’’أفلا تعطل هذه العقيدة في أصحابها جميع المواهب الإنسانية الطيبة‘‘

’’أفلا تعطل هذه العقيدة في أصحابها جميع المواهب الإنسانية الطيبة‘‘

حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

المسيح الموعود والإمام المهدي (عليه السلام)
  • خطورة الجهاد العدواني.
  • مفهوم الجهاد الحقيقي.
  • المساعي الحثيثة لاستئصال العقائد الباطلة.
  • جذب الأقوام للإسلام يكون بترك الجهاد العدواني.

__

’’…وقد سبق أن ألَّفتُ، شفقةً على قومي، كتبًا عديدة باللغات الأردية والعربية والفارسية صرّحت فيها بأن فكرةَ الجهاد (العدواني) لدى المسلمين اليوم وانتظارَهم لإمام سفّاك للدماء، وبُغْضَهم للأمم الأخرى، كلّ ذلك ليس إلا بسبب خطأ وقع فيه بعض العلماء قليلي الفهم. أما الإسلام فلا يأذن برفع السيف إلا في حرب دفاعية، أو في محاربة الظالمين المعتدين عقابًا لهم، أو في الحرب التي تُشَنُّ حفاظًا على الحريات المشروعة. والحروبُ الدفاعية إنما هي تلك التي يُلجأ إليها لردّ عدوان العدو الذي يهدد حياة الناس. هذه هي الأنواع الثلاثة للجهاد المشروع، وإلا فإن الإسلام لا يُجيز شنَّ الحرب لنشر الدين، بأية صورة كانت.

وخلاصة القول إنني قد وزَّعتُ كثيرًا من الكتب بهذا الموضوع ببذل أموال كثيرة في هذه البلاد وفي بلاد العرب والشام وخراسان وغيرها. وبفضل الله تعالى قد وجدتُ الآن، لاستئصال مثل هذه العقائد الباطلة الزائفة من القلوب، أَدلّةً قويةً وشواهدَ بيِّنةً وقرائنَ يقينيةً وشهاداتٍ تاريخيةً، تُبشّرني أشعّةُ صدقِها بأن انتشارها سوف يؤدّي عن قريب إلى تغيّر مدهش في قلوب المسلمين ضد هذه العقائد الباطلة. وهناك أمل قوي أنه بعد تفهُّم هذه الحقائق سوف تنفجر من قلوب أبناء الإسلام السعداء عيون باهرة الجمال عذبة المياه من الحلم والتواضع والرأفة، وإن تغيُّرهم الروحاني هذا سوف يجلب لهذه البلاد سعادة وبركة كبيرتين. وكذلك فإنني على يقين بأن علماء المسيحية وغيرهم الذين يتطلّعون إلى الحق ويتعطّشون له، سيستفيدون جميعهم أيضًا من كتابي هذا.

….ومن السهل جدًّا أن يدرك كلُّ عاقل أن مثل هذه العقيدة مدعاة لطعن شديد، أعني أن نُكره الشعوب الأخرى على قبول الإسلام، وإلا فمصيرهم القتل! إن الضمير الإنساني ليدرك بسهولة أن إجبار إنسان وإكراهه على قبول عقيدة ما بتهديده بالقتل قبل أن يَعِيَ حقيقتَها ويتبيّنَ تعاليمَها الخيّرةَ ويطّلعَ على مزاياها الحسنة لهو أسلوبٌ مستنكَرٌ للغاية. وكيف يمكن لدين أن يزدهر بهذا الأسلوب، بل على العكس، فهو سيعرّضه للانتقاد من قِبل كل معارض. وإن مثل هذه المبادئ لتؤدي، في نهاية المطاف، إلى خلو القلوب من مؤاساة الإنسان نهائيًّا، كما أنها تقضي على الأخلاق الإنسانية العظيمة كالرحمة والعدل قضاءً تامًّا؛ وتحل محلَّها الضغينةُ والبغضاء المتزايدتان؛ وتنمحي الأخلاقُ الفاضلة، ولا تبقى إلا الهمجية. وحاشا أن تصدر مثل هذه التعاليم الظالمة عن الله الذي لا يؤاخذ أحدًا إلا بعد إقامة الحجّة عليه.
علينا أن نفكر هل من الحق في شيء أن نقتل، دون تروٍّ أو تريُّث، شخصًا لا يؤمن بدين حقّ بسبب عدم اطلاعه على دلائل صدقه وسمو تعاليمه ومزاياه؟ كلا، بل إن مثل هذا الشخص أحقُّ بالترحم، وأجدر أن نوضّح له بكل رفق ولين صدقَ ذلك الدين وفضائله ومنافعه الروحية، لا أن نُقابل إنكارَه بالسيف أو الرصاص. ولذلك فإن عقيدة الجهاد لدى هذه الفرق الإسلامية في عصرنا – بالإضافة إلى زعمهم بأنه يوشك أن يأتي زمان يُبعث فيه مهدي سفّاح باسم الإمام محمد وأن ينـزل المسيح من السماء لنصرته وأنهما سيقومان معًا بقتل الشعوب غير المسلمة جمعاء لكفرها بالإسلام – لأمرٌ يُنافي المقتضى الأخلاقي منافاةً شديدة. أفلا تعطّل هذه العقيدةُ في أصحابها جميعَ المواهب الإنسانية الطيبة، وتثير فيهم النـزعات الهمجيةَ الوحشية، وتجعلهم يُعاشرون كلَّ شعب بالنفاق….‘‘
(المسيح الناصري في الهند، ص 1-7)

’’وقد بيّنّا لك أن الحرب ليس من أصل مقاصد القرآن ولا من جذر تعليمه، وإنما هو جوّز عند اشتداد الحاجة وبلوغ ظلم الظالمين إلى انتهائه واشتعال جور الجائرين. ولكُمْ أسوة حسنة في غزوات رسول الله ، كيف صبر على ظلم الكفار إلى مدة يبلغ فيه صبي إلى سن بلوغه، فصبر. وكان الكفار يؤذونه في الليل والنهار. ينهبون أموال المؤمنين كالأشرار، ويقتلون رجالهم ونساءهم بتعذيبات تتحدر بتصورها دموع العيون وتقشعر قلوب الأخيار، وكذلك بلغ الإيذاء إلى انتهائه حتى همّوا بقتل نبي الله، فأمره ربه أن يترك وطنه ويهرب إلى المدينة مهاجرا من مكة، فخرج رسول الله من وطنه بإخراج قومه. ومع ذلك ما كان الكفار منتهين، بل لم يزل الفتن منهم تستعِرُّ، ومحجّة الدعوة تَعِرُّ، حتى جلبوا على رسول الله خيلَهم ورَجِلَهم، وضربوا خيامهم في ميادين بدر بفوج كثير قريبا من المدينة، وأرادوا استئصال الدين. فاشتعل غضب الله عليهم ورأى قبح جفائهم وشدة اعتدائهم، فنـزل الوحي على رسوله وقال:

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ،

فأمر الله رسولَه المظلوم في هذه الآية ليحارب الذين هم بدأوا أول مرة بعد أن رأى شدة اعتدائهم وكمال حقدهم وضلالهم، ورأى أنهم قوم لا يرجى بالمواعظ صلاح أحوالهم‘‘. (نور الحق، ص 37-38)

Share via
تابعونا على الفايس بوك