حول اجتماع القمة الإسلامية في المغرب

حول اجتماع القمة الإسلامية في المغرب

قطب الدين

مؤتمر حلفاء أمريكا

 

لم نكن نتوقع من المؤتمر الذي اطلق عليه ظلما اسم “القمة الإسلامية” في الدار البيضاء أن يتخذ قرارا بإرسال الجيوش الى فلسطين أو البوسنة والهرسك. أو على الأقل إرسال قوات للفصل بين الفصائل المتقاتلة في أفغانستان. لكننا توقعنا، كالعادة، أن تكون المواضيع الساخنة – الدامية على الساحة الإسلامية، على رأس أولويات القضايا التي يعالجها مؤتمر “أمير المؤمنين” الحسن الثاني.

ملايين المسلمين في جميع انحاء العالم يتعرضون لحملات الإبادة الجماعية في سراييفو وجروزني (الشيشان) وكشمير وغيرها، قدس الأقداس، تمتد اليها يوميا اذرع أخطبوط الاستيطان وفرض الأمر الواقع و”المؤتمرون” في الدار البيضاء يركزون في مناقشاتهم على دعم المسيرة السلمية وعلى تشكيل لجنة “إسلامية للبت في شؤون الفقه والتفسير” لمحاربة أفكار الإسلاميين التي تشوه الإسلام في عيون الغرب”….يجوز لنا إذن أن نسمي هذا المؤتمر، مؤتمر حلفاء أمريكا – لتطبيع ما لم يطبع حتى الآن وترسيخ الولاء للبيت الأبيض، حارسهم الأمين، كي يضمنوا له مصالحه في السيطرة على مقدرات الأمة العربية والإسلامية.

صحيفة كل العرب   أسبوعية    الجمعة 16/12/1994   الناصرة

 في 13 ديسمبر 1994 عقدت في الدار البيضاء بالمغرب القمة الإسلامية السابعة، وقد اشترك فيها رؤساء وممثلون من 52 بلدا إسلاميا.

لم يتفق هؤلاء في هذه القمة على أي قرار جاد يمكن العمل به. ويرجع ذلك إلى ما يوجد بين حكام الدول الإسلامية من اختلافات وخلافات واسعة، مثلما يوجد بين العراق والبلاد الإسلامية الأخرى من سخط وعداوة. والتراشق بالتهم بين إيران ومصر، وما بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية من خلافات حول قضية الإشراف على الأماكن المقدسة في القدس، والتي رجع بسببها العاهل الأردني إلى بلده قبل الجلسة النهائية.

لقد نشرت حول هذه القمة تقارير وتعليقات متنوعة في صحف العالم، نقدم منها ما جاء في افتتاحية جريدة (كل العرب) الواسعة الانتشار.. والصادرة من (الناصرة).

بقراءة هذه التعليق يحق لكل مسلم ذي قلب حساس تجاه قضايا الإمة الإسلامية أن يسأل حكام البلاد الإسلامية: ماذا فعلوا عمليا لحماية البوسنيين المقهورين.. وقد قتل منهم مئات الآلاف بأيدي الأعداء، أم سيكتفون بما يرفعون من دعاوى فارغة باللسان فقط؟

لقد مات ألوف الأطفال في العراق بسبب نقص الدواء والغذاء. ويموت مئات منهم يوميا .. فهل قام هؤلاء الحكام المسلمون بأية خطوة لوقاية هؤلاء الأبرياء من الموت؟

لا يزال “الجهاد الإسلامي” جاريا في أفغانستان بين الفئات المسلمة المتناحرة.. فهل أحسَّوا بضرورة إيقاف هذا الجهاد الإسلامي. أم يرون أنه سوف يتوقف الجهاد تلقائيا عندما يصبح هذا البلد الإسلامي التعيس أنقاضا؟

هذه مسائل سياسية. ولنتركها جانبا: ولنفترض أن حلّها لم يكن ممكنا لما يوجد بين الرؤساء والحكام الإسلاميين من اختلافات. ولكن هناك قضايا أساسية هامة ومشتركة بين كل العالم الإسلامي. مثلا.. تقول مجلة (العالم) الأسبوعية في عددها بتاريخ12/6/89.

“يعيش على الكرة الأرضية اليوم 1000 مليون مسلم منهم 600 مليون تقريبا أميون. إن مسئولية محو الأمية من هذا العدد الرهيب من المسلمين تقع أول ما تقع على هؤلاء الحكام المجتمعين لمثل هذه القمم”.

ولكنهم لا يفكرون بجدية في هذه الضرورة الأساسية والمسألة الحيوية. وهناك الكثير الكثير من مثل هذه المسائلل بدون حل.

إننا إذ نعرض هذه المأساة الرهيبة الرؤوفة بأمة المصطفى أن نبيهم قد نصحهم: “إِنَّمَا الْإِمَام جُنَّة يُقَاتَل مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ”. (صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الإمارة).

والحق أن المسلمين لن يحموا أنفسهم اليوم من الدسائس وخطط الدجال ودسائسه الخطيرة مالم يحصنوا أنفسهم داخل الجنة (القلعة أو الحصن) السماوية: وهذه الجنة السماوية هي إمام هذا العصر.. سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود الذي عيّنه الله تحقيقا لنبأ المصطفى .. لإحياء الإسلام في القلوب والعمل من جديد.

