خطبة عيد الفطر المبارك
التاريخ: 2008-10-10

خطبة عيد الفطر المبارك

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • على المؤمن أن ينهل من خزائن الصدق في كلام الله عز وجل
  • كمال الأنبياء وكمال الصديقين وكمال الشهداء وكمال الصالحين هذه الدرجات ينالها المؤمن بحسب مستواه في طاعة الله ورسوله.

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

بفضل الله تعالى نحتفل اليوم بعيد هو عيد الفطر المبارك.

والعيد يعني لغةً: ما يعود مرة بعد أخرى. أما في الاصطلاح الإسلامي فالعيد يطلق على عيد الفطر وعيد الضحى. وعيد الفطر هو ما نحتفل به بعد شهر رمضان، وهو اليوم الذي نأكل فيه ونشرب بحرية، أما عيد الضحى فهو يتعلق بالحج والأضحية.

إن عيد المؤمن هو ذلك الذي يعود مرة بعد أخرى مصحوبا ببشائر من الله تعالى، ويأتي بآثار استجابة دعاء صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (الفاتحة 7)..

فالعيد هو يوم الأفراح، وقد ورد في الحديث الشريف أنه يوم أكل وشرب وفرح وسرور. ومن هذا المنطلق تُستخدم كلمة العيد لكل مناسبة سارة. ويُستخدم الأسلوب نفسه في اللغة الأردية أيضا حيث تقول لمن أفرحك فرحة كبيرة: لقد جعلت يومنا عيدًا، أو صيَّرتَ اليوم كعيد لنا. على أية حال، إن العيد الذي نحتفل به يأتينا مرتين كل سنة، كما يعلم ذلك المسلمون جميعا صغارا وكبارا. وإنه ليقول لنا افرحوا على ما قدمتموه من تضحيات بالمال أو بالنفس أو غيرهما، لأنكم قدمتموها بأمر الله تعالى ووُفّقتم لها بفضله. إذًا فإننا نحتفل بهذا العيد بأمر الله وابتغاءَ مرضاته تعالى.

لقد وردت كلمة العيد في القرآن الكريم، غير أنها وردت للمسيحيين لا للمسلمين، وذلك في قوله تعالى:

  قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا (المائدة 115).

فإن معاني العيد المذكور هنا تختلف تمامًا عما بينتُه من قبل من وجهة نظر إسلامية، حيث أمر الله المسلمين أن يحتفلوا بالعيد بعدما قدموا من تضحيات. فسياق الآية يوضح لنا أن المسيحيين لم يطلبوا العيد نتيجة تضحية قدموها، كما لم يوهَبوا هذا العيد من الله تعالى جزاءً على بعض تضحياتهم. فلا شك أن الله تعالى أنزل عيدًا لأوّلهم وآخرهم إلا أنه أنذرهم أيضا فقال:

  فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا (المائدة 116).

والنظرة الشاملة على الموضوع تبين أن عالم الغيب والشهادة أنذرهم لأنه كان يعلم أنهم سيكفرون بنِعَمه فينالون عقابا منه . وبالفعل نلاحظ في هذه الأيام كفرانهم بأنعم الله حيث يسيئون استخدام رزق الله المنـزَّل عليهم. إذًا فقد أنذرهم الله تعالى بعذابه بسبب ضلالهم هذا. فعيدهم ليس بِعِيدٍ يرغب فيه المؤمن، كما هو ليس بعيد أَمَرَنا الله تعالى بأن نحتفل به ونفرح فيه، بل لقد علّمنا الله نحن المسلمين دعاءً في سورة الفاتحة التي نقرؤها في كل صلاة حتى نتجنب هذا النوع من العيد. إن عيد المؤمن هو ذلك الذي يعود مرة بعد أخرى مصحوبا ببشائر من الله تعالى، ويأتي بآثار استجابة دعاء

  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (الفاتحة 7)..

أي أن الأرزاق الدنيوية آئلة إلى الفناء، أما أرزاقنا فهي دائمة ما لها من نفاد؛ فمَن أُوتيَ هذه الأرزاق ورث النعم التي قيل فيها:

  وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ (النساء 70)

فالعيد الحقيقي هو ما يأتي مصحوبًا بأفضال الله تعالى ونعمه التي لا تُنال إلا بطاعته وطاعة رسوله ، وبسبب هذه الطاعة أُعطيَ سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني في هذا العصر أفضل الإنعامات المنوطة بهذه الطاعة، فإنه ذلك المبعوث الذي أقامه الله تعالى مسيحا ومهديا، فإنه حاز على درجة النبوة من خلال طاعة النبي .

فإنهم برفضهم إمكانية نيل أحد من الأمة درجةَ النبوة نتيجة طاعة النبي قد أغلقوا على أنفسهم أبواب الإنعامات الأخرى أيضا التي هي دون درجة النبي

ثم هناك درجات أخرى ينالها المؤمنون – بفضل الله تعالى – كلٌّ بحسب مستواه في طاعة الله ورسوله. وهي إنعامات يتميز بها المسلم الأحمدي عن الآخرين. ولا أقصد بقولي هذا المسيحيين فقط – الذين ظهر مآل أعيادهم في صورة إنذار من الله تعالى – بل أقصد به غيرَنا من المسلمين الذين لم يؤمنوا بإمام هذا الزمان؛ فإنهم برفضهم إمكانية نيل أحد من الأمة درجةَ النبوة نتيجة طاعة النبي قد أغلقوا على أنفسهم أبواب الإنعامات الأخرى أيضا التي هي دون درجة النبي؛ أعني درجة الصديق والشهيد والصالح. فلا معنى للعيد لدى أولئك الذين يعتقدون بأنه لا حظ لهم من تلك الإنعامات مهما قاموا ظاهريا بالعبادات والتضحيات. فالحق أنه إذا كان أحد يحتفل بالعيد الحقيقي في هذا العصر فهم المسلمون الأحمديون الذين بسبب إيمانهم بالمسيح الموعود – يرجون من الله تلك الإنعامات التي يمكن أن ينالها المؤمن نتيجة طاعته لرسول الله .

يقول سيدنا المسيح الموعود :

ندعو في الصلاة بدعاء اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، وإنما يعني ذلك أننا نسأل الله تعالى من أجل رقي إيماننا ولخير البشرية كلها أربعَ آيات بصورة أربعة كمالات وهي: كمال الأنبياء، وكمال الصديقين، وكمال الشهداء، وكمال الصالحين. (يعني أننا نتلقى هذه الإنعامات من أجل رقي إيماننا ومن أجل العمل على خير البشرية). أما الكمال الخاص بالنبي فهو أن يتلقى من الله تعالى علم الغيب الذي يكون آية للآخرين.

(يعني أن يتكلم الله تعالى معه بصورة مستمرة دونما انقطاع ويظهره على الأنباء الغيبية)

أما الكمال الخاص بالصدّيق فهو أن يكون المؤمن متمكنًا من خزائن الصدق بصورة كاملة، أي أن يعرف أنواع الصدق الكامنة في كلام الله تعالى معرفةً تكون آيةً لكونها خارقة للعادة. (تفسير المسيح الموعود ، قوله تعالى “ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين…إلخ”)

(أي أن يكون عالما بالعلوم القرآنية ويعرف بشتى حقائق كتاب الله تعالى، ويؤمن بنبوءاته)

ثم قال حضرته :

إن الصدّيق من يعلم شتى أنواع الصدق ويعمل بها بشكل كامل من صميم طبعه. (فلا يكفي أن يحظى أحد بالعلم فقط بل يجب أن يعمل به وينتفع بالعلوم التي نالها من خلال دراسته للقرآن الكريم) على سبيل المثال يجب أن يعلم حقيقة المعارف الدقيقة التالية: ما هي وحدانية الله تعالى؟ وما هي طاعة الله تعالى؟ وما هي محبة البارئ عز اسمه؟ وكيف يمكن التخلص من الشرك؟ وما هي حقيقة العبودية؟ وما هي حقيقة الإخلاص والتوبة؟ وما حقيقة الصبر والتوكل والرضا، والانمحاء والفناء، والصدق والوفاء، والتواضع والسخاء، والابتهال والدعاء، والعفو والحياء، والأمانة والاتقاء، وغيرها من الأخلاق الفاضلة، بل علاوة على كل ذلك يجب أن يكون متصفا بجميع هذه الصفات السامية. (ترياق القلوب، الخزائن الروحانية ج 15 ص 420)

إنها نقطة هامة جدًا، أي لا يكفي المرءَ العلم بجميع هذه الأخلاق والتعاليم التي تعلَّمَها وفهِمها، بل يجب أن يكون عاملا بها أيضا.

