ردود خاصة

ردود خاصة

التقوى منكم وإليكم

* الصديق د. ناصر (الجزائر) أُعجب بخدمات الجماعة الإسلامية الأحمدية للدين الحنيف ويتمنَّى أن تنال بلده العلم الإسلامي الصحيح.

– شكرًا على مشاعر الأخوة والصداقة.. ندعو الله أن يوفِّقنا وإيَّاكم في هذا المضمار.

* الصديق زكريا بابا (غمبيا) اقترح معالجة مواضيع معينة على صفحات التقوى كي يستفيد منها زوار المكتبة المحليّة في بلدته.

– اقتراح جيد سيُأخذ بعين الاعتبار في خطط التقوى المستقبليّة.

* الصديق  ع. ب. (تونس)  اقترح نشر بعض المقالات التي تُعرِّف بالأماكن التاريخيّة الهامة التي عاينت تطورات هائلة في تاريخ الأمة الإسلاميّة…

– تُرحّب التقوى بمحاولات قرَّائها حول مواضيع مختلفة.. فهذه الزاوية (التقوى منكم وإليكم مخصَّصة لهذا الغرض).. فعلى الراغبين  في التعريف بالمعالم الأثرية أو المساجد الهامة في بلدانهم أن يُرسلوا مقالاتهم لنا مصحوبةً بصورةٍ أو صور لهذه المعالم وسوف ننشرها إن شاء الله عندما تسمح الفرصة بذلك..

* الصديق ن.ج. (سوريا) أرسل مكتوبًا ضمنه أدعية وتهاني لجميع من يُساهم في إعداد وإخراج التقوى.. كما أبدى  استعداده على مدّ يد المساعدة لنا متى تقتضي الحاجة.

– شكرًا لك أيها الأخ الكريم وبارك الله فيك وهداك لما يحبّه ويرضاه. وها أنت تُثبت جِديَّة وعلوّ مرتبة مساهمات وإمدادات الإخوة السوريين للتقوى. فعلاً يحقُّ فيكم جميعًا قوله تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ .. جعلنا الله وإياكم نموذجًا حيًّا لصدق الإسلام.

مراحل خلق الإنسان

سأتناول في موضوع بحثي اليوم كيف أن القرآن الكريم ذكر المراحل المختلفة لخلق الإنسان وذكرها لنا بالتفصيل، أي من مرحلة ما قبل الجنين إلى أن يصبح مولودًا مكتملاً.. فما أعظم كتاب الله القرآن الذي سرد إبداعات عمليةٍ هائلة منذ 1400 سنة لم يتطلّع العقل البشري إلى يومنا هذا إلا على القليل منها.

لقد ذُكرت في الآيات العشر من سورة المؤمنون المراحل المختلفة لتطوّر الإنسان الروحي، وفي الآيات التالية يصف القرآن المراحل المختلفة لتطوّره الجسدي، وبهذا يُنشئ موازاة ملحوظة بين نمو وولادة الإنسان الروحيّة والجسديّة التي ستكون ضمن بحثنا هذا أيضًا.

يقول :

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (المؤمنون: 13-15)

إن كلمة طين تعني: صلصال، وحل، أرض، تراب ثرى ناعم غني بالمادة العضويّة، تربة (لبن والأقرب). بهذه الآية يبدأ وصف عملية أنبل خلق لله تعالى وهو الإنسان، عندما كان منذ المرحلة الأولى ممثلاً على شكل غبار.

إنّ المركبات غير العضوية للأرض، تتحول خلال عملية مصقولة ودقيقة إلى جرثومة حياة عن طريق الطعام الذي يأكله الإنسان، (مثال على ذلك، أنّ منشأ وأصل النطفة هو الطعام، مثل الخضار والفواكه وكذلك اللحوم… الخ وهذا الطعام منشأه وأصله التربة التي يعيش وينمو فيها ويعتمد عليها.)

ماهي مراحل نمو الإنسان الجسدي؟

  1. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ . هذه الآية تصف التغيُّرات التي تقع في مرحلة الجنين. إذ أن النُطفة تستقرُّ في البويضة فتجد فيها مستودعًا آمنًا ثم تبدأ في النمو.
  2. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً . كلمة (علقة) مشتقة من (علق) والتي تدلُّ على عدة معانٍ. علق به: يعني التصق به بشدة، كان أو أصبح متدلّاً به: شيء يخصُّه (للإنسان أو المادة). علقت المرأة أي انها أصبحت حاملاً: علق: دم أو دم شديد الاحمرار أو كثيف أو دم متخثِّر أو متكثل بسبب تلاصقه مع بعض. علقة تُشير إلى جزء من دم متكثل أو السائل المنوي عندما يصبح دم كثيف متكثل (لين).

عند وصول البويضة الملقَّحة بالنُطفة إلى فجوة الرحم، فإنها تختار بالتجاذب المتبادل مكانًا لمستقرها في الجدار الداخلي للرحم، وهناك تصبح متعلِّقةٍ به ولا تنساب إلى الخارج مع الإفراغات. بعد ذلك فإنها تصنع تآكلاً في تلك البقعة، فتنتج نزيفًا، وبالتالي تأخذ طريقها إلى طبقات غشاء الرحم الداخلي الذي يسقط عند الولادة. عندئذٍ تصبح مغطاة بالدم فتشكل اتصالات معه. في هذه المرحلة تبدو مثل كتلة من الدم المتجمد أو الدم المعقد ولهذا أشار إليها القرآن الكريم باسم (علقة) التي لا تعني فقط دمًا متجمدًا ولكن تُشير إلى اتصال مع شيء آخر أيضًا. كلمة صغيرة ومختصرة، ولكنها وصفت هذه المرحلة للبويضة الملقحة، مثل تجاذبها واتصالاتها وتشكيل عروق الجد فيها.

  1. فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً . كلمة مضغة مشتقة من مضغ. يقال مضغ الطعام. ومضغة تعني قطعة من اللحم أو لقمة من اللحم، الجنين عندما يصبح مثل كتلة من اللحم (لين والأقرب).

في هذه المرحلة تصبح البويضة في حالة تُسمّى “أجمة البلاستوله”، وهي ما سمَّاها القرآن الكريم “مُضغة”. هذه المضغة تتكون من ثلاث طبقات والتي تنشأ منها جميع أعضاء الجنين.

  1. فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا . هذا يعني بأنّ الله تعالى يخلق العظام من تلك الكتلة من اللحم المسماة بالمضغة.
  2. فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا . في هذه المرحلة من التطوّر والنمو الجسدي يُغطي الله تعالى العظام باللحم والجلد والأعضاء الأخرى.
  3. ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ . في هذه المرحلة الأخيرة، يتمم الله تعالى خلقه الداخلي (هذه النقطة لها معنى وتغيُّر واسع وعميق ولا نريد أن نتطرَّق إليه ضمن هذا البحث)، ولكنها تعني أيضًا كما ذُكر في موضعٍ آخر من القرآن الكريم: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً (غافر: 68)

أي أن الله تعالى يبعث هذا المخلوق الجديد على شكل طفل أيضًا.

إنّ خلق الإنسان ونموّه الجسدي، هو عملية من التطوُّر والانفتاح التدريجي من مرحلة إلى أخرى، من مادةٍ لا حياة فيها إلى بذرة، ثم إلى بويضة مخصَّبة، ثم إلى جنين، ثم بعد ذلك تُتَوَّج بولادة كائنٍ بشري كامل التكوين. فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ .

الآن وبعد أن انتهيت من ذكر المراحل الست للنمو الجسدي المادي للإنسان أتطرَّق إلى ذكر المراحل الست للنموّ الروحي للإنسان وسأحاول عبر هذا البحث المتواضع أن أربُط كلا المرحلتين.

  1. المرحلة الابتدائيّة للتقدُّم الروحي للإنسان مذكورة في القرآن الكريم كمايلي: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (المؤمنون: 3) يعني الذين يتّخذون موقفًا من التواضع والطاعة خلال أدائهم للصلاة والتضرُّع لله تعالى.

فمرحلة التقدُّم هذه مماثلة لمرحلة النُطفة. أما البويضة الملقَّحة، والتي هي عبارة عن بذرة تجمع داخلها وعلى شكل مصغّر كل القدرات والخواص المختلفة، وكذلك الأعضاء الداخليّة والخارجيّة وكل الملامح التي تصبح بارزةً في المراحل المتقدِّمة من النمو الجسدي. على أية حال فإنّ النُطفة تبقى أكثر تعرُّضًا للخطر من الجنين في مراحله المتقدِّمة، وما هي إلا مثل البذرة التي تُلقى على الأرض ولم تشكل بعد أي اتصال مع المحيط الذي أُلقيت فيه. أي أنّ جذب الرحم، لم يُعطها حتى الآن مكانًا معيّنًا من النمو والتطوّر. على هذا الأساس فإنّها معرّضة للانسياب إلى الخارج ثم تتلف بعد ذلك في الممرات التناسليّة، تمامًا مثل البذرة التي تقع على أرضٍ صخرية.

ما ينطبق على النطفة التي تشكل المرحلة الأولى من تطوّر الإنسان الجسدي ينطبق على تطوّر الإنسان الروحيّ. فحالة الخشوع عندما يُصلّي المؤمن لله تعالى هي بمثابة بذرة ألقيتْ في روح الإنسان، وتشمل في شكلٍ غير متطوّر كل القدرات والملامح التي تكشف عن نفسها في شكلٍ بمنتهى الجاذبيّة في المراحل الأخيرة لتقدُّمه الروحي.

ولكن كما أنّ النُطفة ما زالت في حالة عدم الثبات حتى تشكِّل اتصالاً مع الرحم، كذلك فإنّ الخشوع في الصلاة معرَّضٌ للخطر الدائم حتى يُشكِّل المرء بداية اتصال روحي مع خالقه. وبدون هذا الوصال تكون علاقة الإنسان بخالقه في حالة انزلاق حيث أنّ عابر السبيل الروحيّ معرَّض للوقوع في كل خطوة يخطوها.

  1. المرحلة التالية في تطوَّر الإنسان الجسدي، هي مرحلة العلقة، أي عندما تشكل النُطفة اتصالاً دمويًا مع الرحم. ثم إنّها تأخذ شكل دم متجمِّد وتصبح آمنة من أن تتلف.

يُماثل هذه المرحلة الماديّة لنموّ الإنسان الماديّ مرحلة نموّه الروحاني المذكورة في الآية: وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (المؤمنون: 4). في هذه المرحلة يُشابه الاتصال الذي يربطه الإنسان مع خالقه مثل الاتصال الذي تبنيه البويضة الملقَّحة مع الرحم، عندما تصل إلى المرحلة الثانية.

كما أنّه من غير الممكن التخلُّص كُليّةً من الرغبات العابثة والمساعي التي لا طائل منها حتى يصل الإنسان إلى المرحلة الثانية من التقدُّم الروحي، فإنّ الخشوع والتواضع يبقيان معرَّضان للفشل، ويُماثل ذلك حالة البويضة في مراحلها الأولى التي يمكن أن تنتهي إلى العدم قبل أن تصبح علقة. ولكن الاتصال الذي شكَّله الإنسان في المرحلة الثانية مع الله تعالى، والذي يُمكِّنه من التخلِّي عن الأشياء العابثة والمساعي غير المثمرة شيءٌ مؤقت وضعيف، لأنّ عقله لم يتحرَّر كليّةً من حبِّ الرفاهيات الماديّة والرغبات الجسديّة حتى الآن. على هذا الأساس، تصحُّ مقارنة هذه المرحلة بمرحلة العلقة، لأنّ العلقة ما زالت ملطَّخةً بالدم الملوَّث.

  1. المرحلة الثالثة من تطوّر الإنسان الجسدي ذكرتها آية فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً . في هذه المرحلة تتطوَّر العلقة فتصبح مُضغة وبهذه الصورة تتحرَّر من كل ما هو تلويث وتلطيخ، فتصبح في حالةٍ أصلب وأنقى. ويخبرنا القرآن الكريم عن الحالة الروحيّة لهذه الحالة الماديّة بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ المؤمن الحقّ، لا يُعرضُ عن اللغوِ فقط، ولكن حتى يُطهِّر نفسه من تلويث الشُّح (البخل) فإنّه يُنفق جزءًا من ممتلكاته في سبيل الله تعالى. على هذا الأساس، سُمِّيت مرحلة التطوّر الجسدي التي تماثل هذه المرحلة الروحيّة في القرآن الكريم بمرحلة المضغة.

إنّ مرحلة المضغة أرفع مقامًا عن سابقتيها من مرحلتي النُطفة والعلقة، لأنّها أكثر تقدُّمًا وأكثر اتصالاً بالرحم، وقد تميَّزت بكثافةٍ أكثر وصلابةٍ أكثر أيضًا. المرحلة الروحيّة الثالثة والمذكورة أعلاه، تتميَّز بثلاث خصائص، وتماثل الخصائص الثلاث من مرحلة المضغة. في هذه المرحلة يُنفق المؤمن جزءًا من ممتلكاته طوعًا، أي بكل طيبةِ خاطر في سبيل الله تعالى، ويُعطي الآخرين ما اكتسبه بعرق جبينه، وبالتالي فإنّه أكثر تقدُّمًا روحيًّا من الشخص الذي هو بمعزل عن المساعي غير المثمرة. علاوةً على ذلك فإنّ وصاله بالله تعالى يُصبح أشدُّ ثباتًا، لأنّ صرف المال الحلال هو تضحيةٌ أكبر من مجرَّد الانتهاء عن الأشياء العابثة. وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ (البقرة: 178) تؤكِّد أنّ هذا الإنفاق يكون نتيجة تمركز حبّ الله تعالى في قلب المرء.

  1. وتُشير آية فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا إلى المرحلة الرابعة من التطوُّر الرحمي، ففي هذه المرحلة، فإنّه تتكوّن صلابةٌ أكثر في العظام عمّا كانت عليه في حالة المضغة وهي مجرَّد كتلة من اللحم. هذه الحالة الرابعة من نموّ الإنسان الجسدي، تماثل الحالة الرابعة من تقدُّمه الروحي كما بيَّنها تعالى بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ كما أنّ العظام هي الأكثر صلابةً والأكثر بقاء من أي عضو في جسم الإنسان، كذلك فإنّ الإيمان الذي يُعطي المؤمن القوة ليقف بنفسه ضد عواصف الأهواء الجسديّة يجب أن يكون على نحو استثنائي من الشدّة وطول الأناة أي البقاء.
  2. تُشير آية فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ، إلى المرحلة الخامسة من التطوّر الرحمي المماثلة للمرحلة الخامسة من التطوُّر الروحي كقوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (المؤمنون: 9). كما أنّ الصلاح أو الاستقامة تزيد من جمال الإنسان الروحي، كذلك فإنّ تغطية العظام باللحم يجعل الهيكل العظمي يبدو جميلاً.

هناك تشابهُ خاص بين هاتين المرحلتين، إنّ الله تعالى يتكلَّم عن الاستقامة وكأنّها (لباس)، كذلك فإنّ التعبير المستعمل في وصف الحالة المماثلة من التطوُّر الرحمي هو (كسونا). وبالتالي فإنّ اللحم الذي يغطّي العظام قد وُصِفَ مثل اللباس وخدم غرض اللباس أيضًا، تمامًا كما أنّ التقوى تصبح بمثابة اللباس الذي يزيد من الجمال والبهاء الروحي للإنسان.

  1. المرحلة السادسة والأخيرة في تطوّر الإنسان الجسدي، قد ذكرتها آية: ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ إنَّ للكلمتين خَلْقًا و آخَرَ معنىً جذّاب يُضفي على هذه الآية أبعاد جديدة نستخلص منها أنّ هذا الخلق الجديد يصعب على العقل البشري فهم كُنهه. فقد امتزجت فيه المادة بالروح وأصبح من الصعب على العقل والفهم البشري المحدود التفريق بينهما.. فبعد مرور 14 قرنًا بدأ الإنسان في اكتشاف التغيُّرات الماديّة التي تحدث لدى الجنين ولكن ليست بالصورة الكاملة التي ذكرها القرآن الكريم.. ولكن تطوُّرات الروح فيصعب حتى على من أُوتوا حظًّا وافرًا من العلوم الروحانيّة أن يكشفوا حقائقها ودقائق أسرارها لأنّ الروح من أمر الله وأبعادها تختلف عن أبعاد فهمنا.

فهذه المرحلة الأخيرة من التطوّر الرحمي، تُماثل المرحلة السادسة، وهي الأعلى من ناحية التقدُّم الروحي، كما أشار الله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ . في هذه المرحلة يهبط ضوءًا إلهيًا على قلب المؤمن، كما انّ الحب الإلهيّ يستهلك كل كيانه، فيُضيئه ويُنعشه فتصبح عبادة الله وذكره جزء وكتلة من وجوده، وبدونهما لا يستطيع العيش أو الحياة. إنّه الآن يتلقّى حياة روحيّة جديدة، فيصبح ضائعًا ومفقودًا في عشق الله تعالى.

إنّ مرحلة التقدُّم الروحي المذكورة آنفًا تُماثل المراحل الست للتقدُّم الجسدي للإنسان ولكن شتّان بين المادة والروح فالمادة فانية والروح باقية إلى أجل يعلَمُهُ الله وحده. ولا تستطيع الروح أن تتواجد في أبعاد وأجواء متطوِّرة بعد أن تمرُّ بست مراحل فقط. فمن المعقول أن تكسب الروح ميّزة خاصة خلال عملية تطوُّرها تُكسبها القدرة على التحوُّل من الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة كي تواصل مسيرتها وحياتها الحقيقيّة. فما بحثي هذا إلا محاولة بسيطة جدًا نويتُ أن أعرض من خلالها بعض إعجازات كتابنا الكامل القرآن.. وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ..تُرى ما هي الغاية من خلق الإنسان؟ وما هي الحكمة وراء مراحل الخلق الماديّة والروحانيّة؟

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ .. أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ

بقي أن أذكر أنّ هذه المعارف استقيتها من تفاسير حضرة الإمام المهدي .

مساهمة الصديق: نذير أحمد قزق

مونتريال (كندا)

Share via
تابعونا على الفايس بوك