أحمدية أم قاديانيّة.. إسلام أم ردّة؟

أحمدية أم قاديانيّة.. إسلام أم ردّة؟

تابع الفصل الثالث

لقد تجاوز أعداء الأحمديّة.. بل قُل أعداء الحق وخير الإسلام.. تجاوزوا كل الحدود في الكذب والافتراء. ويتولّى هذا الكتاب تفنيد اتِّهاماتهم الباطلة. بل ويردُّ سهامهم المسمومة إلى نحور الكذَّابين الظالمين المتمرِّسين الأفَّاكين. الذين يرمون الأبرياء بما تنضح به نفوسهم. صنَّفه في الإنكليزيّة الأستاذ نعيم عثمان ميمون. ويسرُّ (التقوى) نشر ترجمته العربيّة في حلقات متتابعة.. لتكشف للقرَّاء الكرام كثيرا من الحقائق وكثيرا من الأباطيل.    التقوى

موقف الأحمديين المضاد للصهيونيّة

لقد أعربت الحركة الإسلاميّة الأحمديّة خلال تاريخها عن نفورها التام من دولة إسرائيل. وإذا لم يكن خصوم الجماعة الإسلاميّة الأحمديّة يعلمون.. فإنّ السير شودري محمد ظفر الله خان وزير خارجية باكستان الأسبق هو الذي قاد الهجوم المضاد للصهيونيّة بصدد تقسيم فلسطين. وقد اكتسب بهذا العمل الجليل احتراما عظيما في العالم العربي. وتقديرا لخدماته التي أدَّاها للقضية الفلسطينيّة خاصة وللأمة العربيّة عامة.. أنعم عليه كثير من البلاد العربيّة بأرفع أوسمتها المدنيّة، وهذه حقيقة لا ينكرها اليوم حتى صحافة باكستان المعادية. كتبت إحدى الجرائد الباكستانيّة غداة وفاة خادم الإسلام هذا قائلة:

“لقد رشَّحه القائد الأعظم شخصيًّا لتمثيل باكستان في منظمة الأمم المتحدة أوائل عام 1947 ليساند قضية فلسطين، فاكتسب بسبب ذلك استحسان العرب، واعترافا بمنجزاته منحه الملك حسين العاهل الأردني وسام نجمة الأردن، وهو أعلى أوسمة الدولة. وكرَّمته تونس والمغرب بأرفع أوسمة الدولتين. وكذلك منحته ليبيا والجزائر وسوريا أوسمتها. وطالما أشادَ علماء المسلمين عامة، والشرق الأوسط خاصة بجهوده الفريدة فيما يتصلُّ بالمشكلة الفلسطينيّة واستقلال البلاد الإسلاميّة في أفريقيا والشرق الأوسط”. (الفجر، كراتشي، 2/9/1985)

  وقد علَّقت صحيفة باكستانيّة على الخطاب الملحمي الذي ألقاه سير شودري محمد ظفر الله خان في الاجتماع العام لهيئة الأمم المتحدة يوم 9/10/1947 فقالت:

  “كان خطاب رئيس وفد باكستان سير محمد ظفر الله خان بشأن المسالة الفلسطينيّة أداءً مثيرا للإعجاب من كل وجهات النظر. لقد تحدَّث لمدة (115) دقيقة، ولما أنهى خطابه سُمِعَ أحد المندوبين العرب يقول: هذا أفضل خطاب قيل في مساندة القضية العربية بشأن المسألة الفلسطينيّة، ولم يُسمع نظيره من قبل”. (نوائي وقت، 12/10/1947)

  والأثر الذي أحدثته خدمات سير ظفر الله للفلسطينيين ومصالح العرب بقي سنين طويلة في ذاكرة العالم الإسلامي. ففي عام 1952 مثلاً، مثلاً عبَّرت إحدى الصحف السورية عن مشاعر الشعب السوري فذكرت خدمات سير ظفر الله قائلة:

