براءة الإسلام من أعمال الفساد والإرهاب
- الفهم الخاطئ لتعاليم الإسلام الحنيف أساس الكارثة.
- الفتنة الغاشمة، وانكار الناس لمبعوث السماء.
- الأيدي الخفية المنتفعة من الصراع داخل العالم الإسلامي.
- نشر السلام في العالم أمر إسلامي.
- حقوق الله وحقوق العباد هي مجموع تعاليم الإسلام.
- واجب أبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية في نشر تعاليم الإسلام الحنيف.
- الدعاء والصدقة هي أسلحة هذا العصر.
- توضيح المسيح الموعود عليه السلام لفائدة الدعاء.
- النجاة من المصائب والأمراض الروحانية هما أساس السعادة.
__
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)
إن أوضاع العالم تسوء بسرعة في هذه الأيام، ومن سوء الحظ أن بعض الجماعات الإسلامية هي السبب وراء ذلك. لا يدري حكام البلاد الإسلامية وزعماؤها أن القوى المعادية للإسلام تحاول محاصرتها. إن الأعمال الغاشمة التي تُرتكب باسم الإسلام والجهاد لا تمت إلى الإسلام بصلة، كما أن الظلم الذي تصبه الحكومات الإسلامية على رعاياها لا علاقة له بالإسلام أبدا. إنها تتصرف خلافًا لتعاليم الإسلام، فأين ورد أنْ اقتلوا الأبرياء. ثم إنهم لا يقتلون باسم الإسلام غير المسلمين فحسب، بل يقتلون من المسلمين أكثر من غيرهم، بمن فيهم الأطفال والشيوخ والنساء. إن قوة الدول الإسلامية في ضعف مستمر، وهذا ما تتمناه القوى المعادية للإسلام، فإنها تريد عدم الاستقرار في الدول الإسلامية، وألا تتقوى البلاد الإسلامية معيشةً ولا أمنًا ولا سلاما. إن حكام البلاد الإسلامية ومشايخهم الذين يربّونهم لا يفهمون تعاليم الإسلام ولا يريدون أن يفهموها. يرفضون سماع صوت من جاء من عند الله في هذا العصر إمامًا وهاديا، والذي قد بعثه الله بنفسه بحسب وعده وبحسب نبوءات النبي لنشر تعاليم الإسلام الحقيقية في العالم في هذا الزمن. فما هي نتيجة هذا الإنكار يا ترى. النتيجة كما بينت آنفًا أن الإسلام الذي هو أكبرُ حاملٍ للواءِ إرساء دعائم الأمن والسلام في العالم، ينبغي أن يذكِّر هذه الدول الإسلامية بأن إرساء الأمن والسلام هو أكبر واجباتها، ولكنها نفسها تدمّر الأمن والعدل. كل فتنة تقع في أية دولة إسلامية يغتنمها المغرضون، وليس سببها إلا أن الحكومات الإسلامية تؤثر منافعها الشخصية على العمل للنهوض برعاياها وفلاحها. المسلمون يقتلون المسلمين، ولم يبقَ في الحكام صبرٌ ولا أناة. إن التمرد الذي حصل في تركيا مؤخرا، لا شك أن تبريره محال مطلقًا بحسب تعاليم الإسلام، إلا أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية ولا تزال تتخذها أيضا غاشمة، حيث إنها تعمل ضد كل معارضيها السياسيين بغض النظر عما إذا كانوا ضِلعًا في هذا الانقلاب الفاشل أم لا، وذلك بالرغم من أن هؤلاء الحكام قد رأوا بأم أعينهم فيما حولهم كيف تكون ردة الفعل على مثل هذه الإجراءات القمعية، سواء عاجلا أو آجلا. إذا استمر الظلم فلا بد من ردة فعل، والقوى المعادية للإسلام تؤجج ردة الفعل هذه وتستغلّها. فالقوى الكبرى تبيع عندها أسلحتها وتُظهر تعاطفا مع الطرفين. من المؤسف أن حكام البلاد الإسلامية لا يعودون إلى صوابهم رغم رؤية كل هذا في العراق وليبيا وسوريا وغيرها. إذا كانوا لا يريدون التدبر في تعاليم القرآن الكريم، وإذا كانوا لا يريدون العيش كمسلمين حقًا، فمن مقتضى العقل أن يتّخذوا الخطوات حذرين، وينظروا إلى المستغِلّ المنتفع من خلافاتهم أو مما يحصل في بلادهم من اضطراب وعدم استقرار. ولكنهم لا يستوعبون هذا الأمر. لذا فهناك حاجة ماسة لكثير من الدعاء من أجل البلاد الإسلامية في هذه الأيام بأن يلهمهم الله العقل والصواب.
