كتاب محفوظ
نشرت لجنة ختم النبوة العالمية من ملتان (باكستان) كراسة خطيرة بعنوان “التحريف في القرآن”.. اتهمت فيها مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية وأتباعه بالتحريف في القرآن. ولقد سبق أن قام في باكستان معارضو الأحمدية في عام 1973بنفس الدعاية القذرة بزعامة السكرتير العام لجمعية علماء الإسلام الشيخ الراحل مفتي محمود من مدينة (كوئته) إقليم بلوجستان، حيث أثاروا ضجة بأن الجماعة الإسلامية الأحمدية قد نشرت مصحفًا محرفًا. فردت الجماعة الإسلامية الأحمدية فورًا على هذه التهمة الباطلة الشنيعة في جريدتها اليومية “الفضل” الصادرة من (ربوة) مركزها الرئيسي، تحت عنوان “الرد على تهمة باطلة بعيدة عن الحق”. حيث جاء فيه:
كما قامت الحكومة آنئذٍ بالتحقيق. فنشرت الجرائد لحاكم إقليم بلوجستان السيد محمد أكبر بُغتى البيان التالي:
وأضاف قائلاً: “الذين يقولون بأنه قد وزعت نسخ من المصحف المحرف قد أساؤوا الفهم. والواقع أن كثيرًا من علماء المسلمين قد اختلفوا في ترجمة معاني القرآن بوجهات نظرهم المختلفة. منهم مثلاً الشيخ أبو الكلام آزاد والشيخ عبد الحق المحدث الدهلوى والشيخ المودودى. كل هؤلاء قد ترجموا القرآن بحسب بصارتهم الذاتية ودرجتهم العلمية. ولا معنى ذلك أنهم قد حرفوا القرآن. (2)
هذا التصريح السديد من حاكم إقليم بلوجستان فضح أصحاب التهمة الكاذبة على الجماعة الإسلامية الأحمدية، فحصحص الحق للناس. ولكن لجنة ختم النبوة العالمية مازالت مصرة على العناد والعداء، واستمرت في الترويج لهذه الدعاية الباطلة الخطيرة ضد الأحمدية، وهذه الكراسة “تحريف في القرآن” أيضا ليست إلا كومة نتنة من مثل تلك الأكاذيب والمفتريات، وسوف تكشف بطلانها للعيان، بإذن الله تعالى.
التهمة الأولى.. (الوحي بكلمات القرآن)
في هذه التهمة أورد صاحب الكراسة خمس آياتٍ قرآنية جاءت في إلهام سيدنا مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، وهي:
- قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُاللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا (الأعراف: 159)،
- سِرَاجًا مُنِيرًا (الأحزاب: 47)،
- يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (المدثر: 2)،
- وَمَا أَرْسَلْنَاكَإِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين (الأنبياء: 108)،
- إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (الكوثر: 2).
ثم يقول طاعنًا في شخص مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية أن زعمه بتلقي الإلهام بهذه الآيات يشكل اعتداء على النبي . إذ أنَّ كل مسلم يعرف أن الكلام في هذه الآيات موجه إلى رسولنا فقط.
الحق إن هذا الاعتراض سخيف جدًا ومثير للضحك. والقول بأن هذا تحريف في القرآن كذبٌ لا أساس له. لأن كلمات إلهام حضرته هي نفس كلمات آيات القرآن تمامًا لم تتغير أبدًا، فكيف حدث التحريف في القرآن؟
والمهم أن نرى:
أولا: هل يمكن أن ينزل الإلهام بالآيات القرآنية إلى أحد من أبناء الأمة المسلمة أم لا؟
وثانيا: هل يمكن أن ينزل الإلهام إلى أحد من أبناء الأمة المسلمة بالآيات التي تخاطب سيدنا ومولانا محمد .
الشق الأول
من سنة الله تعالى الجارية في الأبرار أنه يشرفهم بالإلهام بالآيات القرآنية.
