مباهلة الإمام المهدي والمسيح الموعود مع القسيس الأمريكي دوئي..

مباهلة الإمام المهدي والمسيح الموعود مع القسيس الأمريكي دوئي..

بكلمات حضرة المهدي

“اعلموا رحمكم الله.. أن من نموذج نصرته تعالى، ومن شهاداته على صدقي، آيةً أظهرها الله تعالى لتأييدي، بإهلاك رجل اسمه دوئي. وتفصيل هذه الآية الجليلة، والمعجزة العظيمة، أن رجلاً مسمى بدوئي كان في أمريكا من النصارى المــُتَمَوِّلِين، والقسيسين المتكبرين. وكان معه زهاء مائة ألف من المريدين، وكانوا يُعطونه كالعباد والإماء على منهج اليسوعيين. وكان كثير الشهرة في قومه وغير قومه، حتى طبّق الآفاق ذكره، وسخَّر فوجًا من النصارى سِحرُه. وكان يدَّعي الرسالة والنبوة.. مع إقرار ألوهية ابن مريم، ويسب ويشتم رسولنا الأكرم. وكان يدَّعي مقامات فائقة ومراتب عالية، ويحسب نفسه من كل نفس أشرف وأعظم.

وكان يزيد يومًا فيومًا في المال والشهرة والتابعين، وكان يعيش كالملوك بعدما كان كالشحاذين. فالناظر من المسلمين في ترقياته مع افترائه وتقوّله.. إن كان ضعيفًا ضلَّ وحار، وإن كان عريفًا لم يأمن العثار، وذلك أنه كان عدو الإسلام، وكان يسب نبينا خير الأنام. ثم مع ذلك صعد في الشهرة والتموُّل إلى أعلى المقام. وكان يقول إني سأقتل كل من كان من المسلمين، ولا أترك نفسًا من الموّحدين المؤمنين. وكان من الذين يقولون ما لا يفعلون، وعلا في الأرض كفرعون ونسي المنون. وكان يجعل النهار لنهب أموال الناس، والليل للكاس. واجتمع إليه جهّال اليسوعيين، وسفهاء المسيحيين. فما زالوا يتعاطون أقداح الضلالة، ويصدقون من جهلهم دعوى الرسالة. وكان هو عبد الدنيا.. لا كحُرّ، وكصدفٍ بلا دُرّ. ومع ذلك كان شيطان زمانه، وقرين شيطانه؛ ولكن الله مهّله إلى وقت دعوته للمباهلة، ودعوت عليه في حضرة العزة.

وكنت أجد فيه ريح الشيطان، ورأيت أنه صريعُ الطاغوت وعدو عباد الرحمان، نجَّس الأرض ونجس أنفاس أهلها.. من أنواع خباثة الهذيان، وما رأيت كمثله عمِّيتًا ولا عفريتًا في هذا الزمان. كان مجنون التثليث، عدو التوحيد، ومصرًّا على الدين الخبيث. وكان ينظر مضرَّاته كحسنةٍ، ومعرّاته كأسباب راحةٍ. واجتمع الجهال عليه من الأمراء وأهل الثروة، ونصروه بمالٍ لا يوجد إلا في خزائن الملوك وأرباب السلطنة. وكان يساق إليه قناطير الدولة، حتى قيل إنه ملك.. يعيش كالملوك بالشَّان والشوكة. ولما بلغت دولته منهاها، تبع نفسه الأمارة وما زكّاها. وادعى الرسالة والنبوة من إغواء الشيطان، وما تحامى عن الافتراء والكذب والبهتان. وظن أنه أمر لا يُسأل عنه، ويُزجِّي حياته في التنعُّم والرفاهة، ويزيد في العظمة والنباهة. بل سلك معه طريق الكِبر والنَّخوة، وما خاف عذاب حضرة العزة.

ولا شك أن المفتري يؤخذ في مآل أمره.. ويُمنع من الصعود، وتفترسه غيرة الله كالأسود، ويرى يوم الهلاك والدمار الموعود.. في كتاب الله العزيز الودود. إن الذين يفترون على الله ويتقولون، لا يعيشون إلا قليلاً ثم يؤخذون، وتتبعهم لعنة الله في هذه وفي الآخرة، ويذوقون الهوان والخزي ولا يُكرمون. ألم يبلغك ما كان مآل المفترين في الأولين، وأن الله لا يخاف عُقبى المتقوِّلين، ويهُزُّ لهم حُسامه فيجعلهم من الممزقين.

ولما اقترب يوم هلاكه دعوتُه للمباهلة، وكتبتُ إليه أن دعواك باطل.. ولستَ إلا كذَّابًا مفتريًا.. لجيفة الدنيا الدنية؛ وليس عيسى إلا نبيًا، ولستَ إلا متقوِّلاً.. ومن العامة والفرق الضالة المضلَّة. فاخشَ الذي يرى كذبك، وإني أدعوك إلى الإسلام والدين الحق والتوبة.. إلى الله ذي الجبروت والعزة. فإن تولَّيت وأعرضت عن هذه الدعوة.. فتعال نباهل ونجعل لعنة الله على الذي ترك الحق، وادعى الرسالة والنبوة على طريق الفِرية؛ وأن الله يفتح بيني وبينك، ويُهلكَ الكاذب في زمن حياة الصادق.. ليعلمَ الناس مَن صدَق ومن كَذَبَ، ولينقطعَ النزاع بعد هذه الفيصلة.

ووالله إني أنا المسيح الموعود.. الذي وُعد مجيئُه في آخر الزمن، وأيام شيوع الضلالة. وإن عيسى قد مات، وإن مذهبَ التثليث باطل، وإنك تفتري على الله في دعوى النبوة. والنبوة قد انقطعت بعد نبينا ، ولا كتاب بعد الفرقان الذي هو خير الصحف السابقة، ولا شريعة بعد الشريعة المحمدية. بَيْدَ أني سُمّيتُ نبيًا على لسان خير البرية، وذلك أمرٌ ظِلِّيٌّ من بركات المتابعة؛ وما أرى في نفس خيرًا.. ووجدتُ كل ما وجدتُ من هذه النفس المقدسة. وما عَنَى اللهُ من نُبُوَّتي إلا كثرة المكالمة والمخاطبة. ولعنةُ الله على من أراد فوق ذلك شيئًا، وأخرج عنقَه من الرِّبقة النبوية. وإن رسولنا خاتَم النبيين، عليه انقطعت سلسلةُ المرسلين؛ فليس حقُّ أحدٍ أن يدَّعي النبوة.. بعد رسولنا المصطفى.. على الطريقة المستقلة. وما بقي بعده إلا كثرة المكالمة.. وهو بشرط الاتباع.. لا بغير متابعة خير البرية. ووالله ما حصل لي هذا المقامُ إلا من أنوار اتِّباع الأشعة المصطفوية؛ وسُمِّيتُ نبيًا من الله على طريق المجاز.. لا على وجه الحقيقة. فلا تُهيِّج ههنا غيرةَ الله ولا غيرة رسوله.. فإني أُرَبَّى تحت جناح النبي، وقدمي هذه تحت الأقدام النبوية. ثم ما قلتُ من نفسي شيئًا، بل اتبعتُ ما أُوحيَ إليَّ من ربي، وما أخاف بعد ذلك تهديدَ الخليفة. وكل أحدٍ يُسأل عن عمله يوم القيامة، ولا يخفى على الله خافية.