  «وظفر الله خان هو الشخصيّة التي قدَّمت أقصى جهد لها في الترجمة عن مشاعر الشعوب العربيّة وعواطفهم أمام الدوائر العالميّة. وسيبقى اسمه على الدوام محفورا في تاريخ العرب بحروفٍ من ذهب. كانت عقيدته تُلهم ضميره. وتجري على أساسٍ من المنطق، ويهدف إلى الحب والخدمة المعطاءة». (الأيام: 2/2/1952)

  ولقد شارك أحد كبار رجال الدولة المصريين، الأستاذ مصطفى مؤمن/ مع مشاعر الشعب السوري وأصدر تصريحا في صالح وزير خارجية باكستان -وكان ذلك في أوائل الخمسينيّات أثناء الحملات المسعورة ضد الأحمديّة وسير ظفر الله خان- فقال:

« ومع أنّ ظفر الله خان وزير خارجية باكستان.. فإنّه يشغلُ منزلةً مرموقة في عالم الإسلام بأسره. أما في الشرق عامة، وفي مصر والبلاد العربية خاصة.. فيعترفون بأنّه رجل دولةٍ حقا». (نوائي وقت: 24 و25/5/1952)

  وفي الوقت الذي كان فيه مُلّات باكستان منهمكين في طائفيَّتهم المقيتة وتعصُّبهم وإثارة مشاعر العامة ضد وزير خارجيّة البلاد المخلص المتفاني.. أكّد رجل الدولة المصري قائلاً:

 «لقد أُتيحَ لظفر الله خان أن يُقدِّم خدماتٍ للإسلام لم تُقدَّر لغيره من قادة المسلمين». (المرجع السابق)

   كما أشفق على موقف الجمهور الباكستاني الذي طالب باستقالته ورماه بالكفر فكتب مُعلنا:

  «إنّ من يهاجمه فإنّما يُهاجم عالَم الإسلام كلّه». (المرجع السابق)

هذه الأمانة والنزاهة التي أبداها رجل الدولة المصري لا يمكن أن نتوقعها من الملّات المتعصِّبين في شبه القارة الهنديّة.. الذين بهم رغبة جامحة للاستحواذ على السلطة. ولكن قرار الأغلبيّة الفُضلى قد أبقاهم دائما يعْوون، وكانوا عارفين تماما كيف أساء أسلافهم وخانوا الأمانة التي وضعتها الأجيال السابقة في أيديهم. (أولياء الله والملّات المتعصبون: مولانا دوست شاهد)

خُطب خلفاء الأحمدية

وردَ ذِكرُ سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد، الخليفة الثاني وإمام الجماعة الإسلامية الأحمدية.. في كثيرٍ من المنشورات المعادية للأحمدية. وطالما استغلَّ الأعداء زيارته لميناء حيفا في فلسطين عام 1924.. وهو في طريقه إلى المملكة المتحدة كي يُلقي كلمته في مؤتمر الأديان بالإمبراطوريّة، وذلك قبل إنشاء دولة إسرائيل بأربع وعشرين سنة (من ربوة إلى تل أبيب: سيد محمود يوسف البنواري).. رغم أنّه توجَّه إلى هناك لزيارة جماعةٍ صغيرة من الأحمديين الفلسطينيين في أرضهم وبلدتهم.

ولقد ساند سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد الفلسطينيين بحماس، بكل ما في وسعه كفرد وكقائد لجماعة إسلاميّة. ولقد دعا العالَم الإسلامي ليتخلَّى عن خلافاته ويتَّحد ليكوِّن جبهة واحدة أمام العدوان الصهيوني في فلسطين. (الكفر ملّة واحدة: مرز بشير الدين محمود) وحَظِيت مقالاته وخُطبه في هذا الموضوع بالتقدير العظيم والثناء المستطاب من غالبية الصحف العربيّة، كما أُذيعت كثيرا في الإذاعة على الهواء. (أخبار اليوم؛ القبس؛ صوت الأحرار؛ الأردن)

وقد نشرت إحدى الصحف العراقيّة نصَّ خطاب سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد الذي ألقاه مؤازرةً للقضية الفلسطينيّة؛ وعلَّقت قائلة:

