إنـترنـيتّات

إنـترنـيتّات

صيد الإنترنت

مقتطفات من الشبكة العالمية

إنـترنيتّــات

في الأسبوع الماضي قام بزيارتي أحد الأصدقاء في المكتب وحينها كنت مشغولاً بإرسال رسالة إلكترونيّة عاجلة وحينما دخل عليَّ بادرني بالسلام ومن ثم قال لي: كل وقتك تُمضيه مع هذا الجهاز في لعب (الأتاري) ألا يوجد لديك عملٌ تؤدِّيه؟ وهذا الصديق يعمل مدرِّسًا في إحدى المدارس الحكوميّة حينها لم أتمالك نفسي من الضحك ولكن بطريقةٍ جعلته لا يُحسُّ بذلك. لقد تعجبتُ لعدم معرفة هذا الصديق (المدرِّس) لشيءٍ اسمه الكمبيوتر الشخصي وأنّ هذا الجهاز يؤدِّي تقريبًا 90 % من الأعمال المكتبية وإننا الآن في عالم الثورة الرقميّة وعصر الإنترنت.

لقد ذكَّرتني هذه الحادثة الطريفة مع أخينا المدرِّس بالزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون مع نائبه آل جور إلى كاليفورنيا للمشاركة في حفل ربط المدارس الحكوميّة بشبكة الإنترنت مع تعهُّد الرئيس خلال الحفل بربط جميع طلبة المدارس الحكوميّة مع بعضهم البعض من خلال الشبكة بحلول سنة 2000 بغضِّ النظر عن من سيكون في البيت الأبيض في ذلك الوقت. مع التحوُّل الأكيد للعولمة من خلال الإنترنيت فإنَّ مدارسنا سيكون لها دورٌ فعَّال في عملية التحوُّل هذه في المستقبل. وإنّ مُدرِّسينا سيكون لهم دورهم الفعَّال في عملية قيادة الجيل الجديد نحو العصر الرقمي أو عصر الثورة الفضائيّة وعصر الإنترنيت.

إنّ عصر المعلومات يتطلّب منا تطوير عملية التعليم وأنظمتها بصورةٍ سريعة وجادة، إننا لسنا في زمنٍ يتطلّب منّا تعليم أبنائنا كيفيّة استعمال جهاز الكمبيوتر فقط، ولكنها عملية تعليمهم كيفيّة القُدرة على الإبداع والتعاون والمشاركة. وإنّ عملية القيادة هذه تتطلّب وجود مُدرِّسين ومُربِّين قادرين على استيعاب أُسس ومبادئ هذا العلم حتى يكون في إمكانهم القدرة على العطاء وقيادة أجيال المستقبل نحو عصر المعلومات بسهولةٍ ويُسر. إنّ العملية تتطلّب منا تأهيل المدرِّس تأهيلاً جيدًا من الآن حتى نجده مُخلِصًا في هذه العملية التحويليّة وإنّ الطريقة الاعتياديّة في التعليم لن تجد لها مكانًا في السنوات القادمة.

إنّ ربط مدارسنا بشبكة الإنترنيت تعني أشياء كثيرة منها أنه سيكون بمقدور الطالب وهو جالس بالفصل التجوُّل في أحد متاحف دول العالَم، سوف يمكنه العيش في زمن أينشتاين من خلال زيارته لصفحة هذا العالِم ورؤيته بعض الصور المتعلِّقة به وسيراته الذاتيّة، سيُمكِنهم التجوُّل والسفر إلى الكوكب الفضائي وزيارة بعض الكواكب سيُمكنهم من زيارة مكتبة الكونجرس والتجوُّل في أروقتها الشاسعة والبحث عن أي مؤلف أو كتاب أو موسوعة علميّة، سيتمكنون من مناقشة زملائهم أو طلبة المدارس ومبادلتهم المعلومات والأخبار من جميع أنحاء العالَم.

ستكون العمليّة التعليميّة الجديدة أكثر حيويّة وملائمة وفوريّة، ستكون حيّة مدعَّمة بالصوت والصورة وستكون الصورة متحرِّكة ومُبهِجة ومُنعِشة للطالب. وستصبح العمليّة التقليديّة في التدريس في طيِّ النسيان.

وكمثال بسيط على ذلك في عملية تعليم وظائف القلب كل ما هنالك يقوم المدرِّس بشرح الوظائف وعمليَّتها من خلال مُلصَق أو صورة حائطيّة بالطريقة التقليديّة ولكن من خلال الشبكة سيتمكَّن الطالب من رؤية القلب بالأبعاد الثلاثيّة بالصورة الحيّة سيسمع نبضات القلب ودقَّاتها وعملية دفع الدم وضخِّه بمجرَّد لمسة بسيطة من إصبعه.

إنّ الأخصَّائيين التعليميين في جميع أنحاء العالَم يعملون على قدمٍ وساق على تطوير وتقديم آلاف البرامج التعليميّة من الآن لتكون جاهزة على الشبكة. وأكثرهم قد قام بالفعل بتطوير هذه الأشياء وتوجد بعض منها على الشبكة في الوقت الحاضر. إنّ حكومات العالَم والمعاهد والمختبرات قد بدأوا بالفعل في الاستعداد للثورة الرقميّة من الآن وكلهم شغفٌ في انتظار جيل الطلبة القادمين بقيادة إداريي المدارس والمدرِّسين. إنّه حقًا لشيء مثير أن نرى مدارسنا وقد دُعيت لتحويل طريقة حياتنا في القرن المقبل.

وسيولد جيلٌ جديد يمكنه معرفة ما يحدث في الطرف الآخر من العالَم في نفس الوقت كأنّهم يعيشون اللحظة وهم في مجتمعهم بدون أن يُغادروه. وإذا كنا مُنبهرين الآن بما يُقدَّم على الشبكة سنكون متأثِّرين أكثر من خلال ما سيقدِّمه الجيل الجديد من إبداعات. وأخيرًا رجائي إلى صديقي (المدرِّس) أن لا يأخذ (بخاطره).

عبد الرحمن بوجيري

(جريدة الأيام بتاريخ 2 أغسطس 1997)

Share via
تابعونا على الفايس بوك