سيرة المهدي - الجزء 2 الحلقة 2

سيرة المهدي – الجزء 2 الحلقة 2

مرزا بشير أحمد

  • إعلان حضرته بكونه مسيحان أحدث ضجا كبيرا في العالم
  • دعا حضرته واستعانه في هذه الحالة الصعبة.
    • حدث زلزال كبير في أبريل 1905

__

357- بسم الله الرحمن الرحيم أقول: عندما أعلن المسيح الموعود عليه السلام كونه مسيحًا موعودًا ومهديًا معهودًا أحدث ذلك ضجّة كبيرة في العالم الإسلامي، ظل هذا الطوفان في ازدياد مستمر لعدة سنوات وأخذت نار المعارضة تزداد اشتعالا وضرامة، حيث اتحد المسلمون ضده بل شاركهم الآريا والمسيحيون أيضا، وقام الجميع بمعارضته، وأخذوا يبثون ضده سمومًا ويشتمونه شتائم لا مزيد عليها، وسلكوا لإيذائه طُرقًا شنيعة، واتّهموه باتهامات شتى ليسيء الناس الظنّ به؛ ونعتوه بالكافر والمرتد والدجال واللاديني والملحد وعدو الإسلام وعدو الرسول والمخادع والتاجر وغيرها من الأسماء. وأذكر فيما يلي تلك الكلمات التي دعا بها ربّه منعزلا وناجاه بها في هذه الظروف. إنها قصيدة جرت أبياتها على لسانه وهي تقدم صورة عن الحالة القلبية لحضرته، يقول حضرته باللغة الفارسية ما معناه:

«أيها القادر خالق الأرض والسماء ويا أيها الرحيم اللطيف الهادي، يا من هو مطلع على ما في القلوب، ويا من لا يخفى عليه شيء

إذا كنت تراني مليئًا بالفسق والشر، وإذا كنت وجدتني سيئ الطوية

فمزِّقني أنا السيئَ كل ممزق، وأفرحْ زمرة المعارضين وأرِحْ قلوبهم

وأنزل على قلوبهم غيث رحمتك، وحقق جميع أمانيهم بفضلك

وإذا كنتُ كما يصفونني فأمطر نارَ غضبك على جدراني وأبوابي، وكن لي عدوا ودَمِّر كل أعمالي

أما إذا كنت تراني يا مولاي مطيعا وبارًّا لك ووجدتَني اتخذتُ عتباتك قبلةً لي

ورأيت في قلبي حبَّا أخفيت سِرَّه عن العالم

فعاملْني بحب، واكشف لي شيئا من هذه الأسرار

يا من تأتي بنفسك إلى كل باحث ويا مطلع على لوعةِ كل ملتاع في حبّك

أتوسل إليك بعلاقتي بك، وبالحب الذي زرعتَه في قلبي

أن تهبّ لتبرئة ساحتي، وتنبري لتبرئتي من هذه الاتهامات، فأنت كهفي وملجئي ومأواي

إن نار الحب التي أضرمتها في قلبي والتي أحرقتَ بلهيبها حبَّ كلّ من سواك

بضوء هذه النار نفسها نوِّر وجهي أيضا، وبدِّل ليلتي الحالكة هذه نهارا مضيئا.

أقول: إن كلام الإنسان أحيانًا يمثل شهادة يقينية على صدق دعواه.

358– بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني شودري حاكم علي وقال: عندما حدث زلزال كبير في أبريل 1905 وأقام المسيح الموعود في بستانه وانتقل إليه معظم الإخوة أيضا، كنت قد جئت إلى قاديان في تلك الأيام مع عائلتي، فبعد انتقال حضرته إلى البستان انتشر الطاعون في قاديان. قلت لحضرته: لقد انتقلت إلى هذا البستان، وانتقل معظم الإخوة أيضا؛ ودبّر الجميع هنا مكان الإقامة لهم، أما أنا فليس عندي خيمة ولا ثوب أو رداء أستظل به ولا يسعني تأمين أية حاجة أخرى. قال حضرته: انتقلنا إلى هنا بسبب الزلزال، ولكن الآن قد قد تفشى الطاعون في البلدة، وبما أن الله تعالى قد جاء بنا إلى هنا قبل هذه الحالة لذلك نرى أنها مشيئة الله لسبب ما أن نظل ههنا في الوقت الحالي، وإلا فليس في بالي شيء آخر. يمكنك أن تذهب إلى دارنا في البلدة إذ لا يوجد مكانٌ أكثر أمنًا منه. فجئت إلى دار حضرته وأقمت هناك.

أقول: هذا حكم شرعي أنه ينبغي عدم التوجه إلى مكان يتفشى فيه الطاعون أو أي وباء آخر وينبغي لأهل هذه المنطقة ألا يخرجوا منها وينتقلوا إلى قرية أخرى لأن ذلك يؤدي إلى نشر هذا الوباء أكثر، وهذا لا يعني عدم الخروج من بؤرة الوباء والإقامة في السهول الفسيحة حولها، وذلك لأن الإقامة في السهول الفسيحة حول المنطقة المؤبوءة لا يؤدي إلى نشر الوباء كما يؤدي إليه الانتقال إلى الأماكن المأهولة الأخرى، بل هو مفيد جدًّا إلى حد كبير لوضع حدّ دون انتشار المرض. فلقد منعت الشريعة الخروج من المنطقة الموبوءة إلى منطقة مأهولة أخرى وإلى جانب ذلك استحسنت الانتقال إلى السهول الفارغة المجاورة للمنطقة الموبوءة. أما المسيح الموعود فكانت حالته استثنائية إذ أطلعه الله تعالى بأنه لن يموت أحد في داره (المادية والروحانية) بالطاعون، لأن مثل هؤلاء سيكونون في حفظ الله الخاص. وهذا ما حصل على صعيد الواقع، إذ انتشر الطاعون مرارًا في قاديان في حياة المسيح الموعود وأحيانًا كانت هجمته قوية أيضا، إلا أنه لم يمت في داره بهذا الوباء إنسان ولا حتى فأر، مع أن تأثير الطاعون كان قد وصل إلى ما حول بيته حتى أن حالات إصابة بالطاعون قد حصلت في البيوت المتصلة ببيت حضرته إلا أن بيته بفضل الله تعالى بقي في مأمن بحسب وعد الله تعالى. كذلك يعلم الله تعالى حقيقةً من يدخل في داره الروحانية، ولا يمكن الاستدلال يقينًا بالبيعة والحالة الظاهرية على الحالة الروحانية، مع كل ذلك بقي خدامه المخلصون عمومًا محفوظين بصورة بارزة من أثر هذا المرض، وصار مرض الطاعون بحسب وعد الله تعالى ذريعة لنشر الجماعة الأحمدية وازدهارها بطريقة خارقة للعادة. فإذا اطلعنا على تاريخ ازدهار الجماعة لاتضح جليا أن الازدهار الذي حققته الجماعة في أيام الطاعون لم يحصل مثله إلى الآن في أية حقبة زمنية أخرى لا قبل حدوث الطاعون ولا بعده. كان الخليفة الثاني يقول: في الأيام التي كان الطاعون فيها على أشده في البنجاب كانت تصل إلى حضرته خمسمئة رسالة للبيعة يوميًا. وقد حدث كل ذلك بحسب النبوءة الإلهية التي نُشرتْ من قِبل المسيح الموعود قبل هذا الوقت.

Share via
تابعونا على الفايس بوك