حتمية تحقق وعد الاستخلاف وتماثل السلسلتين
  • أفلا تتضمن الإشارة الواضحة إلى استخلاف من كانوا قبلنا إشارة أخرى ضمنية بتحقق ذلك الوعد في الآخرين من أمة الإسلام؟

___

أيها العلماء، فكِّروا في وعد الله واتّقوا المقتدر الذي إليه تُرجعون، إنه جعل النبوّة والخلافة في بني إسرائيل ثم أهلكهم بما كانوا يعتدون، وبعث نبيَّنا بعدهم وجعله مثيل موسى، فاقرأوا سورة “المزّمّل” إن كنتم ترتابون. ثم وعَد الذين آمنوا وعد الاستخلاف، ففكّروا في سورة “النور” إن كنتم تشكّون. هذان وعدان من الله فلا تُحرّفوا كلم الله إن كنتم تتّقون. ولذلك بُدِئَ سلسلةُ نبيّنا من مثيل موسى، وخُتِمَ على مثيل عيسى، ليتمّ وعد الله صدقًا وحقّا، إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكّرون. وكان من الواجب أن يتساوى السلسلتان.. الأول كالأول والآخر كالآخر. ألا تقرأون القرآن أو به تكفرون؟ فإنْ تمنّيتم أن ينـزل عيسى بنفسه فقد كذّبتم القرآن، وما اقتبستم من سورة “النور” نورا، وبقيتم مع النور كقوم لا يبصرون. أتبغون عِوَجًا بعد أن تساوى السلسلتان؟ اتّقوا الله وعدِّلوا الميزان. ما لكم لا تتفقّهون؟ وكان وعد الله أنه يستخلف منكم، وما كان وعده أن يستخلف مِن بني إسرائيل، فلا تتّبعوا فَيْجًا أعوجَ وتعالوا إلى حَكَمِ ربِّكم إن كنتم تسترشدون. أتريدون أن تُفضّلوا على سلسلة نبيّكم سلسلة موسى؟ تلك إذًا قسمةٌ ضِيزى! فلِمَ لا تنتهون؟ ألا تقرأون سورة “النور”، أو على القلوب أقفالها، أو إلى الله لا تُرَدّون؟ وإن القرآن عدّل الميزان، وأعطى نبيَّنا كلَّ ما أعطى مُهْلِكَ فرعونَ وهامان، فما لكم لا تعدِلون؟ وقد بلّغ القرآن أمره، فمَن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون. أتختارون أهواءكم على كتاب الله، أو بلَغكم علمٌ يساوي القرآن، فأخرِجوه لنا إن كنتم تصدُقون. كلا.. بل وجدوا كُبراءهم عليه فهم على آثارهم يُهرَعون. وقد سوّى الله السلسلتين وهم يزيدون وينقصون. فمن أظلم ممن اتّخذ سبيلا غير سبيل القرآن؟ ألا لعنة الله على الذين يظلمون. يا حسرة عليهم! ألا يتدبّرون القرآن، أو هم قوم عمون؟

(الهدى والتبصرة لمن يرى ص  62 و 63)

Share via
تابعونا على الفايس بوك