ثم قال حضرته :

إن بلوغ أحدكم كمالَ الصدّيق يعني أنه حين يلاحظ ضعفه وقلة حيلته يقول ناظرًا إلى حالته وكفاءته: إياك نعبد ، ثم يلتزم بالصدق ويتخلى عن الكذب، وينفر من كل نوع من رجس الكذب ووسخه، ويتعهد أن يجتنب قول الزور ولن يشهد شهادة زور، ولا يتكلم كلاما كاذبا جراء الثوائر النفسانية، لا يتفوه به عابثًا، لا لكسب خير، ولا لدفع شر، أي أنه لن يلجأ إلى الكذب في حال من الأحوال. فإذا التزم بوعده على هذا النحو فقد عمل بقوله إياك نعبد بشكل خاص، واعتُبر مثل هذا العمل عبادة سامية. (تفسير المسيح الموعود ، قوله تعالى “ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين…إلخ”)

هذا هو التعريف الرائع للصدّيق أي أنه إذا عمل اعتُبر عمله عبادةً.

ثم قال حضرته :

إن كمال الشهيد أن يبدي عند المصائب والآلام والبلايا من القوة الإيمانية والأخلاقية والثبات ما يُعتبر آية خارقة للعادة. (تفسير المسيح الموعود ، قوله تعالى “ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين…إلخ”)

فكلما كان إيمان المرء قويا نال القوة على فعل الصالحات. فإذا كَمُل نمو هذه القوة الإيمانية فإن مثل هذا المؤمن يتبوّء مرتبة الشهيد…. إذ إنه في هذه الحالة لن يتردد في التضحية بحياته. (تفسير المسيح الموعود ، قوله تعالى “ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين…إلخ”)

أي حين يصل إيمانه هذا المستوى يكون مستعدًا لتقديم أي تضحية حتى التضحية بالنفس أيضا.

ثم يقول :

“الصالحون هم أولئك الذين يزول من داخلهم كل نوع من الفساد. فكما أن مذاق فم الشخص السليم يكون سليما، كذلك لا يبقى في الصالحين أي مرض ولا عِلَّةٍ روحانية، ولا يبقى فيهم أي نوع من الفساد. وإن كمال الصالح يكمن في نكران ذاته”

أي لكي يكون الإنسان من الصالحين يجب أن ينشأ في داخله الشعورُ بالإصلاح، فيقوم بإصلاح نفسه معرضًا عن كل عمل سيئ. هذا هو كمال الصلاح أو كمال الصالح. ثم يقول حضرته :

“إن كمال الإنسان الصالح هو أن يبتعد عن كل نوع من الفساد حتى يصبح صلاحا متجسدا بحيث يكون صلاحه الكامل آيةً، وذلك لكونه خارقا للعادة.”

إن هذه العبارات المقتبسة من كلام سيدنا المسيح الموعود تنبّهنا إلى ضرورة شكر الله تعالى، إذ أدخلَنا بفضله الخاص في حزب المنعَم عليهم الذين آمنوا بإمام الزمان، وسعوا لِفهْم القرآن الكريم فهما صحيحا، كما تُوجِّهنا هذه الأقوال إلى مسؤولياتنا التي يجب على كلٍّ منا أن يؤديها بُغيةَ الوصول إلى الدرجات العلى المذكورة أعلاه.

يمكن للشخص الجالس في غرفة مظلمة أن يقول إني لم أستفد من الأشياء النافعة الموجودة في الغرفة لأني لم أستطع رؤيتها بسبب الظلام، أما مَن كانت غرفتُه مضاءة ثم هي مليئة بالأشياء النافعة التي يمكن أن تلعب دورا كبيرا في إصلاح شؤون حياته أيضا، فإنه إذا لم يستفد منها لِكَسَله وغفلته فسيُعتبر مجرمًا.

لقد مررنا في رمضان بفترة وُفِّقنا فيها للعبادات وتلاوة القرآن ودروسه والتدبر فيه – كل حسب قدرته – وتدرّبْنا على التضحيات والتحلي بالأخلاق الحسنة، ولو واظبنا الآن على كل هذه الحسنات في حياتنا اليومية فسيكون هذا مدعاةً للطاعة الكاملة لله تعالى ولرسوله والتقرب إليهما. وهذا هو العيد الحقيقي الذي يحظى به المؤمن بعد تقديم التضحيات وإحداث التغييرات الطيبة في نفسه، ولا يمكن للمصائب التي تصَبُّ علينا من قِبل المعارضين أن تُبعدنا من هذا العيد. عندما يحظى المؤمن بالعيد الحقيقي فمن المستحيل أن تحرمه منه المصائب الدنيوية، إذ نرى وراءها البشارات من الله تعالى ورسوله بسبب طاعتنا لهما. إن الذين يقضون شهر الصيام ساعين لإصلاح أنفسهم فإن الله -وهو أرحم الراحمين بعباده- يجزيهم جزاءً حسنا على حسناتهم الصغيرة أيضا، ويضاعف لهم أجرهم، لأن رحمته غلبت على كل شيء. قال الله تعالى عن وعده بإعطاء الأجر أضاعفا مضاعفة:

مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (الأنعام 161)

فهذا هو إلهنا الذي يُنـزل أفضاله على عباده دائما وكل حين، ويجزيهم على كل حسنة بعَشر أمثالها. فمثلاً في رمضان قد أعطانا جزاء 300 يوم صوم مقابل 30 بحسب ما ورد في هذا الحديث الشريف. ولو صام أحد ستة أيام من شوال أيضا لجزاه الله جزاءَ صيام العام كله. هذا هو الإله الذي نؤمن ونتمسك بأهدابه، والذي إذا طلب من العبد تضحية جزاه عليها بغير حساب. لقد طلب منا تضحيةَ صيامِ ثلاثين يوما، فقبِلها بفضله وجزانا عليها أضعافا مضاعفة. ثم جعل لنا يوم العيد أيضا علامةً على هذا القبول، وأمرَنا أن نأكل ونشرب في هذا اليوم ونفرح ونشكره تعالى. وبما أن الشكر لله يأتي قبل كل شيء فقد بدأ ‌ هذا الشكر بصلاة العيد، ليذكِّر الإنسان أن يشكره تعالى من خلال العبادة، لأنه إذا كان الله تعالى هو الذي يلقي الإنسان في مشكلة في الظاهر أو يطالبه بالتضحية، فهو الذي يهب له بعد العسر يُسرا، وهو الذي يُنـزل عليه إنعاماته ويجازيه أضعافا كثيرة على تضحياته.

فالعيد هو في الواقع إظهار رباني علني لنعمة الله علينا بعد أن قدّمنا التضحية في رمضان ونجحنا في محاولتنا للامتناع حتى عن الأشياء المشروعة. وهذا الأمر يجب أن يوجِّه أنظارنا إلى أنه ما دام الله تعالى يعيد إلينا كل عمل من أعمالنا بأجر بغير حساب، فلا يمكن أن تضيع أية تضحية نقدمها في سبيل دين الله وتذهب بدون ثواب. فما دمنا قد أطعنا أمر النبي وآمنّا بمُحِبِّه الصادق فلن يترك الله تعالى هذه الحسنة أيضًا بدون أجر، وخاصة إذا ضحينا في هذا السبيل بكل غال ورخيص ونفس ونفيس.

فليتذكر كل مسلم أحمدي دائما أنه كما لا يذهب أي عمل في سبيل الله دون أجر وثواب، كذلك فإن التضحيات التي يقدمها الأحمديون لن تذهب سُدًى بإذنه تعالى. إن قول الله تعالى:

  فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (الشرح 6-7)

يُطَمْئِننا أننا إذا كنا نمر اليوم بفترة العسر والمصيبة فإن اليسر والفرج قريب بإذن الله، وعندها ستنـزل علينا أمطار أفضال الله بلا حدود.

هذا هو تفسير المفسرين القدامى للآية المذكورة أعلاه.

وقد بين الخليفة الثاني أن الله تعالى قد ضيَّق هنا نطاق العسر حيث عرّفها بلام التعريف، أما كلمة “يسر” فتفيد اللامحدودية في كلا الموضعين حيث جاءت نكرةً. وهذا الإعلان يقوّي إيماننا ويطمئننا أن الله تعالى كما يُنعم علينا على كل عمل وكل مصيبة نتعرض لها في سبيله تعالى وكل تضحية نقدمها من أجله، كذلك ستكون عاقبتها لنا عيدًا، وليس إنذارًا ووعيدًا.

والذين ينكرون إمام الزمان يحرمون أنفسهم من العيد الحقيقي، إذ لم يعودوا يعتقدون بقدرة الله على أن يجعل النبيين والصديقين والشهداء في الذين يطيعون الله والرسول ، والحق أنهم بإنكارهم لنِعم الله هذه قد أنكروا العيد الحقيقي أيضا. يقول سيدنا المسيح الموعود ما مفاده: مَن المنعم عليهم؟ وكيف يمكن أن يصيروا منهم؟ إن الصدّيق من يوقن بكلام الله يقينًا كاملا، وليس من يكون من المرتابين التائهين في وادي “الناسخ والمنسوخ”، أو في قضية وفاة عيسى أو حياته، أو يشكون في وآخَرين منهم متسائلين: مَن هم هؤلاء؟ وكيف أعلن مرزا غلام أحمد بأنه نبي وأنه المسيح والمهدي؟ والذين يقدّمون النذور على قبور مرشديهم ومشايخهم ويوزّعون الطعام، والذين لا يعرفون ما هو الصدق والحق. حينما يختفي الحياء والأمانة أين سيكون الصدق والحق؟ وإذا بسط الكذب والظلم والعدوان أطنابه فكيف يكون هناك صدّيق؟ إن الذين يجيزون الكذب لمصلحة، حتى يكتبون ذلك في تفاسيرهم، كيف يكون لهم علاقة بالصديقية؟ والذين يحرِّضون الآخرين على المظالم أنّى لهم أن ينالوا قرب الله تعالى؟ والذين يروْن قتل المظلومين الأبرياء عملاً يُثابون عليه كيف يكون إيمانهم قويًا؟ بأي وجه يدّعي هؤلاء الإيمان بالنبي ؟ لقد أعلن سيدنا ومولانا محمد المصطفى يوم حجة الوداع أن هتك أعراض الناس والتعرضُ لأموالهم وأنفسهم حرام، ولكن هؤلاء المشايخ المتعصبين المعارضين لنا يقومون بهذه التصرفات الشائنة باسم الله تعالى وباسم ذلك النبي الأعظم ، ثم يعلنون بأنهم خدام لختم النبوة!! يحرّضون الآخرين على التضيحة بأنفسهم، ولكنهم كلما سمعوا كلمة التضحية بالنفس زهقت نفوسهم. إنهم مصابون بكل مرض روحاني، ويعيثون الفساد كل حين. هؤلاء ليسوا صدّيقين، ولم يكونوا من الشهداء، ولا يستطيعون أن يكونوا من الصالحين، أما النبوة فقد أنكروها مسبقًا. وهكذا قد أوصدوا دونهم أبواب نعم الله كلها.

فاليوم ليس مِن أحد يرث هذه الإنعامات غير الخدام الصادقين للمسيح المحمدي، الذين يرثونها من خلال رفع مستوى إيمانهم ويحتفلون بالعيد الحقيقي. الأمر الذي ينبغي أن يسعى من أجله كل مسلم أحمدي دائمًا. اليوم نتعرض للأذى وتُزهق أرواحُنا ويُقتل أعزّتنا ويُستشهَد أحبّتنا على أن آمنا بأن أبواب نعم الله وبركاته لا تُغلَق، وآمنّا بأن فيوض سيدنا المصطفى مستمرة بحيث يمكن الحصول على مقام النبوة في اتباعه . فدَعُوا العدو فيما هو فيه، وثابِروا على العمل بما أمرنا الله تعالى. لقد أخبر الله تعالى سيدَنا المسيحَ الموعود أن اليسر سيأتي بعد العسر، والانتصارات قريبة، وسيلقى المنكرون الخزي والهوان، ولن تعيق مكائدهم تقدُّمَ “جَرِيّ الله”. وأوحى الله تعالى إلى المسيح الموعود باللغة العربية: “بعد العسر يسر”. وإن هذا اليسر مقدر لجماعته بإذن الله تعالى، ولا بد أن يأتينا ونحظى به بحسب وعود الله تعالى. وهذا اليسر لن يكون عاديًا، بل هو بشارة للفتح المبين. فلا داعيَ للقلق من جراء المصائب والمضايقات الحالية. لقد بدأت سلسلة تضحيات المسلمين الأحمديين من زمن سيدنا المسيح الموعود ، إذ ضحى حضرة صاحبزاده عبد اللطيف الشهيد والمولوي عبد الرحمن بحياتيْهما. لقد زعم الأعداء عندها أيضا أنهم سيقضون بهذه الطريقة الغاشمة على الجماعة الإسلامية الأحمدية أو يصدّون الناس عن الأحمدية، ولكن لم تنسَ الجماعة قط الأمثلةَ الرائعة التي ضربها هؤلاء الشهداء والصمود الذي أظهروه لمن خلفهم، بل إن سلسلة الشهادات جارية مستمرة إلى يومنا هذا. وعلاوة على الشهادات التي يقدّمها أبناء الجماعة بين حين وآخر، قد استُشهد العديد منهم وهم يصلّون في رمضان قبل عامين. وقد نال درجة الشهادة شابان وشخص آخر متقدم في السن في شهر رمضان هذا العام أيضا.

والذين ينكرون إمام الزمان يحرمون أنفسهم من العيد الحقيقي، إذ لم يعودوا يعتقدون بقدرة الله على أن يجعل النبيين والصديقين والشهداء في الذين يطيعون الله والرسول ، والحق أنهم بإنكارهم لنِعم الله هذه قد أنكروا العيد الحقيقي أيضا.

يزعم المعارضون أنهم سيثبّطون همتنا بهذه الطريقة، أو يقضون علينا، وأنَّى لهذه الهجمات أن تضر قومًا هم مستعدّون دائما للتضحية بحياتهم في سبيل الله؟ كلا! ثم كلا! لقد فتح العدو جبهة ضدنا في رمضان، ظنًا منه أنه قد أفسد علينا شهر رمضان والعيد وجلب علينا الحزن والأسى، ولكن الحق أن تصرفاتهم هذه قد ساعدتنا على نيل البركات من رمضان أكثر مِن ذي قبل. ولم تقتصر تصرفاتهم على قتل الأحمديين الأبرياء فقط، بل إن الأوساط الحكومية قد بدأت نتيجة ضغط المشايخ المتعصبين تبطش بالأحمديين بأعذار واهية، بدلاً من أن تبطش بالقتلة السفاكين، ويتهموننا بهتك عرض النبي ، الأمر الذي لا يمكن أن يخطر ببال أي مسلم أحمدي بشكل من الأشكال.

بل نحن نؤمن بذلك المسيح والمهدي الذي أوصانا بأن نجود بأرواحنا حتى بأزقّة آل محمد حيث قال في بيت من الشعر ما معناه: “إن قلبي وروحي فداء لجمال محمد ، وإن ترابي فداءٌ لأزقة آل محمد “. إن هذه التهمة البشعة الجائرة أشق علينا وأكثر إيذاء لنا من كل أذى آخر. فيا أيها العدو سيئ الفطرة وخبيث الباطن عُدْ إلى صوابك قليلا، فإن الله المنتقمَ مطلعٌ على كل تصرفاتك المشينة واعتداءاتك علينا. عندما تدور رحى الله فإنها تطحن وتسحق كل شيء. أما نحن فقد بشّرنا الله دائما ولا يزال يبشر كل حين بأن تضحياتكم في رمضان كما أصبحت عيدًا لكم، كذلك فإن هذه التضحيات أيضا ستزدهر وتثمر. وكما أننا قضينا رمضان ضابطين أنفسنا في سبيل الله وابتغاء مرضاته، كذلك سيخرج المسلمون الأحمديون بسلام وبأقدام ثابتة مما تُصَبُّ عليهم من معارضة مريرة وتعذيب شديد.

غير أني أريد أن أوجه كلامي هنا إلى الأحمديين أيضا بأننا يجدر ألا ننسى أننا كما بلغنا المستوى العالي في الالتزام بالصلاة المكتوبة والنوافل إلى جانب التضحية المؤقتة في رمضان، كذلك لا بد لنا من بذل الجهود للوصول إلى المستوى العالي نفسه في سبيل التضحيات على صعيد الجماعة، ولا بد من المداومة عليها لاستنـزال أفضال الله بشكل مستمر. علينا أن نتذكر دائمًا أن تقدُّم الأحمدية.. أي الإسلام الحقيقي.. سيتحقق حسب وعد الله دون أي شك، لكن يجب أن نرى مدى مساهمتنا نحن في ذلك، لكي نتمكن من الاحتفال بذاك العيد الحقيقي الذي هو منوط بتقدّم الأحمدية أي الإسلام الحقيقي. فإذا كنا نريد أن نظفر بذلك العيد عاجلا فإننا بأمس الحاجة إلى رفع مستوى العبادة باستمرار، بالإضافة إلى تقديم التضحيات الأخرى. وللوصول إلى درجة الصديق والشهيد والصالح ثمة حاجة للقيام بجميع ما له علاقة بحقوق الله وحقوق العباد. فعندما نسعى دومًا للتحلي بجميع الأخلاق التي ذكرها المسيح الموعود حين عرّف لنا الصدّيق والشهيد والصالح، إلى جانب إنشاء الصلة بالله تعالى ورفع مستويات العبادة، فإن مكائد العدو التي يكيدها للقضاء علينا في زعمه، لن تؤثر علينا شيئا، بل ستنقلب عليه وتقضي عليه هو. إن الأعداء يفرحون لاستشهاد عضوين نشيطين من أعضاء الجماعة الإسلامية الأحمدية كما يبدو من خططهم – لقد استخدمتُ أنا كلمة “الاستشهاد”، أما أعداؤنا فيقولون إنهم قتلوهما –ولكنهم مخطئون في ذلك تماما. فإننا فرحون لأننا نتلقى بشارات هي أكبر من تضحياتنا. فينبغي أن نسعى جاهدين لتلقي هذه البشارات التي بدأت آثارها في الظهور بإذن الله. فحذارِ أن نتخلف عن كسب الحسنات بتقصير منا. إن أعيادنا الحقيقية قريبة بإذن الله. وإننا على يقين أن أصحاب الفطرة الطيبة السليمة كلهم سيجتمعون بإذن الله تعالى تحت راية المحب الصادق للنبي بحسب وعد الله . يقول سيدنا المسيح الموعود :

