
- ما هي العلامات التي يُعرف بها منشئ الصلة بالله تعالى؟
____
إن الذين ينشئون صلة كاملة بالله تعالى يشبهون كثيرا مَن يرى ضوء النار من بعيد أولا ثم يقترب منها حتى يدخلها فيحترق جسده كله ولا يبقى إلا النار. كذلك يظلّ صاحب الصلة الكاملة يتقرب إلى الله تعالى يوما إثر يوم حتى يدخل وجوده كله في نار حب الله ويحترق كيانه النفسي بشعلة النور ويصير رمادا وتحل محلَه النارُ؛ فتلك هي ذروة حبه المبارك لله تعالى. إن أكبر علامة لعلاقة أحد بالله تعالى هي أن تتولَّد فيه الصفات الإلهية، ويتولّد فيه كيان جديد بعد احتراق الرذائل البشرية بشعلة النور وتنمو فيه حياة جديدة مغايرة تماما للحياة السابقة. كما عندما يوضع الحديد في النار، وتأخذ النار منه كل مأخذ يصبح على هيئة النار تماما، ومع هذا لا يسعنا القول إنه نار، وإن كان يُظهر صفاتها.. كذلك تماما مَن غشيته شعلة الحب الإلهي من قمة رأسه إلى أخمص قدميه فإنه يصبح مظهرا للتجليات الإلهية، ولكن لا يمكن القول إنه إلهٌ، بل ما زال عبدا غشيته تلك النار. وبعد سيطرة النار عليه تنشأ فيه ألوف من أمارات الحب الكامل. ولا تكون أمارة واحدة حتى يُخشى اشتباهها على فطين باحث عن الحق، بل تُعرف تلك الصلة من خلال مئات العلامات.
ومن تلك العلامات أن الله تعالى يُجري على لسانه بين حين وآخر كلامه الفصيح والحلو المحتوي على عظمة وبركات إلهية وقوة كاملة على الغيب ويكون مصحوبا بنور يبرهن على أنه أمر يقيني وليس ظنيا، ويرافقه لمعان رباني ويكون منـزَّها من الشوائب. وفي معظم الأوقات وغالب الأحيان يكون هذا الكلام محتويا على نبوءات عظيمة ذات نطاق واسع وعالمي، وتكون عديمة النظير كيفًا وكمًّا ولا يقدر أحد على الإتيان بنظيرها، وتكون مليئة بهيبة إلهية، ومن خلالها يتراءى وجه الله تعالى بسبب قوتها التامة. لا تكون نبوءاته مثل نبوءات المنجِّمين، بل تلاحَظ فيها أمارات الحب والقبول الإلهي وتكون زاخرة بالتأييد والنصرة الربانية.(حقيقة الوحي ص 42-25).