جوامع الكلم
عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: “رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنْ الْبُكَاءِ ”
بأبي أنت وأمي يا رسول الله. يا من شهد لك رب العالمين أنك على خلق عظيم، يا من كنت نبيا وآدم بين التراب والماء.
ما يبكيك؟ حاشاك أن يكون لك خطية…وقد غسلت الملائكة صدرك، وأسلم شيطانك، وجعلك الله مُطهّرًا لأهل الدنيا أجمعين.
ما يبكيك؟ ما كان مثلك ليبكي على مالٍ ولا جاه، ولا يئزُّ صدره على عزيز أو قريب .. بل تُرى في عينيه دموع الحنان.
ما كنت لتبكي إلا لفرط رحمتك ورقة قلبك، لقد نعتك ربك الذي اصطفاك وربّاك وبعثك لتكون رحمة للعالمين.
فهل كنت تبكي في صلاتك -وهي أحب الأعمال إلى قلبك- إشفاقا على قومكالذين يقاومون الحق ويجلبون على أنفسهم غضب الله؟
أم كنت تبكي على بني الإنسان في أرجاء العالم.. وهم يتعرضون للمظالم والآلم، ويتخبطون في الظلمات.. ولم تصلهم بعد أنوار رسالتك؟
أم كنتَ تنشج على أمّتك لأنهم -كما حذّرتهم- قد اتخذوا القرآن مهجورا.. فذلّوا وهانوا بعدما أوصلتَهم إلى مقام خير أمة أُخرجت للناس؟
أم كنت تشفق على من أتاح الله لهم فرصة الفلاح مرة أخرى.. وبعث فيهم مهدِيّه، وأنزل لهم مسيحه.. مخافة أن يستمروا في ضلالهم.. ويمضوا في تدهورهم؟
لقد حمل قلبك العظيم هموم الناس في الحاضر والمستقبل.. فقضيت الليالي تدعو وتتضرع وتسكب دموعك الطاهرة، من أجل من عادوك ومن خالفوك ومن فرّطوا في أمانتك.
اللهم صلّ وسلّم وبارك عليه بقدر همّه وغمّه، والطُف بأمته وأحسن خاتمتها كي تقر عينُه ويسعد قلبه.!