عرب ومسلمون في بلاد الفرنجة

عرب ومسلمون في بلاد الفرنجة

أحمد أبو مطر

يعيش في مملكة النرويج الاسكندنافية مايزيد عن ثلاثين ألف مسلم، يتوزعون على الجنسيات العربية والتركية والباكستانية والبنغلاديشية. وحصل آلاف منهم على الجنسية النرويجية، وآلاف آخرون سيحصلون عليها في غضون السنوات القادمة. وبذلك يمكننا القول أنه في عام 2000 سيكون على أرض النرويج أقلية نرويجية مسلمة من أصول عربية إسلامية، مطعمة بنكهة خاصة قوامها أولادهم وأحفادهم الذين ولدوا على أرض النرويج، وأجادوا بالتالي لغتها أفضل بكثير مما أجادوا لغاتهم الأم قراءة وكتابة. وتتزين هذه الأقلية بوجود أفراد -ربما يبلغون العشرين- من النرويجيين الذين كانوا يعتنقون المسيحية، ثم تحولوا عنها إلى الإسلام. وهذا ما يفسر عشرات المساجد الموزعة في المدن الرئيسية، خاصة “أوسلو” العاصمة. ولا نبالغ إذا قلنا أن نسبة المساجد مقارنة بعدد المسلمين أكثر من الكنائس. والأعجب أن الكنيسة تنفق على المسجد هنا. وهذا مثير للدهشة، ومثل راق على حرية الفكر والتعبير، وحرية ممارسة الدين بدون أي ضغوط أو عصبية.

“وبهذه المناسبة نعلن بكلثقة وقوة أن جماعتنا ومساجدنا في النرويج، أو في أي بلد آخر .. لا تأخذ، ولا تقبل دعمًا من أي حكومة أو جهة غير أبنائها”.

مسلمون بين ماض متعصب وحاضر متحرر

الجالية الإسلامية النرويجية هذه، عينة بشرية، كعباد الله من مشارق الأرض ومغاربها.. ففيهم آلاف مسلمون بالوراثة والإسم، متحررون من كافة أنواع الالتزام  والتحريم، فهم يصاحبون النساء النرويجيات، ويعيشون معهن في بيوت مغلقة، غير آبهين بقول “إذا اجتمع الرجل والمرأة في مكان وحدهما كان الشيطان ثالثهما”. فهم يجتمعون معهن بوعي وقصد من أجل هذا الشيطان، شيطان اللهو والجنس. ولا يجدون في أنفسهم حاجة حتى إلى قناع “زواج المتعة” الذي ما زالت تقرّه بعض المذاهب الإسلامية، ويوجد هنا من يأخذ به .. ويرون أنه في حقيقته مجرد تقنين للزنا الذي تحرمه كل المذاهب الإسلامية.

وحسب إفتاء مُنظِّر شيعي هنا، يرى أن زواج المتعة حلال، وطقوسه بسيطة للغاية.. فالمطلوب إذا اجتمع الرجل “المسلم” مع امرأة، سواء كانت مسلمة أو مسيحية أو يهودية .. أن يطلب منها المباشرة -أي ممارسة الجنس- على سنَّة الله ورسوله!! لمدة زمنية أجلها محدد بكذا: ساعة أو ساعتين، أسبوع أو شهر؛ مقابلَ أجرٍ مقداره كذا: دينار أو عشرة أو ألف .. المهم أن تحصل الموافقة والرضى من الطرفين، فتكون عندئذ مضاجعتها حلالاً زلالاً. ويستشهد بآية قرآنية تقول :

فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (النساء: 25).

ورغم هذه الفتوى السهلة التي تيسر الأمر نفسيا، إلا أن آلاف المسلمين بالاسم والوراثة.. لا يجدون أنفسهم بحاجة لممارسة الجنس مستندين إلى هذه الفتوى، لأن ما يمارسونه مع صديقاتهم، أو يهوديات أو حتى مسلمات، إنما يتم بالرضى، فالاغتصاب هنا ممنوع، ويعاقب عليه القانون على أنه جريمة جنائية.

وهناك آلاف آخرون من المسلمين، مثلهم.. كباقي البشر في كل أنحاء المعمورة ومن كل الجنسيات، يمارسون الفواحش والسرقة والاحتيال على قوانين الدولة وغير ذلك من الجرائم. وهناك أيضا قلة من المسلمين، تزدحم بهم الجوامع في صلاة الجمعة بالذات. وهذه القلة نفسها -سواء أكانت من السنة أم الشيعة- تقول عن نفسها أنها تعرف حدود دينها وفروضه، وتعرف الحلال من الحرام، وتدعي أن كل مغريات الدنيا لا يمكن أن تحرفهم عن طريق الخير والعبادة .. فــــ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (الحديد: 21)، وهم يطمعون في

تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (مريم: 64).

