التأصيل الإسلامي الفائق لحقوق جميع الخلائق
  • ما التأصيل الإسلامي الذي قدمه حضرة خليفة الوقت لحقوق المرأة؟
  • ما حقيقة تمييز الإسلام بين الجنسين؟
  • ما معنى القَوَامَة؟ ثم ما الأسوة الواجب على الرجال تقديمها بهذا الصدد؟

_____

الخطاب النهائي الذي ألقاه أمير المؤمنين

 سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي بتاريخ 7/8/2022م

بمناسبة الجلسة السنوية لجماعة بريطانيا في حديقة المهدي بريطانيا

لقد ذكرت في خطاب الجلسة السنوية لعام 2019 بعض الحقوق التي وضعها الإسلام لفئات مختلفة من الناس بل لجميع المخلوقات، ثم ذكرت بعضها في الجلسة السنوية للمملكة المتحدة في عام 2021. ولكن التفاصيل التي ذكرها الله لهذه الحقوق في القرآن الكريم، ثم الطرق التي أقام بها الرسول هذه الحقوق وشرحها، ثم الطريقة التي وصف بها هذه الحقوق الخادمُ الصادق لرسول الله وفصّلها في هذا العصر، لهي تفاصيل طويلة لدرجة لا يمكن الإحاطة بها حتى في عدة ساعات.

ليس فقط أنني لم أتمكن من ذكر جميع الحقوق بل الجزء الذي تناولته آنذاك منها إنما استطعت ذكره مع بعض المراجع المختصرة فحسب. وسأذكر اليوم أيضا بعض هذه الحقوق.

مهمتنا إطلاع العالم على جمال تعاليم الإسلام

يتحدى الإسلام بأنه الدين الوحيد الذي يصف حقوق كل طبقة وكل مخلوق بالتفصيل الذي ذكره هو، ولا يشملها أي قانون أو قواعد أو أنظمة بشرية مثلما ورد ذكرها في تعاليم الإسلام. وما أنْ يقرأ أو يسمع شخص منصف ومحب للعدل تفاصيل هذه الحقوق، سرعان ما يتجلى له جمال تعاليم الإسلام باديًا للعيان، ويقول القارئ عفويًّا إن هذا التعليم يبلغ من الجمال مبلغا بحيث يجب على الجميع تبنّيه والعمل به، ويحمد مثل هذا الإنسان المنصف ربه ويعترف علنا بأن المعترضين على هذه التعاليم إنما يثيرون اعتراضات باطلة. واعترافات الذين يأتون إلى برامجنا موجودة لدينا وهم يقيمون في بلدان مختلفة وينتمون إلى فئات مختلفة، فبعضهم من إفريقيا، وبعضهم من الهند، ومن أوروبا، ومن أمريكا، ومن أستراليا، ومن الجزر، فإنهم يعترفون بأن الأسلوب الذي يحيط به الإسلام كل جانب من هذه الحقوق لهو مدعاة للدهشة.

لذا فإن مهمتنا إطلاع العالم على جمال تعاليم الإسلام، وتوعية سعداء الفطرة من الناس بتلك التعاليم الجميلة، ومن ثمَّ إفحام المعارضين ومثيري الاعتراضات غير المبررة.

تأصيل الإسلام لحقوق المرأة، وأسوة النبي

أول الحقوق التي سأتناول ذكرها اليوم هي حقوق الرجل والمرأة. هناك مناقشات حول حقوقهما في الوقت الحاضر وضرورة المساواة بين الجنسين، وهناك منظمات كبيرة تُعنى بها إلا أنها تنحاز إما إلى الإفراط أو إلى التفريط، أي أنها تبرر الإساءة إلى الطرف الثاني من أجل إعطاء الحقوق للطرف الأول. فإذا تناولنا ذكر حقوق المرأة في الوقت الحاضر، فليست هناك قواعد أو أنظمة تؤخذ في الاعتبار، إذا كانت هذه المنظمات ترفع شعار إعطاء الحقوق للمرأة، فإنها تنزع منها بالقوة حريتها الدينية وحقها في ممارستها. ثم إذا حاولت هذه المنظمات أخذ الحقوق من الرجال، فإنها تخلق ظروفًا تؤدي إلى اتساع الفجوة بين النساء والرجال.

ثم إن الحقوق التي يريدون إعطاءها لها ناقصة، فهم أيضًا لا يعرفون كيف يطبقونها، لذا فهم أنفسهم يعتقدون أن القانون الدولي والمحاكم الدولية صامتة بشأن الحقوق المتساوية للرجال والنساء. ثم لا يعرفون كيف يزيلون العقبات التي تعترض هذا السبيل جراء الاختلاف في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والعادات والتقاليد، فيقتصرون على رفع شعار المساواة بين الرجال والنساء ويعتقدون أنهم حققوا إنجازًا عظيمًا، فلا يعلمون ما يجب أخذه بعين الاعتبار وما يجب مراعاته عند الخوض في تفاصيل تلك الحقوق، وأية قواعد ولوائح وقوانين عليهم سنّها، وحول ماذا ينبغي سنّها. لا يفكر هؤلاء فيما إذا كانت مبادئ المساواة التي اخترعوها بأنفسهم تنشر الأمن في المجتمع أم تسبب قلقًا واضطرابًا، فلا يبالون بما إذا كانوا يسببون توطيد الأواصر الأسرية أم تفكيكها، وما إذا كانوا يلعبون دورًا في تربية الجيل القادم تربية أفضل أوتدميره. إذن هناك أشياء كثيرة لم يراعوها، بل لم يضعوها في حسبانهم.

على أية حال، كما قلت، سوف أذكر بعض الأمور بإيجاز حول ما يعلمنا إياه الإسلام عن حقوق الرجل والمرأة. تفاصيلها كثيرة إلا أنني سأشرح بعض الأمور، وعندما ننظر إليها مراعين وضع المجتمع الذي كان موجودًا وقت بعثة رسول الله وعند نزول القرآن الكريم، يتضح كيف أن الإسلام أرسى حقوق المرأة والرجل قبل أربعة عشر قرنا من الزمان أي في العصر الذي لم يكن فيه للمرأة منزلة أو مكانة تُذكَر، فقد أقام لها الإسلام حقوقها في ذلك العصر. وهذه منة الله تعالى علينا أنه بعث في هذا العصر مبعوثًا ليقدم أمامنا جمال تعاليم الإسلام الجميلة.

