التقوى منكم وإليكم
نبوغ الأطفال في سن مبكرة لا يضمن لهم النجاح في المستقبل
الأطفال الموهوبون الذين يتفوقون على زملائهم في المدارس والامتحانات غالبًا ما يفشلون في تحقيق الآمال المعلقة عليهم في فترة لاحقة من حياتهم، هذا ما أدلت به آخرُ دراسة أُجريت على 13 شخصية لعبت دورًا مؤثرًا في الأجيال السابقة على مستويات مختلفة حيث أظهرت واحدة منها فقط موهبة مبكرة على خلاف الآخرين الذين بانت مواهبهم فيما بعد.
وتشير دراسات سابقة أجريت على مشاهير من مفكرين وباحثين وقادة معروفين من أمثال توماس أديسون (مكتشف الكهرباء)، وألبرت أينشتاين (واضع النظرية النسبية)، وونستون تشرشل (رئيس الوزراء البريطاني) لم يحققوا علامات أو مواقع متقدمة أثناء تحصيلهم المدرسي.
ويرى بعض الباحثين من جامعة هارفارد الأمريكية أن مفتاح النجاح لا يتعلق أساسًا بمعدل الذكاء، بقدر ما يتعلق بعوامل أخرى كالحافزية العالية والتكريس الدائم للعمل، والعمل الشاق، والاجتهاد في التحصيل، والدعم والمساعدة التي يتلقاها الشخص الطفل من عائلته.
كما أجريت دراسة أخرى على الطلبة الموهوبين والمتفوقين منذ عام 1925م وحتى الآن وشملت 856 طالبًا و672 طالبة، حيث اعتبرت المجموعة من أصحاب معدلات الذكاء العالية في الولايات المتحدة. غير أن الدراسة وجدت أن هذه المجموعة لم تنجح كثيرًا في الحياة العامة في سن مبكرة من الشباب ولم تظهر إبداعاتها خلال الدراسة. وتطرقت إلى قسط ثان من الأطفال الموهوبين درسوا في مدرسة خاصة للموهوبين حيث وجدت الدراسة أن الأطفال جميعهم (200 طالبًا) فشلوا في الوصول إلى أعلى المراتب في المهن التي اختاروها فيما بعد.
كما توضح الدراسة أنه ثمة حالات استثنائية لأطفال موهوبين حققوا نتائج باهرة في حياتهم وبنوا على نجاحهم في الصغر. وحذرت الدراسة من تصنيف الأطفال على أنهم “موهوبون” و”غير موهوبين” لأن الظروف الدراسية لكل طفل تتغير، فالطفل الموهوب اليوم قد يكون دون ذلك في المستقبل. كما أن هذا التصنيف يضع ضغوطًا وواجبات كبيرة على الأطفال من أجل تحقيق نجاحاتهم، ولا سيما في حالة الأطفال الذين صنّفوا موهوبين خطأ وفشلوا في تحقيق أي إنجاز مدرسي.
وتقدم الدراسة بعض المعايير التي قد توجد لدى الطفل الموهوب أو المبدع منها الذكاء والمعرفة الجيدة، وسرعة التفكير، وتفضيل الأشياء الصعبة على السهلة، والقدرة على التركيز لساعات طويلة، وتعلم الكلام والقراءة والكتابة بشكل مبكر.
إن الدور الذي تلعبه الأسرة في تنمية وتثقيف مواهب الطفل لا مثيل له. فوجود علاقة متينة بين الوالدين والطفل تساهم في منحه ثقة في نفسه وتجعل منه عنصرًا منتجًا في مجتمعه، وتيسر له طريق الإبداع.
مساهمة الصديق: م.ع.م (تونس)
لبيد بن ربيعة العامري ( )
هو لبيد بن ربيعة بن مالك من بني عامر – كان من فحول الشعراء الجاهلية وكان من أصحاب المعلقات السبع، وأول معلقته:
عَفَتِ الديار محِلُّها فمُقامُها
وقال لبيد المقطّعات والمطوّلات في شعره. نشأ لبيد جوادًا شجاعًا فاتكًا.