«إنّه خطابٌ رائع ودعاية جاءت في الوقت المناسب.. لمشكلات فلسطين التي يواجهها المسلمون. وندعو الله أن يُحقِّق آمالنا الصالحة وتصميمنا الطيب على إيماننا المقدَّس الذي يتدفق في قلوبنا» (النهضة:؛ العراق: 12/7/1948)

وعبَّرت صحيفةٌ عراقيّة أخرى عن امتنانها لأولئك الذين نشروا هذا الكُتيّب في الوقت المناسب.. لروحهم الإسلاميّة وجهودهم في نُصرة الإسلام.(الشورى؛ العراق: 18/6/1948)

وهاك بعض ما ورد في خطاب الخليفة:

«إنّ قضية فلسطين تهم العالم الإسلامي كلّه.. إنّ فلسطين على مقربةٍ من الأرض التي فيها مرقد سيدنا ومولانا محمد المصطفى .. الذي كانت اليهود تخالفه في حياته أيضا.. وتعارضه في أعماله بكل وقاحة.. مع أنهم لم يروا منه إلا البِرَّ والخير والكرم. إنَّ الحروب التي نشبت بينه وبين قبائل العرب أكثرها كانت بإغراء اليهود وتحريضهم. وهم الذين استثاروا كِسرى إيران على قتله..

هذا العدو اللدود الذي يُريد أن يرفع رأسه الآن بصورة دولةٍ قوية على مقربةٍ من المدينة المنوَّرة بِنيَّتِه التقدُّم نحوها ومهاجمتها بعد أن ترسخ أقدامه في فلسطين. إذا كان مسلمٌ يرى غير هذا ويظنُّ أنّ هناك أيّة أسباب قوية لتحقيق خطرٍ كهذا. فلا شكَّ أنّه مُخطئ. أما العرب فهم يفهمون هذه الحقيقة جيدا. ويعلمون أنّ الصهيونيّة مزمعة على إجلائِهم من وطنهم. ولذلك فقد قاموا ضدَّ الصهاينة كرجلٍ واحد.

إنّ َ قضية فلسطين ليست بقضيّةٍ عربيّة فقط، بل إنّها قضيةٌ تهمُّ العالم الإسلامي كله. ليست هذه القضية تهمُّ فلسطين فحسب، بل هي قضية المدينة المنوَّرة، ولا تهمُّنا القدس فقط، بل تهمُّنا مكّة المكرَّمة. إنّها ليست قضية زيدٍ أو بكر، بل هي قضية شرف وكرامة محمد .

ألا ترونَ أنَّ الأعداء مع شدّة العداوة وكثرة الخلافات فيما بينهم قد وحَّدوا صفوفهم ضد الإسلام، فهلّا يتَّحد المسلمون في هذه الآونة العصيبة. ودواعي الاتحاد بينهم كثيرة؟ حانَ لنا أن نفكِّر ونُقرِّر.. هل يليقُ بنا أن نموت متفرقين فئةً بعد فئة، أو نكون يدًا واحدة ونبذل كل جهدنا للانتصار مجتمعين.

أرى أنّ الوقت يُنادي المسلمين بصوتٍ عالٍ أن يبيِّتوا رأيهم ويعقدوا عزمهم على أنّهم إما يموتون مُناضلين في سبيل الحصول على حقوقهم؛ أو يستأصلون الدسائس ضدَّ الإسلام كُليَّةً.

إنّ هذه الأيام أيام الضحايا.. إذا كان مسلمو باكستان يريدون أن يعملوا شيئا حقيقيًّا فعليهم أن يقترحوا على حكومتهم أن تأخذ 1% من أموالهم على الأقل في الوقت الحاضر، وهكذا يمكن لباكستان جمع مليون روبيّة.. وإذا سلكت الدول الإسلاميّة الأخرى مسلك باكستان هذا، وقدَّمت بدورها مثل تضحيتها يبلغ المجموع نحو خمسة أو ستة الآلاف الملايين من الروبيَّات.. ويمكن بها شراء الأسلحة والمعدَّات الحربيّة لفلسطين، على رغم مخالفة الدول الأوروبيّة.