من المؤسف أن حكام البلاد الإسلامية لا يعودون إلى صوابهم رغم رؤية كل هذا في العراق وليبيا وسوريا وغيرها. إذا كانوا لا يريدون التدبر في تعاليم القرآن الكريم، وإذا كانوا لا يريدون العيش كمسلمين حقًا، فمن مقتضى العقل أن يتّخذوا الخطوات حذرين، وينظروا إلى المستغِلّ المنتفع من خلافاتهم أو مما يحصل في بلادهم من اضطراب وعدم استقرار.
ثم إن التنظيمات الإرهابية تقوم بتشويه سمعة الإسلام بقتل الأبرياء بمنتهى الوحشية والظلم في هذه البلاد الغربية. وليس بمستبعد أن تكون القوى المعادية للإسلام هي التي تستعمل هؤلاء المجرمين لارتكاب هذه الأعمال البشعة في البلاد غير الإسلامية، وذلك إساءةً إلى الإسلام وأيضا تبريرًا لإنشاء قواعد لها في البلاد الإسلامية بحجة مساعدة أهلها وإنقاذ العالم من الإرهاب. لو كان هؤلاء يعلمون تعاليم الإسلام الصحيحة حقًا لأدركوا أن الإسلام لا يعلّم أبدًا سفك دماء الأبرياء، واغتيال المسافرين في المطارات والمحطات، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى، واقتحام الكنائس وقتل القسيسين فيها. كان الرسول كلما أرسل جيشًا أوصاهم أن لا يقتلوا النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ ولا الرهبان والقسس، وألا يتعرضوا لهم بسوء، دعك من أن يقتلوا كلَّ مَن لا يحمل السلاح عليهم أو لا يشترك في الحرب على المسلمين بأي شكل من الأشكال. أما ما يفعله هؤلاء فليس من تعاليم القرآن الكريم ولا من تعاليم الرسول ، وليس ثابتا منه ولا من خلفائه الراشدين ولا من صحابته رضوان الله عليهم أجمعين. لقد سمى الله ديننا الإسلام، وهذا الاسم نفسه يفند الإكراه والتطرف، ويعطي رسالة الأمن والصلح والوئام. إن معنى الإسلام هو العيش بسلام ومنح الآخرين السلام. وقال الله تعالى في القرآن الكريم وَالله يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ (يونس 26) ، ثم إن المسلم الحق عندما يصلي فإنه يسأل الله تعالى رحمته وفضله، ولكن هؤلاء الظالمين لا يؤمنون بالقرآن الكريم ولا يعملون به، ولا يصلون، وإنما اختلقوا من عند أنفسهم دينًا جديدا وشرعًا جديدا. عندما يصلي المسلم الحقيقي ويسأل اللهَ تعالى أن يعطيه السلام فإنه يجتنب الشر والكبر والفسق والفجور أيضا، حيث قال الله تعالى إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ (العنكبوت 46).
ثم إن الإسلام يأمر بإلقاء السلام على الآخرين ونشر السلام. وإلقاء السلام ليس منحصرًا في المسلمين فقط، وإن كان القانون في باكستان قد احتكر وبتأثير المشايخ إلقاء تحية السلام على المسلمين في هذه الأيام حيث يزعمون أنه لا يحق لأحد سوى المسلمين إلقاء هذه التحية، أما الأحمديون فلا حق لهم مطلقًا أن يسلموا على أحد. والواقع أن تحية السلام كانت تُلقى على الجميع بدون تخصيص في زمن الرسول .
هذه بعض مزايا الإسلام التي ذكرتها لكم، وهذه بضعة أمور بينتها لكم بإيجاز، ولو تناولناها بالتفصيل، ونظرنا إلى أي من هذه الأحكام ومن أية زاوية، لثبت أن الإسلام دين الأمن والسلام والصلح والوئام، لا دين الإرهاب. فإذا كان الفوز بقلوب الناس بمستطاعٍ، وإذا كان نشر الإسلام في العالم ممكنًا، فإنما يتأتى ذلك بنشر تعاليمه الرائعة الجميلة، وليس بالتعليم الذي اخترعه المتشددون من الناس والعلماء. ولكن لا يمكن لأحد إنارةَ هذا الطريق إلا الذي بعثه الله تعالى إمامًا لهذا الزمان. ولا يستطيع أحد إقامة العدل غير الذي أرسله الله تعالى حكمًا عدلا، ولا يستطيع تنفيذ التعاليم الإسلامية الرائعة إلا الذي أقامه الله تعالى على هذا المنصب. نحن الأحمديين سعداء لأننا آمنا بإمام الزمان أي بالمسيح الموعود والإمام المهدي فوُقِينا الاشتراكَ في هذا الظلم لأهل الدنيا. يقول المسيح الموعود :
“قسم الإسلام تعليمه إلى قِسمين. الأول: حقوق الله، والثاني: حقوق العباد. المراد من حقوق الله أن يؤمن الإنسان أن طاعته – سبحانه وتعالى – واجبة عليه. والمراد من حقوق العباد أن يواسي خلق الله. وليس صحيحا أن يؤذي الإنسان أحدا لمجرد الاختلاف في الدين. المواساة والمعاملة الحسنة شيء، والاختلاف في الدين شيء آخر. إن فئة من المسلمين الذين يخطئون في فهم معنى الجهاد يجيزون أن تؤخَذ أموال الكفار بطرق غير شرعية، وقد أفتوا بجواز نهب أموالي وأموال جماعتي، (ولا تزال هذه الفتوى سارية المفعول إلى يومنا هذا بحق الأحمديين. يقول حضرته:) وقد أفتوا بجواز نهب أموالي وأموال جماعتي حتى إنهم أفتوا بجواز اختطاف زوجاتهم، مع أن هذه التعليمات السيئة لا تمت بصلة إلى الإسلام الذي هو دين نزيه وطاهر. يمكن أن نضرب مثَل الإسلام كمثَل أبٍ يطالب بحقوق أبوته، ويودّ أيضا أن يواسي أولادُه بعضهم بعضا، ولا يحب أن يضرب أحد الآخر. والحال نفسه ينطبق على الإسلام؛ فهو يريد من ناحية ألا يُشرك بالله شيء، ومن ناحية أخرى يريد أن تكون هناك مودة ووحدة بين بني البشر.”
فهذا هو التعليم الذي يستطيع المسلمون إقامة مجد الإسلام مرة أخرى بالعمل به، وهو أن يعرفوا حق الله تعالى وحقّ بعضهم البعض، وأن يسعوا جاهدين لخلق المحبة والمودة في بني البشر بغض النظر عن انتمائهم الديني. وبدلا من قتل الأبرياء ظلمًا عليهم أن يستخدموا سيفَ الأمن والصلح والسلام للإسلام فيُخضِعوا به القلوب ويأتوا بها إلى أقدام النبي . وليَسْعَوا لإحراز محبة الله وقربه بدلاً من سخط الله تعالى وغضبه جريرة الهجمات الانتحارية أو ممارسة الظلم. عليهم أن يجعلوا كنف الإسلام ظلاًّ كظلّ محبة الأب ورحمته بدلا من أن يتيحوا من خلال أفعالهم الظالمة فرصًا أخرى للاعتراض على الإسلام وشنّ الهجمات ضده. فليعلم هؤلاء أنهم إن لم يرتدعوا فلا يسعهم نشر الإسلام من خلال حيلهم الدنيوية وهجماتهم هذه.
