
يأتي على رأس الفضائل الإنسانية كلها خلق الحياء، فهو خير كله كما قال عنه رسول الله لأنه يطبع سلوك الشخص بطابع الاستقامة الحق في علاقته مع ربه ودينه والناس، والقطعة الشعرية التي بين يدينا تكشف لك عن جوانب مشرقة من هذه الفضيلة الحية، تلك التي عبر عنها بصدق الشاعر العباسي أبو تمام حبيب بن أوس الطائي المتوفى سنة 231 هـ صاحب ديوان الحماسة.
.
إذا جارَيتَ ذا خُلقٍ دنيءٍ
فأنتَ ومنْ تُجاريه سواءُ
.
رأيتُ الحُرَّ يجتَنِبُ المَخازي
ويحميهِ عنِ الغدرِ الوفاءُ
.
وما من شِدةٍ إلا سيأتي
لها مِن بعدِ شِدَّتِها رخاءُ
.
لقد جرَّبتُ هذا الدهر حتى
أفادتني التجارب والعناءُ
.
إذا ما رأسُ أهلِ البيتِ ولَّى
بدا لهمُ من الناس الجفاءُ
.
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ
ويبقى العودُ ما بقيَ اللِّحاءُ
.
فلا والله ما في العيش خيرٌ
ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ
.
إذا لم تخشَ عاقبةَ الليالي
ولم تستحي فاصْنَعْ ما تشاءُ
.