تحقق وعد الله لنوح عليه السلام
  • سخرية أهل الدنيا من الأنبياء
  • العذاب الحقيقي ما كان فيه خزي
  • الطوفان وسفينة نوح وما فيها
  • الإيمان والأدب وعباد الله المقربون
__
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ   (هود: 39)

شرح الكلمات:

نسخر: من أساليب اللغة العربية أنهم يستخدمون الفعل نفسه كجزاءٍ عليه. وقد اتبع القرآن هذا الأسلوب في عدة مواضع منه كقوله تعالى وجزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مثلها (الشورى: 41)، وقوله فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم (البقرة: 195). والظاهر أن الجزاء على العدوان لا يُعدّ عدوانًا، وإنما العدوان أن يعاقَب المعتدي بأكثر مما يستحقه من العقاب. كذلك قال الشاعر: وداوَوا بالجنون من الجنون (ديوان الحمـاسة). فقـد أطـلق الجنون على جـزاء العـمل الجنوني. وهكذا قال نوح إن تسخـروا منا فإنا نسـخر منكم .

التفسـير:

كلما بعث الله رسولاً قابله أهل الدنيا بالسخرية والاسـتخفاف، وبما أنه يعرض على الدنـيا ما لا تكون أفهامهم جاهزة بعد لإدراكه واستيعابه، لذا يجد الأشرار فرصة سانحة للازدراء به أكثر فأكثر. ولكن هؤلاء الحمقى لا يفكرون أن غاية بعثته لا بد أن تكون أسمى من إدراك العقل البشـري عندئذ، وإلا لما كانت هناك حاجة لإرساله. ذلك أن الرسل لا يُبعثون إلا عند فشل النـاس في التحرر مما هم فيه من مِحن وخطوب بما تملـيه عليهم أفهامهم من حلول قياسًـا بالظـروف المحيطـة بهم، بل إنهـا تقرّبهـم إلى هذا الهلاك أكـثر فأكثر. فيبـعث الله رسله ليأخذوا بأيديـهم ويرشـدوهم إلى الصواب. ولكن بما أن وصـفتهم العلاجية تكون غريبة على القوم ولا عهـد لهم بها، فإنهم يعتبرونها خاطئةً بطبيـعة الحال، مما يتيح الفرصـة لأعـداء الحق أن يثـيروا الطعـن والسـخرية. ولكن ماذا تكون النتـيجة يا تُرى؟ إن أنبياء الله وأتـباعهـم لا بد أن يخرجوا من ساحـة الحرب منتـصرين بينما يصبح أعداؤهـم في عداد الأغبياء المهـزومين إلى الأبد.

فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (هود: 40)

شرح الكلمات:

يُخزي: أخزاه: أوقعه في الخِزي وأهانه. أخزى الله فلانا: فَضَحَه (الأقرب)

يحلّ: حل عليه الأمر: وَجَبَ (الأقرب)

التفسـير:

قوله تعالى (عذاب يُخزيه).. اعلم أن العذاب صنوف وألوان، فمنه ما يجعل الآخرين ينظرون إلى من حل به العذاب نظرةَ رحمةٍ وشفقة، فمثلا عندما ينهدم بيت أحد يعامله الناس بالرحمة ويواسونه، ولا يسبب هذا النوع من العذاب أي خزي ولا هوان لصاحبه. ولكن من العذاب ما يجلب لصاحبه الذل والهوان أيضا، كأن ينكشف خداع أحد بين الناس، ففيه عذاب وافتضاح أيضا، أو كأن يُجعلَ عبرةً للآخرين، ومثاله ما حل بقوم نوح حيث لا تنفك تلك الكارثة الهائلة ماثلة في أذهان العالم كعبرة ثابتة.

الله تعالى أمر نوحاً أن يأخذ معه في السفينة زوجين من كل حيوان كان بحاجة إليه. وهذا المعنى معقول ومنطقي جداً، وإلا نضطر للقول غير المعقول بأنه حشد فيها ملايين الحيوانات من الدواجن وحشرات الأرض ووحوش الغاب وغيرها، وأن ضخامة سفينته كانت تساوي ربع الكرة الأرضية تقريبا!!

وأشار بقوله (عذاب مقيم) إلى أنه سيكون من العذاب الذي يصيبكم في الدنيا، كما ستذوقونه في الآخرة أيضا. وكأنما يقول: إنما العذاب الحقيقي ما يجلب لصاحبه الذلة الأبدية التي لا تنمحي آثارها، بل تلازمه وتهلكه. فلا ضير من استهزائكم بنا لأنه شيء عابر ولا يسبب لنا خـزيًا ولا عارًا حقـيقيًا، ولكن يجب أن يخـاف ويقلق مَن سيصيبه عذاب باقٍ وخـزي أبدي.

حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (هود: 41)

شرح الكلمات:

فَارَ: جاش؛ فارت القِدر: جاشَت وغلَت. فار الماء: نبع من الأرض وجرى (الأقرب)

التنّور: المكانُ الذي يُخبزُ فيه؛ كلُّ مفجر ماء؛ محفلُ (أي مجتمع) ماءِ الوادي (الأقرب). وقال صاحب تفسير البحر المحيط: “هو مجاز، والمراد غلبةُ الماء وظهور العذاب، كما قال لشدة الحرب: حَمِيَ الوطيس. والوطيس أيضا مستوقد النار، فلا فرق بين حَمي وفار إذ يُستعملان في النار، قال الله تعالى: (سمعوا لها شهيقاً وهي تفور)، كما لا فرق بين الوطيس والتنور”.

زوجين: الزوج: كلُّ واحدٍ ومعه آخر من جنسه (الأقرب). فالمراد من قوله تعالى (احملْ فيها مِن كلٍّ زوجين اثنين): خُذ معك في السفينة من كل حيوان لا بد من حمله زوجين اثنين أي الذكر والأنثى.

التفسـير:

استمر الأعداء في النقاش والجدال والسخرية من جانبهم، وتمسك سيدنا نوح بأهداب الصبر، متوكلاً على نصرة الله، إلى أن تفجرت الينابيع بالماء وجرت المياه على وجه الأرض. مع العلم أن الطوفان لم يأتِ بسبب انفجار العيون الأرضية وحدها، بل كانت الأمطار الغزيرة هي المصدر الحقيقي لمياه الفيضان، كما صرح القرآن بذلك في عدة أماكن منه. لقد نزلت الأمطار بكثرة وغزارة قبل العذاب بحيث غطت المياه كل مكان، وكما يحدث إبان هطول الأمطار بكثرة فإن العيون الأرضية أيضا تفجرت بالمياه بغزارة، وهذه المياه السماوية والأرضية تسببت معًا في دمار أهل المنطقة. فقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بقوله: ففتحنا أبواب السمـاء بماء منهـمر، وفجّرنا الأرض عيونًا فالتقى الماء على أمرٍ قد قُدِرَ (القمر: 12 و 13)، وبقـوله تعالى يا أرضُ ابلَعِي ماءك وياسماء أقْلِعـي (هود: 45).

وهذه ظاهرة طبيعية تشاهَد بكثرة، لأن هطول الأمطار الغزيرة يتسبب في فوران العيون الأرضية بكثرة، ولا سيما في المناطق الجبلية، حيث يجرى الماء في العيون نتيجة ذوبان الثلوج المتراكمة على أعالي الجبال، وإن نزول الأمطار يزيد الثلوج ذوبانًا، وبالتالي يؤدي إلى زيادة المياه الأرضية. والثابت من القرآن الكريم أن سيدنا نوح كان يسكن في منطقة جبلية، فقد ذكر القرآن بعد هذه الآية بآيتين قولاً لابن نوح (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء) مما يوضح ويؤكد أن موطنهم كان واديًا بين الجبال، وإلا فكيف فكر ابنه في اللجوء إلى جبل من الجبال؟ فهل يجري ويصعد جبلاً يقع على بعد مائة أو مائتي ميل؟ فقوله هذا دليل على أنه كان واقفًا بسفح جبل، وعندما رأى ارتفاع المياه ظن أنه سينجو منها بسهولة بالصعود على الجبل.

وأما قوله تعالى قلنا احملْ فيها من كلٍّ زوجين اثنين فليس المراد منه كلَّ الأحياء الموجودة على الأرض، بل فقط الحيوانات التي كان يربيها نوح في بيته. ذلك أن كلمة (كل) تعني عادة فقط ما يملكه الناس عمومًا، وليس كل موجود على الأرض. مثلاً يصف القرآن الكريم ملكة سبأ بقوله وأُؤتِيَتْ من كل شيء (النمل:24)، ولكن نجد سيدنا سليمان يرد على رسلها بأنكم لا تملكون شيئا بالمقارنة بما أعطاني الله، وسوف ترون كيف آتيكم بجنود لا قِبَل لكم بها. فلو كانت كلمة (كل) تعني كل ما في الأرض لَلَزِم أن تكون الملكة تملك ما في حوزة سليمان أيضا، ولكن لا أحد يأخذ بهذا المعنى هناك، بل يفسرونها بأن كل ما كانت بحاجة إليه كان متيسرًا لديها. (روح المعاني). وهذا هو المراد هنا بمعنى أن الله تعالى أمر نوحاً أن يأخذ معه في السفينة زوجين من كل حيوان كان بحاجة إليه. وهذا المعنى معقول ومنطقي جداً، وإلا نضطر للقول غير المعقول بأنه حشد فيها ملايين الحيوانات من الدواجن وحشرات الأرض ووحوش الغاب وغيرها، وأن ضخامة سفينته كانت تساوي ربع الكرة الأرضية تقريبا!!

ومما يلفت النظر أنه تعالى قد حثّه على أخذ أقل ما  يمكن وذلك بدليل قوله تعالى: (زوجين اثنين) مما يؤكد أنه أمر أن يأخذ معه ما لا بد له مِنه، لا أن يحشد فيها كل حيوانات العالم.

وقوله تعالى: إلا من سبق عليه القول لا يعني إلا من أخبرناك صراحة بهلاكه، بل المراد إلا من هو هالك وفق قضائنا وقرارنا.

لقد حسب نوح خطأً أن قول الله هذا إنما هو تعبير عن عظيم استغنائه فحسب، ولم يدرك أنه تعالى يخبره بذلك عن هلاك بعض من أهله. ومثال  التعبير عن الغِنى الإلهي هو قول سيدنا شعيب لقومه الكافرين وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشآء الله ربنا (الأعراف: 90) مع العلم أن المراد من (نعود فيها) أي نعود في ملتكم الكافرة. والبديهي هنا أن الله تعالى لا يريد لنبيه أبداً أن يرتد إلى ملة الكافرين أو يشرك. فلا شك أن قوله إلا أن يشاء الله ربنا إنما يقصد جبروت الله وغِنـاه عن العالمين، وأن قدرتـه غير محـدودة، ولـيس أنه يمكن أن يأمـر نبيه بالارتـداد.

وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ الله مَجْرِهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ * وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (هود: 42 و43)

شرح الكلمات:

مجريها: أصله: مَجَراها، والمجرى إما مصدرٌ مِن جرى يجري مجرىً، أو اسم ظرف أي مكانُ جريانها أو موعد جريانها.

مُرساها: مصدر ميمي مِن أرسى يرسي إرساءً. ورَسَت السفينة: وقفت على الأنجر، والمرسى: مكان وقوف السفن (الأقرب).

وفي قراءةٍ: مُجريها ومُرسيها.. أي بسم الله الذي هو مجريها ومُرسيها (تفسير الرازي)

مَعزِل: عزل الشيءَ عن غيره، يعزِل عَزَلاً: نحّاه عنه جانباً. وعزل فلاناً عن منصب أو نحوه: رفعه عنه. وعزل: تنحّى. ويقال: هو عن الحق بمعزلٍ أي مجانب له. (الأقرب)

التفسير:

لقد اختلف المفسرون فيما إذا كان هذا ابنًا حقيقيًا لنوح أم لا. فيرى البعض أنه لم يكن ابناً له بل من أقاربه، بينما يرى الآخرون أنه ربيبه من زوجته ولم يكن من صلبه. ولكن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة – رضوان الله عليهم – والضحاك وابن جبير ومعظم المفسرين قالوا: إنه ابنه (البحر المحيط).

وأرى أنه لا داعي لمثل هذا النقاش. ما دام القرآن يسميه ابناً لنوح، وما دام  ناداه هو نفسه بقوله (يا بُنيّ)، ثم ليست هناك آية أخرى تخالف كونه ابناً، فلا بد أن يكون منه من القرابة بحيث يطلق عليه اسم الابن.

