كلام الإمام

تذكروا باليقين أنه ما تكن الحالة العملية للإنسان صالحة فلا قيمة لما يتفوه باللسان وإنما هي ثرثرة فارغة فقط. الإيمان الذي يبقى دون اللسان ولا يتجاوزه إلى القلب ولا يؤثر على أعمال الإنسان فذلك إيمان المنافق.

إن الإيمان الحقيقي إنما هو ذلك الذي يدخل في قلب صاحبه ويصبغ أعماله بصبغته. إن الإيمان الحقيقي هو ما كان لدى أبي بكر وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. ذلك أنهم ضحوا في سبيل الله ليس بالأموال فقط بل بنفوسهم أيضا وقدموها بدون هوادة.

الواقع أن لا شيء أعز من النفس ولكن الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين – نذروها أيضا لأجل النبي . إنهم لم يكترثوا قط بأن زوجاتهم سوف يصبحن أرامل وأن أولادهم يصيرون أيتاما بل كانوا يتمنون دوما بأن تضحى أرواحهم في سبيل الله تعالى. إنني أفكر دائما في هذا الأمر وتترسخ بذلك عظمة النبي في قلبي أكثر فأكثر. كم كان هؤلاء القوم مباركين وكم كانت القوة القدسية للنبي قوية حيث أخذ بهم إلى ذلك المقام! تدبروا من أين أخذهم وإلى أين أوصلهم؟ من قبل كانت كل المحرمات يمثابة لبن الأم عندهم. كانوا واقعين في السرقة وتعاطي الخمور والزنا والفسق والفجور. أية معصية لم تكن فيهم؟ ولكنهم ببركة صحبة النبي وتربيته تغيروا تماما حتى أن النبي بنفسه شهد على ذلك وقال: “الله ، الله في أصحابي” . وكأنهم نزعوا عباءة البشرية وصاروا مظاهر لله تعالى وأصبحوا كالملائكة الذين يفعلون ما يؤمرون. هذا بلضبط كان حال الصحابة. لقد زالت عنهم تماما أهواء النفس ورغبات القلب. لم يبق لديهم شيء لهم. لم يكن لديهم أية أمنية ولا رغبة، اللهم إلا أن يكسبوا رضوان الله  فذبحوا لأجل ذلك كالخراف في سبيل الله. ولقد وصف القرآن الكريم حالهم هذا بقوله:

{فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } (الأحزاب 24)

الحق أنه ليس من السهل أن تتولد في الإنسان هذه الحالة أي أن يستعد لتضحية النفس في سبيل الله تعالى ولكن أحوال الصحابة تبين أنهم أدوا هذا الواجب أيما أداء. عندما أمروا بأن يضحوا بأرواحهم في هذا السبيل فإنهم لم يميلوا إلى الدنيا. لذلك فمن واجبكم أن تؤثروا الدين على أمور الدنيا دائما”.

(تعريب من ملفوظات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود، ج8 ص296-297)

Share via
تابعونا على الفايس بوك