سيرة المهدي - الجزء 2 الحلقة 26

ألقى حضرته كلمة حول انكشاف الأمور على أولياء الله

  • سيد فضل شاه ليس من المولين الدبر
  • أقيمت صلاة الاستسقاء في المكان المخصص لصلاة العيد

__

كثير من الأمور تنكشف على أولياء الله بالمكاشفات

417- بسم الله الرحمن الرحيم. لقد كتب بير سراج الحق في كتابه «تذكرة المهدي» ج2 أن عددا من الإخوة أقبلوا من خارج قاديان مرة وكان إخوة آخرون أيضا موجودين لدى حضرته ومنهم: حضرة الخليفة الأول، ومنشي محمد أرورا، والمولوي عبد القادر، والخواجه كمال الدين، والمولوي محمد علي، وشيخ غلام أحمد، والدكتور مرزا يعقوب بيك وغيرهم؛ وقد ذُكر في هذا المجلس أن كثيرا من الأمور تنكشف على أولياء الله من خلال المكاشفات. فألقى حضرته كلمة حول هذا الموضوع ثم قال: لقد أُريت اليوم أن بعضًا من الحاضرين والجالسين هنا الآن، مولّين عنا الدبر، وإنهم معرضون عنا. لقد خاف الجميع عند سماع هذا القول وأخذوا يستغفرون، فلما قام ودخل بيته وقف سيد فضل شاه قلقًا ومضطربًا جدًّا، وقد شحب وجهه، فذهب وقرع باب حضرته. فتح حضرته الباب وسأله مبتسمًا: ما الأمر يا شاه صاحب؟ قال: لا أستطيع أن أحلّفك باليمين لأنه خلاف للأدب، فإنني لا أسأل عن حال الآخرين بل أرجوكم أن تخبروني عن حالي، إذا كنتُ من أولئك المنحرفين أم لا؟ ضحك حضرته كثيرا ثم قال: كلا، يا شاه صاحب! لست منهم. ثم أغلق الباب وهو يضحك، وكأنما رُدَّت إلى شاه صاحب روحه.

المُناخ اللطيف والطقس الحار، وصلاة الاستسقاء في عهد المسيح الموعود

418. – بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي فقال: أخبرتني زوجتي أن صلاة الاستسقاء قد أقيمت في قاديان أيام المسيح الموعود ، وفي المكان ذاته المخصص لأداء صلاة العيد، وبعد ذلك تجمّعت الغيوم قبيل مساء ذلك اليوم نفسه. قال المولوي شير علي: لا أذكر هذه الصلاة، إنما أذكر أنه في زمن المسيح الموعود ساد شعور بلطف المُناخ، وأن الحر لم يكن يدوم طويلا، بل كان الجوُّ لطيفًا عمومًا لهطول الأمطار وهبوب الرياح الباردة في وقتها المناسب، بل أذكر أن المُناخ اللطيف كان مثار حديث الناس عموما آنذاك، وأن القيظ ما كان يستمر أياما إلا وتداركت الناسَ رحمةُ الله بما يُلطِّف الجو.

أقول: أخبرني إخوة آخرون أن صلاة الاستسقاء لم تُقَمْ في عهد المسيح الموعود ، ولكن حتى لو كانت أقيمت، فلا تعارض بين الأمرين، إذ من الممكن أن يكون المُناخ اللطيف هو السائد زمن المسيح الموعود ، ولكن تتخلل ذلك المُناخ اللطيف بعض الفترات يكون الحر فيها أشد من المعتاد، ولعل الأمطار قد حُبست لفترة أطول، مما أدى إلى الشعور بالحاجة إلى أداء صلاة الاستسقاء.

فلا تعارض بين لُطف المُناخ عمومًا وأداء صلاة الاستسقاء مرة خلال تلك الفترة.

وجدير بالذكر أنه في الفترة التي كان المُناخ لطيفًا فيها عمومًا أخذ الناس مع تغيُّر الطقس يشكون شدة الحر، ولو كان يسيرا، لاعتيادهم المناخ اللطيف، فالتغير الطفيف أيضا يؤذيهم. فإن أقيمت صلاة الاستسقاء على عهد المسيح الموعود فلا بدّ أنها أقيمت نتيجة لمثل هذا الشعور العارض بالحر، أي بسبب اعتياد الناس مناخا لطيفًا شعر بعضهم، عند ارتفاع الحرارة قليلا، بالحاجة إلى إقامة صلاة الاستسقاء.

إضافة إلى ما قيل، ينبغي الأخذ في الاعتبار أن لطف المناخ كان الشعور السائد، وإن تخللت ذلك المناخ فترات يدوم الطقس الحار فيها بضعة أيام، فسرعان ما يعود إلى طبيعته؛ فإنه أمر نسبي، ولا يعني أن نظام الكون قد تغير في زمن المسيح الموعود وتحول الصيف إلى شتاء، بل المراد منه أن فضل الله الخاص كان يتدارك الناس، بحيث لم يدم الطقس الحار طويلا، وكان الجو يتلطف بهطول الأمطار وهبوب النسيم العليل في الوقت المناسب، فكان فصل الصيف هو هو، وفصل الشتاء هو هو. وهذا الأمر متسق تماما وقوانين الطبيعة العامة، ويَثْبُتُ من علم الجغرافيا ومن التجربة والمشاهدة أن تغيُّرًا ما يطرأ أحيانًا في موسم هطول الأمطار وهبوب الرياح الباردة، ولا يكون هذا التغيُّر على نفس المنوال في كل عصر وزمان، بل أحيانًا تقل الأمطار والرياح الباردة فتشتد الحرارة، وأحيانًا أخرى تجتمع الغيوم وتنـزل الأمطار وتهب الرياح في وقتها مما يخفف من شدة القيظ. وتشهد بذلك سجلات الأرصاد الجوية الحكومية.

فلا عجب إن اجتمعت في عصر المسيح الموعود مثل هذه الأسباب التي تؤدي إلى تلطيف الجو عمومًا، ولا علاقة لذلك بأمر خارق للعادة. والله أعلم.

الحقيقة أن الله تعالى يُعين عباده الأطهار على طريقين. أحدهما: أنه يعينهم بِقَدَرِهِ العام، أي يجمع لهم وفق قدره العام أسبابًا توجب تأييدهم وإعانتهم. ومن كان لهم حظّ أوفر من البصيرة يرى في مثل هذه الأمور أيضا تجلِّيَ قدرة الله تعالى، أما العامة فلا يرون أمرًا خارقًا للعادة في مثل هذه الأحوال، لأنه يمكن شرح هذه الأمور من خلال القانون المعروف لِقَدَرِ الله تعالى.

وثانيهما: أنه يعينهم بقدره الخاص الذي لا دخل للقدر العام المعروف فيه، وهو ما يسمى عمومًا بالمعجزة، أو خرق العادة،  وإن كان في طور الخفاء أيضًا إلى حدّ ما وفق سنة الله تعالى، ولكن كل عاقل لم يُعْمِهِ التعصب يرى في ذلك تجليًّا خاصًّا لقدرة الله تعالى. فإذا كان الله تعالى قد هيأ في عصر المسيح الموعود وفق قَدَرِهِ العام أسبابًا تؤدي عمومًا إلى لُطف المُناخ بحيث تهطل الأمطار وتهب الرياح الباردة عند الضرورة، بما يحول دون حلول الطقس الحار، فلا عجب في ذلك. فإذا كان الله تعالى من ناحية قد هيأ وفق قدره العام مرافق البريد والبرقيات والقطار والباخرة والمطبعة وغيرها من أجل تسهيل مهمة المسيح الموعود ، ومن ناحية أخرى قد أظهر آلاف الآيات الخارقة للعادة، فكذلك إذا هيأ بقدره العام ظروفًا أدت إلى عدم ارتفاع حرارة الجو، نظرًا إلى ما سيقوم به حضرته بوجه خاص من أعمال التأليف التي تقتضي جوًّا لطيفًا، فلا يدعو ذلك إلى أي اعتراض لدى أي مؤمن عاقل. أما إقامة صلاة الاستسقاء في عهد المسيح الموعود فهنالك تعارض بينها وبين ما قلنا وفق ما تقدّم بيانه. والله أعلم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك