
- نحن نعيش عصر الجاهلية الثانية، هذه حقيقة واقعة!
- سبيلنا للانتقال من عصر جاهلية إلى الحياة النورانية.
____
الإنسان أكثر الكائنات الاجتماعية تناقضا وإثارة للجدل، فخلافا لكافة الأحياء المعروفة بالصفة الاجتماعية في عالم الحيوان، نرى الإنسان وحده يسعى في سبيل البَقاء إلى القضاء على بني جنسه، لهذا فإنه يعدُم أحيانا خُلُق المواساة، فيمسِي وحشا بالتدريج. وطالما جاءت الرسالات السماوية من الله تعالى لتقلِّم لذلك الوَحْشِ مخالبه، وبالفعل تنجح في ذلك إلى حين، ولكن، ولحكمة يعلمها الله تعالى، تنمو مخالب ذلك الوحش من جديد، فيرسل الله تعالى من يقلم تلك المخالب كل مرة، وهكذا دواليك، والحياة سِجَال وتغيُّر أحوال. وفي سبيل البقاء المنشود ما زالت الإنسانية تبحث عن الوصفة الـمُثْلى، فنشأت فروع العلوم الطبية التي تبحث في الشيخوخة وأسبابها ووسائل القضاء عليها، أو بالأحرى تأخيرها إلى أقصى حد ممكن، بل وقد شاعت في الآونة الأخيرة أقاويل حول فكرة هزيمة الموت، وسبحان الحي الذي لا يموت! لقد اهتمت الإنسانية المعاصرة بالبقاء الجسماني ولوازمه من أكل وشرب وما إلى ذلك، على الرغم من أن هذا النوع الأدنى من البقاء لم يكفُلْ لها الرضا في أي عصر مضى، ولا يُتَوقَّع أن يكفُل لها أي رضا في المستقبل، بدليل أن رخاء العيش لم يحُل دون نشوب القلاقل والثورات في العديد من المجتمعات المتقدمة ماديا، ولم يَحِدّ من ظاهرة الانتحار غامضة الأسباب في تلك البلدان المتحضِّرة، بل لم يحد من معدلات الجريمة في تلك المجتمعات.. ولكن مهلا، فإننا لا نقصد من هذه الأمثلة أن نحقِّر من قيمة التقدم على الصعيد المادي، إننا نعد جميع أشكال الرقي المادي، بما يُسهل سُبُل الحياة ويَعمُر الأرض، من قبيل العمل الصالح الذي تدعونا إليه رسالات السماء، شريطة ألا يتوقف الإنسان على هذا الجانب وحده من جانبي التقدم، وإلا بات كَذِي ساق واحدة، فأنى له المُضِيُّ سويًّا على صراط مستقيم؟! ففي سبيل السير السوي يتحتم على الإنسانية ألا تُغفل الجانب الآخر من جانبي التقدم، ألا وهو التقدم على الصعيد الروحاني، وإذكاء جذوة المواساة، تلك الجذوة التي لو خمَدَت، لا سمح الله، فإن البرد لا محالة يَسرِي في الشعور الإنساني كما يسري في الجسد الميت. وفي سبيل الإبقاء على جذوة المواساة الإنسانية متَّقِدَةً، فإن الجماعة الإسلامية الأحمدية، ممثلة في الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لم تبرح تواسي خلق الله تعالى جميعا مُرسية بمواساتها مبدأ الإخوة الحقيقية في الإنسانية بغض النظر عن فوارق الدين واللون والعرق والرأي، ودون ذلك الجاهلية بكل مساوئها وخبائثها.
وهو مشروع نصرت جيهان، ذلك المشروع الإنساني الذي اكتسب من اسمه الحظ الأوفر، حيث تم من خلاله إنشاء المستشفيات والعيادات وإرسال الأطباء والممرضين المتطوعين لتقديم الخدمات الطبية مجانا، كما تم تاسيس المدارس والمعاهد وتقديم المنح الدراسية لمستحقيها. فكان منذ تدشينه في عهد خليفتنا الثالث حضرة مرزا ناصر أحمد (رحمه الله) مشروعًا لخدمة وخير العالم، دون أدنى تمييز، فكان انطلاقه من أكثر بِقاع العالم تهميشًا، في أفريقيا! فاليوم لسان حال أفريقيا يردد مقولة ابنها بلال :“ أَحَدٌ، أَحَدٌ”، وَأَضْحَتْ تلك الأرض الطيبة المقهورة زمنا منارة من منارات التوحيد بعد أن كانت بفعل التحضُّر الغربي مصدرًا لتجارة العبيد
لقد اجتهد الساسة والنشطاء في صياغة مواثيق لحقوق الإنسان، وكسوا تلك المواثيق بثياب القداسة، ثم لما بدا لهم أنها لا تتفق وبعض أهوائهم ضربوا بمقدساتهم تلك عرض الحائط، ولَجُّوا في جاهلية ثانية، أعاذنا الله تعالى منها بفضل المدد المستمر من مكارم الأخلاق، والذي يتنزَّل علينا من لدن خلافة راشدة، من لا يلتحق بها، راح مأسوفًا عليه في طوفان جاهلية عصر المعلومات والرفاهية المادية وحقوق إنسانٍ معلَنةٍ وغير مُفعَّلة.
فالشواهد على مساعي الخلافة الراشدة المحمودة لإنقاذ الإنسانية من الغرق في لـُجَجِ الجاهلية أكثر من أن تُحصر في كلمات موجزة، يكفي أن نستلَّ مثالا واحدا، وهو مشروع نصرت جيهان، ذلك المشروع الإنساني الذي اكتسب من اسمه الحظ الأوفر، حيث تم من خلاله إنشاء المستشفيات والعيادات وإرسال الأطباء والممرضين المتطوعين لتقديم الخدمات الطبية مجانا، كما تم تاسيس المدارس والمعاهد وتقديم المنح الدراسية لمستحقيها. فكان منذ تدشينه في عهد خليفتنا الثالث حضرة مرزا ناصر أحمد (رحمه الله) مشروعًا لخدمة وخير العالم، دون أدنى تمييز، فكان انطلاقه من أكثر بِقاع العالم تهميشًا، في أفريقيا! فاليوم لسان حال أفريقيا يردد مقولة ابنها بلال :“ أَحَدٌ، أَحَدٌ”، وَأَضْحَتْ تلك الأرض الطيبة المقهورة زمنا منارة من منارات التوحيد بعد أن كانت بفعل التحضُّر الغربي مصدرًا لتجارة العبيد.
وفي عدد أكتوبر 2025 تعرض أسرة التقوى مادة ذات صلة بالانتقال من عصر جاهلية إلى الحياة النورانية، حيث يصطحبنا سيدنا أمير المؤمنين (أيده الله تعالى بنصره العزيز) فيطلعنا على جَوَانِبَ مِنْ تَشْرِيعَاتِ الإِسْلامِ عَلَى هَامِشِ سِيرَةِ حَمْزَةَ بنِ عَبْدِ المُطَّلِب ، فيرينا خلالها من سير بعض الصحابة الكرام كيف أنهم أحدثوا تغيُّرا ملحوظا في أنفسهم والعالم من حولهم بالهجرة الروحية من الجاهلية إلى الإسلام. يلي ذلك باقة من المواد المتنوعة، ما بين شعر ومقال.. ندعو الله تعالى أن تكون كل كلمة سطرت في هذا العدد سببًا في إصلاح الأقوال والأعمال.. اللهم آمين.