
يا مَن أحـاط الخـلقَ بالآلاءِ
نُثـني عليك وليس حولُ ثناءِ
.
اُنظُـرْ إليّ برحمـةٍ وعطـوفةٍ
يا مَلجئي يا كاشفَ الغَـمّاءِ
.
أنت الملاذ وأنت كهفُ نفوسنا
في هـذه الدنيـا وبعد فناءِ
.
إنّا رأينا في الظـلام مصيـبةً
فارحَـمْ وأَنْزِلْنا بدار ضـياءِ
.
تعفو عن الذنب العظـيم بتوبةٍ
تُنجي رقابَ الناس مِن أعبـاءِ
.
أنت المراد وأنت مطلب مُهْجتي
وعليك كلُّ توكّلي ورجائي
.
أعطيـتَني كأس المحـبة رَيْقَها
فشربتُ رَوحاءً على رَوْحـاءِ
.
إني أمـوت ولا يمـوت محبتي
يُدْرى بذكرك في التراب ندائي
.
ما شاهدتْ عيني كمثلك محسِنًا
يا واسِعَ المعـروف ذا النعماءِ
.
أنت الذي قد كان مقصدَ مُهْجتي
في كلّ رشْحِ القلـم والإملاءِ
.
لما رأيتُ كمال لطفك والندا
ذهَب البلاء فما أُحِسُّ بلائي
.
إني تركتُ النفس مع جذباتها
لما أتـاني طالبُ الطـلبـاءِ
.
متْـنَا بمـوت لا يراه عـدوُّنا
بعُدتْ جنازتُنا من الأحـياء
.
لو لم يكُنْ رحمُ المهيمن كافلي
كادت تعفِّـيني سيولُ بكائي
.
نتلو ضياءَ الحق عند وضـوحهِ
لسنا بمبـتاعِ الدُّجـى بِبَراءِ
.
نفسي نَأَتْ عن كل ما هو مُظلِمٌ
فأَنَخْتُ عند مُنوِّري وَجْنائي
.
لما رأيتُ النفسَ سَدَّ مَحَـجّتي
أسلمتُـها كالمَيْتِ في البَيداءِ
.
إني شربتُ كؤوسَ موتٍ للهُدى
فرأيتُ بعد الموت عين بقائي
.
لولا مِن الرحمن مصباحُ الهدى
كانت زُجاجتـنا بغير صفاءِ
.
إني أرى فضلَ الكريم أحاطني
في النشأة الأُخرى وفي الإبداءِ
.
اللهُ أعطـاني حـدائق علمِـه
لولا العـناية كنتُ كالسفهاءِ
.
وقد اقتضتْ زفراتُ مرضَى مَقْدَمي
فحضرتُ حمّالاً كؤوسَ شفاءِ
.
اللهُ خَلّاقي ومُهْـجةُ مُهْـجتي
حِبٌّ فدَتْه النـفس كلَّ فِداءِ
.
وله التفـرُّدُ في المحـامد كلها
وله عَـلاءٌ فوق كل عـلاء
(منن الرحمن)