ماذا يجري في أكبر بلد إسلامي؟

ماذا يجري في أكبر بلد إسلامي؟

علماء السوء ومشايخ آخر الزمان

يجعلون من الكتاتيب والمدارس الدينية

مراكز للإرهاب والطائفية والإخلال بأمن المسلمين

 

مراكز دينية أم مراكز فساد؟ من وراء نيران الطائفية في باكستان؟

باكستان هو البلد الوحيد في العالم الذي يترعرع ويرتع فيه المشايخ المتعصبون في الكتاتيب -أو المدارس الدينية  المزعومة- كما ترتع الضفادع في موسم المطر.

ولا يحتاج الشيخ من هؤلاء ليـُعَدّ رجل دين إلى أي مؤهل علمي أو ثقافة دينية، وإنما يكفيه أن يطيل لحيته ويسبَّ مخالفيه في العقيدة.. وبذلك يعتبر من العلماء في الدين.

والعجيب أن هؤلاء المشايخ المتعصبين يرتعون في أموال الشعب، ومع ذلك فإنهم لا يشكرون الأمة بل يتصرفون كدود العلق.. فيتشبثون بجسد الأمة ويمتصون دماءها.

إن الشيخ المتعصب في عالم اليوم صار كالسرطان الذي يضرب بجذوره ويصيب الأمة كلها بالشلل.. اللّهم إلا إذا هبَّ الأذكياء والمخلصون لأمتهم وأجروْا جراحة واستأصلوا هذا السرطان من جسد أمتهم.

يؤكد المشايخ المتعصبون في باكستان لعامة الناس أن الإسلام هو ما يقدِّمونه لهم، مع أن الإسلام بعيد عما يقولون بُعد السماء عن الأرض. والحقيقة أن ما يقدمه هؤلاء المشايخ بأعمالهم للإسلام صورة مشوهة تنفِّر العالم من الإسلام. وهكذا يسيئون إلى الاسلام وإلى بلدهم. صحيح أن الأدباء والزعماء الوطنيين يحاولون إيقاظ الأمة الباكستانية لينقذوها من نار الطائفية التي أشعلتها هذه الكتاتيب الدينية والمتخرجون منها.. إلا أن هؤلاء المخلصين يبدو وكأنهم قد غُلبوا على أمرهم.

في الماضي كان عدد كبير من المتخرجين من هذه الكتاتيب يولعون بالأمور الدينية ويعملون في هذا المجال ولا يتدخلون في الأمور السياسية، وكانوا يتحلَّون بالتسامح والعلم والمعرفة، وكان هذا يساعد على توطيد الأمن والتسامح والوئام في المجتمع. إلا أن الخريجين من هذه الكتاتيب في العقود الأخيرة بباكستان هم من المخربين للأمن والمتشددين والمتطرفين.. إلا من شاء الله. وهم يهدمون ويخربون مساجد ومعابد من يخالفونهم في العقيدة. بل لا يتورعون عن قتل المصلِّين داخل المساجد.

بؤرة الطائفية

في السنة الماضية، قدَّمت لجنة من أعضاء مجلس الشعب الباكستاني تقريرا عن حالة المدارس الدينية (الكتاتيب) ونشاطها، وكشفت عن أمور مروعة للغاية تكفي لفتح عيون الحكومة. وقال السيد خليل رئيس هذه اللجنة أمام مؤتمر صحفي وفي البرلمان أن المشايخ يتخرجون بأعداد كبيرة تفيض عن حاجة البلد، وأنهم صاروا حكومة داخل الحكومة، وليسوا مسئولين أمام أية جهة. ولو لم نتدارك الأمر فسوف يصعُب علينا التحكم في هذه المسألة – عن جريدة جانج اللندنية 7/9/94.

ورغم أن هذه التحذير كان في حينه إلا أن الحكومة لم تفتح عينها بعد.. ولم تغيِّر سياستها تجاه هذه الكتاتيب، فكانت النتيجة أن نيران الفُرقة الطائفية لم تزل مشتعلة في هذا البلد، واشتغلت هذه الكتاتيب باستمرار في بث الفرقة الدينية ونشر بدعة كلاشنكوف.. ونشأ مناخ من التطرف والإرهاب لأن هذه الجماعات الدينية حصلت على أسلحة خطيرة، وأصبح موضوع الأمن والأمان صعبا في البلد، وبات المواطن الماضي أمرا خطيرا حيَّر الناس داخل باكستان وخارجها. فقالت في التقرير: هناك بالقرب من “ميان والي” مدرسة دينية حيث يُقيَّد الطلاب بين الرابعة والخامسة عشر من العمر في أصفاد معدنية كالحيوانات، ويحضُرون الدروس بالغصب والإكراه. وعندما سئل المشرفون على المدرسة عن ذلك قالوا: لقد قيدناهم بأمر من آباء هؤلاء الأطفال.

