- تعرف مصطفى ثابت على الأحمدية
- بحثه ومبايعته
__
كان والد الفتاة التي كنت أود خطبتها.. ابن عمتي الأستاذ المرحوم أحمد حلمي، وحيد أمه ويحظى بدلالها. ووصلتني بعض الأخبار أنه أطلق لحيته، ثم زار الهند وعاد منها معلنا أنه ظهر فيها نبي. فظننت أنه أصيب بالجنون. وكان من الصعب لقاءه حيث إنه كان متكفلا بالعناية بأراضي العائلة التي كانت في منطقة بعيدة عن القاهرة تحديدا في محافظة الشرقية. المهم تمكنت من لقائه وطلبت منه يد ابنته. فأجابني أنه لا يستطيع أن يقبل طلبي لأنني لست أحمديا. استغربت من رده وسألته ماذا تعني أنني لست أحمديا؟! فأجابني إنك لا تؤمن بالمسيح الموعود. فقلت له: إنني درست هذا الموضوع باستفاضة، واطلعت على كل النبوءات التي تحققت وأعرف أن سيدنا عيسى في السماء وأنه سينـل عندما يظهر المسيح الدجال. فتبسم ضاحكًا من ردِّي وعلق قائلا: على أية حال خذ هذه الكتب أقرأها ثم نتناقش فيما بعد. أخذت الكتب معي إلى الإسكندرية ولم أفتحها، فكنت أرى أنها تخص عقيدته فحسب. ثم ناداني من داخلي نفس الصوت الذي ناداني في القطار خلال طريق العودة، لماذا لا تقرأ، فقلتُ لا أريد أن أضلّ، أنا والحمد لله مسلم أؤمن بالرسول محمد ولا أريد أن أضلّ، فرد: ألا تذكر أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يهدي، ألا تذكر أنه أنقذ حياتك خلال عدة وقائع، أتذكر لما كنت تتمرن في أحد المصانع لإنتاج الحرير الصناعي، الذي يتم بإضافة “الصويا الكاوية” على مادة “السوليلوز”.. وكنت تنفخ في إحدى الأنابيب لأنها كانت مسدودة، وإذا بالصويا الكاوية تتدفق بسرعة فابتلعتها وكان من المفروض أن تحرق البلعوم، والمعدة، ولكن بفضل الله، لم يصبك أي مكروه. صحيح أنك فقدت الصوت لمدة أسبوعين، ولكنه عاد لك ولم يتأثر البلعوم والمعدة بفضل الله، ونجاك الله من هلاك محتوم. وهكذا أكد لي هذا الصوت كيف نجاني الله في مواقع كثيرة، ويستحيل أن يتخلى عني هذه المرة؟! اقتنعت وسألت ماذا أفعل إذا؟! اقرأ واستعن بالله ولن يتركك الله تضل. أول مادة بدأت بقراءتها كانت مجلدا لمجلة، أنشأها الأستاذ أبو العطاء الجالندهري، وكانت تسمى البشارة الإسلامية، وسُميت فيما بعد البشرى، وجدت فيها مقالات تتناول مواضيع إسلامية، وأخرى تتناول مواضيع عن المسيحية التي لم أكن أعرف عنا شيئا. وبدأت فعلا قراءة المقالات حول المسيحية بشغف، وكنت كلما أرى موضوعًا عن الإسلام أقلب الصفحات، إلى أن أجد مقالا عن المسيحية فأقرؤه، وهكذا إلى أن انتهيت من المجلد، وجميع الكتب التي كانت في حوزتي. أعجبني جدًا أسلوب الكاتب، وطريقة معالجته واستعماله للكتاب المقدس، لبيان فساد هذه العقائد، وقلت في نفسي، إنهم نجحوا في إثبات فساد عقائد المسيحية، فيا ترى كيف سيبررون معتقداتهم غير الإسلامية؟! ومرة