التقوى منكم وإليكم

التقوى منكم وإليكم

معنى خلق المرأة من ضِلع الرجل

يعتقد الكثير من المسلمين ومعظم المسيحيين بأن المرأة قد خُلقت من ضِلع الرجل، ويعتقدون أيضاً بأن آدم عليه السلام كان أول رجل خلقه الله تعالى، وأن حواء عليها السلام خُلقت من ضلعه. سأبين في هذا البحث المقصود من بعض الآيات القرآنية بهذا الصدد، وكذلك الحديث الذي يقول بأن النساء مخلوقات من ضلع الرجل، وعلى الله تعالى الاتكال.

يقول تعالى في سورة النساء: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)

إن الكلمات “نفس واحدة” يمكن أن تعني الآتي:

1.آدم

2.الرجل والمرأة سوياً، لأنه عندما يقوم شيئان معاً بعمل مشترك واحد، عندئذ، يمكن التكلم عنهما وكأنهما شيء واحد. على سبيل المثال تتحدث الآية 26 من سورة البقرة عن طعام واحد (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد) مع أن الطعام كان مكوناً من شيئين، وهما المن والسلوى، كما يظهر من الآية السابقة من نفس السورة حيث تقول: (وأنزلنا عليكم المن والسلوى).

3.الرجل والمرأة، كل طرف على حدة- لأنه يمكن أن يقال بأن الإنسانية قد خُلقت من “روح واحدة” بمعنى أن كل شخص هو مخلوق من نطفة الرجل، وهو “روح واحدة”، وكذلك أيضاً هو مولود من المرأة، وهي بالمثل، روح واحدة.

إن التعبير القرآني (وخلق منها زوجها) لا يعني بأن المرأة خلقت من جيد الرجل، ولكن، أنها تنتمي إلى نفس الجنس البشري مثل الرجل، ولها نفس الطبيعة ونفس الميول. ويتجلى هذا التعبير بصورة أوضح عندما نقرأ في موضع آخر من القرآن الكريم (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) (النحل: 16)، وكذلك (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) (الشورى: 42)، يعني كمثل الكائنات البشرية الأخرى، كانت لآدم زوجة من نفس نوعه وجنسه. وكما أن زوجات الرجال الآخرين لم يخلقن من ضلوعهم، كذلك فإن زوجة آدم لم تخلق من ضلعه، وكما أن زوجاتنا قد صُنعن من أنفسنا، أي أنهم من نفس نوع أنفسنا، كذلك أيضاً كانت زوجة آدم مخلوقة من ضلعه، أي أنها انتمت إلى نفس العرق الذي انتمى إليه آدم عليه السلام.

إن حرف الجر “من” الذي دار حوله هذا المفهوم الخاطئ، لم يستعمل في القرآن عن آدم فقط ولكن عن رجال آخرين أيضاً، فمثلاً يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (النساء)

(لقد جاءكم رسول من أنفسكم) (التوبة)

(أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم) (يونس)

(هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) (الجمعة)

(وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) (الجمعة)

على هذا الأساس، وفي كلتا الحالتين، أي استعمال “مِن” مع آدم وغير آدم، إنما يعني نفس الشيء، وهذا المعنى هو: الانتماء إلى نفس النوع والجنس.

إن القرآن لا يقول أبداً، ولا يساند أبداً وجهة النظر القائلة بأن حواء قد خلقت من ضلع آدم (أو أن المرأة خُلقت من ضلع الرجل) وهذا واضح أيضاً من الآيات القرآنية التالية: (وخلقناكم أزواجا) (النبأ: 78)

(ومن كل شيء خلقنا زوجين) (الذاريات: 51)

وهذا يعني، كما أن الله قد خلق رفيقاً لكل شيء حي، كذلك فإنه سبحانه تعالى جعل لآدم رفيقاً – أي زوجة. إن الله لا يحتاج أن يخرج عن هذا القانون بالنسبة لآدم، أي أن يخلق له أنثى من نفس جسده.

يبدو أيضاً بأن فكرة خلق حواء من ضلع آدم وجدت طريقها من خلال حديث للرسول صلى الله عليه وسلم (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره. واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن خُلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبتَ تقيمه كسرتَه وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا) (البخاري: كتاب النكاح)

هذا الحديث يدحض ويفند وجهة النظر أعلاه، ولا يؤيدها في شيء أبداً، لأنه لا يذكر حواء أبداً، وإنما يتكلم عن كل النساء، ومن الواضح بأنه لم تخلق كل امرأة من تلك النساء من ضلع رجل. ومن الواضح أيضاً بأن التعبير “خُلقن من ضلع” هو تعبير مجازي ولا يمكن أخذه بالمعنى الحرفي. المقصود طبعاً، هو أنه كما يوجد في الضلع نوع من انحناء يوجد في طبيعة المرأة انحناء أو بالأحرى التواء، وهذا هو نفس الانحناء الذي يزيد من فتنتها وجمالها.

وفي تعبير قرآني مناظر بالتمثيل ورد في سورة الأنبياء (الآية 21): (خلق الإنسان من عجل). واضح بأن هذه الكلمات لا تعني بأن الإنسان خلق من مادة تسمى “عجل”. إنما تعني بأن الإنسان بطبيعته عجول أو متسرع، وهذه الوجهة من النظر قد أيدها “مجمع البحار” و”البحر المحيط” وأيضاً “السراج الوهاج”، وكلهم أجمعوا على أم كلمة “ضلع” المستعملة في الحديث أعلاه إنما تعني الانحناء أو الالتواء في التصرفات، وأن الكلمة بحد ذاتها تعني انحناء.

في الواقع هذا الحديث يشير إلى غرابة معينة في المرأة، وهو طريقة تظاهرها بالاستياء وإلى دلالها أيضاً. وقد قيل في هذا الحديث بأن الانحناء هو مزية هامة في شخصيتها، وأن الذين يأخذون تظاهرها بالغضب كتعبير عن غضبها الحقيقي ويعاملونها بقساوة بناء على ذلك، إنما يدمرون أكثر ملامح المرأة الجذابة. إن آية سورة البقرة المذكورة على الصفحة الأولى من هذا الموضوع تذكر “خوف الله” جنباً إلى جنب “مع علاقات القرابة” (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)، وهكذا تؤكد أهمية المعاملة الحسنة للأقرباء، التي يشدد عليها القرآن كثيراً. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلو هذه الآية في مراسم الزواج حتى يُذكّر الطرفين بواجباتهما.

مساهمة الصديق: نذير القزق (نوفا سكوتيا، كندا)

عام الحزن

وهو العام العاشر من بعثته صلى الله عليه وسلم، فقد توفيت فيه زوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وتوفي فيه عمه أبو طالب ويقول ابن سعد في طبقاته: كان بين وفاة خديجة وأبي طالب شهر وخمسة أيام.

وقد كانت خديجة رضي الله عنها، كما قال ابن هشام، وزير صدق على الإسلام، يشكو الرسول إليها ويجد عندها أنسه وسلواه.

أما أبو طالب فقد كان عضداً وحرزاً في أمره، وكان ناصراً له على قومه. يقول ابن هشام: فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه تراباً، ودخل رسول الله بيته والتراب على رأسه، فقامت إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي، ورسول الله يقول لها: (لا تبكي يا بنية إن الله مانع أباك)

ولقد أطلق النبي على هذا العام اسم عام الحزن لشدة ما كابد فيه من الشدائد في سبيل الدعوة.

العبر والعظات: تُرى ما الحكمة في أن يتعجل قضاء الله تعالى في استلاب أبي طالب من الحياة قبل أن يشتد ساعد المسلمين في مكة ويتكون لهم شيء من المنعة؟ ومعلوم أنه قد كان يحمي الرسول -قدر الإمكان- من كثير من المصائب والشدائد، وما الحكمة في أن يتعجل القضاء باستلاب زوجته خديجة رضي الله عنها، وقد كان يجد عندها أنسه وسلواه وينفض بمساعدتها عن كاهله كثيراً

من أحاسيس الشدائد والآلام؟ تبرز هنا ظاهرة هامة تتعلق بأساس العقيدة الإسلامية.

فلو أن أبا طالب بقي إلى جانب ابن أخيه يكلؤه ويحميه إلى أن تقوم الدولة الإسلامية في المدينة وريثما ينجو الرسول من أذى المشركين وقبضتهم، لكان في ذلك ما قد يوهم أن أبا طالب كان من وراء هذه الدعوة، وأنه هو الذي كان يدفعها إلى الأمام ويحميها بمكانته وسلطانه بين قومه، ولجاء من يطيل ويطنب في بيان الحظ الحسن الذي تهيأ للرسول أثناء قيامه في الدعوة بسبب حماية عمه له، بينما لم يتهيأ هذا الحظ لغيره من المسلمين من حوله، فأوذوا وهو محفوظ الجانب وتعذبوا وهو مستريح البال.

لقد قضت حكمة الله تعالى أن يفقد الرسول عمه أبا طالب وزوجته خديجة بنت خويلد، ويفقد من حوله من كان في الظاهر حامياً له ومؤنساً، حتى تتجلى حقيقتان هامتان:

أولهما: أن الحماية والعناية والنصر، إنما يأتي كل ذلك من الله عز وجل، ولقد تعهد الله أن يعصم رسوله من المشركين والأعداء، فسواء كان ثمة من يحميه من الناس أولم يكن، فهو معصوم من الناس وستبلغ دعوته منهاها من النصر والتوفيق.

ثانياً: ليس معنى العصمة من الناس أن لا يرى منهم إيذاء أو عذاباً أو اضطهاداً، وإنما معنى العصمة التي وعده الله بها في قوله: (والله يعصمك من الناس) (المائدة) العصمة من القتل ومن أي صد أو عدوان من شأنه إيقاف الدعوة الإسلامية.

فقد قضيت حكمة الله تعالى أن يذوق الأنبياء من ذلك قدراً غير يسير، وذلك لا ينافي العصمة التي وعد بها أنبياؤه ورسله.

ولذلك يقول الله عز وجل لنبيه بعد قوله (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) يقول له: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) (سورة الحجر) ومن الحكم الجلية لما قضت به سنة الله عز وجل، من أن يلاقي الرسول ما لاقى من المحنة في طريق الدعوة، أن يستسهلها ويستخف بها عامة المسلمين في كل عصر ممن أنيطت بهم مسؤولية الدعوة الإسلامية. فلو أن النبي نجح في دعوته بدون مشقة أو جهد، لطمع أصحابه والمسلمون من بعده بأن يستريحوا كما استراح، ولاستثقلوا المصائب والمحن التي قد يجدونها في طريقهم إلى الدعوة الإسلامية.

أما والحالة هذه، فإن ما يخفف وقع المحنة والعذاب على المسلمين شعورهم أنهم يذوقون ما ذاقه رسول الله وأنهم يسيرون في الطريق ذاتها التي أوذي فيها رسول الله ، ومهما أصابهم من ألم السخرية بهم وإهانة الناس لهم، فإن ذلك لا يفتُّ في عضدهم بعد أن رأوا رسول الله قد ألقي التراب في السوق على رأسه حتى اضطر أن ينقلب إلى بيته لتقوم إحدى بناته فتغسل عن رأسه التراب، مع أنه حبيب الله وصفوته من خلقه. كما نجد في هجرته عليه الصلاة والسلام إلى الطائف ما لاقاه إذ ذاك ما يجعل المسلمين يستسهلون كل محنة وعذاب في سبيل أن يضربوا مع رسولهم بنصيب مما قاساه وعاناه في سبيل الدعوة الإسلامية.

هذا شيء.. والشيء الآخر الذي يتعلق بهذا المقطع من سيرته عليه الصلاة والسلام هو أن بعض الناس يحسبون أن سبب تسمية الرسول لهذا العام عام الحزن إنما هو مجرد فقده لعمه أبي طالب وزوجته خديجة بنت خويلد، وربما استساغوا إقامة علائم الحزن والحداد على موتاهم مدة طويلة من الزمن مستدلين بهذا. والواقع أن هذا خطأ في الفهم والتقدير.

فالرسول لم يحزن على فراق عمه وفراق زوجته ذلك الحزن الشديد، ولم يطلق على تلك السنة، عام الحزن، لمجرد أنه فقد بعض أقاربه فاستوحش لفقدهم، بل سبب ذلك ما أعقب وفاتهما من انغلاق معظم الأبواب في وجهه في طريق الدعوة الإسلامية، فقد كانت حماية عمه له تُفسح مجالات كثيرة للدعوة وسبلاً مختلفة للتوجيه والإرشاد والتعليم، وكان يرى في ذلك بعض النجاح في العمل الذي أمره به ربه.