وعلينا نحن الأحمديين أيضا أن نتذكر أنه يجب أن تنبّهنا كل هجمة -يشنُّها باسم الإسلام هؤلاء الضالون- إلى تحقيق مسئولياتنا أكثر من ذي قبل. ولا بد أن نخبر العالم بعد كل عمل يؤدي إلى تشويه اسم الإسلام أن ديني يتأسس على الأمن والسلام، ولا بد أن يقوم به كل واحد منا. إذا كان أحد من أتباع الإسلام يُقْدم على فعل يؤدي إلى تدمير الأمن والسلام فهذا عمله الذاتي أو عمل طائفته، لأنه يحقق من خلاله أهدافًا خاصة، ولا يمت عمله هذا إلى التعاليم الإسلامية بصلة مطلقًا. هذه الأعمال غير مشروعة بتاتًا، وتقع مسئوليتها على فاعليها وليست على التعاليم الإسلامية.
هذا فضل من الله أن الجماعة الإسلامية الأحمدية تسعى لشرح هذا الموقف في كل بلد، وتحقق هذه الخطوة تأثيرًا طيبًا حيث بدأ بعض كتاب الأعمدة في الجرائد يكتبون على النحو نفسه، فمثلا عندما قُتل أحد القسس ظلمًا في فرنسا كتب أحد هؤلاء الكتاب: يلفت هذا العمل الانتباه إلى أن الحروب الدينية قد بدأت في العالم.
ثم أردف: ولكن الحقيقة ليست كذلك، لأنها حرب المغرضين وحرب المرضى النفسيين الذين اتخذوا الدين دريئة لهم.
ولقد أدلى البابا أيضا بيانًا جميلاً حيث قال: لا شك أن هذه الحرب قد تحولت إلى حرب عالمية ولكنها ليست بالحرب الدينية بل هي حرب المصالح والأهداف. إنها حرب الذين يريدون من خلالها تحقيق أهدافهم، وذلك لأنه ليس من دينٍ يعلّم الظلم.
إن الله تعالى لا يخذل الصادق أبدا. وإذا عاداه العالم كله وعارضه لن يقدر على إلحاق الضرر به. إن الله يملك القوة والقدرة كلها. الإنسان يحظى بحمايته نتيجة الإيمان، ويرى عجائب قدراته وقواه، ولا تصيبه ذلة. اعلموا أن الله أقوى من كل قوي، وهو غالب على أمره. أدُّوا الصلوات بصدق القلب، واستمروا في الدعاء، وعلِّموا ذلك أقاربكم وأعزتكم كلّهم. ومن ينحاز إلى الله كليا لا يواجه خسارة. إن أصل الخسارة هو الذنب. (المسيح الموعود عليه السلام)
تمكّن إلى الآن هؤلاء غير المسلمين من تدارك الوضع بأنفسهم، ولكن عندما يتفاقم هذا الظلم فلا بد أن تظهر ردود الفعل له، ونظرًا إلى ذلك ازدادت مسئولياتنا لنبلغ رسالتة الإسلام.. رسالة الأمن والسلام.. في كل مكان من العالم. على أية حال، هذا هو الوضع السائد من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك من بلغتْه رسالتنا ولكنه يحاول أن يلبسها معاني سلبية. كتب إليَّ أحدٌ أن شخصًا –ولعله ارتدّ عن الإسلام- أَرسلَ رسالتي عبر تويتر ..