- فما العلاقة بين صفة الكلام الإلهي وبعث النبي وإقامة الخليفة؟
- وما المفارقة اللطيفة التي يتضمنها التضاد بين “الخلافة” و “الخلافات”؟
___
ما من شك لدى من يؤمن بكمالات الله تعالى في أنه يوحي إلى خلقه بشكل دائم، فالوحي (غير التشريعي)، باتفاق العارفين، مدد إلهي تقوم عليه الخليقة بأسْرها، وهو مدار تطورها وارتقائها، ولنا أن نتأمَّل مثلا، فيما لو لم يوحِ سبحانه وتعالى إلى النحل أن تتخذ من الجبال والشجر بيوتا! ولو لم يوحِ إلى أم موسى أن تلقيه في التابوت فتلقيه في اليم! فالله تعالى إذن يوحي إلى خلقه، غير أن مِن الخلق من يلتقط إشارة وحيه سبحانه وتعالى، ومنهم مَن يضيعها، وذلك يعتمد على صفاء قلب المستقبِل وقدرة استشعاره، الأمر الذي يفسِّر تصدُّر الوحي الذي يتلقَّاه رُسُل الله تعالى وأولياؤه كافة، فهو الأصفى والأرقى من بين صور الوحي على الإطلاق. ويبدو أن ثمة اتفاقا ضِمنيًّا، بين المؤمنين بكمالات الله تعالى ومنكريها على حدٍّ سواء، على فكرة استمرارية الوحي، فلقد كان السبب الأبرز وراء قتل حضرة عثمان عدم احتمال المجرمين القَتَلةِ فكرةَ أن الخليفة هو موجَّهٌ من الله تعالى، بحيث لن نكون مبالغين بحال من الأحوال إذا قلنا إن قيام الخلافة ضمانة استمرار الوحي (غير التشريعي).
وفي هذا العصر، عصر العلم والتقنية الحديثة، بتنا بأمسِّ الحاجة إلى جُرُعات زائدة من التربية والإصلاح الروحي، لا سيما بعد أن فعلت مظاهر التقدُّم المادي فعلها في أكثر الناس، فجرَّتهم جرًّا للسقوط في هوة الإلحاد، وعلى الرغم من ازدياد أعداد الوُعَّاظ ممن يعتلون المنابر كل يوم، تذهب كل جهود الوعظ والإرشاد تلك أدراج الرياح، اللَّهُمَّ إِلَّا مَا شَذَّ وَنَدَرَ ، ذلك لأن للإصلاح الروحاني أهله، تماما كما أن للإصلاح المادي أهله
ومن أحداث التاريخ المفصلية وسننه الثابتة، بل وأهمها، بعث النبيين وإقامة الخلفاء الربانيين في سبيل إقامة ملكوت الله تعالى على الأرض. وفي كل العصور يبعث الله تعالى رسله لإثبات حقيقة وإقرار أمر، وهو أن الله تعالى يتكلَّم، ولا زال، وسيبقى متكلما، ولولا أنه، سبحانه وتعالى، لا يبعث رسله أو يقيم خلفاءه لنُسِيَت صفة الكلام الإلهي بالتقادم، والعياذ بالله!