كما قال التقرير بأن ما يمارس ضد هؤلاء الأطفال الأبرياء من سلوك غير إنساني يوهم الرائي أنه أمام مجرمين خطيرين.

والظاهر أن هؤلاء الأطفال الذين يدرُسون في ظل القسوة والظلم عندما يخرجون من هذه المدارس أو السجون لابد أن ينتقموا من المجتمع ويخرِّبوا أمنه ويتصرفوا كإرهابين.

كتب العلماء والمثقفون في باكستان حول هذا الموضوع، ووجهوا نظر الحكومة إلى هذا الخطر، بل إن الوكالات الحكومية نفسها نشرت تقارير عن هذا الأمر تؤكد أن البلد يندفع نحو الحرب الطائفية. فقال سيد نويد إلهي في جريدة (جانج) تحت عنوان” الفُرقة الدينية سرطان”:

في هذه المدارس الدينية يعلمون الصغار الأبرياء تعليما يثير الفرقة الدينية، ويلهب في قلوب هؤلاء الأبرياء نيران الكراهية ضد الفرق الأخرى. وهذه النار سوف تؤدي إلى إحراق المجتمع كلَه- (جانج) لندن، 8/8/94.

مراكز الإرهاب:

وكتبت الجريدة خبرًا جاء فيه:

” لقد قدمت وكالة سرية للأنباء تقريرا عن الأوضاع السيئة في كراتشي ورفعته للحكومة وبيّنت فيه أن كثيرا من شباب هذه المدارس الدينية لهم ضلع في هذه الأحداث. وقد تدرب هؤلاء الشباب تربية إرهابية في هذه الكتاتيب”. – (جانج) لندن، 7/11/94

وفي عدد 29/11 من هذه الجريدة جاء هذا العنوان:

“40% زيادة في الأحداث الطائفية في منطقة بنجاب”

وقالت أن تقريرا عن الأحداث الأخيرة قد رُفع إلى رئيس وزراء بنجاب، جاء فيه أن بعض المنظمات الطائفية قد نظمت قوات مسلحة لها، وقد وصل الموقف في منطقة بنجاب إلى حرب طائفية. وقال إن هذه التنظيمات قد حصلت على أسلحة صاروخية بدعم من الداخل ومن الخارج.

والسؤال الآن: من أين تحصل هذه المنظمات الدينية على الأموال لشراء هذه الأسلحة الفتاكة؟ وقد دلت التحريات كما اعترف الشيخ طاهر القادري: إن الجماعات الطائفية والدينية في بلدنا كافة تعمل بدعم من الخارج والداخل.-(جانج) لندن، 8/10/94.

فكيف تُصرف هذه الأموال؟

يقول زعيم أحد هذه الجماعات الدينية- الشيخ المعروف أحمد شاه النوراني:

“هذا الدعم الذي تتلقاه الجماعات الدينية من الخارج تنفق أمواله في نشر العنف والإرهاب”. – (جانج) لندن، 26/11/94.

قلق الحكومة وتهديدها لأصحاب الكتاتيب

وأدَّى هذا التعليم الإرهابي إلى تدهور الوضع الأمني في البلد، وسيطر الخوف على عامة الناس. وقد تنبه الحكام إلى ذلك في آخر الأمر وأدلوا ببيانات عبروا فيها عن نيتهم لإصلاح الموقف. فقال حاكم بنجاب – شودري ألطاف حسين: إن الكتاتيب التي لا تعلم الدين وإنما تعلم القتل واغتيال الشخصيات المعارضة واستخدام الكلاشنكوف.. لا يسعنا أن نأخذ إزاءها موقفا ليّنًا، بل يجب أن نقضي على المدارس المخالفة للقانون قضاءً نهائيا. ولسوء الحظ، فقد نشأت في هذا البلد الذي تأسس باسم الإسلام تنظيماتٌ تعمل للقضاء على باكستان. –جريدة (مشرق) لاهور، 1/8/94.

وقال مندوب وزارة الداخلية الباكستانية في بيان له:

“لقد أمرنا بالتحقيق والتفتيش في الأوضاع داخل المدارس الدينية بالأقاليم الأربعة للبلد والبالغ عددها 175.000 مدرسة تقريبا”.- جريدة (جانج) لندن، 25/9/94. وقالت رئيس الوزراء بنظير بوتو: “في بعض هذه المدارس الدينية يقِّيدون الأطفال بالقيود ويؤذونهم بدنيًّا. ولقد أمرنا بالتحقيق في أوضاع هذه المدارس”.- جانج لندن 3/11/94.