وهذه الفئة المسلمة المؤمنة التقية الورعة، تثير بممارستها وأفعالها هنا العديد من مسائل النقاش والحوار، مما يستدعي ضرورة مناقشتها، لأن هذه الممارسات والأفعال في حقيقتها تصب في بحر الإساءة للإسلام والمسلمين. وسوف أكتفي في هذا الدراسة بمناقشة اثنين من هذه الممارسات والأفعال:

علاقة المسلم بغير المسلم

تثار هذه المسألة في عدد من خطب أئمة المساجد هنا، وأغلب هؤلاء الأئمة غير متبحرين في أمور الدين وحقائقه، سنة كانوا أو شيعة. ومنهم شباب صغار السن. ربما لم يتجاوز ما قرأوه في علوم القرآن والحديث وأصول الدين كتابين أو ثلاثة. ومع ذلك تراهم يُشرّقون ويغرّبون، ويفتون بما ليس لهم به علم، وكأن المصلين يوم الجمعة أمامهم قطيع من الأنعام، ستقول سمعا وطاعة لكل ما يفتي به هذا الشاب الخطيب لمجرد أنه صاح به من فوق المنبر. وزَّع أحدهم شريطا مسجَّلا (كاسيت) بالمجان.. على أنه دعاية سياسية، تفضح اتفاق أوسلو “الخاص بموضوع فلسطين”، ونصح المؤمنين بنسخه وتوزيعه. قابلني بعد أسبوعين صدفه، وسألني: هل سمعت الشريط؟ أجبته: نعم، وهو شريط ضعيف، يخدم اتفاق أوسلو. فما علاقة هذه الأغاني والدروشة بالسياسة؟ فأجاب معتذرًا: لا أعرف، فأنا لم أسمع الشريط! سألته: وهل يليق بخطيب الجمعة أن يوزع مادة إعلامية دون سماعها؟ ماذا لو كذب عليك من أعطاك الكاسيت، وكانت المادة المسجلة عليه تدعو للكفر والفجور؟ فلم يجب، وهرول للَّحاق بالحافلة كي يصل إلى المسجد قبل موعد خطبة الجمعة!

هذا الصنف من رجال الدين المسلمين، في كل خطبة من خطب صلاة الجمعة، يدعو لنصر المسلمين على أعدائهم الكفار والملحدين. وأحيانا يذكرون “النصارى” أي المسيحيين بالاسم، مستشهدين بقول الله تعالى:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ (المائدة: 4).

وقوله تعالى:

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (آل عمران: 86).

ومع هذه الممارسة والدعوة ضد الكفار والنصارى، فإن هؤلاء المسلمين وأئمة المساجد منهم، يفعلون ما يلي:

أ- يقيمون في بلاد من يسمونهم الكفار، إقامة لأغراض دنيوية، إقامة مستمرة تربو على عشرين سنة عند بعضهم، متناسين عمدًا حديث النبي “أَنَا بَرِيء مِنْ كُلّ مُسْلِم يُقِيم بَيْن أَظْهُر الْمُشْرِكِينَ”؛ وقول عائشة عندما سُئلت عن الهجرة، فقالت:

“لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ كَانَ الْمُؤْمِنُ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ”؛

وقوله :

“لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا”..

آخّذين بتأويلات بعض العلماء لهذه الأحاديث، كي تناسب حاجات ومصالح دنيوية، رغم وضوح نصوصها وضوحا يجعلها لا تحتمل أي تأويل.

ب- يحمل العديد منهم الجنسية النرويجية، ويشارك في الانتخابات البلدية والنيابية، ويصوت في الغالب لواحد ممن يسميهم كفارا أو نصارى.

ج- يأخذون رواتب شهرية منتظمة من دوائر هؤلاء الذين يسمونهم كفارا أو نصارى، إما لأنهم جاءوا كلاجئين، أو لأنهم فقدوا أعمالهم .

كل هذه الممارسات يبيحها القانون النرويجي، وهي مسائل قانونية، وتدخل من وجهة النظر القانونية النرويجية في دائرة حق اللجوء السياسي، وضمان العمل والعيش وحرية الأديان.. ولكن السؤال الاحتجاجي: لماذا يقبل بكل ذلك هؤلاء المسلمون الذين يدّعون حرصهم على دينهم، وأنهم لا يبيعونه ولا ينحرفون عنه بكل متاع الدنيا؟ أرى أن هذا منهم مجرد إدعاء كاذب، فالإسلام عند غالبيتهم ستار يؤمن المصلحة الشخصية الفردية فقط، أما آيات القرآن وأحاديث الرسول فتأويلها جاهز حسب الظرف والزمان والمكان.