“عندما يسود الظلام في العالم وتنتشر الظلمة في كل طرف وصوب، فإن ذلك الظلام نفسه يقتضي بالطبع نزولَ نور من السماء، وفي ذلك الحين يُنـزل الله تعالى ملائكته النورانيين وروح القدس إلى الأرض إنزالاً يلائم طبع الملائكة. فينشئ روح القدس صلته بذلك المصلح الذي نال شرف الاصطفاء والاجتباء ويكون مأمورا للدعوة إلى الحق. والملائكة ينشئون صلتهم بجميع السعداء والراشدين والمستعدين – أي للملائكة صلة بالصالحين – ويجذبونهم إلى الحسنة ويوفقونهم للحسنات. عندها تستبين للعالم سبل السلام والسعادة. وهكذا يستمر الأمر حتى يبلغ الدين أوجَ كماله المقدر له. واكتشاف هذه الحقيقة ليس في وسع كل شخص. إن نظرة أهل الدنيا الضبابية لا تقدر على رؤية هذا النور، بل تكون الحقائق الدينية في نظرهم مدعاة للسخرية، ويعتبرون المعارف الإلهية غباء وسفاهة ومهزلة.”

(فإذا كان هؤلاء العلماء المزعومون لا يقدرون على رؤية هذا النور فليس من حظهم أن يروا ذلك النور، أما سعداء الفطرة فسيأتون رويدا رويدا. فإذا كانت سبل السلام والسعادة تتّضح اليوم، فإنما يتم ذلك بواسطة المؤمنين بالمسيح المحمدي الذي هو إمام الزمان، وإذا كانت رسالة سيدنا محمد المصطفى تصل اليوم إلى أرجاء المعمورة، فإنما يتم ذلك على يد خدام المسيح المحمدي. ومهما بذل الأعداء من جهود لعرقلة هذا المشوار فلن ينجحوا في ذلك، لأن هذا قدرُ الله ولسوف يتحقق لا محالة. إن أبصارهم لا ترى هذه الحقيقة اليوم، لكن حينما يطلع ذلك الفجر، سيدرك هؤلاء العميان أن ما قاله إمام الزمان كان حقًا وصدقا. عندها تعلن كل ذرة من كيان جميع الشهداء الذين ضحوا بحياتهم وأهرقوا دماءهم في سبيل الأحمدية قائلة للعدو: اُنظر أيها الشقي السيئ الحظ، هل ذهب دمي هدرا؟ وعندها سيعلن أولاد كل الشهداء وأحبتهم فرحين مسرورين قائلين: انظروا إن آباءنا وأزواجنا وأجدادنا وإخواننا وأخواتنا الذين قدموا التضحيات يَبدون في هذا الفجر أكثرَ نورًا وضياء من ذي قبل. اليوم نشاهد ذلك العيد الحقيقي الذي من أجله يقدم الشعوب والأمم التضحيات، وبطلوع هذا الفجر سوف نلاحظ تحقيق ما وعد الله به المسيحَ الموعود بكل روعة وعظمة: “عيد آخر، تنال منه فتحا عظيما”. يومئذ سيرفع كل مسلم أحمدي وكل فرد من جماعة المسيح المحمدي شيوخا وشبابا، ذكرًا وأنثى هتافَ: “مبارك مئة مبارك”. والحقيقة أن الفوز بهذا العيد هو الهدف النهائي في حياة كل مسلم أحمدي. وهذا هو العيد الذي من أجله ينبغي أن نخرّ دائمًا على عتبات إلهنا القادر ذي القوة المتين المجيب الدعوات. وفقنا الله لذلك دومًا حتى نتمكن من رؤية غلبة الأحمدية أي الإسلام الحقيقي على العالم كله، آمين ثم آمين.