لقد اعترض المستشرقون على ما ذكره القرآن عن ابن نوح وقالوا بأن بيان القرآن مخالف لما ورد في التوراة (تفسير وهيري)!

وإنه لمما يبعث على العجب والحيرة أن يعترض هؤلاء على القرآن الكريم بناءً على ما ورد في التوراة بالرغم مما هي عليه من النقائص والعيوب!

قَالَ سَـآوِي إِلَى جَـبَـلٍ يَعْصـِمُنِي مِنَ الْمَـاءِ قَالَ لَا عـَاصِـمَ الْيَـوْمَ مِنْ أَمـْرِ الله إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَـالَ بَيْنـَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُـغْرَقِينَ (هود: 44)

شرح الكلمات:

سآوي: أوَى منـزلَه وإلى منـزله: نزل به ليلاً أو نهاراً (الأقرب)

يعصمني: عصَم يعصم عصمًا الشيءَ: مَنَعه. عصم الله فلانًا من المكروه: حفظه ووقاه (الأقرب)

التفسـير:

يبدو من هذه الآية أيضا أن سيدنا نوحًا كان يقطن في منطقة محاطة بالجبال، ومن أجل ذلك يقول ابنه: سآوي إلى جبلٍ. فإن كلمة (جبل) تدلُّ على وجود أكثر من جبل هناك. يبدو أن المنطقة كانت واديًا محاطًا بسلسلة من الجبال، وإن ارتفاع المياه في مثل هذا المكان ارتفاعاً غير عادي ليس مما يخالف العقل والمنطق.

هذا ويتضح من الآية أن الأحمق لا ينفك مغمض العين عن الحقائق حتى إلى آخر لحظة، فكان ابنه يرى الطوفان قادماً ومع ذلك لم يزل يشك في رسالة أبيه.

وقوله (إلا من رحم) يعني أنه لا مُنقذ من الطوفان اليوم إلا الله، ولن ينجو منه إلا من تداركته رحمته تعالى.

وفي قوله تعالى (وحال بينهما الموج) إشارة لطيفة بأنه عز وجل كان قد حفظ نوحاً من أن يتألم برؤية مشهد غرق ابنه، فجعل بينهما حجابًا من موج مرتفع حين غرقه.

وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقـَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِـي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْـدَكَ الْحَـقُّ وَأَنْـتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِـينَ (هود: 45 – 46)

شرح الكلمات:

إِبلَعي: بَلَعه يبلعه وابتلعه: أنزله من حلقومه إلى جوفه ولم يمضغه (الأقرب)

أَقلِعي: أقلع عن الأمر: كفّ (الأقرب).

غِيضَ: غاضَ الماء: نقص أو غار وذهب في الأرض. وغاضَ الماءَ: إذا نقصَهُ (الأقرب).

استوت: استوى على ظهر دابته: استقرّ (الأقرب).

بُعداً: بعُد يبعدُ بُعدًا: ضدُّ قَرُبَ؛ مات (الأقرب).

التفسـير:

ما أشد الأنبياء توقيرًا وتعظيمًا لله عزّ وجل. لقد ارتكب سيدنا نوح خطأً اجتهاديا في فهم كلام الله تعالى حيث ظنّ أن كل فرد من أهله سوف يظفر بالنجاة، ولكن حينما أوشك ابنه على الغرق تضرّع نوح إلى ربه بأسلوب غاية في اللطف والشفافية قائلاً: “إن ابني من أهلي”.. أي أنني أتوسل إليك أن تُنجيه وفق ما وعدتني به. ولكن لما كانت الظروف الظاهرة تقضي بعدم نجاته قال (وإن وعدك الحق).. أي لو غرق فلن يقدح ذلك في وعدك، بل سيبقى وعدك حقًا كما هو ويكون قرارك صائبًا في كل حال.

والواقـع أنه لا يتحلى بهذا الأدب الجم والإيمان القوي خصوصًا في أوقات الصدمـات الرهيـبة إلا عـباد الله المقربون من الطـراز الأول.

Share via
تابعونا على الفايس بوك