- بم نفسر شيوع ظاهرة انتظار المخلص في كافة الديانات وحتى الثقافات؟
- ماذا يدعم دعوانا بأن ذلك المخلص هو مرزا غلام أحمد القادياني، المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام؟
___
شأن صفات الله الثابتة على مر الزمان وانقضاء ونشوء الأكوان، تبقى صفتا الإفناء والإحياء تعملان عملهما، فينبت الزرع وتخرج الثمار، ثم يستحيل كل شي هشيما يابسا، لا يلبث أن تذروه الرياح، وفيه شيء من البذور وحبوب اللقاح، فيخرج نبت جديد أخضر يانع الثمر، ثم يبلغ أمر هذا النبات من الكبر عتيا، وهكذا دواليك، يسير الأمر في حركة مستمرة كالعجلة الدائرة، التي تتجلى بحركتها الدائبة في سنة التجديد. وجماعات المؤمنين في كل عصر ليست بمنأى عن سُنَّة التجديد تلك، لا سيما حين تستدعي الذاكرة حديث رسول الله :
ولا يكاد يختلف اثنان اليوم على أن حال الزمان تستدعي مجيء سفير فوق العادة، فمما لا تُنكره عين باصرة، وقلوب مستبصرة، أن العالم اليوم يمر بمنعرج حرج على كافة الصُّعُد، اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية وأخلاقية. العجيب بهذا الصدد أن الأوضاع المزرية التي تغشى العالم ثمة إيماءات قديمة إليها في كل نسق ثقافي! ومن ينظر في داخل السياقات الثقافية المتنوعة التي تزدان بها فسيفساء عالمنا اليوم يجد شيئًا عجيبا مستقرًّا في قرارة تلك الثقافات، ألا وهو العكوف على رجاء مجيء مُخلِّص من طراز خاص. وقد بلغ الأمر من تجذُّره في أعماق الأنساق الثقافية أن باحت به أقلام الكتاب وأعمال الفنانين على اختلاف مشاربهم. حتى إن الأبطال الأسطوريين في الملاحم القديمة وكذلك أبطال القصص الخيالية الخارقين في الأدب الحديث يُعِدُّون من التمثُّلات الأدبية والسينمائية لفكرة انتظار الناس مجيء مبعوث مخلِّص يُحررهم من طغيان قوى الشر في كل عصر.
ويُرجِع الباحثون وجود هذا البعد الأسطوري كظاهرة مشتركة لدى كثير من الشعوب وتشابهها، رغم ما يفصل بينهم من فترات زمنية ومسافات مكانية ودرجات حضارية، إلى تماثل الأساس الفكري عند هذه الشعوب والمعتقدات. أما اختلاف أوصاف شخصية المنقذ بين نسق ثقافي وآخر، فمرجعه إلى الأسلوب الجمعي لكل نسق في رسم صور شخصيات بعينها وإضفاء الخوارق عليها وإلى وقائع متشابهة وإلى طريقتهم في إيجاد تفسير لها.
قارئ التقوى العزيز، العالم اليوم في مرحلة المكاشفة، كل فريق يكشف أوراقه للفريق الآخر، ليكتشف الجميع أنهم يبحثون عن نفس الشخصية، ويرتجون المنقذ ذاته، لا سيما وأن مجتمعاتهم قاطبة على اختلافها وتعددها تعاني من نفس الخلل والفساد، فلا يسوِّغ العقل مع تشابه مظاهر الفساد أن يختلف ويتعدد المُصلحون.
ولا يمكن تفسير احتواء كل الإرث الميثيولوجي العالمي على عنصر البطل الخارق المنقذ من كل شرير وشره المستطير إلا من خلال اعتبار وحدة مصدر ذلك الخبر عن موعد حلول الضيف المنقذ، لا سيما مع التباعد الجغرافي الشاسع بين تلك الأنساق. ولو أننا على المستوى العالمي أجرينا استبيانا واسع النطاق تضمن مطلبين اثنين، أولهما: من خلال المرجعية الثقافية للمجتمع الفلاني، هل يُتوقع مجيء شخصية محورية في المستقبل القريب أو البعيد من شأنها أن تنحو بالأحوال منحًى إيجابيا؟ والمطلب الثاني: عدد في نقاط أهم سمات تلك الشخصية التي يُتوقع أو يؤمل مجيئها لأجل تحقيق الإصلاح والرفاه.
العالم أجمع ينتظر على رجاء بعث ذلك السفير فوق العادة، وهو نفس السفير لدى كل الأنساق الثقافية بالمناسبة، وإن اختلفت أسماؤه وألقابه بين ثقافة وأخرى بحسب الاعتبارات المذكورة سلفًا، فلعل الاستبيان المذكور من شأنه أن يقرِّب المسافات الفاصلة بين الشعوب والثقافات، وفكرة الاستبيان هذه أداة منهجية معتبرة في جمع البيانات في البحوث العلمية الأكاديمية المعاصرة، فما ضرَّ العالم لو أجراه، ولو على سبيل التجربة، ومن باب العلم بالشيء؟! فالآن ثمة حاجة إلى إعادة قراءة النصوص المقدسة لدى أتباع شتى الأديان عمومًا، والقرآن كتاب المسلمين المقدس خصوصًا، على أن تكون تلك القراءة المرجوة بتفهيم رباني خاص.
قارئ التقوى العزيز، العالم اليوم في مرحلة المكاشفة، كل فريق يكشف أوراقه للفريق الآخر، ليكتشف الجميع أنهم يبحثون عن نفس الشخصية، ويرتجون المنقذ ذاته، لا سيما وأن مجتمعاتهم قاطبة على اختلافها وتعددها تعاني من نفس الخلل والفساد، فلا يسوِّغ العقل مع تشابه مظاهر الفساد أن يختلف ويتعدد المُصلحون.
وبهذا الصدد تنشر التقوى خطبة جمعة ألقاها سيدنا أمير المؤمنين (نصره الله) مفتتحًا مسجد “الفتح العظيم” في مدينة صهيون، عقر دار أحد دجاجلة هذا العصر، الذي كان هلاكه آية شاهدة على صدق المسيح الموعود . ويأبى الله تعالى إلا أن يستمر بقاء هذه الآية لتُذكِّر العالمين بانتصار المسيح الموعود ، ذلك الانتصار الذي تكلل بتسلُّم الخليفته الخامس للمسيح الموعود مفتاح مدينة صهيون، معيدا إلى الأذهان ذكرى أمجاد الفتوحات الإسلامية المبكرة.
لقد بُعث سيدنا المسيح الموعود كتابع كامل للمصطفى لمواصلة مهامه ونشْر دينه في أنحاء العالم كله(3). وهذا لا يعني فرض الإسلام بالقوة بأية حال من الأحوال، وشتان بين الفرض القسري وبين حرية العرض والتبليغ. فذلك التبليغ وسيلتنا إلى إعلام جميع الأقوام بأن وقت مجيء مخلصهم قد حان، ولعله مضى، فليتهم ينتبهون!
الهوامش:
- سنن أبي داود، كتاب الملاحم.
- مرزا مسرور أحمد، خطبة الجمعة بتاريخ مارس 2020، بعنوان «المسيح المبعوث بعلاج أسقام الأمم»،للاطلاع عليها كاملة، اتبع الرابط:
