اليد الخفية وراء الإرهاب والهدف من تشويه سمعة دين السلام 
التاريخ: 20170317

اليد الخفية وراء الإرهاب والهدف من تشويه سمعة دين السلام 

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • للإسلام سمعة سيئة نتيجة تصرفات بعض المسلمين المتطرفين الذين يقومون بالعمليات الإرهابية.
  • تُمدّ القوى الغربية هذه المنظماتِ الإهابيةَ ولو لا هذا الدعم لما استطاعوا في القتال.
  • أوضاع الأحمديين في الباكستان والجزائر صعبة جدًّا بمجرد أنهم آمنوا بالمسيح الموعود ولكنه ليس هناك قوة تقدر على زعزعة إيمانهم.

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

تزداد في هذه الأيام في الغرب والبلاد المتقدمة شعبيةُ الساسة والأحزاب السياسية اليمينية أو ما يسمى بأحزاب القوميين وتكتسب أهمية كبيرة. والمحللون يكتبون عن سبب ذلك كثيرا، ويقولون إن سياسات الحكومات الحالية اليسارية أو غير القاسية في سياستها حول الهجرة هي السبب لما يحدث الآن. هناك أسباب أخرى أيضا، إلا أن بيت القصيد هو أن هذه الأحزاب اليمينية تدعو إلى فرض الحظر على هجرة المسلمين إلى هذه البلاد وترى ضرورة منعهم من ذلك، لأن المسلمين على حد زعم هؤلاء اليمينيين لا يندمجون في مجتمعاتنا ويعيشون معزولين عنا، عاملين بتعاليم دينهم الذي هو دين متطرف، أو يقولون يجب على المسلمين- إن أرادوا العيش في هذه البلاد- أن يتخلوا عن دينهم وتقاليدهم منصهرين فينا وفي تقاليدنا وعاداتنا، وإلا فهذا يعني أنهم لا يريدون الاندماج فينا، وما داموا يريدون العيش بيننا محافظين على هويتهم الخاصة أو الدينية فهذا يعني أنهم يهددون أمن بلادنا. الحق أن أقوالهم الغريبة تنم عن جهلهم. يقولون إن مآذن مساجد المسلمين خطر علينا، وحجاب نسائهم خطر علينا، وعدم مصافحة نسائهم الرجالَ أو عدم مصافحة الرجال النساءَ خطر علينا. ربما لا يوجد مِن أمثال هؤلاء الساسة في المملكة المتحدة إلا واحد أو اثنان، لكن هناك ضجة كبيرة في البلاد الغربية الأخرى، وكل يوم يدلي الساسة بأقوالهم بهذا الموضوع. ويبررون موقفهم بقولهم إن الدليل على أن المسلمين خطر علينا هو شيوع التطرف والفوضى في البلاد الإسلامية إلى أقصى الحدود، والمسلمون هم الذين يقومون بالعمليات الإرهابية في بلادنا الغربية في معظم الأحيان.

الحق أن أقوالهم الغريبة تنم عن جهلهم. يقولون إن مآذن مساجد المسلمين خطر علينا، وحجاب نسائهم خطر علينا، وعدم مصافحة نسائهم الرجالَ أو عدم مصافحة الرجال النساءَ خطر علينا. ربما لا يوجد مِن أمثال هؤلاء الساسة في المملكة المتحدة إلا واحد أو اثنان، لكن هناك ضجة كبيرة في البلاد الغربية الأخرى …

