- مولد المصلح الموعود كان تجليًا لعظمه الله وجلاله.
- مرزا بشير الدين محمود أحمد كان ملكًا على مملكة التعاليم الروحانية.
- المصلح الموعود أرضًا أخرجت أثقالها لأن ربك أوحى لها.
عشرات الملايين اليوم يحيون سعداء في نور وغذاء وصحة لأنهم تربوا على يديه وعلى يد من رباهم وصنعهم على عينيه، وتغذوا من كتاباته وتتلمذوا على يد تلاميذه واقتبسوا من نوره ومن نور من رباهم من أبنائه وأحفاده.
أحب الله ورسله واتبع خطى نبيه محمد . تلك الخطى التي كشف التراب عنها مسيح الله الله فأحبه الناس وصارت سيرته بردا وسلاما.
كان خلقا جاءت به البشارة فأعلنها مسيح الله وانتظر. وكان مولده آية على صدق المسيح الموعود..نعم. ولد تحقيقا لنبوءة رائعة تصفه بأنه سيكون تجليا لعظمة الله وكماله. فولد في بيت مسيح الله كما أخبر الله تعالى. ولكن كل مراحل حياته كانت تصدق حروف النبوءة الطويلة شيئا فشيئا.
كانت النبوءة تصدق كلما تقدمت الحياة به. وكلما نما في عبادة الله كما نشأ يحيى آخذا كتاب الله بقوة. ينأى عن السفاسف ويصدق الحديث ويحرص على طلب العلم ويحافظ على الصلاة ويتمسك مستميتا بأهداب الخلق الرفيع.
ادخره الله للوقت المحتوم عندما توفي المولوي نور الدين القرشي ، الخليفة الأول للمسيح المحمدي الموعود ، واندفع المسلمون الأحمديون من أعضاء الجماعة نحوه في لهفة عجيبة يبايعونه بحب ورسوخ قلب. فقاد سفينة الإسلام الحق مشغولا بالله وحضرته تعالى، مستمدا منه متواضعا له محبا وحامدا شاكرا لأنعمه. محاطا بحجاب شفاف يفصله عن العالم العادي للناس.
كم من مؤامرة على جماعته أراه الله فشلها بقوة الرحمة، بل زاده الله انتشارا للجماعة وأخرجها من الهند إلى عموم العالم وسعته، وبلغت دعوة محمد الحقة بلاد الغرب الإفريقي فنزلت عليهم بردا وسلاما وحرية. وكم من مؤامرة على المسلمين كان هو سببا في فشلها بحول الله وقوته، وكم من مؤامرة كيلا تولد دولة باكستان أفشلها لتولد الدولة، وكم من عدوان شن لتهزم وتذل إزاء الهند المعتدية عليها فكان المسلمون الأحمديون شجعانا وفداء الوطن يتجنب الهندوس الجبهات التي يعسكرون بها.
يقود سفينة خطرة الشأن في أجواء خطرة وفي غابات ذات وحوش مسعورة، يذكر الله قياما وقعودا وعلى جنبه متوكلا على ربه واثقا به وبوعوده، فيحرك الله تعالى يديه ويوفق حركة لسانه ويجعل كل عمل تمسه يداه ناجحا.
عاش يدرك أن الله يمسك الكون أن يزول، وبأمره تنتظم الأرض وهي تدور، وبأمره يستجيب الهواء لشهيق الصدر وهو تعالى يمسك الأنفاس التي تتردد في الصدور، كلما أكل شعر أن كل لقمة هي نعمة خدمتها نعم لا تحصى، وكل وجبة تهضم فبقوة الله هضمت وبحول الله تعالى بلغت الطاقة والبناء في الغذاء مستقرها.
سفينة نوح يتولى قيادتها رجل صنع لهذا الغرض. عليه أن يعلم المبايعين لله وأن يزكيهم ويحافظ عليهم ويوحدهم.. عليه أن يحمي جماعة الله وأن ينميها لتزدهر. وعليه رعاية خير المسلمين عامة. وعليه التركيز على خير مواطنيه وسلامهم. وعليه الاهتمام بآمال المسلمين الهنود القلقين والطامعين في دولة لهم وعليه النظر في تراث مسيح الله والحرص على شرع الله لتطبيقه.
كانت السفينة تتعرض للمؤامرات لتباد وتغرق. ولكن الله تعالى أثبت هنا معها وجوده، وكلما غرق العالم في الجحيم بعيدا عنها كانت أزهار الله وحدائق نعمته تتألق قريبا منها.
