كلام الإمام

 “وضع حجر الكعبة (الحجر الأسود) رمزًا لأمر روحاني. ولو شاء الله ما بنى الكعبة ولا وضع فيها الحجر الأسود ولكن من سنة الله الجارية أنه يجعل إزاء الأمور الروحانية رموزا مادية تمثلها وتكون شاهدا ودليلا على تلك الأمور الروحانية. وقد شيدت الكعبة بناء على هذه السنة الربانية..

ولقد أراد الله تعالى بذلك أن يتمكن الإنسان من التعبير عن مشاعر الحب الجياشة تعبيرا ماديا. فالحجاج يطوفون بهذا البيت طوافا جسمانيا.. بهيئة تشبه هيئة من أصابهم الجنون من فرط اشتياقهم ومحبتهم لله تعالى.. فيتركون الزينة ويحلقون الرؤوس ويطوفون ببيت الله في هيئة المجذوبين الوالهين ويقبلون هذا الحجر متمثلين أنه عتبة ببيت الله تعالى.

هذا الوله الجسماني يولد حبا ولوعة روحانية. فالجسم يطوف بالبيت ويقبل حجر العتبة بينما تطوف الروح حول الحبيب الحقيقي وتطبع القبلات على عتبته.

وليس في ذلك أي أثر للشرك بالله تعالى.. إذ أن الصديق يقبل رسالة صديقه الحميم عندما يستلمها. فالمسلم لا يعبد الكعبة المشرفة ولا يستغيث بالحجر الأسود وإنما يتخذه رمزا ماديا أقامه الله تعالى. وكما أننا نسجد على الأرض ولا يعتبر هذا السجود لأجلها كذلك نقبِّل الحجر الأسود ولا يكون هذا التقبيل من أجله. وإنما الحجر حجر لا ينفع أحدا ولا يضر ولكنه من ذلك الحب الذي جعله رمزا لعتبة بيته “.

(الخزائن الروحانية ج 23 جشمة معرفة “ينبوع المعرفة” ص99 إلى 101)

Share via
تابعونا على الفايس بوك