لا شك أن تبريراتهم الأخرى نابعة عن عدائهم للإسلام، إلا أن المؤسف أن قولهم الأخير صحيح بأن التطرف سائد في البلاد الإسلامية وأن معظم العمليات الإرهابية في الغرب تتم من قبل المسلمين. والحق أن المسلمين هم الذين قد أتاحوا للغرب فرصة هذا الطعن الأخير. فكما قلت إن الإرهاب والتطرف سائدان في البلاد الإسلامية، كما تنفذ عمليات إرهابية هنا في الغرب أيضا، بغض النظر عن أن التنظيمات الإرهابية والفئات المتمردة في البلاد الإسلامية إنما تُمَدّ بالسلاح من قبل الدول الغربية نفسها، فإن بعض القوى قد نظمت بكل مكر ودهاءٍ هذه الفئاتِ الإرهابية في البلاد الإسلامية تحقيقًا لأهدافها وإظهارًا لأحقادها تجاه الإسلام. فهذه القوى تقدم المعونات للحكومات الإسلامية علنًا وخفية من جهة، ومن جهة أخرى تدعم بطريقة أو أخرى هذه الفئات المتمردة والتنظيمات الإرهابية، إذ لولا هذا الدعم من هذه القوى لما استطاع أي حزب أو فئة أو حكومة الاستمرارَ في القتال لهذه الفترة الطويلة. إنه لمن سوء حظ المسلمين أنه كلما أصابهم الضرر إنما أصابهم بتصرفات بعض منهم ومؤامراتهم وتمردهم وعدم أداء بعضهم حق الآخر، وإيثارهم مصالحهم الشخصية على مصالح الشعب والملة، ونسيانهم تعاليم الإسلام وتعاميهم عن مقاصدهم العليا. وبدلاً من أن يصلح الحكام وغيرهم من الساسة وكذلك العلماء حالتهم الروحانية عاملين بأحكام الله ورسوله ، فإنهم قد آثروا مطامع الدنيا ومنافعها وعزتها. كان العلماء ولا يزالون يدفعون الأمة إلى هوة الظلمات أكثر فأكثر متنكرين برداء الدين، بدلاً من أن ينظروا إلى حالة العصر ويفكروا في مقتضيات هذا الزمن على ضوء وعود الله تعالى ويبحثوا عن الشخص الموعود الذي كان الله تعالى قد أخبر سلفًا أنه سيعيد في هذا العصر الإيمانَ من الثريا ويسترد مجد الإسلام ويجدد الإيمان في قلوب المسلمين ثانية. ولم يتقاعس هؤلاء العلماء عن هذا الأمر فحسب بل ازدادوا عداءً لهذا الموعود المبعوث من عند الله تعالى فذهبوا إلى كل بلد إسلامي بل إلى البلاد غير الإسلامية وتجاوزوا كل الحدود في إظهار حقدهم وبغضهم وعدائهم ضد ذلك الموعود حيثما وصلوا، وليس هذا فحسب بل تعدوا كل الحدود في الاعتداء على أتباع هذا الموعود المبعوث من عند الله تعالى. أما باكستان فاضطهاد المسلمين الأحمديين مستمر هناك تحت مظلة القانون منذ سنوات بل عقود، لكن الأحمديين قد تعرضوا أو يتعرضون في بعض البلاد الإسلامية للأذى على أيدي بعض المسئولين الظالمين الخائفين من المشايخ. لا شك أن أوضاعهم قد تحسنت في تلك البلاد نسبيا، والله أعلم إلى متى سيبقى هذا الوضع. ونسأل الله من فضله وندعوه أن يدوم هذا الوضع الحسن، ويحفظ المسلمين الأحمديين دوما. غير أن هذا الاضطهاد قد اشتد في الجزائر في الآونة الأخيرة، حيث تقوم الشرطة بتخويف الأحمديين ومضايقتهم، وتصدر المحاكم أحكامها كما يحلو لها وتزجّ بالأحمديين في السجون، فقد عاقبت بعضهم بالسجن لثلاث سنوات ولا ذنب لهم إلا أنهم قالوا لقد آمنا بالإمام الموعود، وقد آمنا به لأن هذا ما أمرنا الله ورسوله . وعدد المسلمين الأحمديين الذين قد سجنوا، أو قد صدر الحكم بسجنهم، أو الذين ينتظرون العقوبة أو الذين هم محتجزون عند الشرطة أو الذين قد تعرضوا للمضايقة والترهيب عمليا يتجاوز المئتين. وكلهم يقولون إنهم لن يحيدوا عن إيمانهم قيد شعرة مهما تعرضوا للأذى. فالمسلم الأحمدي حين يعلن أنه سيؤثر الله ورسوله على كل شيء مهما كان الثمن، فليس هناك قوة تقدر على زعزعة إيمانه. غير أنه يجب أن يتذكر هؤلاء الظالمون باسم الله ورسوله أن الله يرى حالة هؤلاء المظلومين. وأن أدعية المظلوم تصل إلى الله تعالى وهذا أمر واقع. وعندما سيصدر الحكم من محكمته فلن تسلم دنيا هؤلاء الظالمين ولا عقباهم. إذن يجب أن يخشوا قدر الله أيضا وينظروا إلى أوضاعهم بدلا من اضطهاد الأحمديين.