كل ماكان يحدث للسفينة وقائدها من رحمات وتوفيق كان إعجازا كاملا وبرهانا شاملا أن هناك ربا منعما يدخل من يشاء في رحمته، وأن الظالمين أعد لهم عذابا أليما.
السفينة تجري من عام 1914 وتستمر خمسين عاما في وسط موج كالجبال.
وبينما العالم الذي تردد بين جنباته نذير الله يتلقى عقابا كان خليفة المسيح يتلقى الجوائز من البركات والنعم والتقدم. أثناء فترة قيادته تلقى العالم عقابا في شكل حربين عالميتين منذ 1914 وعام 1945. قتل فيهما مائة مليون إنسان بدم بارد كامل البرودة.
هذا الرجل ليس من هذا العالم
بيوت الجماعة الإسلامية الأحمدية من داخلها على عالم الآخرة الظليل، وتظل تتلقى تربية رشيدة وتتعلم كيف تزحزح اتجاهها لتتسوي إلى قبلة إبراهيم التي هي قيم وخلق ونبل. يعلم الخليفة التقوى والحياة الصادقة والمعيشة الحسنة والحكم الرشيد والتفسير والذكر والإسلام وزبدة التوحيد ومناهج الطلاب والطالبين.
المساجد والبيوت المسلمة الأحمدية المخلصة الحقيقية قائمة في الدنيا في الظاهر، ولكنها قطع من الجنة العاجلة في الحقيقة. وفيها يتعلم المؤمنون أن نتائج الذكر والفكر والتقوى هي نتائج ملموسة للروح وبضاعة حاضرة وجنة مقبوضة تملأ الروح بالشبع، تماما كما أن نتائج الحضارة المادية تثمر بضاعة حاضرة، ولكن ثمرات الدنيا لا تشبع أهلها، فتبقى النفوس التي تراعي مادة العالم ورغباته وثوائره جوعى وقلقة وثائرة.
الخليفة الراشد الثاني للمسيح المحمدي كان ملكا لمملكة ليست من هذا العالم، مملكة فيها نظم ووظائف وقوانين ودواوين وسجلات وخزائن ومكتبات ومساجد.
علم الخليفة الثاني بعمق ملك روحه أن هذا العالم المحسوس الأدنى كله آيات أو إشارات للعالم الأعلى. هذا العالم الدنيوي المرئي جاء من فيض رحمانية الله، بما فيه من رسول وكتاب، وقد خلق ليدل على عالم زميل له غير مرئي، وهو من فيض الرحمانية أيضا، وهو عالم كلام الله المنبىء عن حضور الله، والحياة فيه تمضي تحت ظل الوعي بوجوده ورقابته وضخ فضله الدائم، وهو عالم مواز له نفس المصطلحات، وهو جنة الله الرحمانية. وعندما ندركه نودع العالم الأدنى بموت اختياري لنبعث في عالم التوبة النصوح.. موت مبارك به نستجيب لله باعث الموتى، بقرار صارم بالعيش مع الله الغني والخضوع لخطته والهجرة إلى عالمه ونستبدل نفسا بنفس، ونشيع جنازتنا إلى قبورنا، نحيا فيه ونهاجر إليه.
ومن لم يستدل بآيات العالم المرئي على الله وحضوره فقد أفسد فائدة وجوده وبذر ثروات هذا العالم.
العالم المرئي فتنة لمن يتوقف ويتجمد عنده، وهو عالم مليء بالمظاهر الخداعة، ومن يعيشون يه تتملكهم الثوائر، وهي أشكال وألوان، ومنها ثوائر المسالمة والاستسلام للأهواء، ومنها ثوائر الغضب والانتقام وأهلها يصنعون أبشع المناظر. وحيث المرئيات فيه هي المسيطرة والعلاقة بالخالق ضعيفة.
وآية لهم بشير الدين محمود أحمد
هذا الرجل كان آية على صفات الله. الكون عالم يدل على ربه وكماله، والرجل الصالح هو عالم بأسره يدل أيضا على ربه وكماله.
يدل الكون على الله تعالى بعالمه الغني بالعلامات، بشمسه ونهاره وليله وقمره وسمائه وأرضه وما فيها، وتقود إلى الوعي بصفات كمال الخلاق العظيم.
وكذلك يدل عالم المؤمن الذي خلق من تراب فصار عالما كاملا فيه كل ما يريد الطلاب من دروس وعبر وآيات هي العجب العجاب.