وقلتُ لذلك المفتري: إن كنتَ لا تباهل بعد هذه الدعوة، ومع ذلك لا تتوب مما تفتري على الله بادعاء النبوة.. فلا تحسب أنك تنجو بهذه الحيلة، بل الله يُهلكك بعذاب شديد مع الذِّلة الشديدة، ويخزيك ويذيقك جزاء الفرية. وكان يراقب موتي وأراقب موته، وكنت أتوكل على الله ناصر الحق وحامي هذه المِلَّة. ثم أشعت ما كتبت إليه في ممالك أمريكا إشاعة تامة كاملة، حتى أشيع ما كتبت إليه في أكثر جرائد أمريكة، وأظن أن ألوفًا من الجرائد أشاعت هذا التبليغ، وبلغت الإشاعة إلى عدة ما أستطيع أن أُحصيها، وليس في القرطاس سعة أن أمليها. وأما ما أرسل إليَّ من جرائد أمريكا.. التي فيها ذكر دعوتي وذكر المباهلة، وذكر دعائي على دوئي لطلب الفيصلة، فرأيت أن أكتب في الحاشية أسماء بعضها، ليعلم الناس أن هذا الأمر ما كان مكتومًا مخفيًا، بل أُشيعَ في مشارق الأرض ومغاربها، وفي أقطار الدنيا وأعطافها كلها.. شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا. وكان سبب هذه الإشاعة أن دوئي كان كالملوك العظام في الشهرة، وما كان رجل في أمريكا ولا في يورُب (أوروبا) من الأكابر والأصاغر إلا كان يعرفه بالمعرفة التامة. وكان له عظمة ونباهة كالسلاطين في أعين أهل تلك البلاد. ومع ذلك كان كثير السياحة يصطاد الناس بوعظه كالصياد، فلذلك ما أبى أحد من أهل الجرائد أن يطبع ما أرسل إليه في أمره من مسألة المباهلة، بل ساقهم حرص رؤية مآل المصارعة إلى الطبع والإشاعة.

والجرائد التي طُبعت فيها مسألة مباهلتي ودعائي على دوئي هي كثيرة من جرائد أمريكا، ولكنا نذكر على طريق النموذج شيئًا منها في حاشيتنا هذه”.

(ذكر حضرته ثلاثًا وثلاثين من الجرائد مع موجز لما نشر، نقتبس بعضها فيما يلي:

1.جريدة (شيكاغو إنتربرتر) Chicago Interpreter نشرت في عدد يوم 8/6/1903 ما ترجمته: إن الميرزا غلام أحمد رجل من البنجاب، وهو يدعو دوئي للمباهلة، أيظن أنه يخرج في هذا الميدان. وإن الميرزا يكتب: إن دوئي مفتري كذاب في دعوى النبوة، وإني أدعو الله أن يهلكه ويستأصله كل استئصال. ويقول: إني على الحق، وإن دوئي على الباطل. فالله يحكم بيننا بأنه يُهلك الكاذب ويستأصله في حين حياة الصادق. وإن الميرزا غلام أحمد يقول: إني أنا المسيح الموعود، وإن الحق في الإسلام.

2.جريدة (تلغراف) Telegraph في عدد 5/ 7/ 1903م نشرت كما سبق.

3.جريدة (ليتيراري دايجست) Literary Digest New York نشرت في عدد يوم 30/6/1903 تفصيل دعوة المباهلة، مع طبع عكس صورة حضرة المهدي والمسيح الموعود وعكس صورة دوئي، والباقي كما سبق.

4.جريدة (نيويورك ميل آند إكسبرس) New York Mail and Express في عددها يوم 28/6/1903م ذكرت المباهلة، ودعاء حضرة المهدي والمسيح الموعود على دوئي، وذكرت أن الفيصل في الأمر هو هلاك الكاذب في حياة الصادق. والباقي كما سبق.

5.جريدة (هيرالد ريجستر) Herald Register في عددها الصادر يوم 25/6/1903م نشرت ذكر أن دوئي دعا للمباهلة ثم فصلت كما سبق.

6.جريدة (ريكورد بوسطن) Record Boston في عدد 26/6/1903م نشرت ما هو مطابق لما سبق.

7.جريدة (بفالو تايمز) Buffalo Times نشرت في يوم 15/6/1903م ذكر دعاء المباهلة.

8.جريدة (يونيون كرونيكل) Chronicle  Union نشرت في عدد يوم 17/7/1903م ذكر دعاء المباهلة.

9.جريدة (ريتشموند نيوز) Richmond News نشرت يوم أول يوليو عام 1903م ذكر دعاء المباهلة.

10.جريدة (جلاسجو هيرالد) Glasgow Herald نشرت في عددها الصادر يوم 26/10/1903م ذكر دعاء المباهلة.)