هذا، وأهنئ بالعيد جميعَ الحضور الجالسين أمامي وكلَّ الأحمديين الذين يسمعونني عبر شاشة MTA. أعاده الله عليكم باليُمْن والبركات. إنه أول عيد في القرن الثاني للخلافة الإسلامية الأحمدية. جعله الله مجلبة لآلاف البركات لنا، ومكّننا من رؤية ذلك العيد الحقيقي الذي هو الهدف النهائي لحياتنا.

الآن سوف ندعو معًا. فادعوا خاصةً لغلبة الإسلام وازدهاره عاجلاً. وادعوا الله أن يحمي أبناء الجماعة من كل شر، فإن العدو اليوم لا يألو جهدا في إلحاق الأضرار بالأحمدية، وبعض الحكومات الإسلامية تسانده وتدعمه. إن معارضة الأحمدية لا تنحصر في باكستان فقط، بل تواجه الأحمدية اليوم المعارضة في كل بقعة من بقاع العالم؛ حيثما نقطع أشواط التقدم والرقي، الأمر الذي أقضّ مضاجع العدو فطار صوابه. ومما يقوّي إيماننا أن الغلبة النهائية لنا نحن، وإنا نحن المنتصرون في نهاية المطاف بإذن الله تعالى. لكن لن يتحقق ذلك بدون الدعاء. لقد أوتي سيدنا المسيح الموعود سلاح الدعاء حصرًا.

هؤلاء ليسوا صدّيقين، ولم يكونوا من الشهداء، ولا يستطيعون أن يكونوا من الصالحين، أما النبوة فقد أنكروها مسبقًا. وهكذا قد أوصدوا دونهم أبواب نعم الله كلها.

وادعوا لشهداء الأحمدية، أكرمَ الله كلَ شهيد بقربه ورفع درجاته وتكفَّل زوجاتهم وأولادهم وأمهاتهم وأحباءهم وذويهم، وحماهم من كل شر، حتى تكون هذه الشهادة مفخرة لهم جميعًا على الدوام. ألهَمَهم الله الصبر الجميل والسلوان ورفع هِمَمَهم دائمًا. إن فِراق الذين استُشهدوا في رمضان الفائت حديثُ العهد بالنسبة لذويهم، فندعو الله تعالى أن يضمد جروحهم ويزيدهم صبرا وجلدا ليكونوا راضين برضاء الله دائما.

ثم ادعوا لإطلاق سراح الذين أُسِروا في سبيل الله بأن ينهي الله أيام أسْرهم ويمكّنهم من الاحتفال بالأعياد بحُرية.

وادعوا للذين نذروا حياتهم لخدمة الأحمدية أي الإسلام الحقيقي، وللأولاد الذين انخرطوا في مشروع “الوقف الجديد” بأن يوفقهم لتلبية متطلبات الوقف والوفاء بعهده وفاءً حسنا.

وادعوا الله للإخوة الذين اشتركوا في صندوقي “التحريك الجديد”، و”الوقف الجديد”، فسدّدوا مستحقاتهم كما وعدوا، بأن يبارك الله في أموالهم ونفوسهم بركات لا مقطوعة ولا ممنوعة.

ثم ادعوا لجميع أولئك الذين يخدمون الجماعة في أي مجال، والذين يتميز من بينهم المتطوعون في MTA الذين يبذلون قصارى جهدهم في إيصال دعوة المسيح الموعود إلى العالم.

ادعوا لجميع الدعاة إلى الله بأن يثمر جهودهم بفضله، ويغمرهم الله جميعا بفضله العميم.

وادعوا الله لسكّان قاديان بأن يوفقهم لأداء حق الإقامة في قرية سيدنا المسيح الموعود . وادعوا الله لأهالي ربوة بأن يعيد إليهم رونقهم وبهجتهم عاجلاً، ويفرج عن كل كربة لهم، ويحقق لهم الهدفَ من الإقامة في هذه البلدة. كذلك ادعوا للأحمديين المقيمين في سائر مدن باكستان وقراها بأن يحميهم الله، لأن الجماعة تواجه هناك معارضة شرسة، وتعيش فترة الاضطهاد والاعتداء. لكن الأحمديين هناك بفضل الله تعالى يتصدّون لكل هذه الظروف الصعبة بشجاعة وبسالة ورباطة جأش. نسأل الله أن يقوّي إيمانهم أكثر فأكثر، فلا يتعثر أحد منهم أبدا، آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك