
- كما الفرقة التي آمنت بالمسيح الناصري بعد تفرق اليهود، هكذا حصلى مع المسلمين أيضا..
- الجماعة: لها إمام واحد يقودها إلى بر الأمان
- الناجية: لاتباعها المبعوث الإلهي
__
كثيرا ما يثار السؤال عن الفرقة الناجية التي أخبر عنها النبي في الحديث الشريف:
فيتساءل البعض قائلين: إذا سلمنا أن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي الفرقة الناجية في هذا العصر، فما هي الفرقة الناجية التي كانت قبلها والتي استلمت منها الجماعةُ الرايةَ؟
نرى في هذا الحديث أن النبي قد شبه افتراق الأمة الإسلامية بافتراق بني إسرائيل. ومعلوم أن بني إسرائيل قد افترقوا إلى فرق كثيرة في زمن ضعفهم وانحطاطهم، واستمروا في الضعف والانحطاط حتى جاء المسيح عيسى بن مريم ، فأنشأ فرقة جديدة هي الفرقة التي آمنت به. وهكذا فإن هذا الحديث يشير بشكل ضمني إلى أن الفرقة الناجية؛ التي ستكون على الحق من بين جميع فرق الإسلام، إنما هي الفرقة التي يؤسسها مسيح الإسلام الذي سينزل في آخر الزمان في زمن ضعف المسلمين وانحطاطهم وتفرقهم. وبفضل الله كانت الجماعة الإسلامية الأحمدية هي الجماعة الوحيدة في الإسلام التي أعلنت أن الله أسسها على يد المسيح الموعود والإمام المهدي !
ومع أن هذا الحديث إنما يشير إلى فرقة المسيح المحمدي الذي سينشئها في آخر الزمان، إلا أن الحديث قد قدم علامات أخرى. والعلامة الأولى متضمنـة في قوله : الجـماعة، أما العلامة الثانية فهي في وصـفها بالناجية الذي جـرى على الألـسن.
فبالنسبة للعلامة الأولى؛ فقد أشار الحديث إلى أن هذه الفرقة ستكون “الجماعة”، و”ال” التعريف هنا قد تكون للعهد وقد تكون للاستغراق والكمال. فباعتبار “ال” للعهد يكون المقصود هنا هو أنها الجماعة المعهودة المعروفة التي يعرفها الصحابة والتي هي جماعتهم أو بقية جماعتهم في الآخرين في آخر الزمان؛ وهذا يتحقق بشكل جلي في جماعتنا الإسلامية الأحمدية المعروفة التي تحمل اسم الجماعة، وتحمل مواصفات جماعة النبي . فهذه الجماعة قد أنشأها ممثل النبي وخادمه الذي أشارت إليه الآية الكريمة:
وهي التي تساءل عنها الصحابة لكي يعرفوها بعد سماعهم لهذه الآيات، فأجابهم النبي بعد أن وضع يده على كتف سلمان الفارسي بقوله:
فهذه هي الجماعة ذاتها في الآخرين كما كانت في الأولين في صحابة النبي !
.أما باعتبار “ال” للكمال والاستغراق فإنما يصبح المعنى هنا هو جماعة المسلمين المعهودة كاملة الأركان، التي تمتلك أركان الجماعة حقا، والتي تقوم على الواجبات التي كانت تقوم بها جماعة النبي . ومن هذه الأركان التي يجب أن تبرز فيها بكل جلاء:
1- أنها تتميز بأنها الجماعة التي لها إمام، وهذا الإمام إما أن يكون ممثل النبي أولا ثم خلفاؤه من بعده الذين سيكونون خلفاء راشدين على منهاج النبوة كما جاء في حديث النبي : “تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ الله أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ الله أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ الله أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ الله أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ” (مسند أحمد، كتاب أول مسند الكوفيين)
2- أنها الجماعة الوحيدة التي تحمل المعتقدات الصحيحة الموحَّدة، والتي لا يمكن أن ينشأ فيها اختلاف في العقائد، وهذا بسبب وجود إمام واحد على رأسها.
3- هي الجماعة التي تقوم على واجب نشر الإسلام، كما كانت جماعة الصحابة الكرام، وذلك من خلال القيام بالأعمال المتنوعة والخطط والبرامج التي يديرها الإمام الواحد الذي هو الخليفة.
ومع أن هذا الحديث إنما يشير إلى فرقة المسيح المحمدي الذي سينشئها في آخر الزمان، إلا أن الحديث قد قدم علامات أخرى. والعلامة الأولى متضمنة في قوله : الجماعة، أما العلامة الثانية فهي في وصفها بالناجية الذي جرى على الألسن.
أما العلامة الثانية فقد جاءت في القرآن الكريم. فقد بيّن القرآن الكريم أن النجاة فقط في اتباع المبعوث الإلهي، وعليه فإن فرقة المبعوث الإلهي هي الفرقة الناجية دوما. فقد قال تعالى على لسان المؤمن من قوم فرعون:
أي كأنه تعالى يبيّن أن النجاة في اتباع المبعوث الإلهي، والنار إنما هي في تركه وعدم الالتزام بأوامره وعدم الدخول في جماعته. ويبدو أن النبي قد استخدم تعبير :”كلها في النار إلا واحدة” إشارة إلى ما تضمنته الآية الكريمة، كما أن تعبير الفرقة الناجية الذي أجراه الله تعالى على الألسن وألقاه في روع العلماء السابقين إنما كان استنادا إلى هذه الآية الكريمة، ومن أجل تعريف الناس بالجماعة الحقة التي ينشئها المبعوث الإلهي في آخر الزمان؛ الإمام المهدي والمسيح الموعود .
ومن العجيب أن يجري تعبير الفرقة الناجية على الألسن، ويصبح أمرا معروفا ومسلّما به، مع أن الحديث لم يذكره!
والواقع أن غياب الجماعة بغياب الخلافة الراشدة لم يرفع الخير والحق من الأمة تماما، بل كان الصلحاء والأولياء والعلماء الربانيون يقومون جزئيا بواجبات الخلافة التي هي واجبات النبي الذي أرسله الله تعالى لتلاوة آيات الله وللتزكية ولتعليم الكتاب والحكمة. ولكن نتيجة لعدم وجود الإمام، فقد كان من غير الممكن توحيد المعتقدات والكلمة والجهد والعمل، وبدأ الفساد بالتسرب إلى الأمة، وبدأت بالانقسام على فرق ومذاهب عقدية وفقهية. وظاهرة التمذهب كانت نتيجة طبيعية لغياب الخليفة.
ولقد بقيت في هذه الفرق والمذاهب على اختلافها جوانب كثيرة من الحق ولكن بنسب متفاوتة. ومع الزمن ازداد الفساد واضمحل الحق، حتى فسدوا جميعا قبيل بعثة الإمام المهدي والمسيح الموعود وزالت منهم أنوار الخلافة وبقية بركاتها. وهذا مضمون ما وضحه الإمام المهدي والمسيح الموعود في كتابه سر الخلافة.
في ذلك الوقت الذي كانوا قد تفرقوا إلى فرق كثيرة استشرى فيها الفساد، أخرج الله الفرقة الناجية التي أسسها المسيح الموعود والإمام المهدي ، ولم يكن هناك فرقة ناجية كانت قائمة قبل الجماعة الإسلامية الأحمدية استلمت منها الجماعة ُالرايةَ.
ومن العجيب أن يجري تعبير الفرقة الناجية على الألسن، ويصبح أمرا معروفا ومسلّما به، مع أن الحديث لم يذكره!
الخلاصة أن الخير وبركات الخلافة بقيت متفرقة في الأمة زمنا طويلة بعد الخلافة الراشدة حتى فسدت الأمة بجميع فرقها. ثم أخرج الله تعالى الفرقة الناجية التي أسسها المسيح المحمدي الموعود الذي انتشل المسلمين من نار الافتراق إلى النجاة والوحدة. ولم تكن أي فرقة قبل بعثة المسيح الموعود والإمام المهدي يصح أن تسمى الفرقة الناجية، بل كانت كل الفرق فاسدة بنسب متفاوتة.