من خلال نشره صورتي أيضا.. أن الإسلام دين الأمن والسلام، وأن النبي قد منع الظلم والوحشية، ولكنه عقّب باستهزاء: … ولكن هذا الحكم لا يتعلق بالنساء، ولا بالمرتدين، ولا بفلان وعلان. فهناك أمثال لهذا الشخص أيضا الذين عندما يرون أن الناس بدأوا يتأثرون بصورة الأمن والسلام التي تقدمها الجماعة الأحمدية للإسلام يحاولون إزالة هذا التأثير. ويمكن إيصال الرسالة إلى آلاف الناس بل إلى مئات الألوف من الناس من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك وغيرهما. فلا بد من الانتباه إلى مثل هؤلاء الناس، ومن واجبنا الرد عليهم. ما زالت عندنا أعمال كثيرة لإيصال رسالة الإسلام الحقيقي إلى العالم، وعلينا أن ننجزها. صحيح أن الجماعة الإسلامية الأحمدية قد عرَّفت الإسلام في العصر الراهن أكثر بكثير من ذي قبل، ومع ذلك لا نستطيع أن نطمئن بما فعلنا. في عهد المعارضة هذا حيث يواجه الإسلام المعارضة من غير المسلمين وتواجِه الأحمدية معارضة المسلمين غير الأحمديين، علينا أن نبذل جهودا مكثفة ونعمل بمنتهى الحكمة. من المحتم أن انتشار الإسلام في العالم قد قُدر إن شاء الله، كما ليس ثمة شك في أن النشأة الثانية للإسلام مقدرة من الله بواسطة الأحمدية، بإذن الله. وعلينا أن نسعى جاهدين وندعو الله تعالى أن يُرينا مشاهد التقدم والازدهار في حياتنا، ولا يدَع تقصيراتِنا وضعفنا يبعد عنا هذا التقدم. لذا ثمة حاجة ماسة للدعاء وبذل الجهود لكي يسترنا الله ونجذب أفضاله. كما قلت سابقا إننا نواجه المعارضة من القوى المعادية للإسلام والمسلمين الذين يتبعون العلماء المزعومين أيضا. وعلينا أن نبذل قصارى جهودنا لتحقيق مهمة المسيح الموعود غير آبهين بأي خوف. لقد سألني بعض مراسلي الجرائد والصحفيين إذ قد سئلتُ في أوروبا وفي الجولة الأخيرة للسويد أيضا سألني أحد الصحفيين وقال إنكم تعارَضون من الجماعات الإرهابية وأنكم تواجهون الخطر على حياتكم، فكيف تنجزون أعمالكم؟ فقلت نعم أنا أواجه الخطر وأبناء الجماعة أيضا، إلا أن هذا الخطر لا يستطيع أن يمنعنا من إنجاز أعمالنا. ففي العصر الراهن كل واحد في كل مكان في خطر، وقلت له: بل أنت أيضا في خطر فهو لا يخص الأحمدي أو المسلم. فكل من لا ينفِّذ خطط هؤلاء المغرضين ولا يؤيدهم معرَّض للخطر. أما الأحمديون فيعارضهم العنصريون ومعارضو الإسلام. فالخطر يحدق بنا من كلا الجانبين، لكن المؤمن لا يبالي بهذه الأمور ويتمسك بالإيمان في كل حال، وسوف يظل كل أحمدي متمسكا به إن شاء الله.
إن الأوضاع السائدة في العالم واحتماء كل أحمدي من كل شر وفتنة وإتقاء الجماعة- من حيث الجماعة- من شرور الأشرار في كل مكان، يقتضي منا التركيز الكبير على الدعاء والصدقة في هذه الأيام. يجب الاهتمام بهذا الجانب بصفة خاصة. فأوضاع العالم كما قلت تتأزم كل يوم من سيئ إلى أسوأ. نسأل الله أن يجعل شرور هؤلاء- الذين يسيئون إلى الإسلام ويشوِّهون سمعة دين الله بارتكاب المظالم والاعتداءات باسم الإسلام- تحيق بهم. نسأل الله تعالى أن يبطش بهم عاجلا، ويزيل جميع المشاكل والبلايا. لقد قال النبي لافتا انتباهنا إلى الدعاء:
مَنْ فُتِحَ لَهُ مِنْكُمْ بَابُ الدُّعَاءِ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ وَمَا سُئِلَ الله شَيْئًا يَعْنِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ. وَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ (من الابتلاء) وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ الله بِالدُّعَاءِ. (الترمذي)
ثم قال في موضع آخر: لا شيء أكرم عند الله من الدعاء. ثم قال عن الصدقات: تصدَّقوا اتقاءً من النار والابتلاء، بل قد قال : الصدقة واجبة على كل مسلم. فلما سأله الصحابة مَن لم يكن عنده شيء فماذا يفعل؟ فقال: فليعمل بالمعروف، أي فليعمل بالأوامر الإسلامية، وليعمل الحسنات، وينهى عن المنكرات، فهذا بمنـزلة الصدقة له، لكن هذا لا يعني أن يظن الذي تصدَّق أنه يمكن أن يمتنع عن المعروف ولا يجتنب المنكرات، فلا بأس، فقد دفع الصدقة. كلا بل الله ينظر برحمة إلى عباده، فإذا كان أحدٌ مضطرا ولا يملك مالا فإن الله يعدّ العمل بالمعروف واجتناب السيئات صدقة منه. أما الذي لا يحرز الحسنات ولا يمتنع عن السيئات فلا قيمة لصدقته بالمال أيضا. فكما أن الصلاة رياءً لا أهميةَ لها بل يُضرب بها وجهُه، فلا أهمية لمثل هذه الصدقة أيضا. إنما يُتوقع من المؤمن أنه حين يخرج صدقة ويدعو الله فهو يسعى ليصدر منه كل عمل لنيل رضوان الله ، وحالته هذه تجذب أفضال الله وتنقذ الإنسان من البلايا والمشكلات. وفي هذا قال سيدنا المسيح الموعود : الدعاء والصدقة تدفع البلايا. ثم يقول حضرته عن الحالة التي تقتضيها إجابةُ الدعاء: لإجابة الدعاء يجب على الإنسان أن يُحدث التغيير في نفسه، فإذا كان لا يجتنب السيئات وينقض حدود الله فلا تأثير لدعائه.
إذن يجب أن نركز كثيرا على الدعاء والصدقة ضمن حدود الله لكي نجذب أفضال الله باستمرار. يقول سيدنا المسيح الموعود لافتا انتباهنا إلى الدعاء: إنني أدعو الله دوما وعليكم أن تنشغلوا أنتم أيضا في الدعاء على الدوام. داوِموا على الصلاة والتوبة، وإذا حققتم هذه الحالة فسوف يحفظكم الله وإذا كان في البيت كله شخص وحيد من هذا القبيل فسوف يحمي الله بسببه الآخرين أيضا. قال :الذين يؤمنون إيمانا خالصا يتوب الله عليهم ويحميهم بنفسه.
ثم قال : إن الله تعالى لا يخذل الصادق أبدا. وإذا عاداه العالم كله وعارضه لن يقدر على إلحاق الضرر به. إن الله يملك القوة والقدرة كلها. الإنسان يحظى بحمايته نتيجة الإيمان، ويرى عجائب قدراته وقواه، ولا تصيبه ذلة. اعلموا أن الله أقوى من كل قوي، وهو غالب على أمره. أدُّوا الصلوات بصدق القلب، واستمروا في الدعاء، وعلِّموا ذلك أقاربكم وأعزتكم كلّهم. ومن ينحاز إلى الله كليا لا يواجه خسارة. إن أصل الخسارة هو الذنب.
