل المشائخ. هذه التهمة قد أثيرت أيضًا في زمن سيدنا المهدي والمسيح الموعود فردّ عليها قائلاً:

“هل من أحد بين معارضينا من الشيوخ أو العلماء أو مجاوري الخانقاهات يستطيع أن يثبت أننا نحن الذين كفرناهم أولاً. وإذا كان لديهم أية ورقة أو إعلان أو كراسة كفرناهم فيها قبل أن يكفرونا أولاً ومع ذلك يتهموننا أمام الناس بأننا كفرنا كل المسلمين الآخرين”! (23)

وهنا يجب توضيح أمر هام، يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ (الحجرات: 15).

يقرر هذا القول الرباني أنه لا يحق لإنسان أن يقول لمن أعلن “إني مسلم” بأنك لست مسلمًا، بينما يحق لكل شخص أن يدعي بالإسلام وإن كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان. ومن جهة أخرى، تقرر نفس الآية أيضًا أن الله تعالى قد سمح لمن أعطاه العلم والحجة أن يخبر غيره أنك لست مؤمنًا، ذلك أن الله تعالى حينما قال لرسوله: قل لهؤلاء الأعراب أنكم لم تؤمنوا، فلا تعتبروا أنفسكم مؤمنين، فكأنما منح الرسول حق إصدار فتوى نفي الإيمان ولكن ليس من عند نفسه، بل بناءً على برهان قطعي.. ألا وهو خبر السماء.

عندما كفّر سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود هؤلاء المكفرين له، فإنما فعل ذلك بحسب هذا القول الإلهي وبناء على السنة النبوية. كما أنه عندما كفرهم ساق لهم الحجج من القرآن والسنة التي استحقوا على ضوئها أن يكفَّروا. فعندما كان معارضوه يصدرون فتاوى التكفير ضده نبههم مرارًا وفي أماكن عديدة من كتبه بأن الرسول قال: “من كفّر مسلمًا عاد عليه كفره”، لذا فانتهوا عن تكفيري وإلا فسيعود عليكم كفركم، ولن يكون لنا خيار إلا أن نعتبركم أنتم أيضًا كفارًا بحسب هذا التعليم النبوي الذي لا يمكن لمسلم أن يحيد عنه قيد شعرة.

كما يجدر التنبيه إلى أن مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية لم يكفّر هؤلاء المعارضين إلا بعد تكفيرهم له فحسب، بل كانت فتواه ضدهم متزنة أيضًا، إذ كانت مهذبة الكلمات لينة اللهجة ومصحوبة بالبراهين والأدلة. أما معارضوه من المشائخ فكانت فتاواهم ضده شديدة اللهجة بذيئة الكلمات ومخيفة للغاية، قد نسيها معظم المسلمين اليوم إما عمدًا أو سهوًا أو جهلاً. وإنها لا تصلح لنذكرها إلا أننا نسوق بعضها مضطرين إفحامًا لهؤلاء المعترضين وإجلاءً للحقيقة أمام طلابها. ولكن قبل إيرادها أود أن أنقل هنا ما ذكره مؤسس الجماعة من معاملة المشائخ معه. يقول حضرته:

“عندما تجرأ الشيخ محمد حسين البطالوي وبسط لسانه ضدي وسمّاني دجالاً، كما استصدر من مئات المشائخ من بنجاب والهند فتاوى التكفير المليئة بالشتائم والسباب ضدي، واعتبرني شرًا من اليهود والنصارى، وسماني كذّابا مفسدا، دجالا، مفتريا، ماكرًا، خادعًا، فاسقًا، فاجرًا وخائنا.. عندئذ ألقى الله في قلبي أن أدافع بنية صالحة عن نفسي وأرد على ما ورد في هذه الكتابات. إنني لست أعادي أحدًا بسبب ثوائر نفسانية، وإنما أود أن أفعل الخير بالجميع، ولكني ماذا أفعل مع من يتعدى الحدود. إن الله هو الذي سوف يُنصفني. إن كل هؤلاء المشائخ آذوني وبالغوا في إيذائي. واستهزأوا بي وسخروا مني في كل أمر. فلا أزيد على قول:

يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (24)

هكذا كانت بداية الموقف الواضح الذي اتخذه مؤسس الأحمدية ضد المشائخ.

فتاوى التكفير ضد سيدنا أحمد

والآن أذكر لك بعض فتاواهم ضد حضرته، وأبدأ بفتوى الشيخ عبد الصمد الغزنوي، قال:

  1. “إن هذا الشخص مرتد مستتر يضل الناس، بل هو أضل من شيطانه الذي يتلاعب معه. ولو أنه مات على عقيدته هذه فيجب ألا يُصلي أحد صلاة الجنازة عليه، وألا يُدفن في قبور المسلمين لئلا يتأذى أهل القبور منه”. (25)
  2. وكتب الشيخ ميان نذير حسين الدهلوي الملقب بشيخ الكل:

“إنه خارج عن أهل السنة. أسلوب عمله كأسلوب الملحدين الباطنيين المضلين. ونظرًا لدعواه ونشر أكاذيبه وطريق إلحاده نستطيع اعتباره أحدا من الدجالين الثلاثين الوارد خبرهم في الحديث النبوي. إن أتباعه هم ذريات الدجال. إنه مفتر على الله. تأويلاته تأويلات إلحاد وتحريف. إنه كاذب. مدلس، دجال، جاهل، عديم الفهم وصاحب بدعات وضلال.

كل ما قلناه ردًا على سؤال السائل، وما أصدرناه من فتوى ضد القادياني فهو صحيح.. والآن يجب على المسلمين أن يتجنبوا عن هذا الكذاب الدجال، وألا يتعاملوا معه فيما يتعاملون فيه مع المسلمين، لا في أمر الدنيا ولا في أمر الدين، وألا يكنوا له أي حب واحترام. يجب ألا يسلموا عليه مبتدئين، وألا يدعوه إلى مناسبات مسنونة، كما يجب ألا يقبلوا منه دعوة كهذه، وألا يصلوا وراءه، وألا يصلوا عليه صلاة الجنازة”. (26)

  1. وأصدر القاضي عبيد الله المدارسي فتوى ضد مؤسس الجماعة لإنكاره بحياة سيدنا المسيح الناصري في السماء بجسده المادي، ونزوله بجسمه المادي إلى الدنيا مرة أخرى، فقال: “إنه بحسب الشرع مرتد، زنديق وكافر وأحد الدجالين الثلاثين الوارد ذكرهم في حديث نبينا المصطفى . ومن أطاعه فهو أيضًا كافر ومرتد. ومن يرتد يفسخ نكاحه شرعًا. وتحرم عليه زوجته، وإذا ضاجعها فقد ارتكب الزنا، وإذا وُلد لها مولود فيكون مولودًا غير شرعي. ولو مات المرتد بغير توبة فلا تجوز صلاة الجنازة عليه ولايجوزُ دفنه في قبور المسلمين، بل يجب إلقاءُه كالكلاب بدون غسل في بعض الحفر. (27)

أُنظُر أيها القارىء الكريم إلى اللغة البذيئة في هذه الفتوى وهي واحدة من العشرات. ولم يكتفوا بإصدارها بل نشروها على نطاق واسع في كل القارة الهندية، وأجبروا الناس على العمل لدرجة ثار الناس ضد الأحمديين حتى يصف أحد من هؤلاء المشائخ حال الأحمديين فيقول:

  1. “عندما لقيت الطائفة المرزائية (أي الأحمدية) الذل والخزي الشديد في أمرتسر، وطُردوا من صلوات الجمعة وغيرها، وأُخرجوا بكل هوان وذلة من المسجد الذي كانوا يصلون فيه مع غيرهم ونُهوا من قبل الحكومة من الصلاة في الحديقة المسماة (قيصري باغ) حيث كانوا يجتمعون من قبل لصلاةِ الجمعة، عندئذ استأذنوا مرزا القاديان (أي مؤسسَ الجماعة) لبناء مسجد جديد لهم. فقال لهم: اصبروا قليلا. سوف أحاول أن أتصالح مع المعارضين وإذا تم الصلح فلن تحتاجوا لبناء مسجد جديد مستقل.