وأدلى حاكم بنجاب ببيان آخر قال فيه:

“يجب إغلاق مثل هذه المدارس الدينية التي تبث الفرقة الطائفية. إنها لا تُخرج إلا الجهلة. وسوف نأمر القضاء المحلي بالتحقيق في أوضاع هذه المدارس ليروا ماذا يدرَّس فيها، وما هو المنهج المتبع، وعلى أي أسس تعمل. إن حكومة البنجاب قد تحركت، وبدأت العمل في هذا الصدد، وستكون خطوتنا القادمة إغلاق هذه الكتاتيب لأنها لا تعمل إلا لإكره الصغار على العمل مجانا”. –جريدة (جانج) لندن 5/12/94.

وقال وزير الداخلية الباكستانية- جنرال نصير الله بابر: “للقضاء على الفرقة الطائفية سوف نأمر بتسجيل المدارس الدينية، ومراقبة الحسابات المالية لها. ولتحسين أوضاع هذه الكتاتيب سوف نقدم قانونا أمام البرلمان”. – جانج لندن، 3/1/95. وقال رئيس باكستان السيد فاروق لَغاري:

“لن نسمح لهذه الكتاتيب أن تكون مراكز للإرهاب والتخريب”. (جانج) لندن، 11/1/95.

بدا من بيانات الحكومة هذه أنها تريد اتخاذ خطوة حاسة ضد هذه العناصر المعادية للوطن، وأنها سوف تتدارك المواقف قبل أن يتعاظم جنون الفُرقة الطائفية ويدفع البلد إلى دمار كبير ويفرق الشعب كله.. ولكن هذا لم يحدث لسوء الحظ.

أصحاب الكتاتيب يعلنون الحرب

كان رد فعل القائمين على هذه الكتاتيب شديدا ضد موقف الحكومة، وأعلنوا أنهم لن يتحملوا أي تدخل حكومي في مدارسهم. وإذا لم ترفع الحكومة يدها فسوف يشنون الحرب عليها. واجتمع رجال هذه الكتاتيب وكوَّنوا مجلسا اسمه “مجلس المحافظه على المدارس والمساجد”. وفي 7/1/95 احتفلوا في مساجد باكستان بما أسموه “يوم الاحتجاج”، وأصدروا قرارات مضادة لخطوة الحكومة.

كتبت جريدة (جانج) اللندنية خبرا في هذا الصدد فقالت: قام رجال المدارس الدينية ومراكز العلوم الإسلامية باحتجاج في طول باكستان وعرضها مندِّدين بموقف الحكومة تجاهها.

لقد أصدروا قرارا بعد صلاة الجمعة بالمسجد الجامع بالمنصورة في اجتماع كبير نددوا فيه بما أدلت به رئيسة الوزاراء والوزراء وحاكم بنجاب من بيانات عن هذه المدارس، وحذَّروا الحكومة ألاّ تلعب بالعواطف الدينية للشعب، وألا ترتكب حماقة تقييد المراكز والمدارس الدينية بقيود.

فعلَّق حاكم بنجاب ألطاف حسين على هذا الاحتجاج فقال: “ستقضي الحكومة بشدة على بعض المدارس الدينية التي تعمل بدعم من الخارج، وأصبحت مدارس لتدريب الطلاب على الإرهاب. فهناك حفنة من هؤلاء العلماء الذين يحتجون على موقف الحكومة تجاه المدارس. وهؤلاء العلماء في في الحقيقة يتاجرون بالدين”. – جانج: 28/1/95.

أما عن بيانات المشايخ فقال المولوي سميع الحق:

“إننا لن نقبل بقرارات اللجنة الحكومية، وسوف ندافع عن المدارس الدينية”. – جانج لندن، 52/1/95.

وقال المولوي عبد المالك:

“سوف نقود حركة مضادة لما تعزم عليه الحكومة، وسوف نقضي على اللادينية وأصحابها في البلد، وسوف نمضي في هذه الحركة مالم تعتذر لنا الحكومة ولم ترتدع عن نواياها الخبيثة”. جانج لندن 28/1/95.