على كل حال، سأبدأ الحديث من خلال الآيات القرآنية، فقد ورد في القرآن الكريم قول الله تعالى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا . (1)

إن تعاليم الإسلام مبنية على التقوى. قال الله تعالى في مستهل القرآن الكريم أنه هدى للمتقين. فمن هو المتقي؟ هو الذي يخشى الله، ويحبه، ويعاهد على العمل بأوامره ويتبعها، وهذا هو المسلم الحقيقي. عندما قال الله تعالى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ

فإن أول المخاطبين بهذا القول هم المسلمون. لذلك فهو توجيه للمسلمين رجالا ونساء أن يتذكروا دائمًا أن الله خلقهم من نفس واحدة، فقد وُلِد الرجال والنساء من نفس واحدة، وبهذا المعنى هم من جنس واحد، وعليه فقد جعل الله عقولهم واحدة، ومشاعرهم واحدة، وعواطفهم واحدة أيضًا.

تتلى هذه الآية عند إعلان النكاح أيضا، أي يتم من خلالها عند الزواج توضيح فكرة مفادها أنه لا يمكن أن تكون هذه العلاقة قوية إلا عندما يتولد في قلب الرجل الشعور بأن المرأة والرجل متساويان في المشاعر والعواطف والعقل والحقوق، فلا ينبغي اعتبار المرأة أقل شأنا. وأُفهمت المرأة أيضا في هذه الآية على النحو المذكور. كانت أسوة النبي أنه كان يستشير النساء في بعض الأمور المهمة. لم يكن للمرأة  حق في إبداء رأيها في المجتمع قبل الإسلام بل لم يكن لها أي مكانة فيه ناهيك أن تُستشار. فإن أسوة النبي في استشارة النساء في أهم الأمور قد شجّع النساء لدرجة أنهن بدأن بالرد على مقاطعات الرجال الزائدة. لقد حدث مع عمر أنه لما أبدت زوجته رأيها في أمر من الأمور وبّخها توبيخًا شديدًا قائلا: لا حق لك في التكلم في مثل هذه الأمور. فقالت زوجته: ينبغي أن تلتزم الصمت في هذا الأمر، لأنه قد ولى ذلك الزمن السابق، أما الآن فقد أعطانا النبي حق التكلم، نحن أيضا نمتلك عقلا ونستطيع أن نبدي رأينا الأفضل في أي أمر. إضافة إلى ذلك كنّ يتعلمن الدين، وكانت بعض الصحابيات أحيانًا يوجهن رأيهن إلى الخلفاء أيضا.

أول الحقوق التي سأتناول ذكرها اليوم هي حقوق الرجل والمرأة. هناك مناقشات حول حقوقهما في الوقت الحاضر وضرورة المساواة بين الجنسين، وهناك منظمات كبيرة تُعنى بها إلا أنها تنحاز إما إلى الإفراط أو إلى التفريط، أي أنها تبرر الإساءة إلى الطرف الثاني من أجل إعطاء الحقوق للطرف الأول.

لقد أعطى الإسلام المرأةَ هذه المكانةَ في وقت لم تكن تحظى بأي مكانة تذكر. ثم لم یوجه الإسلام النصح فقط إلى الزوج والزوجة بأن يولّد كل واحد منهما في قلبه خشية الله تعالى فيقوم كل منهما بأداء حق الآخر، بل نصحهما أيضًا بالاعتناء بقرابات الرحم لبعضهما البعض. فيجب عليهما الاهتمام بالأرحام أيضًا. إن الحرص على حماية هذه الحقوق الأوسع نطاقًا وإرسائها سيكفلان أيضًا سلام المجتمع وسيُولد بذلك جيل بعد الآخر محافظين على حقوق بعضهم البعض. فبهذه الطريقة ينبّه الإسلام إلى الحقوق.

سبق الإسلام في تأصيل حق المرأة في الميراث

ثم هناك مسألة الإرث، فقد أقام الإسلام حق الرجل والمرأة كليهما في الإرث. إذا حُدّد للرجل نصيب من التركة بقدر مسؤولياته، فلم تُحرَم المرأة منها بل أُعطي لها أيضا نصيب في التركة. عندما ننظر إلى هذا الأمر في الظروف السائدة آنذاك حيث كانت المرأة تُحرم من حقها في الإرث -حتى أنها لا تُمنح حقها في بعض البلدان في العصر الراهن أيضا- فإنه يصبح أمرًا عظيمًا. يقول الإسلام إن الرجال والنساء يجب أن يرثوا من والديهم أو من تركة أي شخص آخر ينالون نصيبا منها أو يحق لهم الحصول عليها شرعًا.

لا يجوز أن يُظلم الرجل ويُحرَم من أي شيء، ولا تُحرم المرأة من نصيبها في عقار ما لكونها امرأة. فمن يرددون شعار حقوق المرأة اليوم ينبغي أن يحاسبوا أنفسهم ولينظروا إلى ماضيهم، لما كانوا ينتهكون حقوق المرأة، ذلك الماضي القريب الذي لم تمضِ عليه مئات السنين، ومع كل ذلك يعترضون على الإسلام بأنه لا يعطي المرأة حقها، فليس ذلك إلا غطرسة وعناد. ولكن ما هي تعاليم الإسلام في هذا الصدد؟ يقول الله تعالى:

لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (2).

إذن هذه هي تعاليم الإسلام. وعلى هذا النحو أقام الله الكثير من الحقوق الأخرى التي جعلها الله للرجل والمرأة. وإذا كان الله قد جعل الرجلَ قوّامًا فقد قوّى بنيته الجسدية، وقد أمره أن يتحمل نفقة البيت وينفق على أهله وأولاده، وقد أمر الله المرأة أنه عندما يؤدي زوجك جميع حقوقك فمن واجبك أيضا أن تؤدي حقه، فاجعلي جو المنزل لطيفًا، وفي غياب الزوج، من واجبك حماية منزله وممتلكاته وأطفاله وكرامتك.

لذلك أُمر كلاهما بأداء حقوق بعضهما البعض. لم يأمر الله تعالى الرجال والنساء بأداء حقوق بعضهم البعض فقط، بل وضع الله تعالى الرجال والنساء على قدم المساواة وذكر ميزاتهم وخصائصهم ثم قال إذا فعلتم كذا وكذا يا أيها الرجال؛ وإذا عملتن كذا وكذا يا أيتها النساء، فمن حقكم أن ينعم الله تعالى عليكم بعطائه.