(ا) يخبرنا إمام المتصوفين الشيخ محيي الدين ابن العربي رحمه الله تعالى: “تنزُّلُ القرآن على قلوب الأولياء ما انقطع مع كونه محفوظًا، ولكن لهم ذوق الإنزال؛ وهذا لبعضهم” (3)
(ب) كما يقول إمام العارفين الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى وهو يخاطب السالك في سبيل الله. “أيها الإنسان، إذا استمررت في التقدم في الصلاح والخير يكرمك الله إكرامًا عظيمًا حتى تُخاطَبُ: إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ واردة في سورة يوسف.
هذه هي سنة الله التي جرت في الأبرار فهو يشرفهم بإلهام بالآيات القرآنية.
(ج) وإذا درسنا سيرة مجدد الألف الثاني الشيخ أحمد السرهندي، عرفنا بأن الله تعالى بشّره قبل ولادة ابنه قائلا: إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ[LB] (4)
وكلمات هذا الإلهام هي الآية الثامنة من سورة آل عمران. فهل يستطيع هؤلاء الطاعنون في إلهامات سيدنا المهدي والمسيح الموعود أن يسخروا من مجدد الألف الثاني الشيخ أحمد السرهندي والعارف بالله الشيخ عبد القادر الجيلاني والصوفي محيي الدين ابن العربي رحمهم الله؟ وهل يستطيعون أن يرموهم هم أيضًا بسرقة الآيات القرآنية؟؟
الشق الثاني
وفيما يتعلق بجواز الإلهام بالآيات القرآنية التي تخاطب نبينا الكريم فإن الشيخ عبد الجبار الغزنوي الذي كان من أشد معارضي الأحمدية ومن آباء صاحب هذه الكراسة قد ألقى ضوءًا كثيرًا على هذه المسألة في كتابته “إثبات الإلهام والبيعة”. وقد كتب هذه العبارات ردا على الطاعنين في إلهامات المولوي محمد عبد الله الغزنوي العالم الورع الشهير في قارة الهند حيث كانت هذه الإلهامات تحتوي على آيات قرآنية تخاطب رسول الله خاصة. يقول الشيخ عبد الجبار الغزنوي:
“إذا أُلهم الإنسان بآية تخاطب رسول الله فإن الملهم يعتبر الكلام موجهًا إليه ويطبق مضمون الآية على نفسه وفق حاله ويتذكر به. وإذا طبقّ أحد على نفسه الآية التي أنزلها الله في بيان عظمة رسول الله ، واعتبر الأوامر والنواهي الواردة في الآية موجهة إليه، أُلقيت إليه آيات تخاطب رسول الله ، كقوله تعالى:
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (سورة الكهف: 29)
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (الكوثر: 3)
وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ (سورة الكهف: 29)
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ (الضحى: 8).
.. أقول إذا ألهمت هذه الآيات إلى أحد فإن المراد ذلك أن الله سبحانه سيهب له شرح الصدر ورضاءه والهداية بحسب مرتبته وصفاء باطنه، ويُعتبر إلى حد ما شريكًا مع رسول الله في هذه الأوامر والنواهي” (5)
نماذج إلهامات بآيات قرآنية
الآن نقدم إليكم بعض الآيات القرآنية تخاطب رسول الله ، وقد خصت أيضًا إلى أبناء أمته .
أولا: أمثلة من إلهامات وردت في سيرة الشيخ المولوي عبد الله الغزنوي:
(ج) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (ص 35)
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
(د) وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (ص 36)
(ي) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (ص 37)
(ز) أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (ص 37). (6)
ثانيا: كتب العالم الورع المتصوف المعروف في القارة الهندية، حضرة ميرد درد رحمة الله عليه، في كتابه الذي ذكر فيه نماذج ما ألهم إليه، وذكر حوالي ثلاثين إلهامًا كلها آيات من الذكر الحكيم منها:
ثالثا: كما تكرّر إلهام الآية القرآنية التالية إلى الولي المعروف حضرة الشيخ نظام الدين: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين .
ويقول تلميذه حضرة مخدوم غيسو داراز: “كان شيخنا يقول: أحيانًا يأتيني شابٌ جميل ويقوم على رأسي ويخاطبني قائلًا: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين . فكنت أطرق رأسي ندامةً، وأقول له: ماذا تقول؟ هذا اللقب مختص بنبينا . فما شأني أنا الحقير حتى تخاطبني بمثل هذه الألقاب؟”. (8)
كل مسلم يعرف أن الإلهامات المذكورة أعلاه إنما هي آيات قرآنية، وتخاطب رسول . فهل لهذا الشيخ الطاعن في مؤسس الجماعة الإسلامية أن يفتي على هؤلاء الصالحين بسرقة الآيات القرآنية؟!
رابعًا: وبيّن الإمام عبد الوهاب الشعراني عقيدة السيد محيي الدين ابن العربي عن الإمام المهدي وقال. “يُلهَم بشرع محمد” (9)
فإذا كان إلهام كل شرع محمد على الإمام المهدي هو عقيدة صلحاء الأمة ففكروا أيها الطاعنون فيمن تطعنون؟!
التهمة الثانية.. (تحريف ألفاظ القرآن الكريم)
ثم يتهم المؤلف الجماعة الإسلامية الأحمدية بتحريف كلمات القرآن، ويقدم سبع آيات تائيدًا لاتهامه المشين. وقبل أن ننظر في الآيات المشار إلها واحدة فواحدة نوّد أن نوضح أن الأغلاط المطبعية لا تعتبر تحريفًا بأي وجه، وهذا أمر متفق عليه عند العلماء. التحريف أن يُغيّر المحرفُ أصلية من متن الكتاب عمدًا ثم يعتقد بحسب تحريفه.
هذا، وعلاوة على أن الكاتبين من غير العرب، الذين يكتبون كتب المؤلفين باللغة الأردية فقط لا يعرفون العربية ولا الإعراب. فلو بقيت بعض أخطائهم الكتابية كما هي في بعض الأماكن رغم الدقة المتناهية عن المراجعة، وسماها أحد تحريفًا لفظيا للقرآن الكريم فهذا ظلمٌ عظيمٌ وخداع كريه.
نعم، قد يعثر القارئ أحيانا على أغلاط مطبعية قليلة جدا في كتب سيدنا أحمد ولكنه (أولا) لن يجد موضعًا واحدًا تُرجمت فيه الآية ترجمة تعارض معنى الآية الأصلية الموجودة في القرآن، أو لن يجد هناك استدلالاً معاكسًا للآية الأصلية.
وثانيا: كلما وردت نفس الآية في مكان آخر في نفس الكتاب أو غيره وردت صحيحة تمامًا.
وثالثا: كلما ظهرت غلطة مطبعية فإنها قد صححت في طبعة قادمة، وكتبت الآية في صورتها الأصلية الصحيحة. فاعتبار مثل هذه الأغلاط المطبعية تحريفًا لكذبٌ صريح بل هو إخفاء للحق.
بعد هذا التوضيح نعيد النظر في الآيات التي وردت خطأ والتي جعلها المؤلف عرضة للاعتراض.
الآية الأولى
]وما أرسلنا من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته[ (10)
يقول صاحب الكراسة أن الصحيح: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا.. وأن حذف كلمة (من قبلك( تحريف لفظي في النص القرآني.
ولكن الواقع أن كلمة )من قبلك) سقطت في الكتاب بخطأ الكاتب، لأن الآية نفسها مكتوبة في نفس الكتاب بصورتها الصحيحة الكاملة. كما أنّ نفس الآية وردت صحيحة وغير ناقصة في كتاب آخر لحضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية (11)
وعلاوة على ذلك فإن هذه الغلطة المطبعية كانت قد صُححت في الطبعة القادمة من كتاب إزالة الأوهام ص 439.
الآية الثانية
كتب مؤسس الأحمدية: (وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم( (12)
يقول المؤلف: الآية الصحيحة هي:
فقول المؤلف هذا دليل واضح على سوء نيته وخيانته البغيضة، لأن حضرة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية إنما أشار إلى آية 20 من سورة التوبة وليس إلى الآية 41 منها (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم). ولا توجد كلمات “بأموالكم وأنفسكم” في آية 20، ولا كلمة “في سبيل الله” في نهايتها. بل الكلمات في الآية المشار إليها هي “وجاهَدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم”
الآية الثالثة
كتب مؤسس الأحمدية:
هذه الآية مكتوبة أيضا على ص 434 من نفس الكتاب ( إزالة الأوهام، الخزائن الروحانية المجلد 3) بصورتها الصحيحة:
وكذلك أوردها مؤسس الأحمدية في كتبيه المتعددة مثل (جشمه معرفت) “ينبوع المعرفة” و(إسلامى أصول كلا فلاسفى) “فلسفة الأصول الإسلامية” و(ست بجن) “القول الحق”، وقد كتبها فيها بصورتها الصحيحة. فإن وقعت غلطة مطبعية في محل ما فلا يَعُدّها تحريفًا إلا صاحب النيّة الفاسدة.
أما اعتراضه أن مؤسس الأحمدية كتب آيتين كآية واحدة، فنحن نقدم كالرد مثلاً واحدًا من الأمثلة الكثيرة وهو قول رسول الله أخرجه الإمام الترمذي في جامعه برواية علي بن أبي طالب ، وهو:
ففيها ثلاث آيات من سورة الأنعام وأرقامها: (80 و163 و164) وقد جُمع بينها وكتبت بصورة آية واحدة. فهل يوجه هذا الشيخ نفس الاعتراض على الأمثلة الكبيرة المذكورة في كتب الأحاديث، وهل يحاول الهجوم على نبينا وعلي بن أبي طالب والإمام الترمذي كما يهاجم على مؤسس الأحمدية؟
الآية الرابعة
كتب مؤسس الأحمدية:
يقول صاحب الكراسة: ” قد حُذفت كلمة” لقد” وأُضيفت مكانها كلمة “إنا”، والنون للقرآن مفتوحة في المصحف ولكنها مكسورة في هذا الكتاب، “والعظيم” مفتوحة في المصحف ومكسورة في الكتاب. والغريب أن الآية مكتوبة بصورتها الصحيحة في فهرس البراهين الأحمدية ص 37″ (الكراسة ص 4).
لقد رأيتم أيها القراء الكرام، كيف وقع الشيخ في شراكه الذي نصبه لغيره حيث يُقّر بأن الآية مكتوبة في صورتها الصحيحة في موضع آخر. إنه يعترف بأنه خطأ مطبعي وأُصلح في موضع آخر، ومع ذلك يريد أن يخدع الناس بقوله: قد وقع التحريف في القرآن.
الآية الخامسة
كتب مؤسس الأحمدية:
“ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله يُدخله نارًا خالدًا فيها ذلك الخزي العظيم” (15.أ) يقول المعترض: قد أضاف مؤسس الجماعة كلمة “يُدخله نارًا” من عنده وحذف كلمة “فإن له نار جهنم”.
هذه أيضا غلطة مطبعية. والدليل على ذلك بأن لفظ “جهنم” موجود في ترجمة الآية باللغة الأردية، أي الترجمة تطابق الآية الأصلية تمامًا. فإن استعمال كلمة التحريف في هذا الموضع ليس إلا خيانة وخداعًا.
وإضافة على ذلك فإن الغلطة كانت قد صُحّحت في الطبعة القادمة.
الآية السادسة
كتب مؤسس الأحمدية: “يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويكفر عنكم سيئاتكم ويجعل لكم نورًا تمشون به” (16) ، ويقول المعترض:
أضاف كلمة: “يجعل لكم نورًا تمشون به” وحذف “يغفر لكم والله ذو الفضل العظيم”.
الحق أنه كتب الآيات المختلفة بصورة متواصلة ورتّب ونظم موضوع البحث، وهذا الأسلوب الذي اختاره ثابت من سنة رسولنا الكريم كما أسلفنا، وقد قدم كلامه في اتباع هذه السنة الطاهرة المباركة. ولكن هذا الشيخ الذي لا يعرف الأدب ولا يجد مذاقًا علميًا يسميه تحريفًا ولا يشعر بعارٍ ولا خجل عند الطعن، ولا يفكر من يكون عرضة لطعنه ووقاحته، وها نقدم أمثلة أخرى لهذا الاستعمال.
رُوي عن بن عباس أن النبي كان يدعو بهذه الدعوة عند الكرب: “لا إله إلا الله العليم العظيم. لا إله إلا هو رب العرش العظيم. لا إله إلا رب السماوات السبع ورب العرش الكريم”. (17).
فالنبي قد جميع في هذا الدعاء بين ثلاث آيات وهي: 130 من سورة التوبة و87 و118 من سورة المؤمنون.. ولذلك جاء في الحديث:
“أن رسول الله قال: من دَخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيي ويُميت وهو حيُّ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.. كتب الله له ألف ألف حسنة، ومحا عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة” (18).
وجاء أيضا: “هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمان الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهين العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور” (19)
هنا جمع رسولنا الكريم بين مختلف الآيات القرآنية ونظم المواضيع. وهذه السنة النبوية المتواترة يسميها هذا الشيخ تحريفًا في القرآن وتغييرا فيه. لعنة الله على الكاذبين.
الآية السابعة
كتب مؤسس الأحمدية: “وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدَّث إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته” (20)
ويقول هذا المعاند معترضًا: “انظروا كيف أنه كتب الآية إلى “من نبي” بصورة صحيحة ثم أضاف إليها من عنده كلمة “محدث” وهي لا تُوجد في القرآن كله. لقد استخدم هذه الخدعة لإثبات نفسه محدثًا وملهمًا من الله”.
يقول صاحب الكراسة أنه أخذ هذه العبارة من البراهين الأحمدية ص 655 (الخزائن الروحانية المجلد الأول)، وليس هناك أية عبارة يهاجم بناء عليهما بتوبيخ ساخر. الحق أنه ليس اعتداء على مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية بل على ابن عباس . واقرأوا نصّ العبارة من كتاب مؤسس الجماعة لتعرفوا كيف يعتدي المؤلف على ابن عباس، وكذلك لتعرفوا من هو المحرف. يقول سيدنا أحمد: “لم لا تتدبرون القرآن فتخطئون عند التفكير فيه. ألا تعلمون أنه ثابت من الصحيحين بأن النبي بشّر أمته ببعثة المحدَّثين كمثل الأمم السابقة. والمراد من المحدِّث بفتح الدَّال هم الذين أنعم الله عليهم بمكالمات منه. وقد تعلمون أنه ورد في قراءة بن عباس: “وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أُمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يُحكم الله آياته”. فالإلهام إلى المحدَّث ثابت بصورة قطعية طبق هذه الآية التي نقلها البخاري في صحيحه” (21)
فلم يضف حضرته كلمة “ولا محدث” في الآية من عنده، بل ذكر قراءة ثانية للآية مروية عن بن عباس . وقد أوردها أيضا العلامة آلوسي في تفسيره “روح المعاني” والإمام جلال الدين السيوطي في تفسيره “الدر المنثور” وكذلك المفسرون الآخرون في عديد من كتب التفسير. فهجوم الشيخ ليس في الواقع على مؤسس الأحمدية فقط بل أيضا على ابن عباس وهؤلاء المفسرين الذين يعترف المعترض أيضًا بشرفهم وعظمتهم.
هذا، وإن مؤلف الكراسة قد وجد سبع آيات من أكثر من 80 كتابا لمؤسس الجماعة، وسعى على نبيل الظلم والافتراء لإثبات التحريف فيها. لقد بينّا موقفنا من هذه الآيات وأثبتنا بصورة قطعية بأنه ما وقع التحريف فيها قط. ولا يسعنا إلا أن نقول: لعنة الله على الكاذبين.
ونكشف للقراء الكرام أن الكراسة التي سمّاها المؤلف “التحريف في القرآن” طبعت 1989م، وقد صحّحت هذه الأغلاط المطبعية في كتب مؤسس الأحمدية قبل 1989 بسنوات وسنوات، وهي مُسجلة في كتبه في صورتها الأصلية. فتثبت أن هذه الضجة لا يثيرها المعترض إلا لخبت نيته وسوء طويته. كما نرى من الواجب أن توضّح أن مثل هذه الأغلاط يمكن أن تقع من أي مؤلف، ونقدم لتأييد موقفنا بعض الأمثلة، وهذا غيض من فيض؛ لكي تعلموا أن مثل هذه الأخطاء تُوجد حتى في كتب العباقرة من علماء المسلمين وأوليائهم. فهل يقذف هذا الشيخ الجاهل كل واحد منهم ويتهمهم بالتحريف.
- يقول السيد الشيخ أحمد السرهندي مجدد الألف الثاني: “أما إن الظن لا يغني من الحق شيئا” (22).
والآية الصحيحة: وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا[LB] (النجم: 29)
- كتب السيد سليمان الندوى أحد المعارضين الكبار للأحمدية:
“فإن الله يأت بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب” (23)
والآية الصحيحة: فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ (البقرة: 259)
- كتب الشيخ أبو الكلام آزاد في كتابه:
“في أيام مذحمات” (33أ) ، والآية الصحيحة: فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ[LB] (فصلت: 17)
ويكتب أيضا: “فأي تصريق أحق بالأمن”.
والصحيح: فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ[LB] (الأَنعام: 82)
- يكتب الشيخ أشرف علي التهانوى والديوبندى الذي يعده أعداؤنا من علماء المسلمين الكبار والمجددين: “يُحلَّون فيما من أساور” (24)
والصحيح: يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ[LB] (الكهف: 32)
6: وجاء في فتاوى الشيخ عزيز الرحمان المفتي الأعظم للحركة الديوبندية:
“وخلق لكم كهيئة الطير”.
والصحيح: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ[LB] (آل عمران: 50).
- ونُشرت للشيخ عطاء الله شاه البخاري وهو من ألد المعارضين للأحمدية مجموعة من الخطب، وقد ورد في مقدمة هذه المجموعة أن الشيخ البخاري كان يقرأ آيات الذكر الحكيم أثناء خطابه وكان يخيل إلى السامع كأنها تنزل من السماء. نقدم من هذه الخطب نماذج لبعض الآيات الخاطئة (25):
“ترهبون بيح عدو الله”. والصحيح: تُرْهِبُونَ بِهِ[LB]
“ويضع عنهم أمرهم والأخلال التي كانت عليهم”.
والصحيح: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف: 158)
وجاء: “على قلبك لتكون نذيرًا للعالمين”.
والصحيح: عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (الشعراء: 195)
وجاء: “ولا تخطه بيمينه ولا تدرى الكتاب”.
والصحيح: وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (العنْكبوت: 49)
8: وكذلك نشر الباحث البارز والمؤلف الشهير، الشيخ مناظر أحسن الجيلاني الترجمة الأردية لتأليف معروف باسم “الطبقات” للسيد شاه محمد إسماعيل المجدد للقرن الثالث عشر، ونذكر منه واحدًا من الأخطاء المطبعية:
والصحيح: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ (القصص: 8)
- وقرأ أمير أهل الحديث العلامة السيد محمد إسماعيل: “وإن الساعة آتية لا ريب فيه وأن الله يبهث من في القبور” (27).
والصحيح: أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ (الحج: 8)
- ونقل الشيخ كوثر نيازى وزير الأوقاف والإعلام سابقًا في الحكومة الباكستانية:
“لنهم من بعد خوفهم أمنًا” (28)
والصحيح: وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا[LB] (النور: 56)
- وكتب في كتابه الآخر:
“ولو شاع الله ما أشركوا ولا آباؤنا” (29).
والصحيح: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا (الأنعام: 149)
- وجاء في كتابه الآخر: “وما ينزغنك من الشيطان نزح” (30).
والصحيح: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ (الأَعراف: 201)
13.وكتب الدكتور غلام جيلاني برق أحد معارضي الأحمدية الكبار: “أطيعوا الله والرسول وأولى الأمر منكم” (31).
والصحيح: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ (النساء: 60)
(يُتبـــع)