شجرة النخل.. ’’ابنة عم الإنسان‘‘ أهميتها و منافعها

شجرة النخل.. ’’ابنة عم الإنسان‘‘ أهميتها و منافعها

أمان الله علي البراقي

  • تعتبر مصر وبلاد الخليج وبلاد الرافدين الموطن الأصلي للنخيل.
  • للنخيل فوائد عظيمة صحية ونفسية.
  • التمر منجم المعادن .
  • بيت لا تمر فيه جياع أهله.

__

باسقةٌ شامخَة، تشقّ عباب السماء، طلعُها نضيدٌ تطرح أغنى الثمار، مباركةٌ طيّبة جرى ذكرها بأكثر من عشرين آيةً في القرآن الكريم، ليس فيها شيءٌ لا يؤكل أو يُدار لمنفعة الإنسان! عروس الواحات هي، دونَها ما استدامت واحاتٌ وما تلمّس ساكنوها سبلَ بقاء.

أطلق عليها الرسول الكريم “ابنة عمّ الإنسان” فهي ذاتُ جذعٍ منتصبٍ ومنها الذّكر والأنثى، لا تثمر إلا إذا لُقّحت، وإذا قُطع رأسها ماتت، وإذا تعرّض قلبها لصدمةٍ قويةٍ هلكت، وإذا قُطع سعفها لا تستطيع تعويضه من محله كما لا تستطيع تعويض مفاصلها، مغشّاة بليفٍ كالشعر في الإنسان. شجرة واحدة تستوفي جميع هذه الصفات وأكثر هي شجرة النخل المباركة.

النّخلةُ جمعها نخلٌ ونخيل، نخلةُ التّمر أو نخلةُ البلَح اسمها العلمي Phoenix dactylifera موغلةٌ في القِدم بدأت رحلتها الطبيعية منذُ 80 مليون عاماً (العصر الطباشيري) تأقلمت مع المتغيرات البيئية الصّعبة فصمدت حتى يومنا هذا بفضل خصائص وراثية كقدرتها على مقاومة ملوحة الأراضي وارتفاع الحرارة، وخصائص فزيولوجية مهمة من مجموعٍ جذريّ ضخمٍ يصل إلى أكثر من مترين طولاً ويمتد على الجوانب عدة أمتار، وأوراقها الريشية التي تُعرف بالجريد (السّعف) تغطّى بطبقة شمعيّة تقيها الغبار والحر.

المَوطن الأصليّ للنخيل

تعد مصر ومنطقة الخليج وبلاد الرافدين الموطن الأصلي للنخيل حيث عرفت العراق بوادي الرافدين وبـ ” أرض السواد ” أيضاً لتكاثف غابات النخيل فيها. زيّن النخيل معابد بابلَ ومصر القديمة بنقوشات كثيرة كما عرفها الآشوريون والسومريون باستخدامات طبية جمة، ونقلت هذه الشجرة فترة العصور الوسطى لبعض دول أوروبا كإسبانيا وإيطاليا وفرنسا عبر عرب الأندلس، كما زرعت واحات في صحراء كاليفورنيا بأصناف نخيل في قرية تسمى “مكة” أيضاً قرب مدينة Indio.

لربما شجرة النخيل – التي كانت ولا تزال الفاكهة المتصدرة بجميع الجوانب الصحية والاقتصادية والبيئية – لم تأخذ حقها الكاف كثروة غذائية واقتصادية تملك القدرة على إقامة اقتصاد دول بأكملها! إذا ما وجه استثمارها بالطريق الأمثل، واستُغلت جميع أجزائها صناعياً، وأدرك الناس أيضاً فوائدها العظيمة.

ذكرهــا في القـرآن والأحاديث النبوية

لم يكن ورود النخل بحوالي 23 آية في القرآن وحضّ الرسول محمد عليه الصلاة والسلام على تناول التمر مـراراً أمـراً عبـثيّاً

وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (النجم: 4-5).

دائماً ما تطلب الأمر سنيناً طويلة وجهوداً حثيثة من علماء وأطباء ليسوقوا لنا نتائج أبحاث كانت لدينا بديهيات حصدنا فوائدها منذ زمن بتأسّينا برسول الله فكنا الرابحين ونلنا فوق البركات الروحانية إنعامات جسدية أيضاً فما مراد الأوامر الإلهية أجمع إلا المنفعة البشرية نهايةً!؟

الفوائد الطبية وتركيب التمرعرف التمر عند العرب “بمنجم المعادن” لاحتوائه معادن وعناصر مهمة في التغذية تكاد تشكل للإنسان غذاءً متكاملاً، واعتماد سكان الجزيرة العربية القدامى بشكل كبير على التمر واللبن متّعهم بصحة جيدة وقدرة على تحمل مشاق الحياة، فكان من الندرة إصابتهم بعلل العصر الحالي كأمراض القلب والسرطانات وغيرها إضافةً لأعمارهم الطويلة مقارنة بسكان المناطق المجاورة. يتركب التمر من 21% ماء، وعدد كبير من الفيتامينات، 1.2% بروتين، و18% دهوناً، و 3% ألياف‏‏. كما تحوي التمور نسبة عالية من السكريات تزيد عن 75% من وزنها الجاف ومنه يمكن اعتبارها أغنى الفواكه قاطبة بمحتواها من الطاقة الحرارية فحين يعطينا الكيلو غرام الواحد من البرتقال 500 سعرة حرارية والعنب800 والموز 1000 نجد أن الكيلو غرام من التمر يمد الجسم بما يزيد عن 3000 سعرة حرارية!. قال الله تعالى:

وهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (مريم: 26)

دلّت الدراسات احتواء الرطب – الذي هو التمر قبل تمام النضج والتجفيف – مادة مقبضة للرحم تشبه الأكسيتوسين، ومواداً حافظة للضغط الدموي. يساعد تناوله على خروج الجنين وتقليل النزف بعد الولادة، وغناه بالسكر يؤمن الطاقة اللازمة لعملية الولادة المجهدة.

  • التمر مضاد لمرض السرطان، خاصة سرطانات الأمعاء الغليظة والقولون وسرطان المخ لاحتوائه على عناصر البورون، السيلينيوم والمغنزيوم. كما يساعد بوفرة أليافه في الوقاية والعلاج من البواسير والروماتيزم.
  • يحتوي التمر على نسبة عالية من الفوسفور الذي يعتبر منشطاً للقوى الفكرية والجسمية باعتباره العنصر الأهم في العمليات الحيوية في الخلية وتوليد الطاقة.
  • غني بفتيامين A الذي يعد عامل نمو مهم يزيد الوزن، يقوي الأعصاب البصرية ويكافح العشى الليلي.
  • غني بفيتامينات B1، B2، B6 المقوية للأعصاب والملينة للأوعية الدموية.
  • غني بسكريات الفركتوز والغلوكوز البسيطة التي تمتص بشكل سريع من الأمعاء الدقيقة فتذهب مباشرة إلى الدم ومنه للخلايا الجسمية دون الحاجة لعمليات هضم معقدة كما في النشويات والدهون، لذلك نرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات فان لم تكن رطبات فتميرات فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء والحكمة في ذلك أن معدة الصائم تكون هادئة مسترخية طوال ساعات الصيام فيحبذ صحياً البدء بمادة غذائية سهلة الهضم سريعة الامتصاص غنية بالسكريات تمد بالطاقة وتعوض فاقدها.
  • تعمل الأملاح القلوية الموجودة في التمر على تصحيح حموضة الدم الناتجة عن الإفراط في تناول اللحوم والنشويات والتي تسبب الإصابة بكثير من الأمراض الوراثية كالسكري والنقرس والحصوات الكلوية والتهابات المرارة وارتفاع ضغط الدم والبواسير، وهذا مصداق لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “إن التّمر يذهبُ الدّاء ولا داءَ فيه”. كما قال عليه الصلاة والسلام: “العجوةُ من الجنّة وفيها شفَاء.”
  • مدر للبول، يغسل الكلى وينظف الكبد من السموم لغناه بعنصر البوتاسيوم، ملين لحركات الأمعاء لاحتوائه نسبة جيدة من الألياف الغذائية.
  • يقلل من سرعة التهيج العصبي الناتج عن فرط نشاط الغدة الدرقية فيوصف للأطفال المصابين بفرط النشاط الحركي.
  • يحوي مزيجاً طبيعياً من الحديد والكالسيوم، لا ينـقل الجراثيـم والمكروبات لأن نسبة السكر العالية تقتلها وتمنعها من النمو.
  • حبوب لقاحه إذا ما خلطت مع العسل كانت علاجاً مثالياً للعقم والبرود الجنسي.
  • يقي من جفاف الجلد، الأنيميا الخبيثة، النزف المستمر ونقص الفيتامينات.
  • في تحنيك المواليد: روى البخاري في كتاب العقيقة
“عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: وُلِدَ لِي غُلَامٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِي مُوسَى “. (رواه البخاري ومسلم وأحمد.)

أثبتت الدراسات فعلاً احتواء التمر مضادات حيوية قوية كالبنسيلن والستربتومايسـين والمايكوستاتين تعمل كمضادات لفطور الكانديدا البيضاء التي تصيب الأطفال عند ولادتهم. لم تقتصر فوائد النخيل على الجانب الصحي فقط، بل لها جانب اقتصادي، فوجود نخلة معناه وجود عدة مصانع لاستغلالها:

  • من بلحها العجوة.
  • من جريدها: الورق، الحصير، الحقائب والقبعات والسلال وأسقف المنازل
  • من نواها: الزيوت، الفحم، وقود وعلف للمواشي

إضافة لما عرف منذ القدم عن النخيل من فوائد طبية وغذائية، عرفت أيضاً بيئياً كمبرد طبيعي يلطف الجو، يحمي المزروعات، ويحد التلوث. حيث أظهرت الرسوم الأثرية القديمة تواجد النخيل قرب منافذ الهواء العلوية للمنازل تنظف الهواء وتلطفه، فتعـمل الأوراق كمصـفاة للأتـربة وذرات الغبار وتغني الهواء بالأوكسجين كأحد نواتج عملية التركيب الضوئي، كما تعمل الأشجار على تنظيم الرطوبة والحرارة في الجو المحيط بها، وتمتص الملـوثات الجـوية، فيمر الهواء عبر أشجار النخيل ويدخل المنزل نظيفاً ورطباً.لربما شجرة النخيل – التي كانت ولا تزال الفاكهة المتصدرة بجميع الجوانب الصحية والاقتصادية والبيئية – لم تأخذ حقها الكافي كثروة غذائية واقتصادية تملك القدرة على إقامة اقتصاد دول بأكملها! إذا ما وجه استثمارها بالطريق الأمثل، واستُغلت جميع أجزائها صناعياً، وأدرك الناس أيضاً فوائدها العظيمة.

عنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ : “يا عَائِشَةُ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ أَوْ جَاعَ أَهْلُهُ.قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا”. (صحيح مسلم)

ذكر هذه الثمرة المباركة بآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وتأكيد الأبحاث العلمية أهميتها حري بنا أن نوليها أهمية أكبر بإخراجها من دائرة التخصيص لشهر رمضان المبارك فقط وإدخالها نظامنا الغذائي اليومي بشكل دائم، فكما العقل لا ينمو إلا بالمطالعة والتفكير كذلك ليس لجسد أن ينمو دون غذاء متوازن صحيّ.

Share via
تابعونا على الفايس بوك