كما تعرضوا لأنواع الخزي والهوان. قاطعهم المسلمون مقاطعة اجتماعية، وانتزعوا منهم زوجاتهم وخطيباتهم بسبب تصديقهم بالمرزا. ودُفن موتاهم في الحفر بدون غسل وأكفان وصلاة….عندئذ نشر القادياني (أي مؤسس الجماعة) إعلان الصلح هذا”. (28)

هذه هي الظروف المؤدية إلى الانفصال. اليوم لا تمل ألسنة هؤلاء المشائخ والمعترضين من صراخ أن الأحمديين هم الذين سبقوهم في فتوى التكفير وانفصلوا بأنفسهم عن باقي المسلمين. إنهم يخفون اليوم عن عامة المسلمين هذه الحقائق الثابتة، ولكن التاريخ يخبر كيف أنهم هم الذين ظلموا واعتدوا ودفعوا الأحمديين دفعا للانفصال بفتاوى خطيرة قذرة بذيئة مليئة بالأكاذيب والتهم. يكذبون على الجماعة لإشعال مشاعر المسلمين، ويخفون عنهم فتاواهم هذه القاسية المجرحة للعواطف. ترى أنهم بأنفسهم يقرون بأنهم منعوا الأحمديين بمساعدة الحكومة عن الصلاة في المكان الذي كانوا يصلون فيه، وعندئذ استأذن الأحمديون إمامهم لبناء مسجد جديد مستقل بهم. ومع ذلك يقولون للأحمديين لماذا تبنون المساجد على حدة؟!

والغريب أن مؤسس الأحمدية، رغم اعتداءاتهم هذه، يبدي صبرا عجيبا حتى لا يكون هناك داع لبناء مسجد على حدة!!

فتوى سيدنا المهدي بشأن هؤلاء

وأخيراً عندما أصدر مؤسس الأحمدية الفتوى من جانبه ردًا على فتاواهم أصدرها باحتياط كامل وكانت بحسب تعليم القرآن. قال:

“إن المسلمين، ولا شك، داخلون في دائرة “أسلمنا”. ولكنهم ليسوا في دائرة “آمنَّا”. (29)

وكأنه بقوله هذه حصر البحر في إناء، إذ لم يسمح للأحمديين أن يجتازوا في شأن المسلمين الآخرين الحدود التي حدها النبي بأسوته. فالله تعالى عندما أخبر النبي أن قوما كذا لم يؤمنوا في الحقيقة قال له: قل لم تؤمنوا، ولكنه تعالى لم يسمح له أن يمنعهم من أن يقولوا أنهم مسلمون. فهذه الآية والسنة النبوية تُبينان أنه لا يحق لأحد أن يقول عن أحد يدعي الإسلام: أنه غير مسلم. وطبق هذا التعليم لم يستخدم سيدنا المهدي والمسيح الموعود لمعارضيه كلمة غير مسلمين أبدًا، وإنما قال: ” إنه من مسائل الشرع أن من يكفر مؤمنا يصبح كافرًا. ولقد أصدر حوالي 200 شيخ فتاوى التكفير ضدى، ولقد ذكروا بأنفسهم في فتاواهم أن من يكفّر مسلما يصبح كافرا، ومن يقول عن كافر إنه مسلم فهو أيضا يصبح كافرا.” (30)

أي كيف أتردد، والحال هذه، عن إصدار فتوى هي نتيجة منطقية لفتاوى المشائخ المعارضين. ثم يضيف حضرته سائقًا الأدلة على صحة فتواه وقال: ورد في الحديث عن النبي أنه قال: “أيما رجل مسلم كفّر رجلا مسلما فإن كان كافرًا وإلا كان هو الكافر” (31). إننا لا نكفّر أحدًا ينطق بالشهادة ما لم يكفُر بنفسه بتكفيرنا. ربما لا تعرفون أنني عندما أعلنتُ أنني مأمور من الله تعالى، أعد الشيخ محمد حسين أبو سعيد البطالوي ببذل مجهود فتوى ضدي كتب فيها أنه كافر، دجال وضال. يجب ألا يصلَّى عليه صلاة الجنازة. ومن سلّم عليه أو صافحه أو اعتبره مسلما فهو كافر أيضا. واعلم أنه من المسائل المتفق عليها أن من كفّر مؤمنا فقد كفر. فكيف يمكن أن ننكر هذه المسألة. بالله عليك، بيّن لنا ماذا نفعل في هذه الظروف. إننا لم نصدر الفتوى ضدهم أولا، فإذا قيل أنهم كافرون فليس ذلك إلا نتيجة تكفيرهم لنا. من لا يكفّرنا فلا نكفره أبدًا، ولكن إذا لم نعتبر كافرًا من يكفرنا نصبح بذلك حتمًا مخالفين لهذه المسألة المتفق عليها. ونحن لا نستطيع أن نفعل ذلك؟” (32)

أنظر أيها القارىء إلى صبر مؤسس الجماعة وكيف أنه رغم تلك الفتاوى البذيئة الشديدة يصدر هذه الفتوى المتزنة العادلة.

نَهَمُهم لتكفير الآخرين

لقد ارتكب هذا المعترض الشقي المجهول خيانة أخرى في “مسألة التكفير” حيث يوهم القارىء أن الأحمديين يكفّرون غيرهم من المسلمين، وأمّا الفرق الإسلامية الأخرى فلا تكفر بعضها البعض وإنما تعتبر المسلمين الآخرين مسلمين.

فأولا نعرض بين يدي القارىء فتاوى التكفير أو اقتباسات منها التي تبادلها هؤلاء المشائخ وأسلافهم الآخرون، وذلك بلغة قاسية ولهجة متشددة لا وزن أمامها لما في مؤلفات الجماعة الإسلامية الأحمدية من شدة.

تكفير الديوبندية للبريلوية

المعروف أن البريلوية تؤمن بكون الرسول عالما بالغيب. وجاء في إحدى الفتاوى من الفرقة الديوبندية المضادة لهم: “كل من يعتقد بكون رسول الله عالما بالغيب فهو مشرك وكافر لدى السادة الحنفيين.” (33)

الشيعة كفار!!

أصدر أكابر الديوبندية فتوى ضد الشيعة جاء فيها:

“ليس الشيعة مرتدين وخارجين عن الإسلام فحسب، بل إنهم أعداء للإسلام والمسلمين لدرجة لا يماثلهم أحد من الفرق الأخرى في هذا العداء. ويجدر بالمسلمين أن يقطعوا معهم علاقاتهم الإسلامية وخاصة علاقة التزاوج.” (34)

أهل الحديث كفار!!

وقع سبعون شيخا من الديوبندية على فتوى تكفير ضد فرقة أهل الحديث وكتبوا بأن التعاشر مع أفرادها ممنوع شرعًا، والسماح لهم بالدخول في المساجد يسبب الفتنة والذعر. (35)

جماعة المودودي كافرة!!

أصدرت دار العلوم الديوبندية فتوى ضد جماعة المودودي جاء فيها: إنها جماعة أخطر من أسلافهم لدين المسلمين. (36)

تكفير البريلوية للديوبندية !!

أصدر علماء البريلوية فتوى ضد علماء الديوبندية مع ذكر أسمائهم قالوا فيها:

إن هؤلاء كفار ومرتدون على الإطلاق، ولقد وصل ارتدادهم وكفرهم إلى أقصى الحدود، والذي يرتاب في ارتدادهم وكفرهم فهو كافر ومرتد مثلهم. (37)

فتوى علماء الحرمين ضد الديوبندية

جميع هؤلاء (أي الديوبندية) مرتدون وخارجون عن الأمة الإسلامية إجماعًا، وأصبحوا قادة الإلحاد الخبثاء وزعماء الكفر. إنهم شر من كل خبيث مفسد متعنت دنيء. لقد أصبحوا كفارًا مثل أشد الناس كفرا ولؤما بسبب ضلالتهم. يلبسون لباس العلماء والزهاد والصلحاء وباطنهم مليء بالخبث. (38)

فتوى فرقة أهل السنة والجماعة

لم يضر بالإسلام الفِرقُ الباطلة جميعا كما أضرت به الطائفة الوهابية الديوبندية. لقد انفصلت هذه الطائفة عن الإسلام ومع ذلك تتظاهر كجماعة سنية حنيفة، وإخواننا من جماعة أهل السنة الحنيفة يقعون في خداعهم وشراكهم. (39)

فتاوى أشد قسوةً

على القارىء أن يأخذ في الحسبان بأن هؤلاء المشائخ لم يتركوا في فتاواهم وآرائهم منفذا. فلم يكتفوا بتكفير الفرق الأخرى بكلمات مثل كافر ومشرك فحسب، بل قالوا إنهم أسفل من البهائم والأنعام وأولاد الزنا.

ونأخذ على سبيل المثال ما قاله علماء الطائفة الديوبندية. فقد أصدروا “حكما شرعيا” عن الطائفة البريلوية الذين يؤمنون بأن الرسول كان يعلم الغيب وجاء فيه:

(أ). “إذا حاول شخص نسبة الغيب إلى غير الله وظن أن علمه مثل علم الله سبحانه وتعالى، فهو كافر بدون الشك. وحرام إمامته (في الصلاة) ، وحرام (على المسلمين) أن يلتقوا به ويظهروا له محبة ومودة”. (40)

(ب) وأخبر العالم الشهير للطائفة الديوبندية الشيخ حسين سيد أحمد المدني المدير السابق لدار العلوم في ديوبند، عن زعيم الطائفة البريلوية وأتباعه قائلا:

“سوف يطرد محمدّ المصطفى الدجالَ البريلوي وأتباعه مثل الكلاب من الحوض، ومن شفاعته المحمودة قائلا: سحقًا لكم، وسوف يحرمون من أجر الأمة المرحومة ومن ثوابها ومنازلها ونعيمها” (41)

(ج) وأصدر السيد ولي حسن تونكي، والسيد محمد يوسف البنوري فتوى مشتركة عن زعيم الطائفة البرويزية جاء فيها:

“غلام أحمد برويز كافر وخارج عن دين الإسلام بموجب الشريعة المحمدية فلأجل ذلك لا يجوز لسيدة مسلمة أن تظل في نكاحه، كما لا يجوز أن تنكحه، ولا تُصلَّى عليه صلاة الجنازة، ولا يدفن في مقابر المسلمين. وهذه الفتوى لا تنطبق على “برويز” فحسب، بل على كل كافر وكل من متبعيه الذين يعتقدون بعقائد الكفار. وطالما أصبح مرتدا فلا يجوز شرعًا إقامة العلاقات الإسلامية معه” (42)

(د) ونبه هؤلاء المشائخ عامة المسلمين عن الشيعة بهذه اللهجة المتشددة:

“إن الحكم القطعي والإجماعي عن هؤلاء الرافضين الشيعة أنهم كفار ومرتدون بوجه عام. ذبيحتهم هي بمثابة جيفة. النكاح معهم ليس حرامًا فحسب، بل يعتبر زنا. وإذا كان الزوج “رافضيًا” وزوجته مسلمة فهذا من السخط الإلهي الشديد. وإذا كان الزوج مسلمًا سنيًا والزوجة من هؤلاء الخبثاء فأيضًا لا يعتبر نكاحًا بل يعتبر زنا، وأولادهما يعتبرون أولاد زنا، ولن يرثوا شيئًا من تركة والدهم وإن كانوا هم من السنيين، لأنه بحسب الشريعة ليس لابن الزنا أب. كذلك الزوجة لا تحصل على شيء من تركته، ولا من المهر، لأن الزانية لا مهر لها. والرافضي لا يرث من إرث أقاربه ولو كان والده أو والدته أو ابنه أو ابنته، ولا يجوز للرافضي أن يحصل على شيء من قريب له ولو كان سنيًا بل كافرًا ومن أهل ملته الرافضة. وحرام أشد الحرمة على المسلم أن يتكلم أو يسلم على أحد منهم، ذكرهم أو أنثاهم، عالمهم أو جاهلهم. والذي يحسبهم مسلمين بعد الاطلاع على عقيدتهم الملعونة، أو يشك في كفرهم، فهو أيضًا كافر وملحد لدى جميع أئمة الدين بالإجماع، وتنطبق عليه نفس الأحكام المذكورة. وواجب على المسلمين أن يستمعوا لهذه الفتوى بأذن صاغية ويعملوا بموجبها لكي يكونوا سنيين صادقين”. (43)

(ر) وقالوا:

“الرافضون عامة ينكرون ضروريات الدين في العصر الحاضر، وأصبحوا مرتدين بشكل قاطع. فلا يجوز أن ينكح أحد من المسلمين من نسائهم، أو يزوج بنته أحدهم. ومثلهم كمثل الوهابيين والقاديانيين والديوبنديين والدهريين والجكرالويين الذين أصبحوا مرتدين. والذي يتزوج من بناتهم أو التي تتزوج من شبانهم أين ما يكون في العالم فزواجه باطل ويعتبر زنا خالصًا” (44)

(س) وإليكم الآن فتوى علماء العرب والعجم عن الطائفة الديوبندية:

“إن الطائفة الوهابية الديوبندية أصبحت مرتدة وكافرة بشكل قاطع، لأنها أهانت جميع الأولياء والأنبياء وحتى حضرة سيد الأولين والآخرين ، بل ارتكبوا إهانة في ذات البارئ . ولقد وصل ارتدادهم وكفرهم إلى أشد الدرجات حتى إذا شك أحد في ارتدادهم وكفرهم أدنى شك فقد أصبح مرتدًا وكافرًا مثلهم. والذي يشك في كفر هذا المتشكك فهو أيضًا مرتد وكافر. وما على المسلمين إلا اجتنابهم والاحتراز عنهم. والصلاة طبعًا حرام وراءهم، ولا يسمح لهم أن يصلوا وراءكم. لا تسمحوا لهم بالدخول في مساجدكم، ولا تأكلوا ذبيحتهم، ولا يشارك أحد منكم في أحزانهم ولا في جنازاتهم، ولا تسمحوا لهم أن يدفنوا موتاهم في مقابر المسلمين. وخلاصة القول يجب اجتنابهم كليًّا”. (45)

هذه هي خلاصة الفتاوى التي أصدرها مشائخ أهل السنة. وهؤلاء العلماء ليسوا فقط من الهند، بل حينما ترجمت بعض كتابات الطائفة الديوبندية وعباراتها، وأرسلت إلى علماء أفغانستان، خيوا، وبخارى، بلاد إيران، مصر، الروم، الشام، مكة المكرمة، المدينة المنورة، الكوفة وبغداد.. أفتى علماء هذه الديار جميعهم نفس الفتوى، وقالوا بأن هذه العبارات تهين الله سبحانه وتعالى والأنبياء والأولياء، فلأجل ذلك فإن الطائفة الوهابية الديوبندية أشد الناس ارتدادًا وكفرًا.

جميعهم كافرون !!

ولقد درس مولانا عبد المجيد سالك (وهو ليس بمسلم أحمدي) الصحفي المسلم الشهير في شبه القارة الهندية هذه المسألة بنظر عميق وقال:

“إن كبار رجال العالم الإسلامي وأبطال تاريخه المجيد وجميع الفرق الإسلامية كافرون أو مرتدون أو خارجون عن دين الإسلام، حسب وجهة نظر طائفة من طوائف العلماء. ولم تخلص جماعة أو فرقة من أمة محمد من فتاوى التكفير!!” (46)

تعليق القاضي منير

كما حلل القاضي الباكستاني الشهير “منير” هذه القضية وعالجها من جميع النواحي بصفته رئيسًا للجنة التحقيق التي عينتها الحكومة الباكستانية لتحري الأسباب لاندلاع الفتن الطائفية سنة 1953 م، وبعد دراسة عميقة أصدر القاضي قراره وقال:

“كان من المسائل الجوهرية معرفة فلان مسلم أم لا. لذلك طالبنا معظم العلماء البارزين أن يعرّفوا لنا المسلم. والحكمة وراء ذلك أنه إذا كان علماء الفرق يكفرون الأحمديين فلا بد أنهم على بصيرة ويقين بشأن فتواهم وأن أسبابها واضحة في أذهانهم لدرجة يستطيعون معها بيسر أن يأتوا بتعريف دقيق قطعي للمسلم. ذلك أن الدعوى بخروج شخص أو جماعة عن دائرة الإسلام يستلزم أن يكون في ذهن المدعي تصور واضح عن من ذا الذي يسمى مسلمًا. ولكن التحقيق في هذه الجزئية من القضية للأسف لم يسفر عن نتيجة مرضية. فإذا كان علماؤنا ومشائخنا يتخبطون هذا التخبط في مثل هذه القضية البسيطة، فمن السهل جدًا تصور مدى اختلافاتهم في القضايا الأكثر تعقيدًا.

لم يتفق العلماء على تعريف واحد للمسلم! فهل بقيت هناك حاجة -بعدما قدم العلماء من تعريفات متعددة متضاربة- إلى تعليق من ناحيتنا.. غير أن نقول: لا يوجد بين علماء الدين حتى ولا اثنان يتفقان على هذه المسألة الجوهرية الخطيرة. ولو أننا قدمنا بدورنا أي تعريف للمسلم كما فعل كل واحد من العلماء، وكان تعريفنا هذا معارضًا لتعريفاتهم المختلفة لأفتوا بالإجماع بكوننا خارجين عن دائرة الإسلام. ولو قبلنا تعريف أحد منهم لبقينا عنده من المسلمين، ولكن سنصبح في عداد الكافرين حسب تعريف غيره من العلماء” (47)

بعد تقديم الصورة كاملة واضحة للقارئ الكريم، نقول لك أيها الناكب عن طريق الحق، المرتزق بمهنة الكذب، كيف، والحال هذه، تلوم الأحمدية لأن مؤسسها كفر بحسب التعليم النبوي معارضيه الذين كفروه أولاً. تأكد أنك لن تجد مكانًا مصونًا عند هؤلاء الذين تعلمت منهم هذه الأكاذيب والتهم. لن تجد الأمان لا عند الديوبنديين، ولا عند البريلويين، ولا عند الشيعة، ولا عند جماعة المودودي، ولا عند أهل الحديث، ولا عند أهل القرآن ولا عند الوهابية، لأن كل فرقة منهم قد كفرت الأخرى بشدة أكثر. ولكنا نعلم أنك لن تبالي بذلك، لأن لك دينًا آخر. فأنت تجري وراء كل من لاح لك بدينار أو روبية أو ريال. وإنك لن تكتفي بالصلاة وراءه، بل سوف تخر له ساجدًا. فهنيئًا لك هذا “الدين”.

الهوامش

1.جريدة نوائي وقت (نداء الوقت) الباكستانية، 11 سبتمبر 1988

2.جريدة “الحكم”، قاديان، 6 مايو 1901 ص 5

3.الحق..مناظرة لدهيانة، الخزائن الروحانية ج 4 ص 80

4.سفينة نوح، الخزائن الروحانية ج16 ص 26 و27

5.المرجع السابق

6.كرامات الصادقين، الخزائن الروحانية ج 7 ص 67

7.باقة الكرامات، للمفتي غلام سرور، مطبعة إفتخار، دلهي، ص 18

8.إرشادات فريدي، ج 2 ص 91، مطبعة مفيد عام، آغرا، الهند، 1321 هـ

9.سير الأولياء، للسيد محمد بن مبارك الكرماني ص 187

10.تاريخ مشائخ الفرقة الجشتية، لخليق أحمد النظامي، ص 164

11.تذكرة الخواجة سليمان التونسوي، ص 133، وفتاوى رشيدية، ص 109

12.؟؟؟

13.؟؟؟

14.خير الإفادات (ملفوظات الشيخ أشرف علي التهاونى)، الناشر: هيئة الإسلاميات، لاهور، 1982

15.؟؟؟

16.الأنوار الصابرية، للحفاظ عبيد الله الصابري، المكتبة الإسلامية، جوجوانواله، باكستان ص 118

17.باقيات إقبال، الناشر: آئينة أدب، جوك أنار كلي، لاهور، الطبعة الثانية 1974، ص 328

18.الأنوار الصابرية ص 172

19.أربعين رقم 4، الخزائن الروحانية ج 17، ص 443

20.مجموعة الإعلانات، ج 1 ص 97، إعلان 20/2/1886

21.مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية ج 5 ص 590 إلى 596

22.جريدة الفضل، قاديان، 13 أغسطس 1944

23.حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج 22 ص 123

24.تتمة حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج 22 ص 453

25.مجلة “إشاعة السنة”، مجلد 13، عدد 7 – 1892

26.المرجع السابق، أعداد: 1 إلى 6، 1893

27.الفتوى ضد منكري الصعود والنزول الماديين لعيسى ابن مريم، 1311 هـ، المطبعة المحمدية، مدينة مدراس، طبعة أولى ص 66 و67

28.إظهار خداع مسيلمة القادياني.. الرد على كشف الغطاء عن أبصار أهل العمى، 1319 هـ، 1901 م

29.محاضرة لدهيانة، الخزائن الروحانية ج 20 ص 290

30.حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج 22 ص 168

31.سنن أبي داود، كتاب السنة

32.ملفوظات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ج 10 ص 376، 377

33.الفتاوى الرشيدية المبوبة الكاملة، للشيخ رشيد أحمد الكنكوهي، الناشر: محمد سعيد وشركته، قرآن محل، كراتشي ص 62

34.فتوى علماء الحرمين الشريفين عن ارتداد الشيعة الاثنى عشرية، صفر 1348 هـ، للمؤلف الشيخ محمد عبد الشكور، لكناو، الهند

35.الإعلان المطبوع، الناشر مطبعة ألكترك العلائية، آغرا، الهند

36.الاستفتاء الضروري ص 37، الناشر: محمد وحيد الله خان، مطبعة مرتضى، رامبور، الهند، عام 1375 هـ

37.إعلان علماء مدينة “بريلي” المنشور في جريدة “آفاق” بتاريخ 18/11/1952 م

38.حسام الحرمين على منحر الكفر والمين ص 73 إلى 76، للشيخ أحمد رضا خان البريلوي، مطبعة أهل السنة والجماعة، بريلي، الهند

39.الإعلان من الشيخ محمد إبراهيم البهاغلبورى، مطبعة برقى، لكناؤ، الهند

40.الفتاوى الرشيدية ص11 الناشر: محمد سعيد وأولاده، قرآن محل، كراتشي 84 – 1883 م

41.رجوم المذنبين على رؤوس الشياطين المشهور بالشهاب الثاقب على المسترق الكاذب ص 111، للشيخ سيد أحمد حسين أحمد المدني، الناشر: دار الكتب العزيزية، ديوبند، الهند

42.الفتاوى من الشيخ ولي حسن تونكى المفتي والمدرس بالمدرسة العربية الإسلامية، نيوتاون كراتشي، والشيخ محمد يوسف البنورى شيخ الحديث بالمدرسة العربية الإسلامية، كراتشي

43.فتوى الشيخ شاه مصطفى رضا خان المنشورة في كتيب “رد الرافضة” ص 32، الناشر: دار الكتب النورية، داتا بازار، لاهور، مطبعة جلزار عالم.. 1320 هـ

44.الملفوظ، الجزء الثاني ص 97 و98 للمفتي الأعظم بالهند

45.فتوى العلماء العرب والعجم ضد الديوبندية، للمؤلف محمد إبراهيم البهاغلبورى ص 63، الناشر: شوكت حسين الشيخ، مطبعة برقى، لكناؤ، الهند

46.مسألة تكفير المسلمين، للشيخ عبد المجيد سالك، مطبعة النقوش، أنجمن تحفظ باكستان، لاهور، ص 7 و 8

47.تقرير محكمة التحقيق في فتن بنجاب في سنة 1953، مطبعة إنصاف، الناشر: إخوة حق، أنار كلى، لاهور، ص 231 و 232

2

موت ضياء الحق (الجنرال)

 

ويقول المعترض الشقي أن الإمام الحالي للأحمديين مرزا طاهر أحمد وجه دعوة للمباهلة إلى الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق، ولكن الأخير لم يقبل دعوته، وعندما مات ضياء الحق في حادث انفجار طائرته قال الأحمديون أنه مات بسبب مباهلة إمامهم. مع أن العديد من علماء المسلمين تقبلوا دعوة المباهلة هذه، وأعلنوا عن ذلك، ولكن لم يصبهم أي مكروه، ولا يزالون بخير.

ألا ما أشد جسارتك على الكذب! وسواء عليك أتبينت لك الحقيقة أم لا، فلن ترتدع، كما يبدو من أسلوبك. ولكنا نضع الحقيقة الواقعة أمام القارئ المنصف ليحكم بنفسه.

لقد مضى على تأسيس الجماعة الإسلامية الأحمدية أكثر من مائة عام، ومنذ تأسيسها بأمر الله تعالى على يد سيدنا المهدي والمسيح الموعود ، وهي تلاقي تكذيبًا وعداء من مختلف الجهات، شأن كل جماعة يقيمها الله تعالى. وخصوصًا تعرضت لعداء شديد ممن يدعون بالعلماء في الهند وباكستان. وقد زادت موجة العداء الصارخ ضدها في العقدين الأخيرين بدعم وتمويل من الحكومة الباكستانية.

قام الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق في إبريل عام 1984 م بإصدار قرار غاشم بحرمان الجماعة الإسلامية الأحمدية من حقها الديني والإنساني الأساسي في الإعلان عن دينها الإسلام الذي تدين به من الأعماق، وعن العمل بحسب العقائد الإسلامية التي تعتنقها من الصميم، وحظر على أفرادها النطق بشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ورفع الأذان، وتسمية مساجدهم مساجد، وتسمية أنفسهم مسلمين، مخالفًا بذلك حكم الله الوارد في القرآن الكريم: “لا إكراه في الدين”. كما قامت تلك الحكومة بحملة شرسة ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية لبث أكاذيب وافتراءات خطيرة ضدها في العالم.

وعند تفاقم هذه الفتنة والمظالم وجه أمير المؤمنين سيدنا مرزا طاهر أحمد الإمام الحالي للجماعة الإسلامية الأحمدية دعوة مباهلة إلى أئمة التكفير ورؤوس الفتنة وعلى رأسهم ضياء الحق. ومما قال فيها:

“لقد طال النقاش والجدال بيننا وبين معارضينا، ولا نرى لهذه المظالم المنصبة على جماعتنا من جانب الفريق المخالف حدًّا ولا نهاية، ولطالما تمسكت جماعتنا بأهداب الصبر، وتحملت كل هذه الاضطهادات من قبل أعدائها.

وفيما يتعلق بتذكير وتحذير هؤلاء الظالمين فقد استخدمنا جميع الوسائل السلمية الممكنة لتذكيرهم ولإقامة الحجة عليهم، وأنذرناهم بالعواقب الوخيمة لأعمالهم الشنيعة، وحذرناهم بكل وضوح وصراحة بأنكم لا تظلمون بذلك الجماعة الإسلامية الأحمدية فحسب، وإنما تسيئون إلى الأمة الإسلامية كلها، وبالخصوص إلى الشعب الباكستاني، إذ تشركونه في الممارسات الغاشمة ضدنا بالمكر والخداع بطريق مباشر أو غير مباشر، وهكذا تثيرون غضب الله المنتقم القهار.

وللأسف الشديد، لم يردعهم هذا النصح وهذا الإنذار، بل زادهم ظلمًا وعدوانًا. وقد بلغ ظلمهم حدًّا لا تصبر معه الجماعة الإسلامية الأحمدية أكثر. لذلك فقد قررت أنا بصفتي إمامًا لهذه الجماعة، بعد فشل طرق التذكير والتنبيه وبعد صبر طويل وتفكير عميق ودعاء كثير، أن أتحدى مكذبينا ومكفرينا المتعمدين في الإساءة إلينا، أيًّا كانت صفتهم وطبقتهم، وأوجه إليهم دعوة جادة للمباهلة حسب تعليم القرآن الكريم، رافعًا هذه القضية إلى محكمة السماء، داعيًا المولى أن يميز بين الظالمين والمظلومين بإنزال قهره وسخطه على المعتدين….

ننشر هذه الدعوة المفتوحة للمباهلة على صورتين، وكل مكذب ومكفِّر لنا حرٌّ في اختيار أي من الصورتين، حتى يتبيّن للناس عامةً والمسلمين والعلماء والمشائخ خاصة، والذين ليس لهم معرفة شخصية بالأحمدية، وإنما يُعارضونها لما سمعوا من افتراءات الأعداء علينا.. حتى يتبيّن لهم على ضوء ذلك الحكم الذي سوف يحكم به ربُّ السماء: مَن هو الصادق ومن الكاذب».

وبعد سرد قائمةٍ طويلة من التُّهم ضد الجماعة قال أمير المؤمنين:

«فأقول، بصفتي إمامًا للجماعة الإسلامية الأحمدية، وأُعلن على الملأ أنَّ سائر هذه التُّهم من أولها إلى آخرها باطلة تمامًا، ولا تمتُّ إلى الحقيقة بأية صلة. وأنَّ لعنة الله على الكاذبين.»

  ثم تحدَّث عن عقائد الجماعة ومما قاله في هذا الصدد: «يُعلن مؤسِّس الأحمدية سيدنا المرزا غلام أحمد القادياني عن معتقداته قائلاً:

«أننا نؤمن بأنَّ لا إله إلا الله، وأنّ سيدنا محمد المصطفى رسولُه وخاتَمُ النبيين. كما نؤمن أنّ الملائكة حق، ويوم البعث حق، ويوم الحساب حق، والجنة حق، وجهنم حق، ونؤمن أنَّ ما ذكره الله في القرآن الكريم وما بيّنه نبينا من الأمور التي ذكرناها آنِفًا، كلها حق.

كما نؤمن أنّه من يُنقص ذرةً من الشريعة الإسلامية أو يزيد عليها شيئًا، أو يدعو إلى ترك الفرائض أو إلى الإباحية، فإنه ليس بمؤمن، بل هو ضالٌ خارجٌ عن الإسلام.

وننصح جماعتنا أن يؤمنوا، صادقي النية، بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن لا يموتوا ألا على نفس هذه الشهادة؛ وأن يؤمنوا بسائر الأنبياء وجميع الكتب التي صدَّقها القرآن الكريم؛ وأن يؤدُّوا كل ما أمر الله به ورسوله من فرائض؛ صوم وصلاة وزكاة وحج، وهم يعلمون أنّها فرائض؛ وأن ينتهوا عن كل ما نهى الله عنه ورسوله، وهم يعلمون أنّها منهيّات.

وخلاصة القول إنّه لا بدّ لنا من الإيمان بكل ما أجمع عليه السلف الصالح من أهل السنة، من حيث العمل والاعتقاد. ونحن نُشهد السماوات والأرض على أنّ هذا ديننا». (أيام الصلح، الخزائن الروحانية ج١٤ ص ٣٢٣)».

ثم قال أمير المؤمنين: «هذه هي عقائد الأحمديين، وهذا هو دينهم، وهذا هو المقام الحقيقي لمؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية. وكل من يجرؤ وينسبنا إلى أي دينٍ آخر فإنّه كاذبٌ ومفترٍ وظالم.

وإنني بصفتي إمامًا للجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية، أدعو كل من لا يكفُّ عن الموقف العدواني ضدنا، رغم قراءة هذه الكلمات الصريحة الواضحة المعنى، ولا يرتدع عن الافتراء علينا، سواء أكان من رجال الحكومة الباكستانية أو الحكومات الأخرى، من رابطة العالم الإسلامي أو من علماء طائفة أخرى، من الشخصيات السياسية أو غير السياسية، أيًّا كانت صفته وجماعته، أدعوه لأن يتقدَّم ويقبل مني هذا التحدي للمباهلة، وليشترك معي في الدعاء التالي، مُشركًا فيه أهله وأولاده، رجالاً ونساءً، وكل أنصاره وأتباعه، ويوقع على ورقة المباهلة بصفته زعيمًا لفريق مخالف، ثم يعلن ويُذيع هذا الأمر بكل طريق ممكن. وكلمات المباهلة هي كما يلي:

«أيها الربّ القادر القوي.. عالِم الغيب والشهادة، إننا نبتهل إليك ربنا، بعزة وجهك وبجبروتك وعظَمَتك وجلالك وغِيرتك، وندعوك أن تُنزل على الفريق الذي هو صادقٌ عندك فيما ذكر من الدعوى، رحمةً بعد في هذه الدنيا وفي الآخرة، وأن تُنجيه من المصائب، وتُظهر صدقه للعالمين، وتُبارك فيه بركةً تلوَ البركة، وتُطهِّر مجتمعه من كل فساد وشر، وترزق أهله الصلاحَ والعفافَ والتقوى صغارًا وكبارًا، رجالاً ونساء، وتزيدهم حبًا وقربًا منك، يومًا بعد يوم، بحيث يتضح للناس جليًّا أنّك معهم.. تؤيدهم وتنصرهم، وتُدرك الدنيا جيدًا من خلال أعمالهم وخصِالهم وقيامهم وقعودهم وأساليب حياتهم، أنّهم حزب الله، لا حزب الشيطان، وأنّهم ليسوا من أعداء الله.

كما نتضرَّعُ إليك ربنا، ونبتهل على الفريق الكاذب المفتري منّا غضبك وقهرَك في حدود سنة واحدة، وتكتب لهم الخزيَ والذلة والهوان.. وتأخذهم بعذابٍ أليم.. وتسحقهم بعقابٍ شديد..وتُنزٍل عليهم المصائب تلوَ المصائب.. وتُسلِّط عليهم الآفات تلوَ الآفات، إلى أن يظهر للعالَم جليًّا بأنّه لا دخلَ لعداوة الإنسان وبغضه في نزول هذه الكوارث، وإنّما يد قدرة الله وغيرته وسخطه هي التي وراء كل هذه العجائب. نعم عَاقِبْ فريقَ الكاذبين عقابًا لا يدع مجالاً للخداع أو المكر من أيٍّ من الفريقين المشتركين في المباهلة، حتى يظهر بجلاءٍ ووضوح أنَّ هذا العذاب هو من غضبك وسخطك أنت، الذي جاء ليميّز بين الصادق والكاذب، ويُفرِّق بين الحق والباطل، ذلك لكيلا يبقى الأمر مشتبهًا به على كل قلبٍ أودعه الله نِعمةَ التقوى، وعلى كل عينٍ تبحث عن الحق بخلوص النية، وليظهر لأهل البصيرة عيانًا مَنْ الصادق الذي هو مع الحق والحق معه، ولتستبين سبيل المجرمين. آمين يا رب العالمين». (1)

هذه اقتباسات من دعوة المباهلة التي وجهها إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا طاهر أحمد، أيّده الله بنصره العزيز، الخليفة الرابع لسيدنا الامام المهدي والمسيح الموعود .. إلى أئمة المكفِّرين والمضطهدين للجماعة في العالم، في ١٠/٦/١٩٨٨ في خطبة الجمعة.

بعض نتائج المباهلة

ونتيجةً لابتهال حضرته ومن ورائه جماعة الإمام المهدي .. ليُصدرَ الله حُكمَه في هذه القضية، ويميز بين الصادقين والكاذبين، ولتستبين سبيل المجرمين.. ظهرت أول آية من السماء.. حين ظهر الشيخ أسلم قريشي فجأةً على الشاشة الباكستانية في صحبة أكبر ضابط للشرطة في إقليم بنجاب في ١٠ يوليو ١٩٨٨.

نعم، ظهر ذلك الشيخ الذي اتهم المشائخ الباكستانيون إمامَ الجماعة الإسلامية الأحمدية باختطافه وقتله، وطالبوا الدكتاتور الباكستاني ضياء الحق بإلقاء القبض عليه. فخطّط هذا الشقيّ بإلقاء القبض على حضرته، ولكن الله الحفيظ نجّاه.. حيث هاجر إلى الخارج بعونه ، وأعلن هذا الشيخ على الشاشة أنّه لم يختطفه أحد، وإنّما هرب من البيت بسبب ضائقة مالية وجو ديني غير ملائم، وذهب إلى إيران، وخدم الجيش الإيراني لخمسة أعوام.

وهكذا أهانَ الله القادر المنتقم بإظهار آية قهره هؤلاء المشائخ الذين اشتروا بآيات الله ثمنًا قليلاً حيث كانوا يقولون في الملأ، إنَّ المرزا طاهر أحمد هو الذي اختطف وقتل شيخهم، ولو لم يثبت ذلك فَلتقتلهم الحكومة بالرصاص في الأسواق.

إنفجار الطائرة

ثم بعد أسابيع قلائل أخزى الله أعداء الجماعة بآيةٍ أخرى، حيث نزلت صاعقة عذابه على إمام المكفِّرين والمضطهدين للأحمديين في باكستان وهو الجنرال الدكتاتور ضياء الحق حيث حطّم الله وأحرق طائرته في ١٧/٨/١٩٨٨. هذا الدكتاتور الذي كان يُضيّق العيش على أفراد الجماعة في باكستان إذ منعهم من النطق بشهادة دينهم الإسلام: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أو رفع الآذان، أو تسمية أنفسهم مسلمين، أو تسمية مساجدهم مساجد، أو حيازة أو قراءة أو كتابة آية من القرآن الكريم، كما أعطى هذا الشقي المشائخ المتعصبين وأتباعهم الرعاع كل حرية لسلب ممتلكات المسلمين الأحمديبن، وإحراق بيوتهم وقتلهم بدون خوف من أحد.

لقد قام إمامنا بتوجيه دعوة للمباهلة إليه خاصة بل قال إنه ممن توجّه إليه الدعوة، وبعد ذلك أنذره من عقاب الله في خطبة الجمعة ليوم ٢٠/٧/٨٨ و ٥/٨/٨٨.. بأن يرتدع عن اضطهاد الأبرياء وإلا يُعتبر استمراره في اضطهاد المسلمين الأحمديين في باكستان قبولاً عمليًا لدعوة المباهلة. وعندما لم يرتدع هذا الدكتاتور أعلن حضرته في خطبة الجمعة يوم ١٢/٨/٨٨ بأنَّ هذا الشخص باستمراره وإصراره على اضطهاد المسلمين الأحمديين الأبرياء قد قبل دعوتي للمباهلة عمليًا. فلم يبقَ هناك حاجة لقبوله لها باللسان.. وأنَّ الله قد بشَّرني البارحة بأنّه سوف يهلكه ويُقطّعه إربًا.

ولم تمضِ خمسة أيام فقط حتى أخذ الله هذا الفرعون بعذابه.. فأهلكه وأحرقه هو وجنوده من اليهود الأمريكان. وفجّر طائرتهم في ١٧/٨/١٩٨٨.

وذكرت صحيفةٌ انجليزية بلندن (FINANCIAL TIMES):

«لم يكن في التابوت الذي دفنوه في إسلام آباد إلا بعض أسنانه “المحترقة». (٢)

  فما أعظمَ قدرتَك، وما أشدَّ بطشك يا رب.. فبقبضتك القوية نصرت ونجّيت عبادك المظلومين المقهورين.. وبقدرتك العظيمة أنزلتَ قولك الفيصل في هذه القضية.. وميَّزت بين الصادقين والكاذبين. فلك الحمد أولاً وآخرًا، يا رب العالمين.

ومع ذلك يقول هذا المجهول أنَّ ضياء الحق لم يقبل دعوة المباهلة ومات ميتةً عادية!!

وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (سورة القمر)، صدق الله العظيم.

  أما المشائخ فمعظمهم فرُّوا من قبول دعوة المباهلة، واشترطوا شروطًا غير منطقية ومع ذلك فقد رأيتَ ما لاقاهم من الهوان عند ظهور شيخهم “أسلم قريشي”. كما نذكر خاصةً ما أحاط أحدهم من خزي وذلة وهو الشيخ منظور التشنيوتي. لقد لقي بعد قبول المباهلة من الهوان ما يكفي لإغلاق فم كل متعنّد. ولكن إذا لم تستحِ فاصنَعْ ما شئتَ.

وها نقدِّم للقارئ، وليس لك أيها المعترض الشقي، ما نشرته جريدة “إمروز” الباكستانية من قرارٍ أصدره سكان بلدة الشيخ “تشنيوت” بعد أن رأوا نشاطاته المخزية. قالوا في هذا القرار:

  “يجب أن تعلن الحكومة أنّ المولوي التشنيوتي شخصية غير مرغوب فيها”. (٣)

  كما أنه أُصيب بعد ذلك في حادث سيارة إصابات جعلته طريح الفِراش وحرمته من قوة السماع.

قرض الشعر

المعترض مندفع للهجوم العشوائي على مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، مما أفقده الصواب فلا يدري ماذا يقول من هذيان وهُراء. يقول إن مؤسس الأحمدية كان مولعًا بقرض الشعر، مع أنَّ الشعر لا يليقُ بالأنبياء، فالله تعالى قال عن رسوله الكريم:

وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ (سورة يس)

  الواقع أنَّ اعتراضه هذا خيانةٌ كريهة في حقِّ القرآن وحقِّ الرسول . فكلُّ قارئٍ للقرآن يعرف أنَّ قوله تعالى

وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ * لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ،

إنّما جاء ردًّا على اعتراض الكفار على الرسول بأنّه ينظم الكلام المزخرف كالشعراء، ويتلاعب بالكلمات لخداع الناس. فردَّ الله تعالى عليهم بأنَّ رسوله أسمى من التلاعب والافتراء، وأنَّ كتابه أرفع من أن يفتريه أحد. فمن نظر في كلمات القرآن وحُسنِ ترتيبه وسمُّوِ معانيه وتأثيره القُدسيّ يُدرك أنَّ القرآن ليس مجموعة أشعار ولا كلام شاعر، بل هو ذكرٌ عظيم وكتابٌ مُبين. يُجلِّي صدق تعاليمه بالأدلة والبراهين، ذلك لكي يُنبِّه كل من يُعتبر من الأحياء الروحانيين ويتم أمر الله في المنكرين له.

إِقرَأ كل سورة يس فلن تجد في أيِّ مكانٍ فيها أيُّ ذكر بانَّ قرضَ الشعر حرامٌ على نبيِّنا أو أحد أتباعه، أو على أنَّ الشعر شيءٌ بغيضٌ وقبيح، أو أنّه لايليق بالأنبياء. لو كان الأمر كذلك فلماذا أمر النبيُّ الصحابي حسّان ابن ثابت بقرضِ الشعر قائلاً: اهْجُ قريشًا فإنَّ روح القُدس معك. فدافع حسَّان عن عِرض الرسول بالشعر كما دافع الأبطال من الصحابة بسيوفهم عن المصطفى . حتى اشتُهِر حسَّان بلقب شاعر الرسول . وهو القائل لكفار قريش:

وإنَّ أبي ووالده وعِرضي

لعِرضِ محمدٍ منكم وِقاءُ

كذلك عندما قدِم النبي إلى المدينة مُهاجرًا من مكة واستقبله الأنصار غنَّت بنات المدينة الصغيرات أغانٍ شعبية، ومنها قولهُنَّ الشهير المعروف:

طلعُ البدرُ علينا من ثنيَّاتِ الوداعِ

وجَبَ الشُكرُ علينا، ما دَعَا للهِ دَاعِ

ثم إنَّ المسلمين أنشدوا أبياتًا من الشعر عند حفرهم الخندق حول المدينة قبل غزوة الأحزاب، ومنها:

نحن الذين بايعوا محمدًا

على الجهاد ما بقينا أبدا

.

ووالله لولا اللهُ ما اهتدينا

ولا تَصَدَّقنا ولا صلَّينا

.

فأَنزلَنْ سكينةً علينا

وثبِّت الأقدام إن لاقينا

.

إنَّ الأُولَى قد بغوا علينا

إذا أرادوا فتنةً أبينا (4)

وعندما سمعهم النبي يغنُّونها سُرَّ جدًا، بل واشترك أحيانًا في غنائِهم ليرفع من هِمَمِهم ويُزيلَ التعب الذي أصابهم لعمليات الحفر الطويلة المستمرة ليلَ نهار. لو كان الشعر مُعيبًا لما قاله النبيُّ أبدًا. فَيُروى أنّه في عمليات الحفر هذه أصيبت إحدى الأصابع المباركة للنبي فقال:

إنْ أنتِ إلّا إِصبعٌ دَمِيتِ   وفي سبيلِ اللهِ ما لقيتِ (5)

كما يروى أنّه لم يبقَ مع رسول الله في ساحة القتال يوم حُنين إلّا بضعةٌ من أصحابه، قال مُبارزًا الكفار:

أنا النبيُّ لا كَذِبْ

أنا ابنُ عبدِ المطَّلِبْ (6)

  ثم لو كان الشعر في حدِّ ذاته مُعيبًا لما قال النبي قولته الشهيرة: إنَّ من الشعر لحكمةً وإنَّ من البيان لسحرًا.

فلاشكَّ أنَّ المعترض الشقي لم يهاجم مؤسس الأحمدية وإنّما هاجم النبي الذي لم يسمح بقرض الشعر فحسب، بل أحبّه، وأمر الناس بقرضه، وقال الشعر بنفسه. كما أنَّ المعترض هاجم آلاف الشعراء المسلمين من الخلفاء الراشدين والصحابة وأهل بيت النبي وغيرهم من صلحاء الأمة مثل حسّان وسيدنا علي والسيدة الزهراء والسيدة الخنساء وصاحب قصيدة “البُردة” الشهيرة والإمام الشافعي وغيرهم. ونعوذ بالله من الحقد وقد خالطه الجهل!

هذا فيما يتعلَّق بالنبي وأمته. وقد اشتهر قبلهم من الأنبياء سيدنا داوود وسُليمان عليهما السلام، وما أدلَّ على ذلك من وجود كتابين كاملين في التوراة باسم: مزامير داوود ونشيد الإنشاد.

فما دام الشعر ثابتًا من سُنن الأنبياء وعلى رأسهم سيدهم وسيدنا ومولانا محمد المصطفى ، وثابتًا من سيرة كبار صلحاء الأمة، فتبيَّن أنَّ المعترض قد أعماه التعصُّب، فلا يدري أنَّ سهام اعتراضه موجّهةٌ إلى عباد الله الصالحين.

الحق انّ الشعر محبوب ما دام حقًا، وغرضه ساميًا، ولكنه معيب إذا كان باطلاً وقصده شرًّا.

ندعو القارئ المنصف إلى قراءة الأبيات التالية لمؤسِّس الجماعة في مدح الرسول وصحابته، ليحكم بنفسه في الأمر ويتخذ ما شاء من قرار.

(أ)

عِلمي من الرحمان ذي الآلاءِ

بالله حُزْتُ الفضلَ لا بِدَهَاءِ

الله مولانا وكـافلُ أمـرنا

في هذه الدنـيا وبعـد فناءِ

أعطى فما بقيتْ أمـاني بعدهُ

غمَرتْ أيادي الفيض وجهَ رجائي

الدمع يجري كالسيول صبابةً

والقلب يُشوَى من خيال لقاءِ

وأرى الوداد أنارَ باطنَ باطني

وأرى التعشق لاحَ في سِيمائي

الخَلقُ يبغُون اللذاذةَ في الهوى

ووجدتُها في حُرقـةٍ وصَلاءِ

واللهِ نحن المسلمون بفضلـهِ

لكن نزا جهلٌ على العلماءِ

نـختار آثـار النَّبـيِّ وأَمْرَهُ

نقفو كتابَ الله لا الآراءِ

آمنتُ بالقرآن صُحفِ إِلهنا

وبكل ما أخبـرتْ من أنباءِ

أنت الذي هو عينُ كلّ سعادةٍ

تَهوي إليك قلوب أهل صفاءِ

إني أرى في وجهك المتهللِ

شأنًا يفوق شؤونَ وجهِ ذُكاءِ

شَمْسُ الهُدى طلعتْ لنا من مكّةٍ

عين الهدى نبَعتْ لنا بحِـراءِ

نَسْعى كَفِتْـيانٍ بدينِ مُحَمَّدٍ

لَسْنَا كرجُلٍ فاقِـدِ الأعضاءِ (7)

(ب)

إِنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُم كَذُكَاءِ

قَدْ نَوَّرُوا وَجْهَ الوَرَى بِضِيَاءِ

تَرَكُوا أَقَارِبَهُمْ وَحُبَّ عِـيَالِهِمْ

جَـاءوا رَسُـولَ اللّهِ كَالفُقَرَاءِ

ذُبِحُوا وَمَا خَافُوا الوَرَى مِنْ صِدْقِهِمْ

بَلْ آثَرُوا الرَّحْمَانَ عِنْدَ بَـلاءِ

تَحْتَ السُّـيُوفِ تَشَهَّدُوا لِخُلُوصِهِم

شَهِـدوا بِصِـدْقِ القَلْبِ في الأمْلاءِ

الصَّـالِـحُونَ الـخَاشِعُـونَ لِرَبِّهِم

البـَايِتـُونَ بِذِكْرِهِ وبُكَاءِ (8)

(الذُكاء: الشمس)

(ج)

يـا عينَ فيضِ الله والعـرفانِ

يَسعَى إليكَ الخَلقُ كالظَّمآنِ

يا شمسَ مُلكِ الحـسن والإحسانِ

نـوَّرتَ وجهَ البَرِّ والعُمْرانِ

قومٌ رأَوك وأمّـةٌ قـد أُخبـرتْ

مِن ذلك البدرِ الذي أصباني

يـبكُون من ذِكر الجمال صبابةً

وتألّمًا من لوعـة الهِـجرانِ

وأَرى القلوبَ لدى الحناجرِ كُربةً

وأَرى الغُروبَ تُسيلها العينانِ

قـد آثروك وفارَقوا أحـبابَهم

وتباعَدوا من حلقـةِ الإخوانِ

قد ودَّعوا أهواءَهم ونفوسَهـم

وتبرَّأوا من كلِّ نَشْبٍ فـانِ

ظـهَرتْ عليهم بيِّناتُ رسولهم

فتَمزّقَ الأهواءُ كالأوثــانِ

نهَب اللِّـئامُ نشوبَهم وعَقارَهم

فتهلَّلوا بجواهرِ الفرقانِ

جاءوك منـهوبين كالـعـريانِ

فستَرتَـهم بِمَلاحِف الإيمانِ

أحييتَ أمواتَ القرون بـجَلوةٍ

ماذا يماثلك بـهـذا الشّأنِ

لا شكّ أنّ محمّدًا خيرُ الـوَرى

رَيْـقُ الكرامِ ونخبةُ الأعيـانِ

تـمّتْ عليه صفاتُ كلِّ مَـزِيّةٍ

خُـتِمتْ به نَعْماءُ كلِّ زمانِ

واللهِ، إن محـمـدًا كـرَدافـةٍ

وبهِ الوصولُ بِسُدّة السّلطانِ

هـو جَنّـةٌ إني أرى أثمـارَهُ

وقُطوفَه قد ذُلِّلتْ لِـجَـناني

إني لقد أُحيِيتُ مِـن إحـيائه

واهًا لإعجازٍ، فما أَحْـياني!

يا رَبِّ صَلِّ على نبـيّك دائـمًا

في هذه الـدنيا وبعثٍ ثـانِ

يا سيِّدي قد جئتُ بابَك لاهِفًا

والقومُ بالإِكفـارِ قد آذاني

يَفرِي سهامُك قلبَ كلِّ محاربٍ

ويشُـجُّ عَزْمُكَ هامةَ الثّعبانِ

للهِ دَرُّك يا إمـامَ العـالَـمِ!

أنت السَّبوقُ وسيّدُ الشّجعانِ

اُنظُرْ إليَّ برحمـةٍ وتحــنُّـنٍ

يا سيّدي أنا أحقَـرُ الغلمانِ

يا حِبِّ إنك قد دخَلتَ محبّـةً

في مُهْجَتي ومَدارِكي وجَناني

مِن ذِكرِ وجهِك يا حديقةَ بَهجتي

لَمْ أَخْلُ في لحـظٍ ولا في آنِ

جسمي يطيرُ إليك مِن شوقٍ عَلا

يا ليتَ كانت قوّةُ الطَّـيَرانِ (9)

الهوامش

  1. مجلة “التقوى”، عدد يونيو 1988.
  2. (FINANCIAL TIMES 22/8/1988. LONDON)
  3. جريدة “إمروز” (اليوم)الأردية. 7/7/1989.
  4. البخاري، كتاب الجهاد والسير.
  5. المرجع السابق
  6. البخاري، كتاب المغازي.
  7. أنجام آثم (مصير آثم).الخزائن الروحانية ج11 ص266 إلى 281.
  8. سرّ الخلافة، الخزائن الروحانية
  9. مرآة كمالات الإسلام، ص590 إلى 594
Share via
تابعونا على الفايس بوك