إن الرجال والنساء الذين يؤدون حقوق الله وحقوق العباد قد كفل الله لهم المغفرةَ بل الأجر العظيم. وكأن الله تعالى قد جعل هذا حقًا عليه للعباد. ومع أن العبد لا يحق له أن يطالب الله بأي حق، ولكن الله تعالى يعامل عباده وكأنه يؤدي حقًا لهم كان واجبا عليه.

على كل حال، أقرأ عليكم الآن تلك الآية التي ذكر الله فيها صفات المؤمنين والمؤمنات ووعدهم بألطافه وأفضاله. قال الله تعالى:

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (3).

فهذه هي تعاليم الإسلام الجميلة، وهذا هو جمال الإسلام، حيث لا يوصي الله تعالى كلا من الرجال والنساء بأداء ما عليهم من حقوق وواجبات فحسب، بل يعد الجنسينِ بإعطاء حقهم، ممن يعملون بأحكام الله ويؤدون حقوق المجتمع، ويحافظون على طهارتهم وعفتهم، ويعبدون الله حقَّ العبادة.

كانت أسوة النبي أنه كان يستشير النساء في بعض الأمور المهمة. لم يكن للمرأة  حق في إبداء رأيها في المجتمع قبل الإسلام بل لم يكن لها أي مكانة فيه ناهيك أن تُستشار. فإن أسوة النبي في استشارة النساء في أهم الأمور قد شجّع النساء لدرجة أنهن بدأن بالرد على مقاطعات الرجال الزائدة.

حقيقة تمييز الإسلام بين الجنسين

لقد بيَّن الله تعالى في الآية السالفة أيضا كيف أن الإسلام يمنح الرجال والنساء مكانة متساوية. إذا كان المرء ينال الأجر على كل حسنة وعمل صالح، فإن المرأة أيضا ستنال أجرها عليه. يقول الطاعنون في الإسلام أنه يميِّز بين الرجل والمرأة. نعم، إن الإسلام يميِّز بين الجنسين فيما يتعلق بِبِنْيتهما المختلفة والواجبات البيتية. ومن أجل تأسيس مجتمع جميل لابد أن يدرك كل من الرجل والمرأة ما عليه من واجبات وأن يؤديها، لكي يصبح البيت كالجنة. إنما صارت بيوت غالبية هؤلاء الطاعنين بؤرةً لفقدان الثقة المتبادلة والفتنة والفساد لأنهم قد نسوا واجباتهم، ولا يهتمون بأداء حقوق بعضهم البعض، مما يؤثر سلبًا على تربية أولادهم أيضا. فلو أننا، نحن الأحمديين، ضربنا الأمثلة السامية في أداء حقوق بعضنا البعض لأصبحنا نموذجًا يحتذيه الآخرون في بناء مجتمع جميل.

وأقرأ عليكم الآن بعض أحاديث النبي التي أوصى فيها الجنسين، وفي سياقات مختلفة، بأداء حقوق بعضهما البعض.

عن أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا تَغُلُّوا، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ، وَأَصْلِحُوا، وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»(4).

في أوضاع الحروب لا يراعي الناس بعض الأمور، ولكن النبي قد آتى هذه القاعدة لإرساء حقوق الشيوخ والنساء والأطفال الصغار وللحفاظ عليها.

وفي رواية أخرى، عن عبد الرحمن بن عائذ ، قال: كان النبي إذا بعث بعثًا قال لهم: «تَألَّفوا الناس وتَأَنَّوهم، ولا تُغيْروا عليهم حتى تدْعوهم، فإنه ليس مِن أهل الأرض مِن بيت ِمَدَرٍ ولا وَبَرٍ، لَأنْ تأتوني بهم مسلمينَ أحبُّ إليّ مِن أن تأتوني بنسائهم وأبنائهم، وتقتُلوا رجالَهم»(5). ومع ذلك يتّهمون الإسلام أنه يعلّم الظلم. كلا، بل إنه قائم لمنع الظلم.

ثم أوصى النبي بخلق جو من السكينة والسلام في البيوت وحسنِ معاشرة النساء وأداء حقوقهن، حيث ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»(6).

وتوطيدا لكرامة النساء وإرساءً لحقوقهن قال النبي لأتباعه: «حُبّب إلي النساء والطِّيبُ وجُلعت قرة عيني في الصلاة»(7)، رواه أنس بن مالك . فهذه هي أسوة النبي لأتباعه، وعلينا أن نتأمل فيها ونعمل بها.

وقال سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام ذات مرة عن حقوق النساء: «ينبغي أن تتحملوا من النساء كل نوع من سوء الخُلق والإساءة ما عدا الفحشاء. أرى أنه لمما يتنافى مع المروءة كل المنافاة أن نتشاجر مع النساء ونحن رجال. لقد جعلنا الله تعالى رجالاً، وهذا في الحقيقة إتمامُ النعمة علينا، والسبيل للشكر عليها أن نعامل النساء بلطف ورفق»(8).

لم يصُن أيُّ دين حقوق المرأة قط كما صانها الإسلام، فقد قال الله تعالى بكلمات موجزة:

وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ (9)،

أي كما أن للرجال حقوقا على النساء كذلك للنساء أيضا حقوق مثلُها على الرجال. نسمع عن بعض الناس أنهم يعُدّون هؤلاء المسكينات كالحذاء، ويسخّرونهن في أعمال مُهينة جدا، ويسبّونهن وينظرون إليهن بازدراء واحتقار، ويطبِّقون عليهن أحكام الحجاب بطريقة خاطئة قاسية وكأنهم يئدونهن وهُنّ على قيد الحياة. ينبغي أن تكون علاقة المرء بزوجته كعلاقة صديقَين حميمين صادقَين. إن المرأةُ هي أول شاهد على أخلاق الرجل وتعلُّقِه بالله تعالى، فإن لم تكن علاقته بها جيدة فكيف يمكن أن يتصالح مع الله تعالى. لقد قال رسول الله :

«خيرُكم خيركم لأهله»(10)،

أي أن أفضلَكم أحسنكم معاملةً مع زوجته.

وقال سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام مرة: ورد في القرآن ما معناه أن الرجل لو أعطى زوجته جبلا من ذهب كرمًا وإحسانا، فلا يستردنّه منها عند الطلاق. وهذا يبين لنا مدى إكرام الإسلام المرأةَ، كأنما جعل الرجال خدامًا للنساء. على كل حال، قد أمر الله تعالى الرجال في القرآن الكريم:

وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (11)،

أي عليكم أن تحسنوا معاشرة نسائكم حتى يدرك كل عاقل أنكم تعاملونهن بالإحسان والإكرام.

ثم إن شريعة الإسلام لم تخيِّر الرجل فقط في تطليق امرأته عند فساد عشرتها وعدم التوافق بينهما، بل قد خيّر المرأة أيضا في أن تأخذ الطلاق بواسطة الحاكم، وعندما تأخذ الطلاق بواسطة الحاكم يسمى هذا خلعًا في مصطلح الإسلام. إذا رأت المرأة أن زوجها يظلمها، أو يضربها بغير حق، أو يسيء معاملتها كثيرًا، أو ليس بينهما توافق وانسجام، أو يكون عِنّينًا، أو أنه قد بدَّل دينه وما إلى ذلك من الأسباب التي لا تطيق بعدها العيشَ معه في بيته، ففي كل هذه الحالات يحق لها أو لوليها رفع الشكوى إلى الحاكم ضد زوجها، ومن واجب الحاكم أن يأمر بفصلها عن الرجل ويفسخ نكاحهما إذا وجدها صادقة في شكواها، ولكن في هذه الحال لا بد من إحضار الرجل أيضا إلى المحكمة ولا بد أن يخبر عن قرار انفصالهما.

معنى القَوَامَة.. الأسوة الواجب على الرجال تقديمها

وقال في مكان آخر: على أبناء جماعتنا أن يعلِّموا النساء الورَع ليكونوا هم أنفسهم ورعينَ، وإلا سيكونون آثمين. (من واجب الرجل أن يعلّم المرأة ومن حق المرأة على الرجل أن يؤدي لها ما عليه من حق). ثم قال : «إذا كانت زوجة المرء تستطيع أن تتقدم وتقول له إن فيك كذا وكذا من العيوب، فمتى ستخاف هي اللهَ تعالى؟!».

وإذا تلاشت التقوى كانت الذرية أيضًا خبيثة. إن كون الذرية طيبةً يتطلب سلسلة من الأمور الطيبات، وإلا كانت الذرية فاسدة. لذا يجب أن يتوب الجميع ويقدموا لنسائهم قدوة حسنة. إن المرأة تتجسس على الزوج، فلا يسعُه إخفاء خطاياه منها.

كما أن النساء حكيمات في الخفاء، فلا يُظَننّ أحد أنهن غبيّات، كلا إنهن يتقبلن كل تأثيراتكم سرًّا. فإذا كان الزوج على الصراط المستقيم فإن امرأته تخافه وتخاف اللهَ أيضًا. فتقديم هذه القدوة الحسنة هو من واجب الرجال.

ثم قال : كانت زوجات جميع الأنبياء والأولياء صالحاتٍ، لأنهن كن يتقبلن منهم تأثيرهم الطيب. عندما يكون الرجال فُجّارا وفاسقين تكون زوجاتهم أيضًا مثلهم. متى يمكن أن يخطر ببال زوجة السارق أن تصلي التهجد؟ هل يمكن أن يخرج الزوج للسرقة وتصلي امرأته التهجد في البيت. كلا، هذا محال. إذا كان الرجل واقعا في السيئات فإن زوجته أيضا ستقع فيها.

وإنما قال الله تعالى:

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ (12)

لأن النساء يتأثرن بالأزواج، فكلما ازداد الرجل صلاحا وتقوى أخذت زوجته نصيبا منه حتما. وبالمثل إذا كان المرء سيئ السيرة وفاسقًا فسوف تأخذ حظَّها من سيئاته أيضا.

يقوم بعض الرجال بشرح هذا الحكم بحسب هواهم فيقولون إن الرجال قوامون وسنعمل ما يحلو لنا، ولا بد للنساء من طاعتنا. هذا الكلام ليس بصحيح، بل لا بد للرجال من تقديم أسوتهم الحسنة أولا، وعندها ستطيعهم زوجاتهم، وعندها سيؤدي بعضهم حق بعض.

إزالة سوء فهم لدى المسلمين عن مفهوم الحجاب

النساء يواجهن مشكلة، إذ يضطررن إلى البقاء بين أربعة جدران البيت حين يكون الطقس سيئا بسبب شدة القيظ. إن بعض الناس يستاؤون من خروج النساء من البيت، ولكن ما دام ذلك لا يخالف رضا الله فما المشكلة في العمل به، وما دام الله قد خلق الذكر والأنثى متساويين، فكنت أخرج مع زوجتي برفقة النساء الأخريات من البيت إلى الحديقة للنـزهة بين حين وآخر، والآن أيضا أنوي ذلك خشية أن يكون إبقاءهن في البيت في الطقس الحار جدا معصية.

فهنا يقول المسيح الموعود إن الطقس يكون حارا جدا ويحبس الناسُ نساءهم في البيوت كما هي العادة في بلاد آسيوية وهذا خطأ تماما. يقول الناس معترضين: انظروا إلى النساء إنهن يذهبن إلى الخارج! كيف تخرج النساء من عائلات عريقة من البيت؟ ولكن المسيح الموعود يقول:

«إن اعتراض أهل أوروبا على الحجاب ينم عن عدم الحياء، ومبني على التفريط والمسلمون يقومون بالإفراط إذ جعلوا البيوت سجنا للنساء. إذا كانت الاعتراضات مبنية على عدم الحياء فهي في غير محلها، ولكن حتى بعض المسلمين تصرفاتهم خاطئة، إذ يحبسون النساء في البيوت. فيقول أن النبي كان يأخذ السيدة عائشة رضي الله عنها معه إلى خارج البيت، ويصطحبها في الحروب أيضا. إذن، إن مفهوم الحجاب الذي فهمه هؤلاء الناس خطأ وما بينه القرآن الكريم هو الصحيح».

المقتبسات التي أوردتها تتحدث معظمها عن حقوق النساء، ولم تُذكر فيها حقوق الرجال منفصلة، أو هي قليلة العدد جدا، وذلك لأن الرجال حائزون على التفوق في بادئ الرأي في كل مجتمع، وهم يأخذون حقوقهم على أية حال. يقول الإسلام للرجال بأنكم تأخذون الحقوق الشرعية وغير الشرعية أيضا بمعنى أنكم تأخذون ما ليس لكم حق فيه، وتُسلب حقوق النساء بكثرة ولا سيما في بلاد أقل تقدما نسبيا أو في بلاد أهلها أقل ثقافة. وإن أغلبية المسلمين تسكن في العصر الراهن في بلاد أقل تقدما وأقل ثقافة، لذا تعامَل فيها النساء معاملة سيئة جدا ولا تُعطى لهن حقوقهن، ويتكلم الرجال عن حقوقهم. ولكن إذا كان الرجال يريدون حقوقهم فلا بد لهم أن يعطوا النساء أيضا حقوقهن. فهذا هو تعليم الإسلام.

على أية حال، نظرا إلى هذا الوضع السائد بوجه عام فقد ركّز الإسلام كثيرا على منح النساء حقوقهن، ومع ذلك يُعترض على الإسلام أنه لا يهتم بحقوقهن. وقد يقول الرجال بسماع ما سبق ذكره أنه لم تؤصَّل حقوقنا بل أُصِّلت حقوق النساء فقط. ولكن كما قلت آنفا إن الرجال يأخذون حقوقهم على أية حال لكونهم أقوياء. وقد أُسِّست منظمات مزعومة في هذه الأيام باسم حقوق النساء، وفي بعض الأحيان يظلمن أيضا الرجالَ بواسطة المحاكم أو بغيرها. فيقول الإسلام إن المرأة التي لا تؤدي حقوق زوجها وبيته وأولاده بل تصرخ بأعلى صوتها لحقوقها فقط فإنها تجلب سخط الله تعالى.

وكما قلت من قبل إنه إذا أدى المؤمنون والمؤمنات حقوق بعضهم سينالون رضا الله تعالى، ولن يحتاج أحد للاستعانة بالآخرين من أجل حقوقه. فيجب أن نضع في البال دائما أن علينا أداء حقوق بعضنا بعضا دون الحاجة إلى أحد أو الاستعانة بالآخرين. وإذا أردنا الاستعانة فلنستعن بالله ورسوله -بدلا من مراجعات المحاكم المتكررة والاستعانة بالناس أو الخروج من البيت- لنرى ماذا تأمرنا به الشريعة وماذا يأمرنا به القرآن الكريم، وما هي أسوة رسول الله ، وكيف وضح ذلك المسيح الموعود في العصر الراهن.

حق السائل والمحروم

الآن سأتحدث عن شريحة ضعيفة أخرى في المجتمع وقد أصّل الإسلام حقوقها بكل قوة وتركيز. وتلك الشريحة هي «السائل والمحروم». يقول الله تعالى في القرآن الكريم:

لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (13)

فيصف الله تعالى الصالحين والمؤمنين  أنهم مع حبهم لأموالهم ينفقون على المحرومين والسائلين والمساكين، فهم المؤمنون الصادقون والمتقون عند الله. ثم يقول الله تعالى:

لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (14)

وقد بيّن المصلح الموعود هذا الأمر في تفسير آيات مختلفة ووضح الإنفاق على السائل والمحروم فقال في أحد الأماكن: «أما الصدقة المعروفة فأساسها الرحمة والشفقة، ولم تُفرض بمقدار محدد، بل أمرُها متروك لمقدرة الإنسان ومستوى تقواه ولحاجات المحتاجين في جواره. ولأن الحكمة في هذا الإنفاق خلقُ عاطفة التعاون المتبادل بين الناس، فلا يتم هذا الإنفاق عن طريق الحكومة، بل نُصح كل فرد أن ينفقه بنفسه. وقد جاء ذكره إجمالًا في قوله تعالى

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (15).

علمًا أن قوله تعالى

وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ

يعني أنهم لا يخافون ما يخفيه لهم المستقبل ولا يحزنون على ما صدر منهم في الماضي من تقصير. وواضح من هذه الآية أنها لا تتحدث عن الزكاة المفروضة التي تُدفع للدولة، ذلك أن الزكاة لا يمكن إنفاقها سرًّا، فثبت أن الحديث هنا عن صدقة النفل التي ينفقها المرء بنفسه، تارةً سرًّا وأخرى علانيةً. ينفقها سرًّا لكي لا يعرّض المتصدَّق عليه للخجل، وينفقها علانيةً حثًّا للآخرين المقصّرين فيها، لا طلبًا للشهرة. وقد وعد الله مثل هؤلاء بأجر عظيم من عنده. (أي بعض الناس ضعفاء لا يقدمون طلباتهم ولا يسألون إلحافا، كما قال القرآن الكريم، فيجب مساعدتهم سرا. فقال ما مفاده: تُنفَق الأموال سرًّا لكي لا يعرّض المتصدَّق عليه للخجل، وتُنفق علانيةً حثًّا للآخرين المقصّرين فيها، لا طلبًا للشهرة. وقد وعد الله مثل هؤلاء بأجر عظيم من عنده).

يتبين من القرآن الكريم أن هذه الصدقة تنفق بطريقين:

1: تنفق على الذين يطالبون بسدّ حاجاتهم، مثل الفقراء الذين يسألون الناس ولا يرون فيه عارًا، فقد أمَر الإسلام بالإنفاق عليهم بحسب المقتضى، قال الله تعالى

وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ

أي في أموال المؤمنين حق للذين يسألون.

يتابع المصلح الموعود ويقول: علمًا أن السائل في التعبير القرآني لا يعني المتسولين الذين يحترفون التسول، لأن الإسلام لا يحبّذ التسوُّل، ولا مكان لمثل هؤلاء في النظام الإسلامي، فالقرآن الكريم يحثّ على التوكل على الله حثًّا كبيرا، والتسوُّل يتنافى مع التوكل كلية. ثم إن القرآن الكريم يحثّ الإنسان على تمضية حياته بشكل نافع، أما السائل المحترف فإنه يدمّر حياته.

لقد نهى رسول الله عن السؤال بشدة، أما سيدنا عمر فكان صارمًا في تطبيق هذا الأمر النبوي، فإذا رأى أحدا من السائلين المحترفين رمى ما جمَعه وأمَره بالكسب بجهده. وليس المراد من السائل هنا المعاقين والعجزة الذين لا يقدرون على كسب شيء، لأن الإسلام قد جعل مسؤوليتهم على الأمة والمجتمع، حيث يُنفق عليهم من أموال الزكاة.

فالتدبر في أحكام الإسلام الأخرى يكشف لنا أن المراد من السائل في هذه الآية مَن يكسب بجهده وعرق جبينه ولكن ماله لا يكفيه، أو أن عياله كثيرون فيضطر إلى أن يسأل معارفه وأصدقاءه. فمع أن الإسلام يكره السؤال إلا أنه لا يمنع منه؛ لأن السائل في هذه الحال يبذل جهده للكسب إلا أنه لا يكفي حاجته، فسؤاله الآخرين غير محبّذ ولكنه ليس حرامًا ولا ممنوعا، لأن الإخوان يحمل بعضهم حمل بعض.

والمصرف الثاني الذي بينه القرآن الكريم لهذه الصدقة هو المحروم المذكور في قوله تعالى الذي تلوته آنفا

وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (16).

والمراد من المحروم قوم لا يسألون الناس مع فقرهم، فلا ينتبه إلى ضيق يدهم مَن لا يتفقد أحوال جيرانه بدقة. وقد جاء ذكرهم في قوله تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا (17) ، …ينبغي ألا ينخدع المرء من قوله تعالى

لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا

ويظن أنهم يسألون الناس ولكن برفق دون إلحاح، كلا، لأن الله تعالى قد ذكر من قبل تعفُّفهم عن السؤال، إنما المراد أنهم يتجنبون حتى لقاء الأثرياء إخفاءً لفقرهم، وهكذا يُحرمون من النفع الذي يمكن أن يصيب الفقير الذي تدل هيئته على ضيق يده. وقد حثّ القرآن الكريم على الإنفاق على هؤلاء حثًّا كبيرا (وقال هذا حقهم فأدوا حقهم وانظروا من هو الفقير وتحروا عنهم ثم أدّوا حقهم ولبوا حاجاتهم.) ومن معاني المحرومِ غيرُ القادر على السؤال، وعليه فيندرج في المحروم العجزة والمعاقون مثل البكم والعرج أو النساء اللاتي يقْرَرْنَ في بيوتهن أو الأطفال الصغار، أو الحيوانات إذ هي محرومة من النطق، فالإنفاق على كل هؤلاء صدقة(18)، والمتقون هم الذين يؤدون جميع هذه الحقوق.

كيف ينبغي أن نؤدي حق السائل؟ ورد عن ذلك في حديث الرسول

عن أَبي بُرْدَةَ بْن أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ: «اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا» وَيَقْضِي اللهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ(19).

أما السائل العادي والمحروم فقد أمر بأداء حقه ولكن مع ذلك وجّه أفراد أمته إلى الجهد والأنفة فقال ليس من الجيد أن تسألوا أحدا وأوصى بأن اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي التي تنفق وتعطي واليد السفلى هي السائلة فنهى عن السؤال.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: رَجُلٌ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (أي يخرج للجهاد) حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ»، قال: «ألا أخبركم بخير الناس، وهو المجاهد في سبيل الله»، ثم قال: «وَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ؟» (أي الذي هو أقرب درجة من المجاهد)، قُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ (أي يعبد الله في العزلة وينفق في سبيله بصمت فله أجر عظيم) وَيَعْتَزِلُ شُرُورَ النَّاسِ»(20).

(أي يتجنب مجالس سيئة وبرامج سيئة، وفي هذه الأيام توجد هناك كثير من البرامج السيئة على التلفاز ليل نهار وعلى النت وعلى الحاسوب والذي يراها يقع في السيئات، وفي بعض الأحيان بل في أكثر الأحيان يقع الشباب بوجه خاص، لذا قال اجتنبوها وتوجهوا إلى العبادات والتضحيات المالية، وبذلك تنالون درجة قريبة من درجة المجاهد)، ثم قال : «وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ؟ قُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: الَّذِي يُسْأَلُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُعْطِي بِه». (أي إذا جاء أحدا شخصٌ يسأل باسم الله ولا يلبي حاجته وينهره فهو شر الناس).

عن أبي الوليد المكّي، قال: بينما عمر جالس إذ أقبل رجل يقود ناقة تظلع؛ حتى وقف عليه، فقرأ بعض الأبيات في مدح عمر ، فقال عمر: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله. وشكا الرجل ظلع ناقته، فقبض عمر الناقة وحمله على جمل أحمر وزوَّده(21).

ثم هناك رواية أخرى عن عمر نفسه ورد فيها أن عمر مر بباب قوم وعليه سائل يسأل -شيخ كبير ضرير – فضرب عضده من خلفه وقال من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال يهودي، قال فما ألجأك إلى ما أرى؟ (لماذا تتسول) قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، (أي إنني مضطر إلى دفع الجزية، ثم أنا محتاج وكبير في السن لا أستطيع أن أعمل) قال: فأخذ عمر بيده وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل (كان يتسول ولكن كان حقه أن تسد الحكومة حاجته لذا أخذه عمر إلى بيته وأعطاه بعض الأشياء هدية)، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: انظر هذا وَضُرَبَاءَهُ(22) ، وقال: فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، (الآن قد هرم ولا يستطيع أن يعمل فلا نتركه بلا سنَدٍ ومدد، بل من حقه أن نتحمل نفقاته)، قال الله تعالى:

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين ِ(23)

والفقراء هنا تعني المسلمين، والمساكين تعني أهل الكتاب) ووضع عمر عنه الجزية وعن ضربائه أي أمثاله.

ورد في الروايات أن عمر كان قد أعلن لتسديد حاجة عامة الناس المعيشية قائلا: من أحب أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله جعلني خازنا وقاسما. (مصنف ابن أبي شيبة)

«ينبغي أن تتحملوا من النساء كل نوع من سوء الخُلق والإساءة ما عدا الفحشاء. أرى أنه لمما يتنافى مع المروءة كل المنافاة أن نتشاجر مع النساء ونحن رجال. لقد جعلنا الله تعالى رجالاً، وهذا في الحقيقة إتمامُ النعمة علينا، والسبيل للشكر عليها أن نعامل النساء بلطف ورفق»(8).

وكما مر سابقا أنه ألقى كيس السائل إلى الحيوانات وذلك لأنه كان يسأل عن عادة وكان يريد أن يجمع المال مع أن كيسه كان مليئا بكل شيء يحتاجه مثل الطحين والخبز وبالرغم من ذلك كان يسأل، ولكن بشكل عام كان يُعطي السائلين والمحرومين حقهم.

قال المسيح الموعود : من عادة بعض الناس أنهم بمجرد رؤيتهم السائل، وإذا كان فيهم عرق من المشيخة يشرعون بشرح المسائل له بدلا من أن يعطوه شيئا، (ألا تعلم أن السؤال شيء مشين جدا وكذا وكذا) ويرسخون في ذهنه رعب مشيختهم وينهرونه أيضا بعض الأحيان. من المؤسف حقا أن هؤلاء القوم لا يملكون عقلا ولا قوة على التفكير التي يُعطاها شخص طيب القلب وسليم الفطرة. لا يفكرون أنه إذا سأل السائل وكان سليما معافى كان مذنبا بنفسه، ولكن إذا أعطاه شيئا فهذا لا يستلزم الذنب (إذا كان يسأل عن عادة ولا يعمل بالرغم من كونه سليم الصحة فأعطوه شيئا أولا ثم يمكنكم أن تُفهموه أيضا ولكن عليكم أن تعطوه أولا، لأن ذنبه يكون عليه، ولكن إذا أعطيتموه شيئا فلن يكون عليكم ذنب) بل قد وردت في الحديث كلمة: «لو أتاك راكبا»، أي يجب أن تعطي السائل شيئا وإن أتى راكبا مطية. وفي القرآن الكريم:

وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (24)

ولم يُصرَّح في ذلك مَن هم السائلون الذين يجب ألا تنهرهم ومن هم الذين يمكن أن تنهرهم. فاعلموا أنه ينبغي ألا تنهروا السائل لأن ذلك يؤدي إلى سوء الخُلق. الخُلق يقتضي ألا يسخط المرء على السائل بسرعة. بل يريد الشيطان أن يُحرم المرء من الحسنة بهذه الطريقة ويورثه السيئة. تأملوا أن حسنة تُنتج حسنة أخرى كذلك فإن سيئة تؤدي إلى سيئة أخرى. كما يجذب شيء شيئا آخر كذلك وضع الله التجاذب في كل فعل. فإذا عامل المرء السائلَ باللطف وبذلك تصدق صدقة تنمُّ عن خُلُق لوفِّق لكسب حسنة أخرى أيضا وسيزول الانقباض وسيعطي السائل شيئا على الأقل(25).

أحيانا تبرز العوائق في سبيل الحسنة، حيث لا يرغب قلب الإنسان في إحرازها، ويغويه الشيطان أيضا في بعض الأحيان، حيث يفكر أن فلانا إذا عمل حسنة فسوف يلتفت إلى إحراز أخرى بانتظام.

كيف كان سيدنا المسيح الموعود يعامل السائل، فعن ذلك يقول سيدنا مرزا بشير أحمد إن زوجة الأستاذ أحمد حسين الفريد آبادي أخبرتْه أن الأستاذ أيضا كان يقص عليها أحيانا أحداثا من سيرة حضرته ، فذات يوم قصَّ عليها شيئا من سيرة حضرته مع ساعي البريد الذي كان يأتيه بالرسائل وكان عند حضرته الشاي، فسأله أحدهم -حيث كان الناس جالسين عنده وبقربه يوجد الشاي- فطلب منه أحدُهم فأعطاه حضرته حفنة منه، وربما كانت أوراق الشاي. فقال ساعي البريد: يا سيدي أنا أيضا معتاد على شرب الشاي، فحين رأى ذلك نشأت عنده أيضا رغبةٌ في الحصول على الشاي، فأعطاه أيضا حضرتُه، عندها قال لحضرته يا سيدي من أين لي باللبن والسكر؟ فأعطاه روبية واحدة ليحضِّر الشاي ويشرب.

لقد روى سيدنا مرزا بشير أحمد واقعة أخرى فقال: لقد أخبرني الأستاذ أحمد حسين نفسُه أن ساعي البريد جاء ذات يوم في فصل الشتاء فقال لحضرته يا سيدي أشعر بالبرد، أعطِني معطفك، فدخل حضرته فورا إلى الداخل، وجاء بمعطفين دافئين وقال له خذ منهما ما يعجبك، فقال يعجبني كلاهما، فقال له حضرته لا بأس احمل كليهما.

وروى الصاحبزاده مرزا بشير أحمد واقعة ثالثة، أطلعتْه عليه خطيًّا السيدةُ صفية بيغم بنتُ المرحوم المولوي عبد القادر اللدهيانوي، فكتبتْ أن سائلا سأل حضرته قميصه فخلع حضرته قميصه وسلَّمه للشحاذ من النافذة. كان والدي المرحوم يقول ما أعظم سخاءه.

ويقول سيدنا مرزا بشير أحمد أيضا: ذات يوم حين دخل المسيح الموعود بيته بعد العودة من التنزُّه سأله سائل من بعيد، ولكنه لم يسمع صوته لكثرة أصوات الزوار ودخل حضرته البيت. لكنه بعد قليل حين ابتعد عن أصوات الناس دوى في أذنه صوت حزين للسائل، فخرج وسأل أين السائل الذي سأل؟ فقال له الناس كان قد انصرف من هنا فورا، فدخل وكان مضطرب البال، وبعد قليل سمع نداء السائل نفسه على الباب فأسرع فورا إلى الخارج فوضع في يده بعض النقود وقال كنت قلقا بسبب هذا السائل، وكنت دعوت الله أن يعيده. فهذه هي أسوته .

يقول سيدنا المصلح الموعود في تفسير الآية العشرين من سورة الذاريات: أما حق المساكين والسائلين والمسافرين فقد أقرّه الله صراحة في آية أخرى حيث قال

وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ

ومن أسباب إقرار حق المساكين في أموال الناس:

أوّلاً: أن الأيام دُوَلٌ، ففقراء اليوم كانوا أثرياء الأمس، وأثرياء اليوم كانوا فقراء الأمس؛ وكان الأثرياء في ذلك الوقت أحسنوا إليهم. ولو نظرنا إلى الدنيا من هذا المنظور نظرةً شاملة لم نجد فيها شخصًا واحدًا مالُه مِلك خالص له، بل لا بد أن يكون فيه حقوق للآخرين.

وثانيًا: إن كل ما في الدنيا من أشياء قد خلقها الله تعالى للناس عامة، لا لزيد أو لبكر خاصةً. فإذا أصبح أحد ذا ثروة لسبب من الأسباب فهذا لا يلغي حقوق الآخرين في أمواله لكونهم شركاءه على قدم المساواة في مِلكية ما في الدنيا. لا شك أن الإسلام قد أقرّ بحق زائد لصاحب الأموال لما بذَله في كسبها من جهود خاصة، ولكنه لا يعتبر هذه الأموال ملكًا له كلية دون شِركة أحد سواه.

ثم يقول حضرته في تفسير آية

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (26)

لهذه الآية مفهومان عندي:

الأول: أنك إذا أعرضتَ عن الأقارب والمساكين وغيرهم.. أي لم تستطع مساعدتهم لضيق اليد.. فعليك أن تنوي في قلبك نية صادقة أنك ستساعدهم عندما يبسط الله لك؛ كما يجب أن تشرح لهم هذا الأمر بغاية اللطف والرفق.

والثاني: أنك إذا أعرضتَ عن مساعدة الفقراء ابتغاءَ رحمةٍ من ربك.. أي بفكرة أن إنفاقك عليهم سوف يؤدي إلى فساد دينهم وخلقهم.. فعليك أن تشرح لهم ذلك بنبرة ملؤها اللطف والرقة. وكأن الله – – يقول: يجب أن يكون أساس إعراضك عن الإنفاق عليهم ابتغاء رحمة الله لهم، وليس بخلا منك. فمثلاً هناك متسول سليم الجسم قوي الجثة يمد يده أمام الناس، فلو امتنع أحد عن مساعدته مخافة أن تَشيع عادة السؤال في القوم فهذا جائز، شريطة ألا يكون ذلك شحًّا وبخلاً. وبالمثل لو كان المتسول مسرفًا أو مدمنًا على تعاطي الخمر أو الأفيون مثلاً، فامتنع أحد عن إعطائه شيئًا فلن يُعَدَّ آثمًا بل فاعلاً للخير؛ شرطَ أن تكون نيته أنه لو أنفق عليه فهذا سوف يدمّر صحته أكثر، ويؤدي إلى شيوع السيئة في البلد، وأن عدم إنفاقه عليه سيقضي على إدمانه، وسينفع المجتمع أيضًا. فقد ورد في الحديث الشريف أن النبي كان يلزم الصمت عند سؤال مثل هؤلاء السائلين أو ينصَحهم(27).

فالأصل أنه إذا كان للسائل حقٌّ فأعطوه، وفي الوقت نفسه تأكدوا هل ينفقه في محله أم لا.

لقد بينت لكم اليوم حقوق طبقتين، إذا كانت هذه الأمور تزيدنا علما فينبغي أن تحسِّن عمَلَنا أيضا، وتقودنا إلى تأدية هذه الحقوق. فالبيت الذي هو وحدة أساسية للمجتمع، ينبغي أن نؤدي حقه أيضا، إذا سعى الزوجان لأداء حق بعضهما وحق أولادهما أيضا فلن يبقى المجتمع آمنا فحسب بل سوف نقيم نماذج للمجتمع المثالي لكون البيت تسوده أجواءُ الأمن والسلام. وأهل الدنيا بدلا من سنّ القانون المادي عندما ينظرون إلى نماذجنا سيسعون لينظروا إلى تعليم الإسلام بدلا من التفكير في سن قوانينهم. وكذلك يجب أداء حق السائل والمحروم لخلق الأمن والسلام والحب المتبادل والتآخي في المجتمع. أهل الدنيا يحاولون إقامة الحقوق لمصالحهم، لكن الإسلام ينصح بإقامة الحقوق بعفاف. إذن فالعمل بهذا التعليم سيشكل وسيلة لنا لتعريف الدنيا بتعليم الإسلام، وفتحِ الطرق لنشر الدعوة. وفَّقنا الله تعالى لنكون أعوانا وأنصارا لإمام الزمان من أجل تحقيق مهمته مقيمين المثال للعمل بتعليم الإسلام.

الآن سندعو الله فادعوا الله لأنفسكم ولأهلكم وللطبقة المحرومة في المجتمع، وادعوا الله للأسرى في سبيل الله أن يعجِّل فك أسرهم، وادعوا الله أن يحفظ جميع الأحمديين في العالم بحفظه، وادعو الله أن يزول هذا الوباء المتفشي في العالم عاجلا، وادعوا الله للمرضى، وادعوا الله لأولئك الذين جاؤوا لحضور الجلسة أن يعيدهم إلى بيوتهم بخير وعافية، وادعو لأنفسكم وللآخرين، نسأل الله أن يوفقنا لعقد جلسة قادمة بحرية تامة وبرونق معهود، وأن ينال فيوضَها كل هؤلاء الذين يتمنون أن ينالوها. تعالوا ندعُ…

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الهوامش:

  1. (النساء: 2)
  2. (النساء: 8)
  3. (الأحزاب: 36)
  4. (سنن أبي داوود, كتاب الجهاد)
  5. رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة (4682) عن عبد الرحمن بن عائذ رضي الله عنه.
  6. الشوكاني، فتح القدير
  7. (سنن النسائي, كتاب عشرة النساء)
  8. مرزا غلام احمد القادياني، سفينة نوح
  9. (البقرة: 229)
  10. الشوكاني، فتح القدير
  11. (النساء: 20)
  12. (النساء: 35)
  13. (البقرة: 178)
  14. (البقرة: 274)
  15. (البقرة: 275)
  16. (الذاريات:20)
  17. (البقرة:274)
  18. (التفسير الكبير ج1)
  19. (صحيح البخاري, كتاب الزكاة)
  20. (سنن النسائي، كتاب الزكاة)
  21. الطبري، تاريخ الرسل والملوك
  22. ضُرَبَاء: جمع ضريب، وهو الشبيه والمثيل
  23. (التوبة: 60)
  24. (الضحى: 11)
  25. (جريدة الحكم، عدد 9/ 7/1900)
  26. (الإسراء: 29)
  27. (انظر النسائي: الزكاة، باب مسألة القوي المكتسب؛ أبو داود: الزكاة)
Share via
تابعونا على الفايس بوك