“وخلاصة الكلام إن دوئي كان شر الناس، وملعون القلب ومثيل الخناس. وكان عدو الإسلام.. بل أخبث الأعداء، وكان يريد أن يُجيح الإسلام حتى لا يبقى اسمه تحت السماء. وقد دعا مرارًا في جريدته الملعونة على أهل الإسلام والملة الحنيفة، وقال: اللهم أهلك المسلمين كلهم، ولا تُبق منهم فردًا في إقليم من الأقاليم، وأرني زوالهم واستيصالهم، وأشع في الأرض كلها مذهب التثليث وعقيدة الأقانيم. وقال: أرجو أن أرى موت المسلمين كلهم وقلع دين الإسلام. وهذا أعظم مراداتي في حياتي، وليس لي مراد فوق هذا المرام.

وكل هذه الكلمات موجودة في جرائده التي موجودة عندنا في اللسان الإنجليزية، ويعلمها من قرأها من غير الشك والشبهة. فكفاك أيها الناظر.. لتخمين خبث هذا المفتري هذه الكلماتُ، ولذلك سمَّاه النبي خنزيرًا بما ساءت هذا الخبيثَ الطيباتُ، وسرّته نجاسةُ الشرك والمفتريات. وقد عرف الناظرون في كلامه توهين الإسلام فوق كل توهين، وشهد الشاهدون على ملعونيته فوق كل لعين؛ حتى إنه صار مثلاً بين الناس في الشتم والسب، وما كان منتهيًا من المنع والذب. وإذا باهلتُه ودعوته للمباهلة، ليُظهر بموت الكاذب صدقَ الصادق من حضرة العزة.. فقال قائل من أهل أمريكا، وطبع كلام في جريدته، وتكلم بلطيفة رائقة ونكتة مضحكة في أمر دوئي وسيرته، فكتب: إن دوئي لن يقبل مسألة المباهلة، إلا بعد تغيير شرائط هذه المصارعة، فيقول: لا أقبل المباهلة، ولكن ناضلوني في التشاتم والتساب، فمن فاق حريفه في كثرة السب وشدة الشتم فهو صادق.. وحريفه كاذب من غير الارتياب!!

وهذا قول صاحب جريدة كان تَقَصَّى أخلاقه، وجرب ما يخرج من لسانه وذاقه. وكذلك قال كثير من أهل الجرائد، وإنهم من أعزة أهل أمريكة ومن العمائد.

ثم مع ذلك إني جربتُ أخلاقه عند مسألة المباهلة، فإذا بلغه مكتوبي غضب غضبًا شديدًا واشتعل من النخوة، وأرى أنياب ذياب الأجَمَة، وقال: ما أرى هذا الرجل إلا كبعوضة.. بل دونها، وما دعتني البعوضة.. بل دعت منونَها. وشاع هذا القول في جريدته، وكفاك هذا لرؤية كِبرِه ونخوته. فهذا الكبر هو الذي حثني على الدعاء والابتهال، متوكلاً على الله ذي العزة والجلال.

وكان هذا الرجل صاحب الدولة العظيمة. قبل أن أدعوه إلى المباهلة، وكنت دعوت عليه ليُهلكه الله بالذلة والمتربة والحسرة. وإنه كان قبل دعائي ذا السطوة السلطانية والقوة والشوكة والشهرة الجليلة التي أحاطت الأرض كالدائرة. وكان صاحب الدُور المنجَّدة، والقصور المشيَّدة. وما رأى داهية في مدة عمره، ورأى كل يوم زيادة زمره.  وكان له حاصلاً ما أمكن في الدنيا من الآلاء والنعماء، وكان لا يعلم ما يوم البأساء وما ساعة الضراء. وكان يلبس الديباج ويركب الهِمُلاج (أي الدابة الحسنة السير في سرعة وسهولة). وكان يظن أنه يرزق عمرًا طويلاً غافلاً من سهم المنايا، وكان يزجِّي النهار كالمسجودين والمعبودين والمعظمين.. ويفترش الحشايا بالعشايا.

وإذا أنزل الله قدرَه ليصدِّق ما قُلت في مآل حياته.. فانقلبت أيام عيشه ومسراته، وأراه الله دائرة السوء. ولُدغ كل لَدغ من حيواته، أعني أفاعي أعماله وسيئاته. وعاد الهِملاج قَطُوفًا (أي الدابة الضيقة الخطى السيئة السير) وانقلب الديباج صوفًا، وهلم جرّا إلى أنه أُخرج من بلدته التي بناها بصَرف الخزائن، وحُرّم عليه كل ما شيد من المقاصر ببذل الدفاين. بل ما كفى الله على هذا، وأنزل عليه جميع قضائه وقدره، وحط سائر وجوه شأنه وقدره. وانتقل إلى رجل آخر كلُّ ما كان في قبضته، وجمعت غياهبَ البؤس رياحُ نخوته، حتى يئس من ثروته الأولى. وارتضع من الدهر ثدي عقيم، وركب من الفقر ظهر بهيم. ثم أخذه بعض الرثاء كالغرماء، ورأى خزيًا كثيرًا من الزوجة والأحباب والأبناء، حتى إن أباه أشاع في بعض جرائد أمريكا أنه زنيم ولد الزنا.. وليس من نطفته. وكذلك انتسفته رياحُ الأدبار والانقلاب، وكمّل له الدهر جميع أنواع الذلة.. فصار كرميم في التراب، أو كسليم غرض التباب. وصار كنكرة لا يُعرف، بعدما كان بكل وجاهة يوصف. وانتشر كل من كان معه من الأتباع، وما بقي شيء في يده من النقد والعقار والضياع. وبرز كالبائس الفقير، والذليل الحقير. غيضت حياضه، وجفّت رياضه، وخلت جِفانه، ونَحس مكانه، وطُفئ مصباحه، ورفعت صياحه. ونزعت عنه البساتين وعيونها، والخيل ومتونها، وضاق عليه سهل الأرض وحزونها، وعادته الأودية وبطونها، وسُلبت منه الخزائن التي ملك مفاتحها، ورأى حروب العدا ومضائقها. ثم بعد كل خزي وذلة فُلجَ من الرأس إلى القدم، ليرحله الفالج من الحياة الخبيث إلى العدم. وكان يُنقل من مكان إلى مكان فوق ركاب الناس، وكان إذا أراد التبرز يحتاج إلى الحقنة من أيدي الأناس. ثم لَحِقَ به الجنون.. فغلب عليه الهذيان في الكلمات، والاضطراب في الحركات والسكنات، وكان ذلك آخر المخزيات، ثم أدركه الموت بأنواع الحسرات، وكان موته في تاسع من مارس سنة 1907.. وما كانت له نوادب.. ولا من يبكي عليه بذكر الحسنات.

وأوحى إليّ ربي قبل أن أسمع خبر موته وقال: إني نَعَيتُ، إن الله مع الصادقين. ففهمت أنه أخبرني بموت عدوي وعدو ديني من المباهلين، فكنت بعد هذا الوحي الصريح من المنتظرين. وقد طُبع قبل وقوعه في جريدة (بدر) و(الحكم).. ليزيد عند ظهوره إيمان المؤمنين. فإذا جاء وعد ربنا مات دوئي فجأة، وزهق الباطل وعلا الحق، فالحمد لله رب العالمين.

ووالله لو أوتيت جبلاً من الذهب أو الدر والياقوت.. ما سرني قط كمثل ما سرني خبر موت هذا المفسد الكذاب. فهل من مُنصف ينظر إلى هذا الفتح العظيم من الوهاب؟

هذا ما نزل على العدو اللئيم.. من العذاب الأليم. وأما أنا.. فحقق الله كل مقصدي بعد المباهلة. وأرى آيات كثيرة لإتمام الحجة، وجذب إليّ فوجًا عظيمًا من النفوس البررة، وساق إليّ القناطر المقنطرة من الذهب والفضة، ورزقني فتحًا عظيمًا على كل من باهلني من المبتدعين والكفرة. وأنزل لي آيات منيرة لا أستطيع أن أحصيها، ولا أقدر أن أمليها. فاسألوا أهل أمريكا ما صنع الله بدوئي بعد دعائي، وتعالوا أريكم آيات ربي ومولائي. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.” (حقيقة الوحي، ص 685-701، الخزائن الروحانية ج 22)

ملخص ما نشرته (دايلي نيوز، بوستن، بالولايات المتحدة) في طبعة (سنداي هيرالد)، بوستن، 23 يونيو 1907.

