وعِندي عيونٌ جارياتٌ من الهُدى
هنيئاً لرجُلٍ قد دَنَاها لِيستقي
.
وأُعطيتُ علماً يملأُ العينَ قُرَّةً
ونوراً على وجهِ المُخالِفِ يَبزُقِ
.
وإنِّي أرى العادِينَ في تِيهةِ (1) الشَّقا
ومنْ جاءَني صدقاً فقد دَخَلَ جوسَقي (2)
.
ولو كُنتُ دجَّالاً كذُوباً لضرَّني
عداوةُ مَنْ يدعُو عليَّ لأُوبَقِ (3)
.
دَعَوا ثمَّ سبُّوا ثمَّ كادُوا فَخُيِّبوا
لِما حفِظَتْني عينُ ربٍّ مُرَمَّقِ (4)
.
يُنازِعُ أقوامٌ ويشتدُّ حربُهُم
فيُعلي المُهيمِنُ كُلَّ مَنْ كانَ أصدقِ
.
فلَيتَ عُقولُ الزُّمر قبل افتضاحِهَا
يَصِلْنَ إلى حقٍّ مُبينٍ مُحقَّقِ
.
وما أنا إلا مُنذِرٌ عندَ فتنةٍ
وقد جِئتُ مِن ربِّي كراعٍ مُعفّقِ (5)
.
ولي قِربةٌ شدُّوا عليِّ عصامَها
لأُروِيَ أقواماً بماءٍ أغدَقِ
.
فمنْ يأتنِي صدقاً كعطشانَ ساعياً
يَجِدْ كاهِلِي هذا ذَلولاً لِمُستَقي
.
فقُمْ شاهداً للّه إنْ كنتَ خاشعاً
وأكرَمُ ناسٍ عندَهُ فاتِكٌ (6) تَقِي
.
وقد كُنتُ لله الذي كان ملجئِي
وذلك سِرٌّ بينَ روحِي ومُزعَقِي (7)
.
رأيتً وُجُوهاً ثم آثرتُ وَجههُ
فواهاً لَهُ ولِوجْهِهِ المُتألِّقِ
.
ولله أسرارٌ بعاشقِ وجههِ
فَسَلْ من يُشاهِدُ بعضَ هذا التَّعلُّقِ
.
لِحِبِّي خواصٌ في الوِصالِ وفُرقةٍ
ففي القُربِ يُحيِينِي وفي البُعدِ يُوبقِ
.
وأُعطيتُ مِنْ حِبِّي قَمِيصَ خِلافةٍ
قميصَ رسولِ اللهِ أبيَضَ أمْهَق (8)
.
وأُعطيتُ عَلَمَ الفَتْحِ عَلَمَ محمَّدٍ
وأُعطيتُ سَيفاً جَذَّ أصلَ التَّخلُّقِ
.
فتِلكَ علاماتٌ على صِدقِ دعوتِي
فإنْ كُنتَ تطلُبُها ففتِّشْ وعمِّقِ
.
وإنَّ صراطِي مثل جسرٍ على اللَّظى
حَفَافَاهُ (9) نارٌ فَأْتِنِي أيُّها التَّقي
.
أرى الله يُخزِي الفاسِقين ويَصطفي
عِباداً لهُ قُتِلوا بسيفِ التَّعشُّقِ
.
ويأتي زمانٌ إنَّ ربِّي بفضلهِ
يَجُذُّ رءوسَ المُفسِدينَ ويفْرُقِ
- تيهة: بمعنى تِيه أي الضلال.
- جَوسقي: الجَوسَقُ القَصر.
- لأُوبَق أي لأُهلَك.
- مرمّق أي الذي ينظر إليَّ ويرعاني دائماً.
- راعٍ مُعفّق: أي الذي يردّ الغنم على الخطر.
- فاتك: شجاع.
- مُزعقي أي صياحي.
- أمهق أي ناصع.
- حفافاه أي حافّتاه.
(الخزائن الروحانية، جزء 12، حجة الله، ص 245 المجلد 247)