حالاته بعد الإسلام
لما ظهر الإسلام وأقبلت وفود العرب على النبي جاء لبيد في وفد قومه وأسلم وعاد إلى بلاده وحسُنَ إسلامه وتنسك وحفظ القرآن كله. وهجر لبيد الشعر بعد الإسلام حتى قيل لم يُروَ له في الإسلام غير بيت واحد وهو:
ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه القرينُ الصالحُ
والسبب في عدم قوله الشعر أنه لما أسلم وقرأ القرآن شُغل بما فيه من حكمة رائعة وموعظة حسنة وبلاغة مدهشة، فصرفته عن الشعر. وقال لبيد عن ترك الشعر: “أبدلني الله بذلك القرآن”
يدل على ذلك هذه الواقعة: “كتب عمر بن الخطاب إلى المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة أن استنشد من قبلك من شعراء مِصرِك ما قالوا في الإسلام فأرسل.. فقال للبيد أنشدني فقال: إن شئت ما عفي عنه – يعني الجاهلية؟ فقال: لا، أنشدني ما قلت في الإسلام. فانطلق فكتب سورة البقرة في صحيفة ثم أتى بها وقال: أبدلني الله هذه في الإسلام مكان الشعر. فكتب بذلك المغيرة إلى عمر فنقص من عطاء الأغلب خمس مائة وجعلها في عطاء لبيد، فكان عطاؤه ألفين وخمس مائة” (كتاب الأغاني للأصفهاني الجزء الرابع عشر ص94).
بعد أن أسلم قدم إلى الكوفة فأقام بها إلى أن مات. وعاش لبيد حتى مائة وسبعًا وخمسين سنة.
لبيد وشعره
قال ذو الرمة: لبيد أشعر الناس. وقال النابغة الذبياني أن لبيد أشعر العرب. الحق أن الشرف الحقيقي للبيد هو أن النبي قال إن أشعر كلمة هي التي قالها لبيد.
“عن أبي هريرة قال النبي : أصدق كلمة قالها الشاعر لبيد: “ألا كل شيء ما خلا الله باطل” (البخاري كتاب الأدب)
عن أبي هريرة عن النبي قال: أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل” (صحيح مسلم، كتاب الشعر).
ومما ألهم إلى سيدنا المسيح الموعود “عفت الديار محلُّها ومقامُها”. وهذا هو أول بيت من معلقة لبيد بن ربيعة. فهذا أيضًا تشريف إلهي للبيد إذ أوحى الله تعالى إلى عبده في ألفاظ لبيد. قال سيدنا المسيح الموعود : “تذكروا أن الوحي الإلهي أعني “عفت الديار محلها ومقامها” هو كلام ألقى الله تعالى في قلب لبيد بن ربيعة العامري قبل ثلاثة عشرة قرنًا، وهو أول مصرع لقصيدته التي هي رابعة المعلقات السبع.
ووجد لبيد زمن الإسلام وأسلم وكان من الصحابة رضي الله عنهم، لذا أعز الله تعالى كلامه الذي كان في الواقع نبأ للزمن الأخير بأنه ستقع الحوادث..”. (البراهين الأحمدية، الخزائن الروحانية ج21 ص162).
وقال أيضًا: “ومن فضائل لبيد أنه ما وجد زمن النبي فقط بل شهد ازدهار الإسلام ومات في سنة 41 هـ وهو ابن مائة وسبع وخمسين” (البراهين الأحمدية الجزء الخامس، الخزائن الروحانية ج21 ص 163).
وقال سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني عن فصاحة وبلاغة لبيد وتركه الشعر: “قد تبدو هذه الواقعة في ظاهرها عادية ولكننا إذا وضعنا في الاعتبار مقام لبيد بين العرب وقتئذ فلا تبدو عادية. كان لبيد ذا مكانة مرموقة في الأوساط الأدبية العربية في زمن كان يُعتبر ذروة الأدب العربي وكلام شعراء ذلك الوقت يعتبر حتى اليوم أجمل الشعر. هذا الشاعر الكبير الذي كان يُعد ملك البلاغة والشعر يتأثر من بلاغة سورة البقرة وينبهر منها حتى يتخلى تمامًا عن قرض الشعر الذي كان غذاء لروحه وسببًا لعزه” (التفسير الكبير المجلد الأول ص 43 تفسير سورة البقرة). وكفى بذلك فخرًا للبيد ومجدًا له.
مساهمة الصديق: غلام مصباح (طالب بالجامعة الأحمدية، ربوة، باكستان)