أقول: فنحن بحاجة ماسة إلى الخضوع إلى الله تعالى والاستعانة به ليزيل اللهُ البلايا والمشاكل كلها، ويخيِّب العدو ويُفشل مكايد معارضي الأحمدية وهجماتهم كلها. لقد علّمنا الله تعالى بعض الأدعية في القرآن الكريم، فيجب أن نكثر من ترديدها بعد فهمِها جيدا. وقد أرشدنا المسيح الموعود في أدعية القرآن الكريم وبيّن نكتة أن الأدعية التي علّمنا الله إياها في القرآن الكريم إنما علّمناها ليدعو بها المؤمن بخلوص النية فيقبلها الله تعالى منه. فيجب التركيز على الأدعية القرآنية لإزالة البلايا واجتناب الشرور. فهناك دعاء علّمناه في القرآن الكريم ونقرأه في الصلاة أيضا عادة، وقد وجَّهنا المسيح الموعود أيضا إلى ترديده بكثرة وهو:
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .
يقول المسيح الموعود في هذا الموضوع: الإنسان بحاجة إلى شيئين من أجل إسعاد نفسه، أحدهما هو أن يبقى في مأمن مما يواجهه في الحياة الدنيا الوجيزة من المصائب والشدائد والابتلاءات، وثانيهما هو أن ينجو من الفسق والفجور والأمراض الروحانية التي تُبعده عن الله تعالى. فالمراد من حسنة الدنيا هو أن يبقى الإنسان محفوظا من كل بلاء سواء كان جسديا أو روحانيا ومن خزي الحياة السيئة… والمراد من الحسنة في: “وفي الآخرة حسنة” أن حسنة الآخرة أيضا ثمرةٌ لحسنة الدنيا، فلو نال الإنسان حسنة الدنيا لكان في ذلك تفاؤلا حسنا عن الآخرة.
ثم قال عن عذاب النار: ليس المراد من النار هنا النار التي ستكون يوم القيامة بل توجد في الدنيا أيضا آلاف أنواع النيران. ثم زاد الموضوع شرحا وقال: تتمثل هذه النيران في أنواع القلاقل والمخاوف والمعاملات مع الأقارب، والأمراض. فالمؤمن يدعو أن يحفظه الله من هذه النيران كلها. ثم علّم الله تعالى دعاء للصمود والثبات. والمعلوم أن الإنسان يواجه أحيانا ظروفا صعبة مواتية وابتلاءات فقد علِّم أدعية للثبات والنصرة ضد الأعداء، ومنها:
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .
يقول المسيح الموعود : من الواضح أنه لو لم يكن الله ليغفر الذنوب لما علّم هذا الدعاء أبدا. ثم هناك دعاء آخر ورد في القرآن الكريم:
رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ .
يجب الإكثار من ترديده أيضا. هذا، وهناك أدعية كثيرة وردت في القرآن الكريم، يجب علينا ترديدها لجذب أفضال الله تعالى. يقول المسيح الموعود ، كما ذكرتُ من قبل بأن الله ذكر تلك الأدعية في القرآن الكريم، وذلك ليدعو بها الإنسان بخلوص النية فيقبلها الله منه. ثم هناك أدعية دعا بها رسول الله وأخرى دعا بها المسيح الموعود عليه السلام: يقول المسيح الموعود عن دعاءٍ أن الله تعالى ألقاه عليه أي علّمه إياه وهو: “ربّ كل شيء خادمك، ربّ فاحفظني وانصرني وارحمني”. ثم قال : لقد أُلقي في رُوعي بأنه الاسم الأعظم. ومَن قرأ هذه الكلمات نجا من كل آفة.
ندعو الله تعالى أن يحفظنا -أفرادا وجماعة- من كل شرّ ويردّ شر المعارضين في نحورهم. ويهب المسلمين عقلا وفطنة ليلبّوا دعوة المبعوث من الله، وينشروا تعليم الإسلام الجميل والآمن في العالم وهم أمة واحدة.