وفي هذا العصر، عصر العلم والتقنية الحديثة، بتنا بأمسِّ الحاجة إلى جُرُعات زائدة من التربية والإصلاح الروحي، لا سيما بعد أن فعلت مظاهر التقدُّم المادي فعلها في أكثر الناس، فجرَّتهم جرًّا للسقوط في هوة الإلحاد، وعلى الرغم من ازدياد أعداد الوُعَّاظ ممن يعتلون المنابر كل يوم، تذهب كل جهود الوعظ والإرشاد تلك أدراج الرياح، اللَّهُمَّ إِلَّا مَا شَذَّ وَنَدَرَ ، ذلك لأن للإصلاح الروحاني أهله، تماما كما أن للإصلاح المادي أهله، فكما نجزِمُ ببؤسِ حال من يبتغي إصلاح آلة معقدة لدى حِرَفي بسيط، فأشد بؤسا من يلتمس التزكية الروحانية لدى من لم يُقِمْهُ الله تعالى لهذا الغرض على وجه التحديد والاصطفاء. فخليفة الله هو ذلك الإنسان الكامل في وقته، الذي يصطفيه الله تعالى بأيدي عباده الصلحاء، وإذا نظرنا إلى الأمر من زاوية معكوسة، يمكننا القول بأن جماعة المؤمنين الصلحاء في كل عصر لا يسعها البقاء والاستمرار إلا بمدد إلهي خاص، فيصطفي الله تعالى من بينها خليفة يكون بمثابة محور دورانها ومركز ثقلها، فلا جماعةَ مؤمنين بدون الخلافة!! ونظرا إلى الضرورة الكبرى لنظام الخلافة والآمال العريضة المعقودة عليه، جاءت توجيهات وتعاليم سيدنا خاتم النبيين ، حتى إن من وصاياه الأخيرة قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى، وصيته بلزوم جماعة المؤمنين وإمامهم، والتي رواها حذيفة بن اليمان عن رسول الله قال:
ومواكبة للحدث السعيد، حدث قيام الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، تشارك أسرة مجلة التقوى سائر منصات الجماعة الرسمية الأخرى الاحتفاء بهذا اليوم المبارك، يوم الخلافة، إذ ضمَّد الله تعالى حزن جماعة المؤمنين بُعَيْدَ فقد مسيحهم الموعود بانتقاله إلى الرفيق الأعلى، لتقوم الخلافة تسلك نهجه وترعى غرسه إلى ما شاء الله، تحقيقا لنبوءة خير الورى سيدنا خاتم النبيين :
وطالما تحدثنا في أعداد سابقة عن سنة الله تعالى في إقامة الخلفاء، وفي هذا العدد كذلك نتخذ من هذا الموضوع فلكا لندور حول محور أوسع، وهو فلك جديد على قِدَمِه، طالما دُرنا فيه وتحدثنا، ومهما سلكناه فكأننا لم ندُر فيه من قبل، ألا وهو الحديث عن كمالات الله تعالى وصفاته الحسنى. فبدءا بخطبة سيدنا أمير المؤمنين المُتخيَّرة لهذا العدد، نستشعر يد قدرة الله تعالى في إقامة خلفائه، من خلال وحيه لعباده الصلحاء الذين يهديهم لمعرفة خليفة الوقت وبيعته. ففي عدد يوم الخلافة هذا يعرض علينا خليفة الوقت نماذج عديدة من هدايات الله تعالى لذوي الفطرة السعيدة. ولكي لا يلتبس أمر الخلافة الحقة على الخلق، نزود قارئ التقوى بمادة مقالية تركز على فكرة أن الله تعالى يصطفي لكل وقت خليفة واحدا، ولا يتعدد المتنادون بالخلافة إلا وحلت على الأمة المصائب ومزقتها الصراعات، ولكي ندرك أكثر ضرورة مقام الخلافة، لنُلقِ نظرة عن كثب على دور الخليفة في التزكية الروحية لأبناء جماعته، وفي هذا السياق نعرض لقراءة في نتاج المكتبة الإسلامية الأحمدية، وقواعد أخلاقية ذهبية بينها حضرة أمير المؤمنين (أيده الله) لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. كما وضعنا بين يدي القارئ قراءة تفصيلية في أحد فصول كتاب الخليفة الرابع (رحمه الله) «الوحي، العقلانية، المعرفة والحق حول الإبادة النووية.. الموضوع الأشد إثارة وملامسة لواقعنا وتحديدا من خلال التقلبات السياسية التي تعيشها الساحة العالمية حاليا.
فلتبق الوصية النبوية بلزوم نظام الخلافة حاضرة في أذهاننا ونصب أبصارنا وبصائرنا، فالخلافة ظل الله يوم لا ظل إلا ظله، فاللهم أدم علينا ذلك الظل الظليل، وأعنا على الانخراط في سلك خليفتك وأداء حق بيعته الأداء الجميل، آمين.
الهوامش:
أخرجه ابن ماجه (3979)
مسند أحمد بن حنبل، كتاب الكوفيين