تذكَّرتُ يومًا فِيه أُخرجَ سيِّدي
ففاضت دموع العين مني بمُنتَدى
.
فوجهُ المدينةِ صَارَ منه منوَّرًا
وبارك حُرَّ الرَمْلِ وطئًا وقَرْدَدَا
.
حَفَافَى جِنَانِي نُوِّرَا مِنْ ضِيائِهِ
فأصْبحتُ ذا فَهمٍ سليمٍ وذَا الهُدى
.
وَأرسَلَنِي رَبِّي لتأييدِ دينِهِ
فجِئْتُ لهذا القَرْنِ عَبْدًا مجدّدًا
.
له صُحبةٌ كانُوا مَجَانِينَ حُبِّهِ
وَجَعلُوا ثَرى قَدَمَيهِ لِلْعَينِ إثمَدَا
.
وكانَ وِصَالُ الحقِّ في نِيَّاتِهم
وخَطَراتِهم فلأجلِهِ مَدُّوا اليَدَا
.
وَرأوْا حَيِات نفوسِهم في موتِهم
فجاؤُا بِمَيْدَانِ القِتَالِ تَجَلُّدَا
.
فظلوا ينادُون المنايا بصدقهم
وما كان منهم من أبى أو تردُّدَا
.
وفاضتْ لتطهير الأُناس دِماؤهم
من الصِّدْقِ حتى آثَرِ الخَلْقَ مَرْصَدَا
.
وأحْيَوا ليالِيَهم مخافَةَ رَبِّهم
وأذابهم يومٌ يشيِّبُ ثَوْهَدَا
.
تَنَاهَوْا عن الأهواءِ خوفا وخشيةً
وباتوا لمولاهم قياما وسجدا
.
تلقَّوا عُلومًا من كِتَابٍ مُقدَّسٍ
حكيم، فصافاهم كريم ذو النَّدى
.
ففاقُوا بِفضلِ اللهِ خلقَ زمانهم
بعلم وإيمان ونور وبالهدى
.
وهذا من النور الذي هو أحمد
فدًى لك رُوحي يا محمد سَرْمَدَا
(كرامات الصادقين، الخزائن الروحانية ج7 ص92-93)