وقد تكوَّن هذا الخليفة والرجل الصالح كما يتكون عالم المادة، فكان ينشأ وتتطور حالته من مرحلة إلى مرحلة في رعاية الله ويتم صنعه على عينه سبحانه حتى يخرج المنتج للناس. يخرج من يد الله وهو زاخر بالروائع كأنه عالم تام أو كون قد استوت سماواته. عالم يعرف بصانعه كما تدل كل المصنوعات على صانعها.
وقد أنزل الله تعالى سورة الشمس عن أن العبد الصالح هو شمس وضحى. وهو قمر يتلو شمسه. وهو نهار يجلي كنز الشمس وضوءها الغامر. وهو ليل يحمل صفاته وهو سماء مبنية وهو أرض ذلول. نزلت السورة إعلانا لعظمة شأن النفس الإنسانية لو طاوعت خطة تكوينها حتى تستوي. ليبين أن عبد الله الصالح هو عالم مستقل فيه أدلة على وجود الله وكماله تعالى.
الخليفة الثاني كان عالما يدل على الله الرحمن الرحيم صانعه. عالم كامل بشموسه وسماواته وأرضه. خلال نصف قرن من خلافته .
كان شمسا للتعليم يمحو أمية أمته. ويربي جيلا من الصالحين والعلماء الأفذاذ والدعاة الذين يشرفون الإسلام. نشط في بث النور في المحاضرات والخطب يوم الجمعة والدروس في المدارس والجامعات والمؤتمرات وحيث حل ونطقت شفتاه.
كان شمسا طلعت على إفريقيا بالدعاة إلى الإسلام. وبدعاة تصحيح فهم الدين، فأدبهم بأدب النبوة فرأينا منهم صالحين أشباه الصحابة وياللعجب. وصارت القارة هدفا لأعمال البر لتخرجها من ظلمات الجهل بالله وسوء الفهم إلى نور التعليم…
كان ضحى ميمونا على العلماء والمثقفين والساسة والدعاة إلى الله يرفع الله به صوت الحق زحفا رويدا نحو وقت الظهيرة.. حيث يتألق ظهر الظهور المحتوم. سديد الرأي ينصح للإسلام . أشرقت أنوار الله معه في فقه التقوى وما صدر منه من التفسير الرائع لكلام الله بطريقة تجعل الكلام فعلا ينطق أنه من الله.
كان قمرا يعكس نور الشمس التي طلعت في حياته. وهي شمس الصدق الكامل والنية الحسنة والطواعية الكاملة للصالحين. شمس حب الله والعطف على بؤس البائسين.. والغيرة على الإسلام والنشاط والعمل الدائب.شمس التقوى الخالصة ورسم صورة محبوبة عن الله ورسله. النبوة التي أماط مسيح الله الموعود عنها السواد. فصارت قدوة النبي معروفة علنية.
أحس وجهه بوهج هذه الشمس وعكسها في كلامه وفعله. وترجمها للناس في صورة تفاصيل حياته الرائعة.
كان ليلا يستر العيوب ويأتي إليه المحزون فيسكن عنده. كان ليلا عنده برد السكينة من حر القلق.. يعلم الاستغفار والتوبة والعفو والتسامح.
كان سماء مبنية بشموخ. سماء في رقي فهمه لكلام الله بشكل يحفظ قواعد كمال الله بما يناسب الكمال الرباني، وقواعد عصمة وكمال رسله تعالى وحتمية كمال كتابه سبحانه وكمال شريعته لو فهم الناس حقيقتها وتطهروا عند بحثها.
ينظر للقضايا كلها من سماء الحضور مع ربه بلا غياب مطلقا. تعلم من والده المسيح ومن الخليفة الأول ألا يحلق في مستويات منخفضة عندما يتعلق الأمر بقيم الدين الحنيف وشريعة الله البريئة.
وكان أرضا للتواضع والحنان والرقة، كان متاحا سهلا متواضعا طيبا كالأرض التي هي ذلول المسالك متصلة الدروب. كان إنسانا يأنس إليه الإنسان الطيب. كان أرضا طيبة يغرس الله فيها فينبت نباتها وتتفتح أزهارها ويزدهر ربيعها وتنمو جناتها ويثمر شجرها.
كان قد وهبه الله الطاقات والوقت والملكات والاستعدادات فنماها وجاهد أن يضعها حيث يجب، فبارك الله جهوده وجهاده وزاده من الجودة والحسن، وبهذا كان أرضا أخرجت أثقالها لأن ربك أوحى لها فأبرزت معادنها وثرواتها وتفجرت ينابيعها وجرت أنهارها..
رضي الله عنه وأرضاه.