أما بعد وفاته فقد سدت في وجه تلك المجالات، فمهما حاول وجد صداً وعدواناً، وحيثما ذهب وجد السبل مغلقة في وجهه، فيعود بدعوته كما ذهب بها، لم يسمعها أحد ولم يؤمن بها أحد، بل الكل ما بين مستهزئ ومعقد ومتهكم به، فيحزن أن يعود وهو لم يأت من الوظيفة التي كلفه الله بها بنتيجة. فمن أجله سمى ذلك العام عام الحزن.

بل لقد كان حزنه على أن لا يؤمن الناس بالحق الذي جاء به، شيئاً غالباً على نفسه، في أكثر الأحيان، ومن أجل تخفيف هذا الحزن عليه كانت تنزل الآيات مواسية له ومسلية، ومذكرة إياه بأنه ليس مكلفاً بأكثر من التبليغ، فلا داعي إلى أن يذهب نفسه عليهم حسرات إذا لم يستجيبوا ولم يؤمنوا. استمع مثلاً إلى هذه الآيات:

(قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون. ولقد كُذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين. وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين) (سورة الأنعام)

مساهمة الصديق: حسان القوادري (لندن، بريطانيا)

حياة في يوم من أيام حضرة ميرزا طاهر أحمد

تفضّل عليّ ربي بأن هيئ لي الجلوس مع حضرة ميرزا طاهر أحمد (أيده الله) الخليفة الرابع لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام وذلك من خلال برنامج (لقاء مع العرب) الذي تبثه القناة الإسلامية الأحمدية. وقد طرحت إحدى الأخوات أثناء البرنامج سؤالاً عن الذكريات التي يحملها حضرته بمناسبة مرور ثلاث عشرة سنة على هجرته إلى لندن مركز إقامة حضرته المؤقت، وفي سياق كلامه تحدث عن الحديث الصحفي الذي أجري مع حضرته في 6 آب عام 1989 والذي تحدث فيه عن جدوله ونشاطاته اليومية، في الحقيقة كنت متشوقة إلى قراءة هذه المقالة وخصوصاً من خلال معرفتي بالأعمال الكثيرة التي يقوم بها حضرته عادة، وقد أجرت الحديث مجلة (صندي تايمز) في زاويتها المعتادة تحت عنوان (يوم من أيام إحدى الشخصيات) ولكن بعد أن أجري الحديث الصحفي مع حضرته عدلت الصحيفة هذا العنوان إلى “حياةٌ في يوم من أيام ميرزا طاهر أحمد”، وبعد قراءتي لهذه المقالة أحببت أن أشرك بها جميع قراء مجلة التقوى. ويبقى سؤال محير: من أين يأتي حضرته بالقدرة على تحمل كل تلك الأعباء؟.. من غير ذاك الإنسان الذي يستمد العون من رب العزة.. إنه خليفة المسلمين.. إليكم سطور المقالة:

“استيقظت هذا الصباح ما قبل الساعة الثانية صباحاً، فخلال رمضان تصبح ساعات نومنا أقصر فأقصر ولكنك تشعر أنها ليست قصيرة بشكل كاف للعبادات. استيقظت وقمت بالوضوء ثم لبست عباءتي التقليدية من كشمير. ثم توجهت قبالة الكعبة وبدأت بأداء الصلاة. بعد حين قمت بإيقاظ زوجتي وبناتي وذلك حوالي الساعة الثالثة حيث قاموا بالصلاة بشكل فردي.

أنا عادة أحضر إفطاري بنفسي ونحن كلنا نقوم بذلك بأنفسنا. اليوم في حوالي الساعة 4:15 قمت بتناول قطعة من الخبز مع عجة بالبيض والقليل من اللبن المصنوع منزلياً وكوب شاي من النوع القوي. بعد حين جلست لأخذ فنجان قهوة وهو مصنوع من حبيبات مستوردة من كينيا وجنوب أمريكا. بعد حوالي 20 دقيقة تقريباً بدأت بإعداد نفسي للمسجد. قمت بالوضوء ثانية (عادة نحن نغسل أيدينا وننظف أسناننا ثم أنوفنا ثم نغسل أيدينا حتى المرفقين ثم نمرر يدنا المبللة على رقبتنا وننظف داخل الأذن مما يساعد في استرجاع أحاسيسنا وهذا يساعدنا على التركيز في الصلاة ثم نغسل قدمينا إذا لم نكن قد لبسنا الجوارب بعد الوضوء الأول حيث يمكن عندنا تمرير اليدين على الجوربين فقط).

أخيراً ألبس الحذاء وكذلك العمامة والتي تكون ملفوفة وجاهزة، وكنت في أيام دراستي قد اعتدت على لبس الكرافتة المربوطة والمجهزة مسبقاً، وكان أصدقائي في الدراسة يضحكون على ذلك!! ولكنني كنت أفضل أن أفعل ذلك لتوفير الوقت. صلاة الفجر في المسجد تأتي دائماً 20 دقيقة بعد حلول الفجر. هناك صلاة أساسية وصلوات فردية في أي وقت تريد أن تصلي لله تعالى.

الصلوات الفردية تختلف من يوم ليوم. وأكثر من ذلك فمن واجباتي أن أدعو في صلواتي لكل الجماعة. أتلقى عادة رسائل من جميع أنحاء العالم وهنالك في بعض الأحيان قائمة طويلة للدعاء. لقد كان عدد أفراد جماعتنا منذ 15 سنة حوالي 10 ملايين موجودين في 80 بلد، والآن من المستحيل أن تواصل العد ولكننا نوجد في حوالي 120 بلد. أنا أقوم بنزهة يومياً لحوالي 5 أميال وأنا ألبس بذلة الرياضة وقبعة خفيفة بدلاً من العمامة، وذلك مباشرة بعد صلاة الفجر.

وإذا كان عندي وقت أستحم بعد الجولة. ولكن حمام يوم الجمعة هو شيء أكيد. أقوم بصب الماء الحار على جسدي من وعاء وأكره أن أستحم وأنا جالس في الماء.

كنت ألعب (السكواش) بشكل مستمر حتى سنتين خلت حيث نصحني بعض أفراد الجماعة الذين خشوا على صحتي وإصابات اللعب وكذلك قلبي. ولكن الأخصائيين قالوا أن قلبي والحمد لله يعمل بشكل جيد، وأن علي التوقف عندما أفقد أنفاسي أثناء اللعب. وأنا في داخلي تمنيت لو أنني لم أتوقف لأنني كنت أحبها في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية. وكان درسي الأول الذي تعلمته من قبل (هشام خان).

خلال شهر رمضان أقوم بدراسة القرآن بشكل أكبر على غير العادة وأكثر من الصلوات. وهذا طبعاً على حساب راحتي ونومي لأنه ما يزال هناك العمل المعتاد. أنزل في هذه الأيام يومياً إلى مكتبي في الثامنة وأكون قبل ذلك قد بدأت العمل في غرفتي، لأنني أحمل معي دائماً حقيبة مليئة بالبريد عندما أعود في الليل. إن بريدي يبلغ حوالي 1000 رسالة يومياً والحد الأدنى 300 رسالة وعندي سكرتير واحد وبعض المساعدين، وهناك بعض السيدات اللواتي يساعدنني بشكل تطوعي في أعمالي العلمية اليومية. عندما كنت في الباكستان كان هناك مائة موظف لمساعدتي، والآن هناك لمساعدتي 24 عضواً من عائلتي ومن جهازي الإداري. وكذلك هناك أيضاً مكتب صيني وآخر بنغالي وروسي وإفريقي وأردي وإنجليزي وعربي. هناك أيضاً العديد من الأقسام الألمانية والتركية والفرنسية والهولندية.

أنا أكتب في بعض الأحيان بعض الأجوبة لرسائل معينة وأحياناً أكتب النقاط الهامة. والجهاز الإداري يكتب الأجوبة. وعندي أيضاً بريد يخص العمل اليومي للجماعة في مجالات المال والتعليم.. إلخ. وهناك أيضاً زوار من الخارج ومن العائلات المحلية وقد خصصت وقتاً معيناً لهذه المقابلات إضافة إلى المقابلات مع جهازي الإداري. أنا أتجول عادة حوالي ثلاثة أشهر في السنة، دائماً مع زوجتي وبعض الأحيان مع بناتي وأجد راحة كبيرة في رفقة عائلتي معي في سفري. وقد زرت حتى الآن حوالي 30 بلداً من أصل 120 بلداً حيث توجد الجماعة. وفي هذه السنة سأذهب للمرة الأولى إلى جنوب أمريكا. إن رئيسة تنظيم السيدات في الجماعة لا تزال إحدى أمهاتي لأن أمي الحقيقية قد ماتت وأنا في السن الرابع عشرة. وكلنا نشأنا على فكرة أن كل زوجات أبي هن أمهات لنا. وكان أبي يتزوج بعد موت زوجته بأخرى وأحياناً لا يفعل ذلك. وهو كان بحاجة إلى زوجات صالحات كي يقمن برعاية المؤسسات النسائية في الجماعة.

لقد كنت في ذاك الوقت مجرد طالب مسكين وقد دخلت إلى مدرسة العلوم الشرقية والإفريقية (بلندن) لأن مديرها كان السير (رالف تيرنار) وكان له علاقة طيبة مع والدي وقد وافق على أن أدرس هناك. وكانت رغبة والدي أن أتعلم أشياء حول الغرب ولذلك أخذت منه هذه الفكرة ونسيت أمور دراستي، وقمت بعقد صداقات كثيرة وتجولت بشكل كبير في اسكتلندا، ايرلندا، أوربا، وبالطبع فشلت في امتحاناتي غير أنيي أخذت علامات جيدة في علم النُّطق.

موعد الغداء يكون في الساعة الثانية ظهراً وعادة ما يكون مع زوجتي وإحدى بناتي، وعادة يكون عندي طاهي من الباكستان، وأحياناً نحن نأكل الطعام الإنجليزي: لحم الجل المصنوع على الطريقة الإنجليزية هو أحد الأشياء المفضلة عندي وأيضاً السمك المطهي على الطريقة الإنجليزية مع البطاطا، وأنا أحب أن أطبخ كهواية.

ووقت القيلولة عندي ما بين الساعة السادسة والنصف والساعة السابعة والنصف، وكذلك في وقت ما بعد الظهيرة وبفضل الله أملك نظام إيقاظ بيولوجي في داخلي حيث أستطيع أن أستيقظ متى أشاء. إن حياتي الثانية تبدأ عندما يغادر الناس مكاتبهم ويأتون إلى المسجد وتنتهي عند وقت الصلاة الأخيرة عند حلول الظلام وعندها أعود للبيت.

العشاء يكون عادة ما بين الثامنة إلى العاشرة حسب غياب الشمس وعادة يكون المنزل مليئاً بالضيوف أحياناً نكون أكثر من 20 شخصاً وحتى عندما نكون نحن أفراد العائلة فقط مع صهرين والأحفاد الصغار، يبلغ عددنا حوالي 14 شخصاً. عند المساء غالباً ما أكون في البيت أشاهد الأخبار عند العاشرة والبرامج التي تثير نقاشات وحوارات. وعندما كنت صغيراً كنت مهتماً بالخيال التاريخي وروايات (شرلوك هولمز)، وأنا الآن مهتم بالمجلات العلمية في بعض الأحيان. أعود للمسجد في حوالي الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة وعندما أعود للبيت أتناول شراباً ولكن لا أتناول أبداً الكحول. وقد اكتشفت مؤخراً تركيبة صينية تدعى حليب الصويا أتناولها في بعض الأحيان وبعد ذلك أؤدي صلاتي الخاصة وأستغرق في النوم عندما يسقط الكتاب على صدري وأنا أقرأه. ولكن مع ذلك أستيقظ لكي أطفئ الضوء). (لقاء سوزان رافن مجلة صندي تايمز شهر آب أغسطس 1989)

بعد انتهائي من قراءة هذه المقالة أثير عندي السؤال التالي: ماذا نستطيع أن نسمي يوماً من أيام حضرة ميرزا طاهر أحمد في عام 1997 وخصوصاً بعد أن تضاعفت الأعمال؟ ولذلك إن شاء الله سنحاول أن نجري مع حضرته لقاء يتحدث عن حياته اليومية عندما تسنح لنا الفرصة.”

مساهمة الصديقة: لينا خربوطلي (دمشق، سوريا)

Share via
تابعونا على الفايس بوك