مسألة فقهية

مسألة فقهية

كتب أحد الإخوة إلى دار الإفتاء بالجماعة يسأل: ما إذا كانت البسملة

تقرأ في الصلاة جهرًا أم سرًا. ونقدم لفائدة القراء الكرام الفتوى

الصادرة عن دار الإفتاء في هذه المسألة. (التحرير)

 

لقد اختلف أئمة الفقهاء في هذه المسألة، وقد كتب العلامة ابن رشد فيها مايلي:

“اختلفوا في قراءة “بسم الله الرحمان الرحيم” في افتتاح القراءة في الصلاة فمنع ذلك مالكٌ في الصلاة المكتوبة جهرًا كانت أو سرًّا، لا في استفتاح أُمِّ القرآن ولا في غيرها من السور. وأجاز ذلك في النافلة.

وقال أبو حنيفة والثوري: يقرأها مع أم القرآن في كل ركعة سرًا.

وقال الشافعي: يقرأها، ولا بد في الجهر جهرًا وفي السر سرًّا. وهي عنده آية من فاتحة الكتاب. وبه قال أحمد وأبو ثور وأبو عبيد…

وسبب الخلاف في هذا آيل (أي راجع) إلى شيئين؛ أحدهما اختلاف الآثار في هذا الباب، والثاني اختلافهم: هل “بسم الله الرحمان الرحيم” آية من فاتحة الكتاب أم لا.

فأما الآثار التي احتج بها من أسقط ذلك فمنها حديث ابن مغفَّل قال: سمعني أبي وأنا أقرأ “بسم الله الرحمان الرحيم”، فقال: يا بُني، إياك والحدثَ، فإني صليتُ مع رسول الله وأبى بكر وعمر، فلم أسمع رجلاً منهم يقرأها”. (قال أبو عمر بن عبد البر: ابن مغفل رجل مجهول)

ومنها ما رواه مالك من حديث أنس أنه قال: قُمت وراء أبى بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فكلهم كان لا يقرأ “بسم الله” إذا افتتحوا الصلاة.

قال أبو عمر: وفي بعض الروايات أنه قام خلف النبي ، فكان لا يقرأ “بسم الله الرحمان الرحيم”. قال أبو عمر: إلا أن أهل الحديث قالوا في حديث أنس هذا: إن النقل فيه مُضطرب اضطرابًا لا تقوم به حجة؛ وذلك أنه مرةً روى عنه مرفوعًا إلى النبي ومرة لم يرفع. ومنهم من يذكر عثمان، ومنهم من لا يذكره، ومنهم من يقول: فكانوا لا يقرأون “بسم الله الرحمان الرحيم”، ومنهم من يقول: فكانوا لا يقرأون “بسم الله الرحمان الرحيم”.

وأما الأحاديث المعارضة لهذا فمنها حديث نعيم بن عبد الله المجمر قال: صليتُ خلف أبي هريرة، فقرأ “بسم الله الرحمان الرحيم” قبل أم القرآن وقبل السورة، وكبَّر في الخفضِ والرفعِ، وقال: أنا أشْبَهُكم بصلاة رسول الله .

ومنها حديث ابن عباس: أن النبي كان يجهر بـــ”بسم الله الرحمان الرحيم”.

ومنها حديث أم سلمة أنها قالت: كان رسول الله يقرأ: “بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين”.

فاختلاف هذه الآثار أوجب اختلافهم في قراءة “بسم الله الرحمان الرحيم” في الصلاة.

والسبب الثاني. كما قلنا، هو هل “بسم الله الرحمان الرحيم” آية مِن أم الكتاب وحدها أو من كل سورة، أم ليست آية لا من أم الكتاب ولا من كل سورة. فمن رأى أنَّها آية من أم الكتاب أوجَب قراءتها بوجوب قراءة أم الكتاب عنده في الصلاة، ومن رأى أنها آية من أول كل سورة وجب عنده أن يقرأها مع السورة..” (بداية المجتهد، كتاب الصلاة).

أما موقف الجماعة الإسلامية الأحمدية فهو كالآتي:

“إن “بسم الله الرحمان الرحيم” جزء من سورة الفاتحة وغيرها من السور. وكما تبين هذه الروايات، فقراءتها (أي البسملة) في الصلاة جائز سرًّا وجهرًا. فقد جاء في كتاب الفقه الأحمدي (العبادات):

“إن قراءة البسملة جهرًا في الصلاة مع الفاتحة أو غيرها من السور جائز ولكن ليس ضروريا. فلم يكن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ولا خليفته الثاني يقرأها في الصلاة جهرًا. لذا ليس صحيحا الظن أن الصلاة بدون الجهر بالبسملة ناقصة. هناك أحاديث واضحة في البخاري والترمذي تذكر أن النبي وأصحابه رضوان الله عليهم لم يكونوا يجهرون بها في الصلاة في آخر أمرهم” (الفقه الأحمدي، قسم العبادات ص150)

وقال سيدنا نور الدين الخليفة الأول لسيدنا المهدي :

“يجوز قراءة البسملة في الصلاة جهرًا وسرًّا…. وسيدنا المهدي والمسيح لم يكن يجهر بها في الصلاة. ويوجد بين صحابة الرسول من جهر بها ومن لم يجهر بها. وأنا أنصحكم أن لا تختصموا أحدًا سواء قرأها سرًّا أو جهرًا”. (المرجع السابق ص 151).
Share via
تابعونا على الفايس بوك