وفي هذا الوقت فإن الإمام الحالي للجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية هو ذلك الإمام الذي يمكن للمسلمين أن يحاربوا الحرب الروحانية العصرية. وإنه في هذا الوقت هو الجنة التي يمكن أن يتقوا بها من هجمات الأعداء. ولا ملاذ لهم بعد الله سواه. وسواء قبل إخواننا المسلمون قولنا هذا أم لم يقبلوا به.. فإنه الحق. وما علينا إلا البلاغ.

لقد خاطب إمامنا الحالي العالم الإسلامي مرة بهذه الكلمات المشبوبة بالأسى والألم وقال: “ولكوني إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية.. أقدم نصيحة ملحّة متواضعة إلى جميع إخواننا المسلمين. بغضّ النظر عن أنهم يعتبروننا إخوة لهم أم لا. إن أمة سيدنا محمد تتعرض لأشد الأخطار. وإن كل القوى المناهضة للإسلام تتلمس الذرائع لنتدخل حتى في أموركم البسيطة. ولقد مضي عليكم دهر طويل وهم يتلاعبون بكم كقطع الشطرنج لا حول لكم ولا قوة. ويضر بعضكم البعض ضررا بليغا. فعليكم من الآن أن تتمسكوا بالتقوى أشد التمسك ان أمة محمد المصطفى ينظر إليها في العالم اليوم بنظرة العار. ويتخذون منها أضحوكة. تنظر كل القوى العظمى في عالمنا إلى العالم الإسلامي بازدراء شديد. وتشعر أن دول المسلمين في قبضتهم كالفأر بين براثن القط. بوسعهم أن يلعبوا بهم كيفما يشاءون ووقتما يشاءون.. وأن يمسكوا بهم قبل أن يدخلوا الجحر. هذا هو الحال المخجل الذي يمثل أشد العار. ويلطخ وجه العالم الإسلامي باستمرار. فيتضرر شرف الإسلام ومكانته. فاتقوا الله تعالى. وارجعوا إلى تعاليم الإسلام. فليس لكم من ملجأ سواه.

ثمرة الرفض

وإني لأشعر بأن هذه المرحلة من المحن والانحطاط وما يرافقها من بؤس وشقاء.. ليس سوى ثمرة رفضهم للإمام المهدي والمسيح الموعود . لا شك في هذا أبدا. ورسالتي الأخيرة لكم بهذا الصدد أن عليكم الإذعان لإمام الوقت. عليكم بقبول كل من يقيمه الله لكم، فهو الذي لديه المقدرة على قيادتكم. ومن دونه. تكونون كجسد بلا رأس: يبدو في الظاهر حيَّا، والأطراف تضطرب من الألم والوجع، ولكن الرأس هو الذي جعله الله لهداية الجسد وقيادته. فعليكم بالعودة وتوطيد علاقتكم بالقيادة الربانية.

بعد رفض القيادة التي أقامها الله تعالى لا سبيل لكم إلى السلام والرخاء. لقد طال زمن المحن.. يجب أن تتوبوا إلى الله وتسعوا إلى غفرانه تعالى. دعوني أؤكد لكم.. أنه مهما كانت الأمور قد أوغلت في السوء .. لو أنكم استسلمتم اليوم للقيادة التي أقامها الله تعالى فإنكم ستنهضون قوة كبرى في هذه الدنيا. بل وسوف تنشط الحركة العظمى لسيادة الإسلام.. بحيث لن تستطيع قوة أخرى حربها. وأن ما يتطلب قرونا مديدة سوف يصبح مسألة عقود معدودة، بل سنوات قلائل.

وسواء لحقتم بنا أم لا، فإن الجماعة الإسلامية الأحمدية سوف تخاطر بالجسم والروح والمال كما هو دأبها.. من تقديم التضحيات في الماضي والحاضر. ولن تتوقف عن تقديم التضحيات في الغد كذلك. ولسوف يكتب شرف النصر النهائي من قدَر الجماعة الإسلامية الأحمدية وحدها.

فهلموا وكونوا من أهل هذا الحظ التاريخي الطيب المبارك. عسى الله تعالى أن يوفقكم إلى فعل ذلك. وعسى الله تعالى أن يوفقنا في خدمتكم. لقد وهبتم أفضل الخدام الذين هم – باسم الله تعالى وفي سبيله. وفي حب المصطفى مستعدون متشوقون في كل وقت عصيب أن يقدموا التضحيات من أجلكم. ولكنكم لا تنتفعون بهم وتحرمون أنفسكم من خدماتهم. وإن هذا لمن أشد سوء حظ العالم الإسلامي في الزمن الحاضر. عسى الله تعالى أن يمنحكم الفطنة والفهم!

أما عن الجماعة الإسلامية الأحمدية فإن نصيحتي لكم.. أنه سواء انتفعوا بكم أم لا. وسواء عدُّوكم إخوة لهم أم لا. عليكم من خلال الدعاء أن تدأبوا على مساعدة أمة محمد . وألا تنسوا أبدا تعاليم المسيح والإمام المهدي :

يا قلبُ.. تذكَّر دائما أن هؤلاء المعارضين من المسلمين..

ينتسبون إلى النبي الحبيب.. ويدَّعون حبَّه..

فمن أجل ذلك الحبيب ترفق بهم دائما.

عسى الله تعالى أن يوفقنا إلى فعل ذلك. آمين!

فتعالوا واشتركوا معنا في هذه السعادة التاريخية.  وفقكم الله لذلك!

(كارثة الخليج والنظام العالمي الجديد- ص5)

Share via
تابعونا على الفايس بوك