مصادرة الحريات والتهديد بالقتل

أو(خ.) الباكستاني ..و (و.) العراقي

و.ك. مثقفّ عراقي، يقيم في النرويج منذ سبع سنوات، وهو من العرب والمسلمين القلائل الذين امتلكوا ناصية اللغة النرويجية، بجدارة وثقة عاليتين، إلى درجة أنه يكتب بها شعرا ونثرا، وحاز بكتاباته حضورا واسعا في أوساط الصحافة النرويجية والمثقفين النرويج، وله بها كتابات كثيرة تدافع عن الحريات الديمقراطية، والتفرقة التي يلاقيها بعض الأجانب هنا، وتفند ادعاءات بعض الكتاب النرويج الموالين ظلما أو جهلا لإسرائيل، عبر مواقف تقدمية جريئة.. وتقارن علنا وبوضوح بين النازية وإسرائيل، وتبين أن إسرائيل أنشئت بدعم من الإمبريالية، وسخر من جماعة إسرائيل ومن يؤدونها ويروجون لها.

نشر كل هذه الأفكار والمواقف في عديد من المقالات والردود في مجلة (Agder posten) النرويجية، وفي الوقت ذاته له مواقف ومقالات تنقد الممارسات الخاطئة من بعض المسلمين أو التي في الثقافة الإسلامية. كل ذلك تمّ هنا باَسم القانون الذي يضمن حرية الفكر والتعبير لكل نرويجي أو مقيم على أرضها. وكان من الجائز أن تظل قافلة الحريات هذه تسير كما هي منذ عقود فوق هذه الأرض. ولولا سُعار بعض المتعصبين الجهلة .. الذين يتخذون الإسلام ستارا لظلام نفوسهم، معتقدين أنهم يعيشون في أدغال باكستان وليس فوق أرض تأخذ بالديمقراطية وحرية التعبير (النرويج)؛ أو كأنهم يعيشون في العصر الحجري وليس على أبواب القرن الحادي والعشرين.

ومن وسط هؤلاء المتعصبين بجهل بعيد عن تسامح الإسلام، خرج المدعو  خ. الباكستاني من أعضاء جمعية الثقافة الباكستانية، ليكتب في نفس المجلة التي يكتب فيها و. ك. ليعلن عن فتاويه التالية:

– “إن و.ك. يرمي القذارة على المجتمع الإسلامي والثقافة الإسلامية”.

– “إن و.ك. يكتب بسوء عن دينه الإسلامي وشعبه المسلم، وهو يؤذي المجتمع الإسلامي في النرويج”.

– “إذا أراد و.ك. مناقشة الإسلام، يجب عليه أن يتصل أولا بالمسلمين”.

ثم يُفجر خ. المفتي أخطر فتاويه – الخليلية أم الخمينية لا أدري!- ويقول – “إن و.ك. هو سلمان رشدي رقم 2”.

هذا وقد أفرزت فتاويه هذه مواقف جادة في أوساط المثقفين النرويج، فهُم شعب يرفض التعصب والاتهامات العشوائية ومصادرة حرية التعبير، لذلك جاءت فتاويه أشد إساءة للإسلام الذي نعتقد أن المفتي خ. لم يقرأه جيدا. ولا درس قرآنه الكريم واعيا، وهو الذي نصّ كثيرا على تعليم

وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل: 126).

ثم هل يدري خ. هذا خطورة تسميته لمثقف عربي بأنه (سلمان رشدي رقم2)؟ لأن هذا يطرح للنقاش -بصوت عال- خطورة هؤلاء المتعصبين بجهل. إن هذا يعني بوضوح أنه يهدر دمَه، كما من قبله الخميني دم سلمان رشدي رقم1. وهي الفتوى سيئة الصيت.. كانت لتصفية حسابات سياسية مع بريطانيا التي يحمل سلمان رشدي جنسيتها. وكانت محاولة اغتيال الناشر النرويجي لكتاب سلمان رشدي بمثابة صبّ الزيت على النار، رغم أن الشرطة لم تكتشف حتى الآن منفذها ودوافعه.

وقد تنادت مجموعة من المثقفين النرويج، فوقعوا ونشروا رسالة عامة. استنكروا فيها فتاوى خ. هذا ومما جاء في رسالتهم:

“لفد وجدت الدول العربية نفسها مرة في الماضي في مدخل مركز العالم والحضارة. فطوّرت علوم الفلك والرياضيات. وحافظت في القرون الوسطى على معارف الإغريق من أن يطويها النسيان.. وإن التسامح الثري والحرية هما مفتاح هذا الازدهار.

وتحت حكم الخلفاء المسلمين المتنورين تعايشت الأديان كلها جنبا إلى جنب: الإسلام والمسيحية واليهودية. كان الفكر حرا طليقا. وهذه الحرية هي نفسها التي عبّدت سبيل التقدم في الفكر والعلم والفن. في ذلك الوقت كانت الممالك الأوربية رجعية قمعية. وهذا ما جعل كثيرا من المسيحيين يفضلون العيش في بلدان إسلامية. أولئك النصارى الأوربيون كانوا هم اللاجئين في ذلك العصر. أما اليوم فقد انقلب الوضع؛ المسيحيون يكافحون ضد متعصبي الدين؛ ضد محاكم التفتيش. ثم حلّ الإصلاح، وبحرية الفكر نهضت أوربا إلى قيادة العلم والفن والأخلاق.. بينما كانت الغلبة في البلدان الإسلامية للتعصب واللاتسامح.

فبدأ الهبوط يعتري تلك البلدان.. التي كانت يوما في مرابع السعادة والذكاء. وصارت بلدان الإسلام تعاني من التطفل، والفقر، والتدني، والتعصب الديني، والحروب الداخلية، والنزاعات السياسية، والاغتيال السياسي.. مما حدا بملايين من العرب والإيران والباكستان إلى الهجرة من بلدانهم بحثا عن الحرية والرفاهية في بلاد الغرب..”

وتمضي رسالة المثقفين النرويج تقول: “وإذا بنا نفاجأ بأن (خ.) هذا من منظمة جمعية الثقافة الباكستانية، لا يتسامح مع و. ك. عندما ينتقد بعض جوانب الحياة الإسلامية السيئة. إننا نريد أن نحذر (خ.) ومن يفكرمثله: نحن النرويج نطلب بحسم من كل ضيف أن يحترم القوانين والأعراف النرويجية. نعم إن مقالات و.ك. نقدية، لكنها بالكامل ضمن التقليد الغربي. وتلتزم بحرية الفكر والرأي. ونحن لا نحبذ أن يهاجم خ. الجوانب الطيبة في الثقافة الغربية.. بالسلاح الذي استُخدم ضده وجعله يغادر بلده، لأن الجوانب الطيبة هي التي أنقذته من الملاحقة في بلاده. وفضلا عن ذلك نطالب (خ.) بجواب واضح عما يعنيه من ادعائه أن و.ك. هو سلمان رشدي رقم 2؟ هل معنى ذلك أن (خ.) سيقتل “سلمان رشدي” إذا سنحت له الفرصة؟ نحن نطلب جوابا.”.

ونحن نقول: إن هؤلاء المتعصبين للإسلام عن جهل بحقيقة الإسلام، هم أفضل وأقدر من يسيء للإسلام. فالإسلام دين الله تعالى القائل وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ (الإسراء: 37)، وهو دين محمد القائل:

“لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفُسُوقِ وَلَا يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ”

فمن أدراهم بقلوب الناس؟ لقد ردّ محمد بنفسه على خالد بن الوليد عندما قال:

“وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ”.

لذلك فليرتدع مستخدمو الإسلام سوطًا يحاربون به حرية الفكر والتعبير، ويصادرون حرية البشر التي ضمنَها الإسلام. وإن كانوا مصرِّين على المضي في هذه الغِواية، فلماذا هربوا من بلادهم طالبين الحرية واللجوء؟ ألا يشعرون بتناقض أقوالهم مع أفعالهم؟ ألا يعرفون أنهم أبشع من يسيء للإسلام؟ فلنُعِد للإسلام صورته السمحة، صورةَ العصور التي سمحت لكل الأفكار بأن تزدهر، العصور التي سمحت لأحمد بن تيمية أن يهجر علنا بآراء خطيرة للغاية دون أن يسفِك دمه أحد. وهي آراء إذا قورنت بما قاله سَلمان رشدي، لاستحق ابن تيمية -بحسب أحكام هؤلاء المتعصبين- حُكم الموت عشرات المرات، ورغم ذلك لم يتعرض لقتله أحد. شتان ما بين عصر ابن تيمية.. وعصر (خ.) مسلم آخر الزمان!

Share via
تابعونا على الفايس بوك