أخرى ناداني الصوت: لماذا لا تقرأ المواضيع الإسلامية، ثم تمت المحاورة النفسية مرة أخرى… أخاف أن أضلّ. ألا تعرف أن الله هو الذي يهديك وهداك وحفظك في الماضي الخ.. إذا استعن بالله واقرأ. وهكذا بدأت في القراءة وكان أول موضوع قرأته هو مناظرة.. لعلها كانت بين شيخ الأزهر وبين المبشر الإسلامي الأحمدي.. وكان الموضوع حول وفاة المسيح.. وفوجئت بما قرأت حيث إنني أعلم أن المسيح الناصري حي في السماء وسينـزل وكنت دعوت طويلا أن ينـزل خلال حياتي، لكي انضَمَّ له وأحارب المسيح الدجال، فكيف هذا الرجل يقول أنه مات؟ وكيف يقبل شيخ الأزهر أن يناقش هذا الموضوع مع أي شخص؟ ولقد فوجئت بتقديم المبشر الإسلامي دلائل من القرآن وشيخ الأزهر يدور ويلفّ ولا يستطيع الرد على تحدّيه، فكان الداعية الأحمدي يطلب من شيخ الأزهر: أعطني مثالا واحدا فقط من القرآن أو من الحديث أو من الشعر الجاهلي: الله أو أحد الملائكة هو الفاعل (المتوفِّي) والإنسان (المتوفى) مفعول به ولا توجد قرينة لصرف معنى التوفي إلى أي معنى آخر ولا يكون معناه الموت. ولم يستطع شيخ الأزهر الرد. حينما انتهيت من المقال، قال لي الصوت ماذا أنت بفاعل؟ فقلت: طبعًا أنا بجانب القرآن، إذا كان الله سبحانه وتعالى قال في القرآن إنه توفي فإذاً توفي، ولكن الله قادر على أن يبعثه للحياة مرة أخرى فما المشكلة؟ فبعدها قرأت أن من مات لا يبعثه الله ولا يعود إلى الحياة. إذاً ما معنى الأحاديث الذي قرأتها في البخاري ومسلم عن نزول المسيح؟ فوجدت مقالا يشرح معنى النـزول، فقلت آه هذا معقول، ولكن طبعًا هذا الشخص الذي سيبعث من الأمة لا بد أن يكون من العرب، لأن الرسول عربي والقرآن في العربية، فوجدت مقالا يشرح كيف أن هذا الإمام المهدى لم يأتِ من العرب إنما هو من الأمة الهندية، والأسباب التي من أجلها اختاره الله سبحانه وتعالى رجلا من هذه الأمة، فقلت هذا الكلام صحيح ولكنه طبعًا هو ليس نبيًا ولا يمكن أن يكون نبيًا لأن الرسول هو خاتم النبيين فوجدت مقالات تبحث هذا الموضوع فقرأتها. فوجدت لسان حالي يقول ما دام سيأتي رجل يختاره الله سبحانه وتعالى وهو تابع للشريعة الإسلامية وتابع لسنة رسول الله، فأين الإشكال؟ ثم تساءلت: ولكن كيف أعرف أن هذا المسيح الموعود وهذا الإمام المهدي هو فعلا الذي ذكرته النبوءات؟ فوجدت مقالات عن كيفية التعرف على المبعوث الصادق من الكاذب فاقتنعت بفضل الله ورحمته، وانتهيت من قراءة الكتب..
فجاءني الصوت مرة أخرى: “ماذا تفعل”؟ قلت يا ربي أنا لا أستطيع أن أذهب إلا مع الحق، فإذا كان هذا هو الحق من عندك فلا بد أن أقبله.. فقررت أن أبايع. وشعرت براحة وطمأنينة روحية وأحـسست أنني قريب جدا من الله سبحانه وتعالى. ثم أمضيت وثيـقة البيعـة وكان هذا في عام 1956. (يُبتع)