وقال الشيخ فضل الرحمن:

“إذا لم تكف الحكومة فورا عن التدخل في الأمور الدينية فسوف نعلن الحرب عليها. إن الحكومة تفرض هذه القيود على الكتاتيب لإرضاء سادتها من الخارج، ولكننا سوف نثير طوفانا عليها من الداخل يغرق فيه الحكام”. – جانج، 27/1/95

التدريب العسكري باسم الجهاد

أما بالنسبة للتدريب العسكري في الكتاتيب.. فقد كتبت جريدة انجليزية تصدر في باكستان- أخبار الجمعة يوم 13/12/94- فقالت:

“هذه الكتاتيب تدرب الطلاب على فنون القتل والاغتيال. وتبلغ فترة هذا التدريب من عشرة أسابيع إلى ثمانية أشهر، يتدرب فيها الطالب على حرب العصابات، وفنون الجودو والكراتيه، واستخدام الأسلحة النارية، وتخطيط الطرق، ومراقبة حركة العدو، وطريقة الانتحار إذا وقعوا في الأسر”.

ويضيف كاتب المقال: “يأتي الدعم لهذه المدارس من أفغانستان أو من السعودية. وقال: لم يعد اشتراك هذه العصابات الدينية في اغتيال الناس وقتلهم أمرا خافيا. وقد نشرت الأخبار في باكستان عن اشتراك طلاب هذه الكتاتيب في الفتن الأخيرة التي وقعت بكراتشي”. – (جانج) لندن 7/11/94.

وفي عدد 8/3/95 من هذه الجريدة تحت عنوان “هناك 746 مدرسة دينية في بنجاب تبث الفرقة الدينية” ما يلي: “إن في بنجاب 2512 مدرسة دينية.. منها 900 تدعَّم بأموال الزكاة من الحكومة، وتتلقى مساعدات من بعض المنظمات الخارجية والأفراد”.

وذكرت نفس الجريدة بيانا لرئيس باكستان فاروق لغاري قال فيه:

“هناك عناصر معادية لباكستان في الخارج.. يمدون هذه الكتاتيب والمساجد بأسلحة فتاكة”.

وكتبت جريدة “فرنتيير بوست باكستان” في عدد 20/1/95 مقالا طويلا عن الكتاتيب جاء فيه: إن في باكستان 8000 مدرسة دينية، منها 2500 في بنجاب ..

وهاك تفصيلها:

792 مدرسة للديبونديين يتعلم فيها 100580      طالبا

1216 مدرسة للبريليويين يتعلم فيها 95190         طالبا

174  مدرسة لأهل الشيعة يتعلم فيها 18880       طالبا

100 مدرسة لأهل الشيعة يتعلم فيها   2022         طالبا

وكتبت الجريدة: إن أكثر من 86% من هذه المدارس تتلقى الدعم من حكومة باكستان نفسها، أما 63% فتعمل بدعم خارجي. وتدعم هذا المدارس إيران والسعودية وليبيا والعراق وأفغانستان والجزائر وأمريكا وماليزيا ولبنان وسوريا والهند.

فلماذا هذا التعاطف؟ لما تتعاطف هذه البلاد مع الكتاتيب الباكستانية إلى هذه الدرجة.. في حين أنه ليس في هذه البلاد مدرسة واحدة تتلقى دعما من الخارج؟ وليس في هذه البلاد مدارس تعاني منها حكوماتها كما تعاني باكستان من هذه المدارس الدينية المزعومة؟”

على ضوء هذه الحقائق كان من واجب رجال الحكومة أن يأخذوا الحذر، ويسيطروا على الموقف بقبضة حديدية، ويقضوا على هذه الخرافات والمفاسد التي غرسها الدكتاتور ضياء الحق باسم الإسلام في هذا البلد، ويحاسبوا المسئولين عن هذه المدارس. ولكن رجال الحكومة اكتفوا بالحساب عن طريق اللسان فقط ولم يحركوا ساكنا بالعمل.

تخاذل الحكام

بل إن رجال الحكومة عندما رأوا شدة رد فعل المشايخ ضعُف موقفهم أكثر. وبدا أنهم يتملقون المشايخ واعتذروا عن بياناتهم السابقة. فقال وزير الإعلام خالد أحمد خرل:

” إن الحكومة لاتنوي إغلاق المدراس الدينية أو السيطرة عليها”. جانج لندن، 4/1/95.

ونشرت الجريدة نفسها يوم 26/1/94 خبرا قالت فيه: “لقد بيّن متحدث رسمي أن الحكومة الباكستانية لا تريد الحيلولة دون التعليم الذي تقدمة هذه الكتاتيب لطلابها”.

ونُشر بيان لرئيسة الوزراء (بنظير بوتو)، قيل فيه أنها أمرت بتقديم الدعم لهذه الكتاتيب، ومنح الطلاب في هذه المدارس كل التسهيلات كي ينتشر التعليم الديني على نطاق أوسع. – ( جانج) لندن، 29/1/95.

وبسبب هذا الموقف اللين المتخاذل من جانب جانب الحكومة تجاه المشايخ المتشددين لم يتحقق ماكان يتمناه عامة الناس في باكستان. وعرفوا أن الحكومة لا تستطيع التصدي لهؤلاء، أو لا تريد أن تحسم الموقف مع هذه الكتاتيب وأصحابها. ولذلك فإن أعمال الفساد والهجوم على مساجد الطوائف الأخرى ازداد بمعدل كبير .. حتى كتب مقبول الرحيم المفتي، وهو من الكتاب، مقالا في جريدة (جانج) 16/2/95 قال فيه:

منذ مارس 1990 إلى يناير 1995 تم الهجوم على أكثر من 25 مسجدا، واطلاق الرصاص على المصلين فيها، ونسفوها بالمتفجرات أو أحرقوها.

والجدير بالذكر أن هؤلاء المتطرفين من المشايخ قاموا فعلا بخروج واضح سافر على الحكومة في منطقة “مالاكاند” وعسكروا هناك حتى اضطرت الحكومة إلى طلب العون من الجيش ولكن المتطرفين هزموا قوات الجيش أيضا، فاستدعت الحكومة مددا آخر وتغلبوا على المتطرفين في آخر الأمر.

جانب آخر من الصورة

لو ألقينا نظرة شاملة على هذه الأحداث لم يصعب علينا الوصول إلى المسئولين عنها، وسبب هذه المفاسد. الحقيقة أنه إلى جانب هؤلاء المشايخ المتعصبين الفاسدين المفسدين فإن رجال الحكومة أيضا قد لعبوا دورا كبيرا وقبيحا في انتهاك حرمة المساجد وشعائر الله. ففي زمن حكمهم انتزع مشايخ السوء هؤلاء شهادة التوحيد “لا إله الا الله- محمد رسول الله” من صدور المسلمين الأحمديين وأحرقوها. وكان هؤلاء الحكام في زمن سلطتهم يشجعون مشايخ السوء على اضطهاد المسلمين الأحمديين الأبرياء من أجل مصالحهم الذاتية. وللأسف أن هؤلاء الحكام لا ينتبهون لذلك.. مع أن لهم خبرة ماضية بالدكتاتور ضياء الحق الهالك، فهو الذي أشعل هذه النيران للمفاسد الطائفية، ثم احترق فيها نفسه عقابا من الله تعالى. فاعتبروا يا أولي الأبصار.

شهيد جديد وضحية لأرباب الجهل والتعصُّب الأعمى

جاءت التقارير من (بشاور) باكستان أن أحد أبناء الجماعة.. الشاب رياض خان.. قد استشهد بيد عصابة من الغوغاء يقودهم شيوخ الجهل والتعصب.. مرتزقة العمل الديني المفسدون في الأرض.

تتلخص المأساة في أن أحد الشباب دخل الأحمدية في منطقة (شب قدر) قرب بشاور.. فثار الملاَّت المتشددون وهيَّجو العامة، وسجلوا قضية ضد الشاب، فاعتقلته الشرطة بتهمة الاخلال بالأمن. ولما توجه بعض أبناء الجماعة لدفع الكفالة عنه يوم 9 أبريل الماضي.. وهم د. رشيد أحمد، ورياض خان، والمحامي بشير أحمد.. هجم عليه حشد كبير مسلح بالحجارة؛ وفي دار المحكمة رشقوهم بالحجارة فأصابوهم بجراح شديدة وكُسر ذراع أحدهم.. أما الشاب رياض خان فقد لقي مصرعه وهو يؤدي واجبه. لم يسيء إلى أحد، ولم يعتد على أحد، ولم يعكر سلامًا.. فذهب إلى ربه الحبيب، ونال وسام الشهادة في سبيل الله.. وختم حياته أروع ختام.

ولكن ماذا يكون مصير باكستان.. إذا كان هذا هو حال العاملين في الحقل الدين: جهل، وحقد، وسفك دم، وإخلال بالأمن، وتضليل للعامة؟ وإذا كان هذا هو حال العاملين بالقضاء والأمن فيها: ظلم، وتسيب، وإهمال للواجب، وخيانة للأمانة؟

لك الله يا أمة محمد!

ألا تحسون بسخط الله وهو ينصَبُّ على رؤوسكم؟

ماذا تنتظرون لتفيقوا قبل أن تضيع الفرصة؟

Share via
تابعونا على الفايس بوك