ها إنِّي أُذكِّر المسلمين وأُنبِّههم كي يعرفوا خطورة الموقف وشدَّة الخَطب، ويعلموا أنّه قد تحقَّق صدق قول النبي : الكُفر مِلَّةٌ واحدة. لقد قام الصهاينة قومة رجلٍ واحد لمحوِ عظمة الإسلام. إنّ الشعوب الأوربيّة كانت تصول على الإسلام من قبل متفرِّقة شعبًا شعبًا. أما اليوم فإنّها قد هاجمت المسلمين في عقر دارهم مجتمعة. فهلمُّوا، أيها المسلمون، ندفع شرَّهم متَّحدين.. هلمُّوا نُقاومهم مجتمعين.. فما دام لا يوجد بيننا أي خلاف في هذه القضية، من السفاهة أن نُقحم اختلافاتنا البسيطة في هذه القضية التي نحن متفقون عليها. إنّ القرآن يدعو حتى اليهود للاتحاد في المسائل المتفق عليها. ألم يأنَ للمسلمين، سواء أكانوا باكستان أو أفغان أو إيران أو ماليزيا أو أندونيسيا أو أفريقيا أو تركيا أو غيرها من البلاد الإسلاميّة.. ألم يأنَ لهم أن يوحِّدوا كلمتهم؟ ألم يأن لهم أن يتَّحدوا وهم يرونَ أنَّ الفأس قد وُضِعت على جذور الإسلام، وتعرَّضت الأماكن المقدَّسة للأخطار؟ ألم يأن لهم أن يقوموا كلّهم مع العرب ويدفعوا هذه الهجمات النكراء التي يريد بها العدو كسرَ شوكة المسلمين وجعلهم أذلّاء مُهانين».

كيف يمكن لجماعةٍ يقف إمامها هذا الموقف الحاسم ضدَّ خَلقِ دولة إسرائيل الغريبة في فلسطين.. أن تسمح لنفسها باستجداء أيّة عروض من أعدائها الألدَّاء؟

وكيف يمكن للدولة الصهيونيّة أن تساند جماعةً حارب إمامُها بأشدِّ الحماس ضدَّ إنشائها وقيامها؟

نداء قريب من أجل موقف موحَّد ضدَّ إسرائيل

وفي القريب دعا سيدنا مرزا طاهر أحمد، الخليفة الرابع للجماعة الإسلامية الأحمدية.. العالم الإسلامي أجمع إلى الاتحاد مرةً أخرى في جهودهم ضدَّ إسرائيل، وإلى حماية ميراثهم الإسلامي الذي تعرَّض للانتهاك وللفظائع على يد الصهاينة.

لما وقع العدوان على المسجد الأقصى في القدس حذَّر سيدنا مرزا طاهر أحمد العالَم الإسلامي من المؤامرات الشريرة التي يدبِّرها الصهاينة، ومن عزمهم على تدمير مقدَّسات الأمة كي يُحلُّوا محلها معابدهم.. فقال:

«إنَّ هدم المساجد لا يؤدِّي بالضرورة إلى إبادة المسلمين؛ ولكن الشعائر والطقوس الدينيّة ترتبط ارتباطا وثيقا بحياة الأمم وتقاليدها. والأمم التي تسمح بإهانة رموزها الدينيّة لَخَلِيقةٌ بالهلاك». (أمريكان مسلم جورنال، شيكاغو 2/2/84)

وذكَّر المسلمين بثلاثة من الصحابة الكرام لسيدنا ومولانا محمد .. الذين بذلوا أرواحهم وهم يُحافظون على راية الإسلام خفَّاقةً في موقعة مؤتة. ونصح إمام الجماعة الإخوة المسلمين فقال:

يجب ألا نستهين بالشعائر والطقوس الدينيّة. وينبغي على كل المسلمين في العالَم أن يَهبُّوا في مواجهة أعمال العدوان. يجب أن ينسوا خلافاتهم ويتَّحدوا في الدفاع عن الأماكن المقدَّسة. إذا أدرك الصهاينة أنّ حُبَّ المسلمين لشعائرهم الدينيّة وطقوسهم متأصلٌّ وعميق.. حتى أنَّهم صغارا وكبارا مستعدُّون لتقديم أرواحهم حمايةً لمقدَّساتهم.. فلن يجرؤ الصهاينة على محاولة هدم مساجدهم، ويكون العالَم الإسلامي كافةً مستَحثًّا بحيث لا يستطيع أحدٌ أن يتهدَّده. (المرجع السابق)

ولقد عرض سيدنا مرزا طاهر أحمد خدمات الجماعة الإسلامية كافةً لتحقيق هذا الهدف وقال:

«وإذا دُعينا نحن الأحمديين فلسوف نستجيب بشوقٍ وحماس للمساهمة في الجهاد القرآني المباح، والذي يُوجبه ويأمر به الإسلام». (المرجع السابق)

دعوى وجود المسلمين الأحمديين في القوات الإسرائيلية

لإثارة المشاعر والكراهية بين جماهير المسلمين ضد الجماعة الأحمدية وتنفير الناس منها.. عمد بعض الكتَّاب المعادين إلى اتِّهام الجماعة بالمشاركة الفعَّالة في القوات العسكرية لإسرائيل. (من ربوة إلى تل أبيب، البنواري)

وتستند هذه التُّهمة الباطلة إلى تقرير في صحيفة باكستانيّة تسمَّى “نُوائي وقت” من لاهور بتاريخ 29/9/1975. (المرجع السابق)

ومع أنّ هذا الادِّعاء خسيس ولا أساس له، إلا أنّ نشره في أجهزة الإعلام الباكستانيّة أثار هيجانا في الدوائر المضادّة للأحمديّة داخل باكستان. وقامت حكومة باكستان آنئذٍ بتحقيقٍ شامل في الأمر. ولخيبة آمال الحكومة المعادية والمتعاطفين معها.. اضطُر جهاز المخابرات الباكستانيّة إلى الاعتراف بأنّ التقرير الخبيث عارٍ تماما من أي أثرٍ للحقيقة. وكان عليهم أن يوقفوا تحريَّاتهم. وثبت يقينا أن الجماعة الأحمدية تستحقُّ شهادةً صحيّة بالطهارة والنظافة. وبالنظر إلى النتائج التي توصّلت إليها المخابرات الباكستانيّة قام الوزير الفدرالي للشؤون الدينية والأقليَّات وما وراء البحار.. المولوي كوثر نيازي.. مع أنّه الخصم اللدود المعادي للجماعة الأحمدية.. بإصدار تصريح صحفي يقول: “ليس هناك باكستاني واحد. أحمدي أو غير أحمدي في إسرائيل”. (دايلي جهانج. 5/5/1976)

اللص السارق أول من يصيح

كتب مؤلف مسرحي إنجليزي شهير فقال: إنّ أول من يصرخ: أمسِكوا اللصّ.. غالبا ما يكون هو السارق. وخصوم الجماعة الإسلامية الأحمدية الذين اتَّهموا مؤسِّسها سيدنا مرزا غلام أحمد وأتباعه بأنّهم صنائع الهند؛ وصنائع الإنجليز، وصنائع الصهيونيّة.. تبيَّن أن اتِّهامهم هذا ما هو إلا نزعةٌ مَرَضيَّة تعبِّر عن شعورهم الدفين بأنّ نفوسهم ملوّثة بهذه الميول. إنّهم يُسقطون نقائِصهم وأمراضهم على غيرهم.

لقد كانوا طيلة تاريخهم مندمجين في القوميّة الهنديّة. وفي مناسباتٍ عديدة عرَّفوا أنفسهم ضمن الأغلبيّة الهنديّة في شبه القارة.. بصرف النظر عمّا في ذلك من تضحية بمصالح المسلمين. ولقد راعوا ما فيه خير البريطان؟..ليس في الهند وحدها.. بل وفي كل مكانٍ آخر. ولطالما تفاخرت مؤسَّسات وحركات إسلاميّة بأنّها تنعَمُ بحضانةٍ وتمويلٍ من الخزانة البريطانيّة.