عظيم هو مرزا غلام أحمد

أنبأ عن نهاية دوئي المخزية، والآن يتنبأ عن الطاعون والفيضان والزلزال.

في الثالث والعشرين من أغسطس عام 1902 أنبأ مرزا غلام أحمد القادياني بالهند عن هلاك ألكسندر دوئي بروز إليشع الثاني Elijah.. والذي تحقق في مارس الماضي. واليوم يأتي مرزا غلام أحمد القادياني المذكور في 23 يونيو ويقول:

“يقرب قدوم القرن الجديد. الزلزال.. ستكون بلا مثيل في التاريخ.. ستذكر الناس بأهوال يوم الحساب. في أوروبا والبلاد المسيحية سيظهر نوع من الطاعون سيكون بالغ الشدة. بمقدمي سوف ينكشف ما خفي من تدبير إلهي لنزول غضبه.. سترون أيام نوح ومشاهد أرض لوط بأعينكم.

يقول أتباعه: لقد دعا عليّ دوئي، فلم لا يكون هذا الدمار كما قال؟ لقد أخبر بالطاعون أيضًا في بنجاب وأماكن أخرى. وعظيم هو اسم مرزا غلام أحمد القادياني السيد الهندي معروف الجانب الشرقي من العالم لسنوات عديدة. ودعواه أنه المسيح الحق الموعود بقدومه في آخر الأيام، وأن الله أمطر عليه أفضاله وأول ما لفت الأنظار إليه في الولايات المتحدة عام 1903 مناظرته مع دوئي “اليشع الثالث”. ومنذ هلاك دوئي ذاع صيت النبي الهندي؛ لأنه أعلن عن هلاك دوئي في زمن حياته (المسيح)، وأن يموت ميتة مخزية مؤلمة. كان دوئي في الخمسين من عمره بينما كان المسيح في السبعين. لقد طلب دوئي أن يعلن هذه الكلمات للمباهلة:

“أنا المسيح الحق، الذي أتى من عند الله من هذا العصر، وإن الله تعالى تكلم إليّ. أنا لا أدّعي بالمسيحية من عند نفسي.. لكن الله الذي خلق السماوات والأرض شاهد على صدق دعواي. لقد تجلى تصديق الله لي في مئات من الآيات السماوية.

أقول بحق أن نِعَم الله عليّ أكثر مما تفضل على المسيح الذي كان قبلي. إن وجه الله قد تجلى في مرآتي أكثر مما تجلى في شخص يسوع. إذا كان هذا القول من عندي وليس ثمة سند له غيري فأنا كذاب، أما إذا شهد الله بصدقي فلا يملك أحد تكذيبي. آلاف المرات، بل أقول مرات بلا حصر تشهد على صدق ادعائي. وآية على أن الله معي.. أن يموت السيد بيجوت Mr. Piggott، المتكبر المدعي بأنه من الله، الذي سوف يلقى الدمار في خلال حياتي. وستظهر آية أخرى في حالة قبول دوئي التحديّ. إذا كان هذا المدعي بأنه أليشع يبدي قبوله بأي صورة وأن يدخل المباهلة ضدي. فإنه سوف يخرج من الدنيا أمام عيني في أسى شديد وعذاب. هاتان آيتان خاصتان لأوروبا وأمريكا، حتى يتدبروهما وينتفعوا منها.

وليكن معلومًا أن الدكتور دوئي لم يعط إجابة على التحدي الذي أرسلته إليه في سبتمبر الماضي، بل ولم يشر إليه في جريدته. وسأنتظر إجابته سبعة شهور أخرى ابتداء من اليوم، تنتهي في 23 أغسطس 1903. فإذا قبل التحدي خلال هذه الفترة ووفى بكل شروطها التي نشرتها من قبل، وأعلن ذلك في جريدته.. فإن العالم كله سيرى نتيجة هذه المباراة. إني في السبعين من عمري والدكتور دوئي في الخامسة والخمسين، فهو بالنسبة إلي لا يزال شابًا. ولكن الأمر لا يتقرر بالعمر، ولذلك فإني لا أهتم بفارق العمر بيننا، فالأمر كله في يد مالك السماوات والأرض، والذي يقضي فوق كل القضاة. هو الذي سيحكم في جانب المدعي الصادق.