بغض النظر عن أن التنظيمات الإرهابية والفئات المتمردة في البلاد الإسلامية إنما تُمَدّ بالسلاح من قبل الدول الغربية نفسها، فإن بعض القوى قد نظمت بكل مكر ودهاءٍ هذه الفئاتِ الإرهابية في البلاد الإسلامية تحقيقًا لأهدافها وإظهارًا لأحقادها تجاه الإسلام. فهذه القوى تقدم المعونات للحكومات الإسلامية علنًا وخفية من جهة، ومن جهة أخرى تدعم بطريقة أو أخري هذه الفئات المتمردة والتنظيمات الإرهابية…

فلينظر هؤلاء الذين يتسببون في تشويه سمعة التعليم الجميل للإسلام هل كان الله أخبرهم أن هذه هي الغاية المنشودة من حياتهم؟ فلو كان هؤلاء العلماء- الذين يتبع فتاواهم الحكامُ والقضاة في المحاكم- متعاطفين مع الإسلام، لتأملوا متحدين في هذا الوضع الذي تُوجَّه فيه الاعتراضات إلى الإسلام من كل طرف وصوب، أن الله تعالى كان قد وعد بأن الإسلام سينتشر في العالم كله، أما هنا فعلى عكس ذلك يتعرض الإسلام إلى تشويه سمعته بسبب هذه التصرفات. فما السبب؟ هل ستتحقق غلبة الإسلام بواسطة المنظمات الإرهابية والمتطرفة؟ هل كان الله تعالى قد أمر بنشر الإسلام بالقتل وسفك الدماء؟ ألا يملك الإسلام الأدلة والبراهين ليُنشر بها؟ هل تقتصرون خدمة الإسلام على رفع السيف وقتل الأبرياء والأولاد والنساء والشيوخ من أتباع الفرق المعارضة والأديان الأخرى؟ إذا كان هذا هو تفكيرهم ويبدو من أعمال متطرفة لغالبية العلماء أن هذا هو تفكيرهم حصرا، ففي هذه الحالة من المؤكد أن النجاح لن يحالف هؤلاء الذين يعصون الله ورسوله، بل يمكن أن تسوقهم أعمالُهم من هذا القبيل إلى بطش الله حتما. يجب أن يتذكر هؤلاء الذين يعدّون اضطهادَ الأحمديين وارتكاب الأعمال السيئة باسم الإسلام- معتزين بحكومتهم وقوتهم- نجاحًا لهم أنهم سيمْثلون يوما أمام الله تعالى وسوف يُسألون عن هذه المظالم أيضا. إن أوضاع المسلمين عجيبة وغريبة. فمن ناحية هناك طبقة المشايخ المزعومين أو طبقة المتطرفين، التي كما قلت سابقا أثارت الفتن ضد المسلمين وغيرهم. وفي الطرف الآخر أناس قد قطعوا العلاقة عن الدين كردة فعل على هؤلاء أو تأثرًا بالعالم الغربي المادي، أو هم خائفون. فبدلا من بيان محاسن تعليم الإسلام بثقة وتخطئة كلام أهل الدنيا، يوافقونهم في الرأي ويقدمون تبريرات وتوضيحات خاطئة لتعليم الإسلام. إن خوفهم من أهل الدنيا أكبر من خوفهم من الله. وكذلك هناك حكام وسياسيون يلزمون الصمت خوفا من أن يثير الشيوخ الناس ضدهم ويخسروا الكرسي وإن كانوا غير متفقين مع المشايخ. هم يسكتون بسبب جبنهم وحفاظا على أهدافهم المادية المستولية عليهم. فكأن كل طبقة من المسلمين التي رفضت المبعوث من الله قد ابتعدتْ عن أوامر الله ورسوله  ، حتى لو كانوا متاجرين بالدين. فهم يتهمون المسيح الموعود   أنه والعياذ بالله بدأ التجارة بالادعاء أنه هو المسيح الموعود والمهدي، لكن الحقيقة أن هؤلاء هم أنفسهم قد اتخذوا معارضة سيدنا المسيح الموعود   وسيلة للكسب السهل وازدهار تجارتهم. هم لا يملكون أي دليل ولذا تلاحظون أنهم يطلقون الشتائم عادة. باختصار، هذه الطبقة تتاجر باسم الدين، أو هي تعدّ الدين يحتل المركز الثاني في أولوياتهم بسبب المكاسب المادية. فكل هؤلاء مسلمون بالاسم فقط، ولا علاقة لهم بالتعليم الحقيقي للإسلام. ففي هذه الأوضاع يجب أن يفكر الأحمديون أنهم حين آمنوا بإمام الزمان تقع عليهم مسئولية جسيمة. فمن المؤكد أن المعارضين سيضطهدونهم وكذلك من المحتم أن المبتعدين عن الدين والكافرين بالله سيعارضوننا عندما نتكلم ضد تصرفاتهم التي يقومون بها باسم الحرية أو يسنّون القوانين. فهل نسكت في مثل هذه الأوضاع خوفا، أو نؤيد رأيهم مُبدين ضعف الإيمان؟ وإذا فعلنا ذلك نحن أيضا فما فائدة بيعتنا للمسيح الموعود  ؟ فقد أخبرَنا حضرته بعد بعثته أن عليكم أن تسلكوا بحسب أوامر الله وتتبعوا رسوله  ولا تضيعوا إيمانكم ولا تدَعوا الفساد يتسرب إليكم. وإلى جانب ذلك يجب أن تضعوا نصب أعينكم أن عليكم أن تبلِّغوا رسالة الله العالمَ لكي يقام التوحيد وينتشر التعليم الجميل للإسلام في العالم، لكي يقتنع به غالبية سكان العالم. فقد قال لنا: عليكم أن تسيروا بحسب التوجيه الإلهي في القرآن الكريم في هذا الخصوص، وهو:

ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ،

هل كان الله تعالى قد أمر بنشر الإسلام بالقتل وسفك الدماء؟ ألا يملك الإسلام الأدلة والبراهين ليُنشر بها؟ هل تقتصرون خدمة الإسلام على رفع السيف وقتل الأبرياء والأولاد والنساء والشيوخ من أتباع الفرق المعارضة والأديان الأخرى؟ إذا كان هذا هو تفكيرهم … ففي هذه الحالة من المؤكد أن النجاح لن يحالف هؤلاء الذين يعصون الله ورسوله، بل يمكن أن تسوقهم أعمالُهم من هذا القبيل إلى بطش الله حتما.

فلإيصال دعوتنا إلى العالم ونشر التعليم الجميل للإسلام وبيان حكمة الأوامر الإسلامية ثمة حاجة إلى الحديث بالدليل، لا إلى ما يقوم به في العصر الراهن العلماء المزعومون أو الأحزاب المتطرفة. لم يأمر الله تعالى بنشر الإسلام بالسيف مطلقا. لقد راجت في الدول والحكومات المادية بعض الأمور التي لا يسمح بها الدين فهي في نظر الدين ليست متردية عن الإخلاق فحسب بل تندرج ضمن الذنوب لكن القانون يحميها، إذا كنا نريد أن نتكلم عنها فيمكن أن يغضب الفريق الثاني. وفي هذه الحالة يمكن تأجيل الموضوع والانصراف من هناك بإلقاء السلام. فهذا هو مقتضى الحكمة في مثل هذا الوضع. فمن المستحيل أن نؤيد رأيهم بحجة أنه قد سُن القانون أو قد غضب الفريق المقابل. فإذا كان أحد يوافقهم الرأي نتيجة الخوف أو متأثرا بأمور دنيوية أخرى فهذا ليس صحيحا، بل يشاركهم في الذنب. يقول المسيح الموعود :

 «ليس معنى الآية: وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن أن نبدي اللين إلى درجة المداهنة ونصدِّق ما يتنافى مع واقع الأمر».

إذًا، ليس المراد من الحكمة أن يجبن المرء، بل الحكمة هي قول الحق بغير إحداث الفساد، أي يجب أن يقول الحق بأسلوب لا ينتج عنه الفساد، ويؤدي حق صدق المقال أيضا. فعلى المؤمن أن ينتبه إلى الفرق بين الجُبن والحكمة. هناك أوامر واضحة للإسلام، وما يعُدّه الإسلام خطأ يجب ألا نقترب منه ونعُدّه خطأ دائما. كما ينبغي ألا نشرع بالخصام آخذين القانون بأيدينا. ثم قال المسيح الموعود في مكان آخر موضحا الموضوع أكثر:

«صحيح أن هناك كثيرًا من المشايخ الجهلة الذين يزعمون بحمقهم وغبائهم أن نشر الدين بالجهاد العدواني والسيف في هذا العصر مدعاة لثواب كبير، ويعيشون عيش السرية والنفاق ولكنهم مخطئون جدا في مزاعمهم هذه. ولا يمكن أن يقع الاعتراض على كتاب الله بسبب خطئهم. الحقائق الثابتة والحقيقة لا تحتاج إلى أيّ إكراه، بل الإكراه دليل على ضعف الأدلة الروحانية. هل الإله الذي أنزل الوحي على رسوله الطاهر قائلا: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ ، أي مثل صبر أولي العزم من الرسل، بمعنى أنه إذا جُمع صبر جميع الأنبياء لما فاق صبرَك، ثم قال: لا إكراه في الدين . ثم قال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ أي ناقشِ المسيحيين بالحكمة والموعظة الحسنة دون اللجوء إلى القسوة. وقال: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ أي أن المؤمنين يكظمون الغيظ ويعفون عن هجمات المستهزئين والظالمين ولا يردون على السخف بالسخف. هل يمكن أن يعلّم إله مثله أن تقتلوا منكري دينكم وتنهبوا أموالهم وتخرِّبوا بيوتهم؟! بل أول ما قام به الإسلام بحسب حكم الله تعالى كان أن الذين رفعوا السيف قُتلوا بالسيف نفسه وحصدوا ما زرعوا. أين ورد أن اقتُلوا المنكرين بالسيف؟! إنْ هذه إلا أفكار المشايخ الجهلة التي لا أصل لها.»

إذًا، هذا ما يقوله المشايخ المزعومون الذين يدّعون أنهم ينشرون الإسلام، أو يقوله أعداء الإسلام أن الإسلام يأمر بقتل المنكرين مع أنه لم يرد في أيّ مكان.

هذا هو تعليم الإسلام الذي لا يعمل به المسلمون الآخرون، أو لأنهم ليسوا مهتمين بتليغ دعوة الإسلام، أو لأنهم مشايخ جاهلون، كما قال المسيح الموعود . ولكن علينا أن ننشر هذا التعليم بين المسلمين وغير المسلمين أيضا. وهذا يوجب على كل أحمدي أن ينتبه إلى هذا الأمر في أوساطه  لأن القائلين بالكلام المذكور كانوا مستورين من قبل وكانوا يعيشون عيش النفاق وكانوا يتبنّون نظرية أن الإسلام يعلّم العنف أما الآن فقد بدأوا يقولون مثل هذا الكلام علنا. ولا يكنّون هذه الأفكار تجاه غير المسلمين فقط بل المسلمون يقطعون رقاب المسلمين أيضا ويشوّهون سمعة الإسلام. من المعلوم أن الجميع يعادون الجماعة الإسلامية الأحمدية بوجه عام، ثم زدْ إلى ذلك أن كل الفِرق والأحزاب يتقاتلون فيما بينهم ويسفكون دماء بعضهم بعضا. ففي هذه الظروف تزداد مسؤولية الأحمديين كثيرا. يقول المسيح الموعود :

«الذي يقسو ويغضب لا يخرج من لسانه كلام الحكمة والمعرفة قط. القلب الذي يستشيط غضبا سريعا مقابل خصمه يُحرم من كلام الحكمة. إن شفتَي بذيء اللسان وخليع الرسن تحرمان من ينبوع اللطائف. الغضب والحكمة لا يجتمعان في مكان واحد. إن عقل شخص سريع الغضب يكون سطحيا وفهمه غير حديد. ولا يُعطى الغلبة والنصرة في أي مجال. الغضب نصف الجنون وعندما يستفعل أكثر يمكن أن يصبح الجنون كله.»

إذًا، عندما يصاب الإنسان بالجنون الناتج عن الغضب لا يمكنه أن يتكلم بكلام الحكمة. وهذا ما نراه فيمن يعارضوننا. المشايخ يبدون هذه السيرة ضدنا في كل مكان، وتصرفاتهم هذه ليست معادية لنا فقط بل تشوه سمعة الإسلام أيضا. عندما نبلّغ الدعوة ونخبر الناس بتعليم الإسلام المبني على الأمن والسلام تقول لنا القوى المعادية للإسلام: صحيح أنكم مسالمون ولكن أغلبية المسلمين لا يحسبونكم مسلمين أصلا لذا ليس لكم أن تمثّلوا الإسلام.

فالتحديات التي تواجهنا تتفاقم أكثر في ظل هذه الظروف، وعلى كل أحمدي أن ينتبه إلى مسئولياته جيدا وينبغي أن يكون كل عمله وفعله نموذجا حقيقيا للإسلام. وإذا كان لا يبلّغ الدعوة ظاهريا فليبلّغها بأعماله وأفعاله. يجب أن نضع في الحسبان دائما قول سيدنا علي في مجال تبليغ الدعوة حيث يقول ما مفاده: تكون في القلوب بعض الأماني والميول، وبناء عليها يكون المرء مستعدا أحيانا لسماع كلام الآخر وفي بعض الأحيان لا يكون مستعدا لذلك. لذا يجب أن تكلِّموا الناس نظرا إلى تلك الميول القلبية. عليكم أن تنظروا إلى الوضع أولا ثم تقولوا شيئا بحسبه، ولا تقولوا قولكم إلا إذا كان الناس جاهزين للاستماع. فعلينا أن نتمسك بهذا القول الحكيم. ثم أرشدنا المسيح الموعود إلى ذلك قائلا: «على المرء أن يتأمل عند حديثه ويقول قولا وجيزا، ولا جدوى من نقاشات طويلة.» وقال :

«إذ يمكن للإنسان أن يقول كلاما وجيزا خاطفًا يتناهى إلى الآذان مباشرة، ثم يقول قولا آخر حين تتسنى له فرصة أخرى.»

وكذلك يعارض بعض الناس الحجابَ أو يخالفون في بعض البلدان بناءَ المساجد أو المآذن، وكذلك أصدر أحدُ رجال السياسة في هولندا بيانا أنه يجب نفْي جميع المسلمين من البلد أو يجب نفي مسلمي بلد معيّن من بلدنا. وكذلك يريد رئيس أمريكا فرض الحظر على مواطني بعض البلدان، لا شك أن كل هذه الأمور نتيجةٌ لتفكير معارِض للإسلام، وزادت الطين بلة أعمالُ بعض الأحزاب الإسلامية.

والآن، لا يمكن أن تتأتى هذه الأمور ما لم يكن التواصل مع الآخرين قائما. إن القوى المخالِفة للدين التي باسم الحرية تصطدم مع قانون الله تعالى وتسعى لجعل الأمور غير الأخلاقية في دائرة الأخلاق، لا نستطيع أن نرد عليها وندحضَها إلا بالحكمة والتواصل الدائم والسعي الدؤوب. لقد وصلت فئة في أستراليا في عدائها للإسلام إلى درجة أنها تقول إن كان المسلمون لا يصافحون النساء أو المسلمات لا يصافحن الرجال فيجب نفْيهم من البلد، فيجب على كل أحمدي أن يعمل في دائرته بهذا الخصوص. وكذلك يعارض بعض الناس الحجابَ أو يخالفون في بعض البلدان بناءَ المساجد أو المآذن، وكذلك أصدر أحدُ رجال السياسة في هولندا بيانا أنه يجب نفْي جميع المسلمين من البلد أو يجب نفي مسلمي بلد معيّن من بلدنا. وكذلك يريد رئيس أمريكا فرض الحظر على مواطني بعض البلدان، لا شك أن كل هذه الأمور نتيجةٌ لتفكير معارِض للإسلام، وزادت الطين بلة أعمالُ بعض الأحزاب الإسلامية. ولكن مع ذلك لا يعلم معظمهم حقيقة تعاليم الإسلام، لذا حيثما كان عدد الجماعة كافيا بحيث يستطيعون تبليغ الرسالة بأسلوب مؤثر، فعليهم أن يضعوا برامج مؤثرة لتبليغ رسالة الإسلام المبنية على الأمن والسلام بالإضافة إلى برامجهم التبليغية العادية. وفي هذه البلاد التي تتقوى فيها القوى المعارِضة للإسلام، إذا كان أحد يستطيع أن يبذل الجهود المنظمة لدحضها فهي الأحمدية، والمسلمون الآخرون لا يقدرون على إظهار جمال تعاليم الإسلام وعلى تبليغ رسالته، لأنه ليس فيهم هذا النظام كما ليس لديهم العلم. هذا الأمر مقدَّر بواسطة أتباع المسيح الموعود . فيجب أن نفهم أهميَّة هذا الأمر. يقول المسيح الموعود في موضع:

«بقدر ما يخالف الباطلُ الحقَّ بقدر ما يتقوى الحق»

وقال أيضا:

«هذا مشهد طبيعي بأن الحق كلما عُورض كلّما أبدى لمعانه وشأنه.»

ويقول :

«إننا قد جرّبنا بأنفسنا أنه حيثما ثار الشغب والمعارضة ضدنا نشأت هناك جماعةٌ للمؤمنين، وحيثما ظل الناس صامتين بعد أن سمعوا الدعوة لم تزدهر الجماعة هناك.»

فحيثما يعارضنا المسلمون يتعرف الناس إلى الأحمدية وتزدهر الجماعة. وهذا ما حدث في الجزائر، لعلّه كان مستحيلا أن يذيع اسم الجماعة والمسيحِ الموعود بتبليغنا بقدر ما ذاع بسبب القضايا التي رُفعت ضدنا والأنباء التي نُشرت ضدنا في الإعلام، وتتأثر الأرواح السعيدة نتيجة ذلك. ولما كان الجو معارِضًا للإسلام في البلاد غير المسلمة أيضا فعلينا أن نبذل أقصى جهودنا لنشر الأحمدية أيْ الإسلام الحقيقي. وكما قلتُ علينا أن ننشر رسالة السلام، ولعله يتسبب في ازدياد معارضتنا في بعض الفئات، لأن في بعض الأماكن ظهرت مثل هذه المشاهد بحيث ازدادت المعارضة في غير المسلمين والمسيحيين، مثلا: يتكلم القوميون كثيرا ضد الجماعة في شرق ألمانيا ولكنه يؤثّر إيجابيا على سعيدي الفطرة ويذيع اسم الجماعة، لذا لا ينبغي الخوف من المعارضة بل يجب أن نفرح ونزيد نشاطنا. وعلى كل أحمدي أن يشارك في نشر الدعوة بنموذجه الحسن. يقول المسيح الموعود :

«الجانب الأول لحماية الإسلام ولإظهار صِدقه هو أن تُروا نموذج المسلمين الحقيقيين، والجانب الثاني هو أن تنشروا في العالم ميزات الإسلام وكمالاته.»

وفّقنا الله تعالى أن نقضي حياتنا بحسب هذا القول ونصبح نموذج المسلمين الحقيقيين وننشر ميزات الإسلام وكمالاته رغم المعارضة كلها وأن يصبح كل واحد منا ممن يحمون الإسلام الحقيقي ويُظهرون صدقه. (آمين)

Share via
تابعونا على الفايس بوك