ولقد احتفظوا أيضا بأواصر صلاتٍ متينة مع الصهيونيّة من خلال التحامهم القوي مع الحكومات البريطانيّة والأمريكيّة. ومن خلال المشاركة استفرغوا جهودهم في سُبُل مضادّة للإسلام، وبذلك خدموا مصالح إسرائيل الصهيونيّة.

جماعتي إسلامي وإسرائيل

إنَّ الكُتَّاب المناهضين للأحمديّة والذين يتَّهِمون الجماعة بالاشتراك في أنشطةٍ مضادّة للإسلام وبالتحالف مع حكومة إسرائيل الصهيونية.. يُقيمون اتِّهاماتهم هذه على شهادة مولوي يُدعى ظفر أحمد أنصاري (طاهر، لاهور: 22/12/1975)، وهو عضو بارز في جماعتي إسلامي.. وهي منظمة دينيّة زائفة كرَّست نفسها لمناهضة الأحمديّة.

ومن فضل الله أنّه.. بينما كانت الحكومة الباكستانيّة تتحرَّى عن مزاعم الملّات واتَّهاماتهم ضدَّ الجماعة الأحمديّة وتنبذها لبطلانها (مولوي كوثر نيازي، وزير الشؤون الدينية بباكستان، جهانج 5/5/1976).. وُجِّه الاتِّهام ضدَّ هذا المولوي ظفر أحمد أنصاري وجماعتي إسلامي بالعَمالة لإسرائيل. وما صدر الاتَّهام إلا بيد زملائهم من غير الأحمديين. ولم تتمكن بعد أي وكالةٍ حكوميّة أو مستقلة من تبرئة هذا المولوي أو جماعته من هذه الاتِّهامات.

صرَّحت نشرةٌ باكستانيّة اسمها “إدارة صوت الإسلام” من فيصل آباد فيما يتعلَّق بجماعتي إسلامي وقيادتها وقالت:

«لقد بدأت وكالة الاستخبارات الأمريكيّة CIA والدبلوماسيّة الأمريكيّة في عديد من بلاد العالم، مشروعا ضدَّ المصالح العربيّة، وضدَّ جمال عبد الناصر رئيس مصر بصفةٍ خاصة. وفي باكستان نفسها تعهَّدت جماعتي إسلامي بقيادة أبو الأعلى المودودي بتنفيذ هذا المخطّط عن طريق نشر الموضوعات التي زوَّدهم بها العملاء الصهاينة بطريقةٍ مُثيرة. ولقد اتَّخذوا الوسائل التي سبق لهم أن تدرَّبوا عليها. (مجاهد الحُسيني، إسرائيل وجماعتي إسلامي ص105)

ويتَّهمُ الكاتب الباكستاني في منشوراته غير الأحمديّة المولوي ظفر علي أنصاري هذا بأنّه الممثل القيادي للدعاية المؤيِّدة للصهيونيّة، ويتتبع علاقات المولوي أنصاري وجماعتي إسلامي مع الصهاينة من خلال المركز الإسلامي في جنيف.. واحتجَّ بأنّه في هذا المركز الإسلامي الزائف قد يبدو معهدا إسلاميًّا ولكنه في الحقيقة مشروعا أمريكيا حيث يُشترى الإسلام ويُباع، وتُدفع مبالغ مالية كبيرة إلى علماء ومفكرين وصحفيين وأدباء وشعراء مسلمين.. كي يهدموا التضامن الإسلامي. (المرجع السابق)

ويصرِّح مُجاهد الحسيني -مؤلِّف “إسرائيل وجماعتي إسلامي”- فيما يتعلق بملَّات جماعتي إسلامي قائلاً: “السيد ظفر أحمد أنصاري شخصية قياديّة في الكفاح المستمر لجماعتي إسلامي، وهو الآن يقوم بخدمات مُريبة غامضة للمشروع الأمريكي تحت اسم المركز الإسلامي في جنيف بسويسرا. (المرجع السابق)

ثم يمضي في اتِّهام المولوي ظفر أحمد هذا بأنّه متورِّط بطريقةٍ غير مباشرة في المؤامرة الأمريكيّة ضدَّ الرئيس المصري جمال عبد الناصر، كما اتَّهم هذا المــُلّا بأنّه عميل صهيوني. (المرجع السابق)

منشورات جماعتي إسلامي الموالية لإسرائيل

كثيراً ما كشف تصرُّف وسلوك جماعتي إسلامي عن تحالفها مع الصهيونيّة، وكان ذلك مثار القلق لدى الطلاب المسلمين وقسم الشؤون الدوليّة.

إنَّ تضحيات الشعب المصري في حرب الشرق الأوسط ضد إسرائيل مسألة تاريخيّة ثابتة؛ ولا يمكن لأحد أن يُنكر أنّ ما تكلَّفته مصر من أرواح وعتاد لا تُجاريه الأمم العربية الشقيقة الأخرى التي شاركت في هذه الحرب القصيرة الباهظة التكاليف. وكان جمال عبد الناصر أشدّ المعارضين المتحمِّسين العاملين ضدّ دولة إسرائيل الصهيونيّة. وكان الصهاينة يخشونه ويمقتونه. ومع ذلك فإنّ قيادة جماعتي إسلامي كانت تتهمه بأنّه أداة إسرائيل! (مولوي ظفر أحمد؛ أردو ديجست؛ لاهور: 11/1966) ونشرت كتابا عنوانه “المؤامرة الصهيونيّة والعالَم الإسلامي” (سُهيل الفاروقي مدير دعاية جماعتي إسلامي).. وهو منشور مضاد للرئيس المصري وللأمة المصرية. وقد ارتأت حكومة باكستان عندئذٍ أنّ هذا الكتاب معادٍ لمصالح الوحدة الإسلاميّة، لأنّه يدعو إلى تشجيع الاستياء بين العرب وفُرقة العالَم العربي، وأنّه ضدّ الرئيس جمال عبد الناصر خاصة والشعب المصري عامة. ولذلك مُنِع الكتاب في حكومة باكستان الإسلاميّة. (من ربوة إلى تل أبيب)

ولم يكن تحريم حكومة باكستان لمنشورات جماعتي إسلامي موضع ترحيب من قيادة هذه الجماعة الدينيّة الإسلاميّة الزائفة، ولذلك قدَّم قائدها الأعلى أبو الأعلى المودودي احتجاجا شديدا ضدَّ قرار الحكومة. (المرجع السابق)

جنرال ضياء الحق ومساعداته الفعَّالة لإسرائيل

ربما كانت منظمة التحرير الفلسطينيّة هي المنظمة العربية الوحيدة التي تمثّل تماما مصالح الشعب الفلسطيني الذي أُكرِه على العيش في المنفى بسبب الحكم الصهيوني في فلسطين؛ وكانت المنظمة هي الوحيدة التي أزعجت الصهاينة وحلفاءهم بنجاح وألجأتهم أن يُعيدوا تقييم سياستهم المضادّة لفلسطين والعرب في الشرق الأوسط.

ومن المهازل التي أسِفت لها الأمة الإسلامية جمعاء.. أنّه بينما لم تتمكن القوة الماديّة الإسرائيليّة من القضاء على تهديدات منظمة التحرير الفلسطينيّة على الحدود الإسرائيليّة الأردنيّة.. فإنّ عسكريًّا باكستانيًّا وعدُوًّا لدودا للأحمديّة ومتعاطفا مع المذهب الديوبندي الوهابي.. وكان مُعارا لحكومة الأردن.. هو الجنرال ضياء الحقّ رئيس باكستان الأسبق.. الذي انتهى أمره بعد أن تبخَّر جسده في الفضاء.. هو الذي سحقَ قوة منظمة التحرير الفلسطينيّة بدون رحمة أو هوادة.. بحجّة المحافظة على نفوذ الملك حسين في الأردن؛ ومن ثَم قضى على تهديد الفلسطينيين لدولة إسرائيل الصهيونيّة. (الموقف في باكستان تهديد لسلام العالم. زيوريخ)

(يتبع)

Share via
تابعونا على الفايس بوك