ولكن إذا لم يستجمع الدكتور دوئي شجاعته للتباري معي.. فلتعرف القارتان وتشهدا.. أن من حقي الادعاء بالانتصار، كما لو أنه مات في حياتي لو تمت المباهلة، وستكون ادعاءات دوئي كلها باطلة وثبت أنه مدَّعٍ كاذب. ومهما بذل من جهد ليفرَّ من الموت الذي ينتظره.. فإن فراره من المباراة ليس إلا كالموت بالنسبة إليه، وستنزل المصائب بالتأكيد على (صهيون).. لأن من المحتم أن تقع على رأسه عواقب قبوله للمباهلة أو رفضها.

أختتم ملاحظتي الموجزة بهذا الدعاء:

“يا إلهي القوي الكامل، يا من تجليت وما تزال تتجلى على أنبيائك، أصدر قضاءك واكشف لخلقك كذب وبطلان دوئي وبيجوت.. فإن خلقك عبدوا الإنسان الضعيف وآمنوا بمن هم موتى مثلهم، وذهبوا بعيدًا عن سبيلك ضالين في الخطايا نائين عنك”.

لم يبد دوئي اهتمامًا عامًا مباشرًا لهذا التحدي القادم من أقصى الشرق، ولكن في 26/12/1903، قال في (نشرة مدينة صهيون):

“يقول لي بعض الناس: لماذا لا تجيب على هذا وعلى غيره؟ أجيب؟ هل تظن أني أجيب على البعوض والذباب؟ لو وضعت قدمي عليهم لسحقتهم. إني فقط أعطيهم الفرصة ليطيروا وينجوا بحياتهم.”

ولم يظهر أنه يعرف بوجود مرزا غلام أحمد سوى مرة واحدة، أشار إليه باسم (المسيح المحمدي الأحمق)، وكتب في 12/12/1903 يقول: “لو لم أكن نبي الله فليس على أرض الله أحد نبي.”

وكتب في يناير التالي: “إن دوري أن أجمع الناس من الشرق والغرب، ومن الشمال والجنوب ليقيموا في (صهيون) هذه وغيرها حتى يأتي الوقت عندما ينمحي المحمديون.. عسى الله أن يعطينا هذا الوقت.” وفيما كان مرزا يتحداه أن يدعو الله أن يهلك الكاذب منّا أولاً.. مات دوئي بعد أن تساقط عنه أصدقاؤه وذوت ثروته. لقد عانى من الشلل والجنون. ومات ميتة تعيسة، وقد تهدمت صهيون وزالت بالانشقاقات.

وتقدم مرزا وأعلن فوزه في المباهلة وما أنبأ به. ويطلب من كل باحث عن الحق أن يقبل حقيقته كما أعلنها. وقال إن ما نزل من كوارث على رأس من كان يطعن ويسب آيات الله، فله عقاب سماوي بناء على قضاء الله.. ويقول أحد أتباعه:

“إننا عندما نشير إلى الأحداث التي جرت لدوئي لا نعبر بذلك عن جذلنا لسقوط عدو.. هذا أبعد ما يكون عن تفكيرنا. إنه في سبيل الحق ونشره نذيع هذه الواقعات. إن عقيدتنا الإسلامية تمنعنا من ذكر سيئات الموتى، لكن لا يعني هذا ستر الحقائق التي من شأنها خدمة الإنسانية والحق والسبيل إلى الله.”

ويصل الرجل إلى هذه النتائج بلهجة الثقة وربما الزهو بدقة تنبؤاته. ثم يقول:

“إنه بنزول الكوارث على رأس دوئي، والتي انتهت بموته الأسيف الأليم، أصدر الله تعالى حكمه بالضبط. كما أنبأ رسوله قبل ثلاثة أو أربعة أعوام من وقوع هذه الأحداث.”

Share via
تابعونا على الفايس بوك