الصبر والصلاة.. وصفة إلهية ناجعة عند نزول المصائب
التاريخ: 2009-10-02

الصبر والصلاة.. وصفة إلهية ناجعة عند نزول المصائب

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • لا شك أن الابتلاءات التي يمر بها أبناء الجماعة الاحمدية انما هي نصر من عند الله وليس فوزا للمعارضين.
  • أنبياء الله تعرضوا للابتلاءات ومن بعدها جاءهم المدد الالهي وفازوا بالبركات والنعم.

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (البقرة 154-158)

 هذه الآيات التي استهللتُ بها خطبتي تصف المؤمنين الذين إذا وقعوا في اختبار وامتحان لم يتزعزع إيمانهم، بل زادتهم الاختبارات إيمانًا وإنابةً إلى الله تعالى.

وكما هو واضح من الآية الأولى، فإن الله تعالى قد أوصى فيها المؤمنين بالصبر والصلاة. وكأنما يعلن الله تعالى هنا أن على المؤمن أن يتحلى بهاتين الميزتين عادةً، ولا سيما في أيام المصائب. إنهما كلمتان وجيزتان، ولكنهما تنطويان على مفاهيم واسعة. فأحد معاني الصبر: تركُ المرءِ الشكوى عند حلول مصيبة وتحمُّلُه إياها بدون عويل معتبرًا إياه اختبارًا من الله تعالى، ذلك أنه قد تخرُج من فم الإنسان أثناء العويل والشكوى مِن جراء غلبة العواطف كلماتٌ تُعتبر كفرًا. والمعنى الثاني للصبر: الثبات والاستقامة. ومعناه الثالث: التمسك بأوامر الله تعالى، ومن معانيه: الانتهاء عما نهى الله عنه. فالصبر نوعان: أولهما أن يظل المرء ثابتًا على موقفه متحليًا بالهمة والجَلَد والشجاعة عند حلول أي محنة وأذى بحيث لا تَزِلُّ قدمُه بعد ثبوتها. والثاني أن يعيش عاملاً بأوامر الله ونواهيه ومنيبًا إليه على الدوام.

ثم ذكر الله الصلاة بعد الصبر ليحثّ على الدعاء أكثر. وقد وردت في القواميس معان مختلفة للصلاة ملخّصها: الاهتمام بالصلاة، والإكثار من الأدعية الأخرى علاوةً على الصلاة، والتمسكُ بالدين بقوة، والاهتمام بالدعاء والاستغفار وذكرِ الله وحمده، والصلاة على النبي . إذن فإن الله تعالى قد بيّن هنا أن مِن ميزة المسلم الصادق أن يتحمل الأذى دائمًا بكامل الصبر والهمة عند حلول المصائب والشدائد، ولا يقصّر أبدًا في فعل الخيرات والتحلّي بسمو الأخلاق، ويهتم أكثرَ بالصلوات والدعاء وذكر الله والصلاة على النبي في أيام الشدة والبلاء. فإذا استعان المرء بالله على هذا النحو من التفكير والعمل فليعلمْ أن فترة الاختبار العابر هذه سوف تُسفِر عن نجاحه وانتصاره. ولنعلمْ أن السند الأخير للمؤمن إنما هو ذات البارئ تعالى. ومن المحال أن ينكر الأحمدي وجود الله تعالى لأنه إذا ضعف إيمانه بالله تعالى لم يعُدْ أحمديًا، وخلا قلبه من الأحمدية والإسلام. فما دام المسلم الأحمدي يؤمن بالله تعالى غيبًا فعليه أن يوقن يقينًا كاملاً أن سنده الوحيد في كل حال هو ذات البارئ تعالى. لذا فمن مقتضى العقل والإيمان أيضًا في أيام المحن والاختبارات التي تنصبّ علينا من قبل العدو بصور مختلفة أن نزداد صلةً بالله الذي هو ملاذنا والقادر على أن ينجينا منها. وعندما ننيب إلى الله تعالى في أيام المحن بالصبر والدعاء بوجه خاص، فلا بد أن ينصرنا، فهو أشدُّ حبًّا مِن كل محب، بل هو أكثرُ حبًا لعبده من الأم الرءوم التي تدفعها أمومتها لإزالة أي أذى عن ولدها بأي طريق. لقد نبّهنا الله بقوله إن الله مع الصابرين إلى أني ناصرُ الصابرين المستعينين بي حتمًا، غير أنه لا بد لكم من أداء حق العبادة دائمًا إن كنتم تريدون نصرتي. وقد فصّلتُ من قبل كيف يمكن أداء حق عبادة الله تعالى، وهو أن لا تَزِلَّ قَدَمُنا بعد ثبوتها في أيام المحن والاختبارات، بل نخضع على أعتاب الله مخلصين. هذه مسئولية كل مسلم أحمدي اليوم. وكما بيّنتُ مرارا في الخطب الماضية أن المسلمين الأحمديين يواجهون في هذه الأيام أوضاعًا قاسية جدا في باكستان وبعض البلاد العربية وبعض المدن الهندية أيضا. لا يوجد نظير في العالم للأوضاع السائدة في باكستان ضد الأحمديين، وتزداد هذه الأوضاع سوء باستمرار وبسرعة. لقد بلغت الفظائع والاعتداءات هناك منتهاها، فكل يوم يثير المشايخ قضية جديدة ضد الجماعة، والحكومةُ تدعمهم، ولا يدخر المسئولون الحكوميون جهدًا في إيذاء المسلمين الأحمديين وتضييقِ الخناق عليهم في بعض المناطق الباكستانية. وفي بعض البلاد الأخرى فُرض الحظر على صلاة الأحمديين جماعةً حتى صلاةِ الجمعة حيث تستدعيهم مكاتب المخابرات وتأمرهم ألا يجتمعوا ولا يصلّوا جماعةً. لكن الله تعالى يقول لنا -كما بيّنتُ سلفًا- يجب في هذه الأوضاع أن تزدادوا إيمانًا وتحسِّنوا أعمالكم وترفعوا معايير عباداتكم، ثم انظروا كيف يأتي الله لنصرتكم.

فالأدعية التي يُدعى بها في حالة خاصة واضطراب من شأنها أن تحدث انقلابا في العالم، فمن يمكن أن يكون أحب إلى الله من الذين يواجهون الابتلاء والمحن في سبيله؟

يقول سيدنا المسيح الموعود بهذا الخصوص:

“اسعَوا جاهدين لتتطهَّروا، لأن الإنسان لا يجد القُدُّوسَ إلا بعد أن يتطهر بنفسه.”

 أي أن الله تعالى طاهر قدوس، ولا بد للإنسان للفوز بوصاله من أن يكون طاهرا،

“أَمَا وكيف تفوزون بهذه النعمة؟ فقد أجاب الله على ذلك وقال في القرآن الكريم وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ (البقرة: 46) “ما هي الصلاة؟ إنها دعاء يُتوسل به إلى الله بالتسبيح والتحميد والتقديس والاستغفار. لذلك إذا صليتم فلا تتقيّدوا في دعواتكم بالألفاظ العربية مجردة كالغافلين من الناس، أي إن الذين لا يعرفون العربية ينبغي أن يدعوا بلغتهم. بيد أنكم حين صليتم لا بأس عليكم إذا رفعتم التضرعات بلسانكم أثناءَ دعواتكم العامة علاوة على آيات القرآن الذي هو كلام الله والأدعية المأثورة التي هي كلام الرسول . فعسى أن يأخذ هذا التضرع وتلك المناجاة في قلوبكم مأخذه”. (سفينة نوح، الخزائن الروحانية، المجلد 19 ص 68-69)

أي استخدموا كلمات الضراعة فبهذا سيحدث التضرع وتكون الكلمات صادرة ومنبعثة من القلوب، فثمة حاجة ماسة لخلق اضطراب في الأدعية وحين يتحقق هذا الاضطراب فعندئذ يستجيب الله دعاء عبده على أحسن وجه في حقه كما يقول بنفسه:

  أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ (النمل: 63)

فالأدعية التي يُدعى بها في حالة خاصة واضطراب من شأنها أن تحدث انقلابا في العالم، فمن يمكن أن يكون أحب إلى الله من الذين يواجهون الابتلاء والمحن في سبيله؟ فهم يتحملون كل أذى وألم من أجله، فقد بشر الله تعالى هنا أن استمروا في تحمل هذه الابتلاءات بالصبر والدعاء فسيأتي يوم تُجعلون فيه أنتم ورثة الأرض. فالابتلاءات التي يمر بها المسلمون الأحمديون في العصر الحاضر في باكستان خاصة كما بينت سلفا وهذه التضحيات التي يقدمونها ليس من شأنها أن تُهدر وتضيع، فهذه التضحيات التي يقدمها الأحمديون ستُثمر وتُزهر غدا إن لم تثمر اليوم، أما واجبنا فيجب أن نمر بهذه الابتلاءات والمحن مستعينين بالله تعالى دون النطق بأي كلمة شكوى. ثم يقول الله تعالى إن الابتلاءات والمحن قد تصل الفداء بالروح والنفس، لكن تذكروا على الدوام أن الذين يجودون بأرواحهم ابتغاء مرضاة الله فإن استشهادهم لا يساوي قتل أحد من الناس. ففي صدر الإسلام حين لم تكن الحروب فرضت على المسلمين نجد للتضحيات أمثلة لا حصر لها، ثم حين فُرضت الحرب على المسلمين في العهد الثاني أي بعد الهجرة إلى المدينة نجد أن المؤمنين سجلوا للتضحيات أمثلة لا تعد ولا تحصى حيث ضحّى الصحابة بأرواحهم، وإن الذين قُتلوا من الصحابة في كلا العهدين فقد ضحّوا بأرواحهم من أجل الحفاظ على دين الله، وجادوا بأرواحهم لإقامة وحدانية الله، وقد تقبل الله تعالى تضحياتهم وقال في حقهم: لا تقولوا لمن يضحِّي بنفسه في سبيل الله أمواتا بل هم أحياء

وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ (البقرة 155)..

لأنهم قدموا التضحية من أجل الهدف العظيم. وإذا كان أجر هؤلاء المضحّين بأرواحهم يزداد كل حين وآن عند الله ففي الوقت نفسه أحيتْ جماعة المؤمنين أسماءهم بذكر تضحياتهم وهكذا يجب أن يكون، لأن إحياء أسماء هؤلاء الشهداء يصير ضمانا لحياة جماعة المؤمنين هم أنفسهم، فحين ينظر المؤمنون إلى هذه الأمثلة الرائعة يستعدون هم أيضا لتقديم كل نوع من التضحية اقتداء بهؤلاء الذين ضحوا بأرواحهم ونفوسهم، ولن تموت أمةٌ فيها مُضحّون في سبيلها، أما الذين يضحون بأرواحهم من أجل الله وابتغاء مرضاته فإن الله تعالى يكرمهم بتأييداته بشكل خاص. اليوم في زمن المسيح الموعود حيث انتهت الحروب الدينية، ألا يُقتل في سبيل الله الآن مَن ينال حياة خالدة بعد موته هذا ويجلب للمؤمنين الحياة أيضا؟ فحين كان من المقدر أن يحقق “الآخرين” مستويات سامية في لحاقهم بالأولين فلا بد أنهم كانوا سيضحون بأرواحهم أيضا، فهؤلاء “الآخرين” الذين سجلوا أروع الأمثلة للتضحية بالنفس في حياة سيدنا المسيح الموعود بأرض كابول، وأرُونا الطرق إلى الحياة الخالدة بالتضحية بأرواحهم، ولا يزال أبناء الجماعة بعد ذلك يضحون بأرواحهم إلى هذا اليوم بانتظام، وإذا كانت كل قطرة من كل شهيد أحمدي ترفع درجاته في الحياة الآخرة باستمرار ففي الوقت نفسه تهيئ الوسائل لحياة الجماعة باطراد. فإذا كان العدو يظن أنه بتصرفاته هذه يؤثر سلبيا في حياة الجماعة ويضرها أو يُضعف إيمانهم فهذا من زعمه الباطل. لأن الله تعالى يقول: وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ ، وإن الذين ينظرون بنظرة عابرة فهم لا يدركون بأن الانقلاب الذي أحدثه سيدنا المسيح الموعود في جماعته ليس من شأنه أن يتوقف بخسارة في الأموال والأرواح، وقد شاءت قدرة الله تعالى أن هذه الجماعة ستُقيم دين الله في الأرض في نهاية المطاف. فكل شهادة تُقدم اليوم أيضا من أجل الجماعة تنفخ روحا جديدة في كل فرد من أبناء الجماعة ذكورا وإناثا وشيوخا وأطفالا، فالرسائل التي أتلقاها من أبناء الجماعة بعد كل شهادة يتخذ أصحابها أساليب جديدة للإعراب عن الإخلاص والوفاء وتقديم التضحيات، فعن هؤلاء قد قال سيدنا المسيح الموعود : إنني أتعجب من إخلاص هؤلاء ووفائهم.

وقد شاءت قدرة الله تعالى أن هذه الجماعة ستُقيم دين الله في الأرض في نهاية المطاف. فكل شهادة تُقدم اليوم أيضا من أجل الجماعة تنفخ روحا جديدة في كل فرد من أبناء الجماعة ذكورا وإناثا وشيوخا وأطفالا…

فإذا كان أعداء الجماعة يظنون أنهم بإصابة الأحمديين بخسائر في الأموال والأرواح يجعلونهم مرتدين عن الإيمان فهذا ظنهم الباطل تماما، كلا بل إن كل امتحان يقوّي إيمانهم كما أخبرتكم، أو إذا كان هؤلاء المعارضون يزعمون أنهم بمعارضتهم سيتمكنون من القضاء على الأحمدية فهذا هو الآخر زعمهم الباطل. لقد سُنَّت القوانين في باكستان وبعض الدول الأخرى التي تمنع أفراد الجماعة من الدعوة والنشاط، لكن الأحداث التي تظهر نتيجة معارضتهم للجماعة تَنفتح بها الطرق لنا تلقائيا حيث يُبدي الكثيرون في رسائلهم رغبتهم في البيعة حتى من باكستان ومن البلدان العربية. فهذه المعارضة تؤدي بنا إلى التقدم والازدهار، فيمكن أن يقضي هؤلاء الأعداء على بعض النفوس والأرواح وينهبوا الأموال، ويمكنهم إلحاقُ الضرر بأبنيتنا وإيقاف أعمالِ بناء مساجدنا، لكن ليس بوسعهم أبدا أن يُضعفوا إيماننا. فإن هذه الابتلاءات والمحن تبرهن على أن الله معنا. كما بشَّر الله الصابرين بذكر هذه الخسائر المحتملة مفصلا حيث قال:

  وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ (البقرة: 156)

وإذا مررتم بنجاح من ابتلاء الخوف هذا فبشرى لكم بأنكم سترثون الإنعامات، فما هي أنواع الخوف فهناك الخوف من هجمات العدو كل حين وخوف شر المشايخ ورفعِ القضايا ضدنا لأتفه الأمور وخوف قوانين الحكومات وخوف تهديدات المسئولين الحكوميين، لكن المؤمنين لا يُضيعون إيمانهم بسبب أي نوع من المخاوف التي ذكرتها، ولا يضْعفون إيمانًا خوفا من اجتماع الحشود وقرارات البرلمانات (كما ليس من شأن الحشود وقرارات البرلمانات أن تضعِف إيمانهم) ثم هناك ابتلاء بالجوع ونجد أمثلته على نطاق واسع في تاريخ الجماعة، وهذه الأحداث تظهر اليوم أيضا هنا وهناك لكن الأوضاع التي خُلقت في عام 1974 في باكستان حيث مورست الاعتداءات القاسية على الجماعة حيث لم يكن مسموحا لأحد أن يوصل الطعام والشراب إلى بيوت الأحمديين ولم يكن مسموحا للأحمديين أنفسِهم أن يخرجوا إلى السوق لشراء الطعام والشراب وإذا تمكنوا من الخروج إلى السوق كان ممنوعا على أصحاب المحلات أن يبيعوهم شيئا للأكل والشرب. ثم هناك نهب الأموال، ففي هذه الأيام أيضا تُبذل المساعي لنهب أموال الأحمديين وهضمِها قدر المستطاع، وإذا لجأ أي أحمدي إلى القانون لنيل حقوقه فتخلق له أحيانا ظروف صعبة حيث يقال: إنه قادياني، فبمجرد سماع كلمة قادياني أو أحمدي يمتنع بعض الجالسين على كرسي العدل عن إعطاء حقه له وإغاثته. هذا وقد نُهبت أموال الجماعة على مستوى الجماعة في 1974 إذ قد غصبت الحكومة جزءا من أرض ربوة (التي كانت مِلْكا للجماعة) وسلَّمتْه للمشايخ المُعادين للجماعة، حيث أقيم مشروع سكني لغير الأحمديين باسم “مشروع مسلم”. ثم قبل فترة تم الاستيلاء على أراضي الجماعة الزراعية المجاورة لكلية تعليم الإسلام بربوة، بالإضافة إلى احتلال ميدان واسع في حي دار النصر بربوة حيث صادرتها الحكومة بدعوى أنها أراضي حكومية، ثم هناك ابتلاء بالأولاد والنفوس حيث تُبذل الجهود لتدمير مستقبل الأولاد الأحمديين الدراسي، حيث يُجعلون في المدارس عرضة للسخرية والضحك، حتى يترك الطفل الدراسة، هذا ما قد حصل بالضبط قبل فترة يسيرة في كلية الطب في مدينة فيصل آباد حيث مُنع الطلبة الأحمديون من الدراسة، وتعرفون أيضا ما حصل مع أربعة أطفال أحمديين في مدينة “لَيَّهْ” حيث سجنوهم ظلما وقسوة. فلو أعلن آباء هؤلاء الأربعة براءتهم عن الأحمدية لتغيرت فورًا قضية ارتكاب إهانة الرسول التي بموجبها وُضع هؤلاء الأطفال في السجن، لأنهم كانوا يريدون أن يرتد الأحمديون عن إيمانهم نتيجة هذا الخوف. فهذه هي مكائدهم يستهدفون بها ردّ الأحمديين عن الأحمدية لكنهم لا يعرفون أن الأحمديين هم المسلمون الحقيقيون ويؤمنون بكل حرف من حروف القرآن الكريم فقد أخبرهم الله مسبقا: أنكم ستُبتلَون بهذه الأشياء، فمِن دأب المسلم الأحمدي الصبرُ وثباتُ القدم وانتظارُ العاقبة، وقراءةُ

  إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

عند حلول كل مصيبة. فالأحمدي يتمسك بالصبر على هذه الأحزان والآلام، فالإنسان يمكن أن يشعر بالحزن والألم، لكن من مقتضى الصبر ألا يفقد المرء صوابه ولا يرفع الشكاوى أبدا، بل يجب أن ينظر إلى الله عند كل ابتلاء ومصيبة، ويجب أن يكون على يقين بأن هذه الابتلاءات مؤقتة وسيجعلها الله تعالى في نهاية المطاف خيرا في حقه، يجب أن يفكر عند كل خسارة أن روحه وذريته وماله وعقاره متاعٌ مؤقت في هذه الحياة الدنيا، وإذا كان يضحي بها من أجل الفوز برضا الله تعالى فسوف يرث أفضاله ورحمته أكثر من ذي قبل. فحين يقول الإنسان إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ يجب أن يكون على يقين كامل بأنّا نحن أيضا لله تعالى وأموالُنا وذريتنا هي الأخرى لله تعالى، وإذا كان يريد أن يستعيد النِعم التي رزَقَنا إياها فلا داعي لأي جزعٍ وبكاء وعويل لأنه يقول: إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . وعندما نقول إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ نتلقى من الله تعالى وعدًا بأننا سننال في الآخرة نعمًا أفضل مما كانت في الحياة الدنيوية. وإذا فكّر المؤمن على هذا النحو فقد تسبِّب له الخسائرُ الدنيوية ألمًا مؤقتا إلا أنها لا تتحول إلى آلام مزمنة. يقول المسيح الموعود :

“لا تعتبروا الابتلاء شيئًا سيِّئًا وأنتم مؤمنون، إذ لا يعتبره سيئا إلا مَن ليس بمؤمن كامل. يقول القرآن الكريم:

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (البقرة:157-158)..

 أي سوف نبتليكم أحيانًا بخسائر في الأموال أو الأنفس أو الأولاد أو الزروع وغيرها، ولكن البشرى للذين يظلّون صابرين وشاكرين في هذه الظروف أيضا بأن أبواب رحمة الله مفتوحة على مصارعها من أجلهم، وستنـزل بركات ربانية على الذين يقولون في هذه الأوضاع: إنا لله وإنا إليه راجعون بمعنى أننا وكُلُّ ما نملكه هو من الله تعالى، وبالتالي فإن رجوعنا أيضا إلى الله في نهاية المطاف. فلا يحترقون أسًى على أية خسارة من أي نوع. إنهم ينعمون برضى الله تعالى.. أي أنهم يرضون برضى الله تعالى ويرغبون في العيش في رضوانه . إن مثل هؤلاء الناس هم الصابرون حقًّا، وإن الله قد أعد للصابرين أجرًا بلا حساب.”

هذا هو النموذج الذي يجب أن يتحلى به المسلم الأحمدي، وبفضل الله تعالى قد تحلى به أفراد الجماعة إلى الآن، لذا يجب المواظبة على الدعاء. لا شك أن من واجبنا أن ندعو الله تعالى أن ينقذنا من الابتلاءات كما أمرنا بذلك، لكن حين تصيبنا مصيبة أو ابتلاء من الله تعالى فاعلموا أن أهم شيء هو الثبات فيه، الأمر الذي يضمن أجرًا عظيمًا من الله تعالى.

بعد ذكر هذه الأمور- أعني أن الله تعالى مع الصابرين وأن الشهداء في سبيل الله ينالون حياة أبدية، وأن للصابرين بشارات عظيمة لأنهم قد جعلوا أفراحهم تابعة لمرضاة الله تعالى- قال المسيح الموعود عن المصاعب التي يتعرض لها المبعوثون من عند الله وجماعاتهم:

“لم يأت مبعوث من الله إلا وقد تعرّضَ للابتلاء. لقد سُجِنَ المسيح وتعرّضَ لصنوف التعذيب، ولاقى موسى أنواع الإيذاء، وتعرّضَ النبي للمحاصرة، ولكن العاقبة تكون الحسنى دائمًا. (أي أن عاقبة هذه الأمور كلها تكون خيرا)

لو كانت سنة الله تعالى أن ينعَم المأمورون مِن عنده بحياة الراحة والترف، وأن تتمتع جماعتهم بأطعمة شهية، فماذا عسى أن يكون الفرق بينهم بين غيرهم من أهل الدنيا؟

إن التلفظ بحمد الله وشكرِ الله بعد تناول الأكلات الشهية أمر سهلٌ، فالجميع يستطيع أداء الشكر في هذه الحالة بلا أدنى تكلف، ولكن عظمة الإنسان تكمن فيما لو شكر الله تعالى بالروح نفسها في المصائب أيضا.

(أي يجب أن يحمد الله ويشكره في المصاعب أيضا بنفس الروح والحماس التي يحمده بهما ويشكره في زمن تلقيه نِعَم الله تعالى.)

إن المأمورين الربانيين وجماعاتهم يتعرضون للزلازل ولمواطن الهلاك وغيرها من الأخطار المتنوعة، وهذا هو معنى كُذِبُوا *

ثانيا: من فوائد هذه الأحداث أنه بواسطتها يتم اختبار أقوياء الإيمان وضعافه. إن الضعاف يكونون في صحبتك وأنت في يسر وراحة، فما إن تحل بك المصائب حتى ينفصلوا.

(أي إن المصائب تشكل اختبارا  يميز بين قوي الإيمان وضعيفه، إذ إن قدم الضعيف تتوقف عند المشاكل، أما الأقوياء منهم فيتقدمون نحو الأمام حتى في المصاعب والمحن)

وهذه هي سنة الله تعالى معي، فلا تظهر لي آية بدون ابتلاء. ولا أدلَّ على حب الله الشديد لعباده مِن أنه يلقيهم في الابتلاء كما يقول:

  وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ..

أي أنهم يرجعون إلى الله تعالى عند حلول كل مصيبة وأذى، ومَن تحلى بالاستقامة والثبات نال إنعامًا من الله تعالى. لا شك أن أيام الفرح حلوة لذيذة بادئ الرأي، لكنها لا تثمر بشيء. إن الذي يعيش حياة الترف والتنعم واللهو تنقطع صلته بالله في نهاية المطاف. ومِن حُب الله تعالى لعباده أنه يلقيهم في الاختبار ليُظهِر عظمتهم. (أي أن عظمة الإنسان وقوة إيمانه تظهر من خلال الابتلاء)

فمثلا لو لم يأمُرْ كسرى بقتل النبي لما ظهرتْ معجزة هلاكه في نفس الليلة، ولو لم يُخرِجْ أهلُ مكة النبيَّ لما سمعنا نداء الله له:

فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا .

فكل معجزة منوطة بالابتلاء، أما حياة الغفلة والترف فلا علاقة لها مع الله تعالى. فلو نال الإنسان نجاحا تلو نجاح لم يبق على علاقة التضرع والابتهال مع الله تعالى، في حين أن الله يريد للعبد أن تستمر صلته هذه معه تعالى، لذلك لا بد من حدوث مثل هذه الحالات المؤلمة.”

قال الله تعالى: إن الله مع الصابرين وإن الشهداء في سبيل الله ينالون حياة أبدية، وقد بشّر الصابرين، ثم قال تعالى في الآية الأخيرة من بين الآيات التي تلوتها حيث كرر قوله السابق فقال:

  أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ .

والذين ينالون بركات الله ورحمته فإنهم هُمُ الْمُهْتَدُونَ حقًّا، لأن الكلمات الواردة في الآية هي “صلوات ورحمة” ومعناهما بركات ومغفرة، أي أن الذين يتحلون بالصبر ويلتزمون بالدعاء فإنهم يرون مشاهد نزول بركات الله ومغفرته التي سوف ترفع من مراتبهم الروحانية. ولا يعني لفظ “صلوات” بأن الله يدعو لهم، بل المراد أنه تعالى ينـزل عليهم بركاته ومغفرته، وإذا حصل كذلك فلا بد أن ترتفع مدارجهم الروحانية، وتحالفهم رحمة الله تعالى أيضا، ويعوّضهم الله عن الخسائر الدنيوية حيث يستعدون لتقديم كل تضحية في سبيله تعالى. يمكنكم أن تبحثوا في الأمر وستجدون أنه لم ينجح قط أعداء الجماعة لوضع قصعة الشحاذين في يد أحدٍ من الأحمديين، بل قد وُضعتْ تلك القصعة الآن في أيدي أولئك الذين قد اضطهدوا الأحمديين  واعتبروهم غير مسلمين بنص القانون. فإذا لم يعُدْ هؤلاء إلى صوابهم، أو لا يريدون أن يعودوا، حتى بعد مشاهدتهم تأييد الله تعالى للأحمديين فلا حيلة بيد أحد. نحن لا نملك إلا أن ندعو لهم أن يلهمهم العقل والفهم.

ثم يقول الله تعالى في نهاية هذه الآية:

  وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ..

أي أن الذين تشملهم رحمة الله تعالى وبركاته هم المهتدون حقًّا، كما أنهم يزدادون هدى على الدوام. فبما أنهم يواظبون على الصبر والدعاء أيضا فيزيدهم الله تعالى هُدًى – كما أسلفت – ويريهم سبل الوصول إليه، فيصبحون من الفائزين بقربه. لذا يجب علينا المواظبة على الدعاء ليحمي الله تعالى كل أحمدي من المشاكل والمصاعب. ولكن إذا تعرض أحدنا للابتلاء والمحن فندعو الله تعالى أن يوفقه للمرور منها ملتزمًا بالصبر والصلوات والدعاء، كما يجب أن ندعو الله تعالى أن يرشدنا دوما في مثل هذه الظروف. يقول المسيح الموعود :

“عندما أرى معاناتكم من جهة، ومن جهة ثانية أرى القدراتِ الإلهية الكريمة التي جرّبتُها بنفسي والتي نعمتُ بها فلا أقلق مطلقا لأنني أعرف أن الله تعالى هو القادر المطلق، وهو المخلّص من المصائب والشدائد الكبيرة، ومَن أراد الله به أن يزداد معرفةً أنزل عليه المصائب لاختباره، لأنه يستطيع أن يخلق الأمل من القنوط. خلاصة القول إنه القادر والكريم والرحيم. (أي يجب ألا نفهم أننا حُرمنا من أفضاله خلال الابتلاء، بل إنه الكريم والرحيم حتى في هذا الابتلاء أيضا)

ثم يقول حضرته: إن سبل فضل الله تعالى مفتوحة دوما مهما كانت العوارض الخطيرة التي يتعرض لها الإنسان. على الإنسان أن يرجو رحمته تعالى، ويركز في تلك الظروف على التوبة والاستغفار. وهناك نقطة جديرة بأخذها بعين الاعتبار أن من ترك عند نزول البلاء عيبا له أو ذنبا لم يُرد تركَه بهذه السرعة في الظروف العادية فإن هذا العمل يصبح له كفارة عظيمة.

(أي لو ترك أحد سيئة أو ذنبا له عند نزول المصائب والمحن والبلاء آخذا منه العبرة، فسيصبح له كفارة عظيمة). عندما يشرح الله صدر الإنسان تنقشع معه ظلمة ذلك البلاء، ويلوح له بارقة الأمل، (أي عندما يحدث هذا الأمر ينشرح صدر الإنسان كما تتحول إلى النورِ تلك الظلمةُ المنتشرةُ بسبب ذلك البلاء، أو تلوح بارقة الأمل على الأقل. وعلى أفراد الجماعة في كل مكان التركيزُ على الأدعية نظرا إلى الظروف الحالية للجماعة في بعض البلاد، كما عليهم التنبه إلى أخطائهم ثم بذل السعي للوصول إلى الله تعالى. لو قام كل فرد من أفراد الجماعة بمثل هذه المساعي فإنها تتحول إلى تيار جماعي عظيم، وإذا ارتفع هذا التيار إلى السماء فلا بد أن يجلب بركات من الله ورحمته.

وفّق الله جميع أفراد الجماعة للقيام بالأدعية بهذه الروح، لأنه يبدو لي بالنظر إلى الأوضاع الراهنة ولا سيما في باكستان أن الأحمديين سوف يضطرون هناك للمرور من ابتلاءات أخرى. إن المعارضين الحمقى لا يدركون خطورة الموقف بل يظنون أن الأحمديين هدف سهل بالنسبة لهم، وأنهم لو تمكنوا من تحويل انتباه الناس من الفوضى المنتشرة في البلاد إلى الأحمديين فإن مشاكلهم سوف تنحلّ تلقائيا. ولكن كما قلت لكم إن هؤلاء الحمقى لا يعرفون أنهم لا يضرّون بالأحمديين في الحقيقة بل يضرون بالبلد لأنهم صاروا ألعوبة في أيدي من يحاولون تجزئة البلاد وتفريقها. فيجب الدعاء الكثير للأوضاع في باكستان أن يرحم الله تعالى أهلها.

سوف أصلي صلاة الغائب اليوم أيضا على أحد الشهداء، اسمه محمد أعظم طاهر ابن الحكيم محمد أفضل. كان من سكان بلدة “أج شريف”، وقد استشهد في 26 سبتمبر، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان عائدا مع أولاده في الساعة الثامنة والنصف ليلا بعد اشتراكه في حفلة زواج لأحد أبناء أخيه، إذ أوقفه شخصان في الطريق فلم يستطع السيطرة على الدراجة النارية التي يركبها فسقطت على الأرض، فلما حاول رفع أولاده الساقطين على الأرض وصل المهاجمان إليه ووضع أحدهما المسدس على صدغه، فقال له أن يأخذ ما يريد وينصرف ولكنه أطلق الرصاص فاستشهد فورا. كان قد درس طب الأعشاب وكان يمارسه في بلدته. كان محبوبا لدى الجميع. كان قد اشترك في نظام الوصية أيضا ويبلغ من العمر 51 عاما، كان خلوقا، مضيافا، وعاملا مخلصا ومطيعا في الجماعة، ومواظبا على الدعاء والعبادة، وكان يعمل حاليا سكرتيرا للمال في الجماعة. لقد ترك خلفه ابنين وبنتا واحدة. كذلك له خمسة من الإخوة والأخوات، وأحد إخوته من المبلغين، ووالده على قيد الحياة بفضل الله. ألهم الله تعالى أهله وأولاده الصبر والسلوان ووفقهم لتحمل هذه الصدمة، وزادنا الله تعالى إيمانا وتقربًا إليه بسبب هذا الاستشهاد واستشهاد أحبائنا الآخرين الذين يستشهدون في سبيل الله.

فمثلا لو لم يأمُرْ كسرى بقتل النبي لما ظهرتْ معجزة هلاكه في نفس الليلة، ولو لم يُخرِجْ أهلُ مكة النبيَّ لما سمعنا نداء الله له: فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا .

وهناك شهيدان آخران أيضا لم يُستشهدا بسبب أحمديتهم بل ذهبوا ضحية الإرهاب المستشري في البلاد، وكما قلت إن الإرهاب منتشر بكل سرعة في البلاد وأصحابُه يخطون بسرعة نحو تمزيق البلاد. الشهيدان المذكوران كانا أخوين وهما رياض أحمد وامتياز أحمد واستشهدا في انفجار وقع قرب أحد البنوك في مدينة بيشاور في الأيام الأخيرة، كانا مارّين على الشارع وقت الانفجار فسقطا ضحيته. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان عمر أحد هذين الأخوين أربعين عاما، وكان متزوجا وترك خلفه ولدين والآخر كان يبلغ العشرين من عمره. وسوف أصلي عليهما أيضا صلاة الغائب بعد الجمعة.

كذلك هناك جنازة أخرى وهي لأمير الجماعة الأسبق في بريطانيا شودري أنور كاهلون الذي وافته المنية في 24 سبتمبر. كان قد سكن في بريطانيا فترة طويلة. ظلّ يعمل لفترة طويلة رئيسًا للجماعة هنا ثم أميرًا لها، ورئيس لجنة القضاء أيضا. وقبل ذلك كان يقيم في كالكوتا حيث عمل أميرًا للجماعة. ثم كان أميرًا في “داكا” أيضا. كان عضوا في مؤسسة فضل عمر. كان على صلة متينة مع شودري ظفر الله خان ورافقه في عدة أسفار سكرتيرا له. ولما هاجر الخليفة الرابع رحمه الله إلى هنا عام 1984 وشكل لجنة لمراجعة الترجمة الإنكليزية للقرآن الكريم جعله عضوا في هذه اللجنة. كان على علاقة وفاء وإخلاص مع الخلافة، وكان كثير الاحترام لواقفي الحياة والمبلغين. غفر الله له ورحمه، آمين.

ثمة جنازة أخرى وهي لـ “فوزية وهاب” ابنة مبلغنا عبد الوهاب آدم الذي هو من أصل غاني وقد درس في الجامعة الأحمدية بربوة وهو من المبلغين الأوائل الذين ذهبوا للدراسة هناك. وهو يعمل حاليا أمير الجماعة ورئيس المبلغين في غانا. كانت فوزية وهاب زوجة محمد بيدو، وأصيبت بمرض في كليتها منذ فترة، وقبل أيام قرر الأطباء زرع الكلية إلا أن قدر الله تعالى قد غلب فتوفيت عن عمر يناهز 28 عاما. سوف أصلي عليها أيضا صلاة الغائب. غفر لها الله تعالى ورحمها وألهم والديها الصبر والسلوان، آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك