تحقق نبوءة“ وسع مكانك”
التاريخ: 2009-06-12

تحقق نبوءة“ وسع مكانك”

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • بدأ توسيع منزل المسيح عليه السلام على شكل غرف صغيرة
  • البركات الالهية تتغمد أفراد الجماعة كافة فتقام الجوامع في معظم دول العالم

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

يتعامل الله مع مقربيه وأنبيائه على نحو عجيب وغريب، فهم يختفون عن الناس للعكوف على عبادة الله تعالى، لكن الله يأمرهم بالخروج، وأسمى مثال على ذلك هو رسول الله ، حيث كان ينصرف إلى ذكر ربه في غار حراء منفردا عدة أيام متواصلة، ولم يكن له أي رغبة في أمور الدنيا، مع أنه لم ولن يكون أحد مثله في أداء المسئوليات الدنيوية في بيته وخارجه، لكن كان شغله الشاغل الاستغراق في حب الله تعالى والعكوف على عبادته . وحين أمره الله أن يخرج من الغار ويدعو العالم إلى الله الواحد الأحد فإنه قد سجل في ميدان الدعوة إلى الله أروع الأمثلة التي لا نظير لها. وهذا الإنسان الحبيب عند الله تعالى صار محل عتاب القوم نتيجة دعوته إلى الله تعالى، وقد جُعل عرضة لكثير من الفظائع والاعتداءات. كان قلبه عامرا بحب الله والشفقةِ على خلق الله. كان يبدو كل لحظة في شأن جديد دون أن يكترث لأي عداء واعتداء، وبسبب دعوته كانت جماعته تكبر كل يوم بانضمام شخص أو شخصين إلى صفه حتى انتشرت رسالته خارج الجزيرة العربية في حياته. ثم شهد العالم قيام دول إسلامية في آسيا وأفريقيا وأوروبا. ثم تردى المسلمون روحانيًا إلى أقصى حد تحقيقًا لنبوءة النبي بحسب مشيئة الله تعالى، وهذا الانحطاط الروحاني أثّر في حكومات المسلمين في بعض البلدان فزال حكمهم فيها. وبما أن الله تعالى قد سبق منه الوعد أن الإسلام هو الدين الوحيد الكامل وأنه لكافة الناس، فكان لا بد أن تتحسن أوضاع الإسلام، وكان هذا التحسن مقدرا على يد المسيح الموعود والإمام المهدي المحب الصادق للنبي ، وذلك ليتغلب الإسلام على جميع أديان العالم بشأن جديد، ولكي تصل رسالته الحقيقية إلى أرجاء المعمورة التي لم تكن قد وصلتْها من قبل. ولتحقيق مهمة النبي هذه ولإكمال نشر دينه الأخير في العالم قد بعث الله تعالى سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني إلى العالم مسيحا موعودا وإماما مهديا ونبيا غيرَ مشرع وذلك ببركة اتّباعه الكامل للنبي . وحينما نستعرض أوائل حياته نجد فيها لقطات مماثلة للمراحل الأولى في حياة سيده ومطاعه ، بل نجد نفس اللقطات حتى في المراحل التالية من حياته. كان زاهدا في الدنيا فما كانت الدنيا همه مطلقًا. لم تكن أمنيته وطموحه أو عمله إلا أن يظل عاكفًا على عبادة الله الأحد، وأن يبقى يصلّي على سيده ومطاعه محمد على الدوام نشوانَ بحبه وعشقه. ونتيجةً لعبادته لله تعالى وحبه الشديد للنبي كان تردّي حالة المسلمين الدينية والدنيوية يُسبب له قلقًا شديدًا. فكان يتضرع إلى الله من أجلهم. ونتيجة حماسه لإرساء وحدانية الله في العالم وحبه الشديد للنبي كان يعكف على قراءة القرآن الكريم بتدبّر وإمعان وقراءة كتب الأديان الأخرى ليدافع عن الإسلام من ناحية، ويُثبت أفضلية القرآن الكريم عليها من ناحية أخرى.

فقد أخبر الله تعالى في هذه النبوءة بجلاء أن الراغبين في لقائك سيزدحمون حتى يصعب عليك لقاءُ الجميع، فلا تُبدِ لهم المللَ عندئذ، ولا تَتعبْ من لقائهم.

ليُثبت تفوُّقَ القرآن الكريم عليها وتفوُّقَ الإسلام عليها كلما سنحت له الفرصة. ولا نجد في حياته أي محاولة منه لكسب الصيت ولا أثرًا للرياء، ويشهد على ذلك حتى الأغيار والأحباب. إن الله عالم الغيب والشهادة كان خير خبير بما كان حضرته يكنّه من حب ووفاء لله ولرسوله وما كان عنده من مؤاساة للإسلام، حيث أمره أنِ اخْرُجْ من زاوية الخمول فلا تكتفِ ببيان أفضلية الإسلام على الأديان الأخرى فقط ولا تغيير حالة المسلمين المتدهورة من خلال إصلاح المعارف والأصدقاء فقط، فإن هذه المشكلة أكبر من ذلك ولن تُحَلَّ بالكتابة فقط، بل عليك أن تعلِنْ في العالم كله أن المسيح المنتظر قد ظهر وأخبركم بناء على وحي الله تعالى أنني أنا ذلك المسيح الموعود والإمام المهدي. وبمجرد أن نشر حضرته هذا الإعلان قامت ضده معارضة شديدة دفعتْه إلى التفكير في الهجرة من قاديان، فعرض عليه بعضُ مريديه المخلصين أن يأتي ويسكن عندهم وأكدوا أنهم سيتحملون مسئولية حمايته أيضا، لكن ذلك لم يحدث بفضل الله تعالى. فقد طمأنه الله تعالى في عام 1882 حين كان يقوم بتأليف كتابه الشهير “البراهين الأحمدية” دفاعًا عن الإسلام وأخبره أن الأمور ستتحول لصالحك. هناك وحي طويل باللغة العربية سجله حضرته  في البراهين الأحمدية، وأقدّم لكم الآن جزءا منه قد ذكره في كتابه الآخر “سراج منير” حيث قال: “هناك نبوءة مسجلة في الصفحة 242 من كتاب البراهين الأحمدية وهي: “إني رافعك إلي، وألقيتُ عليك محبةً مني، وبَشِّرِ الذين آمَنوا أنَّ لهم قَدَمَ صدقٍ عند ربهم، واتلُ عليهم ما أُوحيَ إليك مِن ربك، ولا تصعِّرْ لخَلْقِ الله ولا تسأَمْ مِن الناس” أي سيعاديك الناس ويُبغضونك، ولكنهم سيُرَدُّون فجأة إلى محبتك، وهو من آيات صدق المهدي الموعود. ثم قال بشِّر الذين يؤمنون بك أنهم حائزون على قدم صدق عند ربهم، وأَسْمِعْهم الوحي الذي أُنزلُه عليك، ولا تُعرض عن خلق الله ولا تَمَلَّ من لقائهم. وبعدها تلقيتُ إلهامًا:

“وَسِّعْ مكانك”.

 فقد أخبر الله تعالى في هذه النبوءة بجلاء أن الراغبين في لقائك سيزدحمون حتى يصعب عليك لقاءُ الجميع، فلا تُبدِ لهم المللَ عندئذ، ولا تَتعبْ من لقائهم.

“سبحان الله! ما أعظمَ هذه النبوءة! فقد تلقيتها في وقت لم يكن يحضر مجلسي إلا رجلان أو ثلاثة على الأغلب أحيانا. أما وحي “وسِّعْ مكانك” وبشارةُ توافُد الناسِ عليه فقد تلقاها حين كان شخصان أو ثلاثة فقط يحضرون مجلسه بين حين وآخر. وإذا استعرضْنا أوضاعه قبل بضعة أعوام من ذلك الوقت لم نجد في حياته شيئا يذكر من الناحية المادية حيث كان والده يتكفل معاشه، وكان ينصحه أن يشتغل في ِعمل؛ فمن أين سيأكل ويطعم الأهل بعد الزواج إذا لم يعمل؟ لكنه كان يجيب والده بمنتهى الأدب: سأشتغل بعمل نزولا عند رغبتك، لكن الواقع أنني قد توظفت عند أحكم الحاكمين، ولا رغبة لي في مشاغل الدنيا. فكان والده عند سماع هذا الجواب يلتزم الصمت، لكنه كان قلقا على مستقبله دومًا. وما أدراه أن الله تعالى قد تحملَ مسئولية تأمين المعاش له بسبب حبه وعشقه له ولرسولِه. ولم يقتصر هذا الأمر على تأمين لقمة العيش لزوجته وأولاده فحسب، بل كان سيأتي زمان يرى العالم فيه أن ألوفا مؤلفة من الناس يأكلون على مائدته . عندما حانت وفاة والد حضرته أخبره الله بذلك سلفًا، فقلق حضرته بمقتضى الطبيعة البشرية حول تأمين لقمة العيش لأهله حيث كان والده يتكفلهم، لكن ما إنْ تولدت لديه هذه الفكرة حتى أوحى الله تعالى فورا:

 “أليس الله بكاف عبده”؟

 أي ألن يكون الله كافيا عبده؟ يقول سيدنا المسيح الموعود “فور تلقّي هذا الإلهام زالت تلك الفكرة مثلما يزول الظلام بظهور النور”، فصنَع خاتما حفَر عليه هذا الإلهام.

يقول سيدنا المسيح الموعود إن الله بعد وفاته أي وفاة والده جعلني مشهورا في مئات الألوف بعزة، ففي حياة والدي لم أكن أملك أي حرية في التصرف في إنفاق المال، بينما نصرني الله بعد وفاته لدعم هذه الجماعة ولتأمين الطعام لدراويش الجماعة والفقراء والضيوف الباحثين عن الحق الذين يتوافدون إلي من كل جهة بالمئات، كما هيأ لي آلاف الروبيات لأعمال التأليف والنشر، ولا يزال يهيئ لي على الدوام. فتحقيقا لهذا الإلهام “أليس الله بكاف عبده” أثبت أنه كافٍ وأنجز الوعد، بل بأمره “وسِّعْ مكانك” وفَّر وحقق بنفسه جميع لوازم اتساع المكان من كل النواحي. ونلاحظ تحقُّق هذا الإلهام اليوم أيضا بشأن جديد، ولم يتلقَّ حضرته هذا الإلهام مرة واحدة فقط بل قد تلقاه مرات عديدة، وفي كل مرة تلقى هذا الإلهام ازداد شأن التوسع، وهذا ما قال: إن المراد من نزول هذا الإلهام مرات عديدة أنه سيزداد شأنُ التوسع، لهذا فاسعَوا أنتم أيضا لهذا التوسيع بشكل ظاهري ثم فوِّضوا الأمر إلى الله. وهذا ما كان يفعله إيمانا منه بأن الله صادق الوعد سينجز وعده. فحين تلقَّى حضرته هذا الإلهام قبل إعلانه بأنه هو المسيح الموعود، لم يكن حضرته يملك شيئا من الناحية الدنيوية، لكن بما أن الله تعالى كان قد أمره فرأى الامتثالَ له لزاما عليه، فكيف امتثل له، ففي هذا الصدد قد سجل حضرة مرزا بشير أحمد رواية حضرة ميان عبد الله سنوري حيث قال: حين تلقى حضرته إلهام “وسِّعْ مكانك” قال لي حضرته: إننا لا نملك الدراهم لبناء البيوت ويمكن أن نستجيب لهذا الحكم الإلهي بحيث نبني سقيفتين أو ثلاث سقيفات (من الأعشاب والحشيش وغيره من المواد)، فأرسلني حضرته لأداء هذه المهمة إلى صديقه القديم الحكيم محمد شريف في أمرتسر -الذي كان حضرته يقيم عنده أثناء زيارته إلى أمرتسر في أغلب الأحيان – لكي أشتري لوازم السقيفة وأُحضر من ينصبها عن طريقه (فكان هناك خبراء في هذا العمل)، فذهبت إلى أمرتسر وأحضرتُه مع اللوازم، فطلب منه حضرته بناء ثلاث سقيفات في بيته فبقيت هذه السقائف لعدة أعوام ثم انهدمت. يقول حضرة ميان بشير أحمد إن المراد من توسيع المكان كثرة الضيوف وتقدُّم قاديان أيضا. وهو صواب.

(سيرة المهدي مجلد أول ص 131 رقم الرواية 141 الطبعة الجديدة ربوة)

هكذا كانت الأوضاع حيث لم يكن يتوفر المبلغ لبناء البيوت، فكان حضرته يقدِر على نصب السقائف فقط. كان حضرته واثقا بأن الله حين أمره بتوسيع المكان في الإلهام فسوف يهيئ من لدنه الأسباب أيضا. لكن الامتثال لحكمه تعالى بعد هذا الإلهام أيضا كان ضروريا حسب قدرته، لهذا قد قام بتنفيذ الأمر بما كان يتوفر عنده، لكن بما أن هذا الإلهام تلقاه حضرته مرات عديدة وفي أماكن مختلفة وفي شتى المناسبات، لذا كلما كان يتلقى هذا الإلهام يمتلئ يقينا بأن هذا الإلهام سيتحقق الآن في شأن جديد.

وقد أعرب عن ذلك في إحدى نشراته كالتالي حيث يقول حضرته: قبل مدة تلقيت إلهام “وسع مكانك، يأتون من كل فج عميق” فقد رأيت تحقق هذه النبوءة حيث توافد إلي أناس من بيشاور إلى مدراس، لكنني تلقيت بعد ذلك أيضا نفس الإلهام مما يبدو أن تلك النبوءة ستتحقق بكثرة وبقوة أكبر، والله يفعل ما يشاء لا مانع لما أراد. ثم يقول حضرته في 1907 في موضع في بيان إلهاماته على لسان الله تعالى كما ورد فيها فقال: “لكم البشرى في الحياة الدنيا، الخير والنصرة والفتح إن شاء الله تعالى، وضعْنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك، إني معك ذكرتُك فاذكُرْني وسِّع مكانك حان أن تعان وتُرفَع بين الناس إني معك يا إبراهيم إني معك ومع أهلك إنك معي وأهلُك إني أنا الرحمن فانتظرْ قلْ يأخذك الله.” أي … أنا رحمن فانتظر نصرتي، وقل لعدوك “إن الله سيؤاخذك”.

أي قبل وفاته بمدة قصيرة حين بشَّره الله بنجاحه وتقدُّم جماعته أمره أن “وسعْ مكانك” وإن الله – كما قلت – حين يبشر أحباءه ويأمرهم بشيء فهو يهيئ الوسائل أيضا لإنجازه، ولا نزال نشاهد صدق إلهاماته ومشاهد نزول نصرة الله وتأييده له إلى هذا اليوم. فكان يوما حين بنى حضرته السقائف للامتثال لأوامر الله في الظاهر، ثم جاء الوقت حين وسَّع مكانه وزاد عدد البيوت والغرف في بيته في دار المسيح وفي قاديان في حياته، وظل عدد الضيوف الوافدين إلى قاديان يزداد بانتظام وظل يدبر لهم الطعام والسكن وظل هذا النظام يتوسع. ثم في عهد الخليفة الأول والثاني رضي الله عنهما حصل التوسع في البيوت والمساجد، ثم بعد تقسيم الهند رغم أن أوضاع الأحمديين في قاديان ساءت نوعا ما غير أن دار المسيح والأماكن القديمة المتعلقة بحضرته ظلت بحوزة الجماعة. ثم في 1991 حين قام سيدنا الخليفة الرابع رحمه الله بزيارة قاديان وبعد تلك الزيارة بدأ العهد الجديد لتحقيق “وسع مكانك” حيث حصل توسع هائل في بيوت الأحمديين وبنايات مركزية للجماعة، ثم بعد زيارتي لقاديان في 2005 وفَّق الله الجماعة أكثر فاتسعت مساحة بنايات الجماعة حيث بنتْ فروع الجماعة في أستراليا وأمريكا وإندونيسيا وماريشيوس وغيرها من البلاد دور ضيافة كبيرة واسعة هناك بالإضافة إلى البنايات المركزية للجماعة، كما شُيدت بناية الفضائية الإسلامية الأحمدية ومكتب الطباعة والنشر حيث بنيت قاعات ضخمة تُستخدم كمستودعات للكتب، كما بنيت قاعة تحتوي على طابقين للمعرض، وهناك بناية كبيرة لثلاث طوابق للمكتبة المركزية للجماعة، وبُنيت مطبعة فضل عمر، كما بَنت لجنة إماء الله قاعة تخصها، وهناك بيت ضيافة مركزي بثلاث طوابق. وقد حصل توسع كبير في دار الضيافة للمسيح الموعود حيث أضيفت الأجنحة الجديدة، وباختصار قد حصل توسع هائل في البنايات وشيدت بنايات جديدة عديدة، وفوق كل هذا قد وُسِّع المسجد الأقصى حيث بنيت بناية أخرى ذات ثلاث طوابق بمحاذاة باحته، وهذه البناية الجديدة تتسع لخمسة آلاف مصلٍّ، كذلك شيدت في قاديان مساجد أخرى أيضا ولا يسعني الخوض في تفاصيلها كلها، كما لا يمكن – دون رؤية العين – تقدير التوسع الحاصل في قاديان بسبب هذه البنايات الجديدة. إن هذه البنايات القليلة التي ذكرتُها قد بُنيت في غضون ثلاثة أو أربعة أعوام ماضية فقط. فبهذه الطريقة يفي الله تعالى بوعوده بحيث نرى تحقق هذا الوحي بشأن جديد كل يوم، وليس في قاديان فحسب، بل في كل مكان في العالم حتى في باكستان أيضا رغم الظروف المعادية يوفق الله الجماعة لذلك. أما كيف سيؤاخذ الله تعالى معارضينا فهو أعلم بذلك. ولكن فيما يتعلق بوحيه القائل: “وسِّع مكانك”، فيرينا الله تعالى تحققه بشأن جديد في كل يوم. ولا يقتصر الأمر على باكستان أو الهند فحسب، بل إن الصوت الذي انطلق من قاديان – والذي بدا عندها أنه لن يصل حتى إلى بضعة أميال نظرًا إلى الظروف آنئذ- قد انتشر إلى العالم كله بعون الله تعالى كما وعد. ثم لم يصل الصوت فقط إلى أنحاء المعمورة، بل إننا نرى كل يوم مشاهد تحقُّقِ وحي “وسِّع مكانك”. إن هذا المسجد – بيت الفتوح – أيضا حلقة من سلسلة تلك المشاهد. كنا نملك مسجدا صغيرا.. مسجدَ الفضل الذي إذا اجتمع الناس فيه بعدد أكبر قليلا اضطررنا لنصب خيمة للصلاة، أما الآن فيصلي الناس كلهم داخل هذا المسجد بكل سهولة ويسر. كذلك هناك مساجد أخرى كثيرة قيد البناء في بريطانيا، فكل هذه ليست إلا مظاهر تحقق الوحي: “وسِّعْ مكانك”.

ففي هذه الأيام أيضا ينصر الله تعالى بفضله ورحمته الخادم الصادق للنبي ويرينا في كل مكان تحقق الوحي: “وسِّع مكانك”. يقول المسيح الموعود عن هذه النبوءة “يحققها بقوة وبكثرة أكبر”، ثم يقول حينما ينزل الله عليّ الوحيَ نفسه بتكرار يحقّقه بقوة وكثرة أكبر من ذي قبل.

لقد بلغ عدد مساجد الجماعة ومراكزها في العالم  14715، ولا زال هذا العدد في ازدياد مستمر بفضل الله تعالى. حينما ننظر إلى مساعينا وجهودنا نجد هذا الازدياد أمرا مستحيلا، ولكن بما أن الله تعالى قد أمر بتوسيع المكان فهو الذي يهيئ الأسباب لتحقيقه باستمرار. وفيما يتعلق بالظروف التي أُنشئت فيها بعض المساجد والبنايات الأخرى للجماعة فأقدم لكم بعض الأحداث بهذا الشأن بَدْءًا بالهند.

في الهند في محافظة “كانغره” مدينة اسمها “غجّن”، وقد أُسِّس فيها فرعُ الجماعة مؤخرا. وعندما أراد المسلمون الأحمديون بناء المسجد فيها عارضهم المسلمون الآخرون معارضة مريرة، وقالوا لن نسمح لكم ببناء مسجد هنا، ثم انضم إليهم الهندوس أيضا يعارضون الأحمدية. كان موظف الشرطة في هذه المنطقة هندوسيا شريفًا، فقال للأحمديين: لا تعملوا لتشييد المسجد نهارا بل اعملوا ليلا، وسأرسل رجال الشرطة لمساعدتكم، فأْتوا برجالكم فابنوا المسجد ليلاً. وهكذا عمل أفراد الجماعة في الليالي وبنوا المسجد. في البداية بنوا غرفة على غرار قاعة، ثم بنَوا منارات المسجد في ليلة واحدة. فهكذا قدّر الله أن يبنى هذا المسجد بمساعدة شخص غير مسلم، وهكذا باءت محاولات هؤلاء المسلمين المعارضين لعرقلة بناء المسجد بالفشل. فالله تعالى يُري مشاهد تأييده بهذا الشكل أيضا.

كذلك بنتِ الجماعة مسجدا في محافظة “فتح آباد” في ولاية “هريانه”. وفي هذه المدينة أيضا أُسس فرع الجماعة حديثا، وحين بدأت الجماعة ببناء مسجدها قام المسلمون الآخرون بمعارضتهم بشدة وتحالَف معهم الهندوس أيضا. فعقد مجلس خدام الأحمدية جلستهم في هذه المدينة، وأقاموا مخيما للتبرع بالدم، الأمر الذي ترك في الهندوس تأثيرا طيبا جدا، فتراجعوا عن المعارضة وقاموا لتأييد المسلمين الأحمديين، ولكن لم يتراجع “المسلمون” الآخرون عن معارضة بناء هذا المسجد. عندها قام الهندوس ضدهم وساعدونا في بناء المسجد معارضين المسلمين غير الأحمديين وهكذا بُني المسجد والمركز أيضا بفضل الله تعالى.

وفي مدينة شنائي بُني في هذه السنة “مسجد الهادي” ذو طابقَين ومكانٌ للسكن أيضا بنفقات تقدَّر بخمسة ملايين روبية. وكنتُ قد زرت هذه المدينة وافتتحتُ هذا المسجد خلال جولتي الأخيرة، وقد أقض هذا مضاجع المشايخ فازدادوا معارضةً للجماعة. وقد ذكرتُ في الخطبة الماضية أن المعارضين في هذه المدنية نبشوا قبر سيدة أحمدية، وكنت قد صليت عليها صلاة الغائب، وكان سببه أيضا عائدا إلى هذه المعارضة، لأن المشايخ يخافون غلبة الأحمديين في تلك المنطقة. ورغم معارضتهم قد فتح الله تعالى آفاقا جديدة لانتشار دعوتنا حيث إن نبشهم لقبرها جعل عددا كبيرا من شرفاء عامة المسلمين يؤيدون المسلمين الأحمديين. كما استدعت قناة التلفزة المحلية ممثلين من المسلمين الأحمديين وغير الأحمديين وأجروا مقابلة أخذت شكل مناظرة واستغرقت قرابة ساعة ونصف. وقد سُجّلت هذه المقابلة وستُبثّ في تلك القناة قريبًا كما قال المسؤولون. وهكذا سوف تُفتح آفاق جديدة لنشر دعوتنا. إذًا فالله تعالى يفتح لنا من خلال المعارضة أيضا طرقا جديدة.

ثم هناك حادث وقع في دولة بِنِين حيث يقول أمير الجماعة هناك كنا قد بدأنا بناء مسجد في قرية، فقام المشايخ المحليون بزيارات متكررة لهذه القرية مجتمعين – وقد نشط هؤلاء بعد جولتي الأخيرة خاصة، علمًا أنه حيثما ذهبتُ في الهند هذه السنة اشتدت المعارضة هناك أيضًا إلى حد كبير، مما فتح سبلاً جديدة لنشر دعوتنا – يتابع أمير الجماعة في بَنِين ويقول: وهدد هؤلاء المشايخُ المبايعين الجدد وطلبوا منهم الارتداد عن الأحمدية. وطلبوا من رئيس الجماعة هناك أن يهجر الجماعة وألا يسمح ببناء مسجد للجماعة، وعرضوا عليه أن يأخذ منهم ما شاء من المبالغ ووعدوه أنهم سيبنون له مسجدا جديدا أيضا. ولكن هذا المبايع الجديد الأحمدي المخلص رفض عرضهم كل مرة، وقال لهم: افعلوا ما يحلو لكم غير أننا سوف نشيّد مسجدًا للجماعة الإسلامية الأحمدية حتمًا في كل الأحوال، وستنتشر دعوة الإسلام في هذه المنطقة بواسطة الأحمدية فحسب. وهكذا قد بُني هذا المسجد رغم المعارضة الشديدة.

ثم انظروا كيف يوجّه الله تعالى الآخرين إلى الجماعة من خلال تحقيق وحيه للمسيح الموعود : “وَسِّعْ مكانَك”. يقول داعيتنا في نيجيريا:

إن أستاذا في جامعة AGOI WOYE شاهد فعاليات افتتاح المسجد المبارك في فرنسا عبر فضائيتنا. وقال عند زيارته لمعرضنا للكتب: “إذا كان اسم الله تعالى يُرفع بهذه الطريقة في أراضي بريطانيا وفرنسا فلا يُستبعَد أن يُرفع اسم الله يوما في أورشليم وأمريكا آلاف المرات بواسطة الأحمدية، لأن الله مع هذه الجماعة.

ثم هناك حادث من ساحل العاج، يقول أمير الجماعة في ساحل العاج:

بعد أن بنينا مسجدًا في مدينة “آبنغرو” قد توجّه الناس إلى الجماعة بشكل خاص. فقبل أسبوع تقريبا قام السيد “وِترا أبو بكر” – وهو أستاذ في كلية – بزيارة مركزنا وأخذ بعض الكتب. ثم عاد بعد قراءتها وقال: قبل قراءة هذه الكتب كنت قد استخرت الله فترة طويلة ودعوته قائلا: ربِّ هناك فِرق كثيرة في الإسلام، فاهدني إلى الصراط المستقيم. فأُرشِدتُ في المنام إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية حيث قيل لي في الرؤيا: ابحثْ في أمر هذه الجماعة. فبحثتُ عن أمركم وأعمالكم، وقرأتُ كتبكم فهداني الله تعالى إليكم. فبايعَ قبل يومَين وانضم إلى الجماعة.

ففي هذه الأيام أيضا ينصر الله تعالى بفضله ورحمته الخادم الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم ويرينا في كل مكان تحقق الوحي: «وسِّع مكانك».

لم أضرب لكم من هذه الأمثلة المتعلقة بهذا الوحي للمسيح الموعود إلا نزرًا يسيرًا جدًا إذ هناك أمثلة أخرى كثيرة في هذا الباب. إنَّ صدْقَ وحي المسيح الموعود “وسِّع مكانك” ظاهر بيِّن في العالم كله حيث خرجت الأحمدية من حدود قاديان وانتشرت في أنحاء المعمورة كلها. كلَّما وسَّع الله تعالى نطاق التبليغ اتَّسعت الأماكن فازدادت بنايات الجماعة أيضا. كما أن قناتنا الفضائية قد فتحت آفاقا جديدة لنشر الدعوة، ولكن مع اتساع دائرة التبليغ والدعوة تتفاقم المعارضة أيضا.

ومن أساليب الله تعالى في تحقيق وعوده أنه حيثما أُلحقت بالجماعة خسائر في الأرواح والأموال أو حيثما تمت المحاولات لذلك أغدق الله تعالى على أفراد الجماعة نعمه أكثر من ذي قبل، وفتح سبلا جديدة لتقدم الجماعة باستمرار. فمثلا إذا أُحرقَ بيتُ أحمديٍ أعطاه الله بيتًا أفضل وأوسعَ من بيته المحروق، وإذا أُحرِق محل أحدهم وهبه الله تعالى محلا أفضل أو محلَّين، وإذا حاول المعارضون تدمير تجارة أحمدي وهب الله له تجارة أفضل وأوسع جزاء على صبره واستقامته. وإذا أُغلق مسجد واحد في باكستان أعطانا الله عشرة أو عشرين مسجدا خارج باكستان. هذه هي معاملة الله التي نراها في كل مكان. ولكن إلى جانب ذلك تقع علينا مسؤولية أيضا لأن نظل منيبين إلى الله تعالى ونكون عبادا حقيقيين له لكي يُسبغ علينا نِعمه باستمرار.

لقد قال الله تعالى في وحيه إلى المسيح الموعود :

“إنك معي وأهلُك”،

وعلينا أن نسعى جاهدين لنكون من أهل المسيح الموعود متبعين سيرته وأسوته التي قدمها لنا، وإلا فلم يعتبر الله تعالى ابن نوح من أهله رغم وجود قرابة دموية بينهما. ندعو الله تعالى أن يجعلنا خاضعين له دائما، آمين.

اليوم تبدأ الجلسة السنوية لجماعتنا في الكبابير والتي يشترك فيها إخوة من فلسطين وبلاد أخرى أيضا. لقد أبدى أمير الجماعة في الكبابير رغبته في أن أذكر جماعتهم في الخطبة بهذه المناسبة وأوجِّه إليهم رسالة وجيزة. فسأتناول ذكرهم وسأوجه لهم رسالة وجيزة.

كنت أتحدث عن وحي المسيح الموعود : “وسِّع مكانك”، وفي هذا الصدد أود أن أذكر جماعة الكبابير، وأقول بأن الله تعالى قد وفق هذه الجماعة في بداية عهدها لبناء مسجد جميل جدا. إنه لمسجد قديم ويقع في منطقة جميلة يجذب إليه الزوار والسياح. لقد وجدته في غاية الروعة والجمال من خلال الصور التي رأيتها، وهو ما أكد عليه الإخوة الذين زاروه. وبواسطته يفتح الله تعالى سبلا جديدة لنشر دعوتنا.

في عام يوبيل الخلافة أظهرت جماعة الكبابير رغبتها في بناء قاعة واسعة وبنايات أخرى – تمس الحاجة إليها – في قطعة أرضية فارغة حول المسجد، فأذنتُ لهم بذلك. ولكن مشروع البناء الذي قدموه في هذا الصدد كان واسعا وكبيرا جدا وكان يبدو في الظاهر أنه يفوق إمكانياتهم إلى حد كبير. ولكن الله تعالى حقق وعده بهذه المناسبة أيضا، وأخبرني أمير الجماعة أن المشروع قد وصل بصورة إعجازية إلى المراحل الأخيرة لاكتماله.

تذكروا جيدا أن كل نعمة جديدة من الله تعالى يجب أن تملأ قلب كل أحمدي بعواطف شكره وتجعله خاضعا على عتبات الله تعالى. لقد وسّع الله تعالى بواسطة mta العربية نطاقَ تبليغنا في البلاد العربية إلى حد كبير، ولأفراد الجماعة في الكبابير دور بارز وهام جدا فيه؛ إذ إن الشباب منهم يقومون دائما بالمساعدة على عدة أصعدة وبمختلف الطرق والأساليب، كما أن الإخوة من بلاد عربية أخرى أيضا يلعبون دورا مهمًّا في هذا الخصوص، فجزاهم الله جميعا.

ولكن يجب أن تتذكروا دائما أن نجاحاتكم الباهرة هذه ليست نتيجة مساعيكم أو قدراتكم الشخصية، وإنما تأتي بسبب فضل الله تعالى ووعوده مع المسيح الموعود ، وثمرة لأدعية سيدنا رسول الله في حق إمام آخر الزمان وتحقيقا لنبوءاته في حقه. لذا فإنّ على جميع الأحمديين الذين وفَّقهم الله تعالى لقبول إمام هذا العصر والإخوة العرب الذين لم يجعلوا عروبتهم مدعاة للتفاخر والاستكبار، بل أبدَوا نموذج “سمعنا وأطعنا” عند سماعهم نداء إمام الزمان، على جميع هؤلاء أن يتذكروا أن عليهم أن يزدادوا تقدما في الإيمان مع كل يوم جديد. يقول المسيح الموعود ما مفاده: إذا كنتم لا تتقدمون في الإيمان كل يوم فعليكم أن تفكروا في ذلك وأن تحاسبوا أنفسكم. ومن أجل إحراز هذا التقدم عليكم أن تجعلوا قول المسيح الموعود نصب أعينكم دائما وأن تكونوا ممن يقضون نهارهم خائفين ولياليهم متمسكين بأهداب التقوى. إن التقدم في التقوى هو الهدف الأساس من وراء هذه الجلسات. فعليكم أن تقضوا أيام الجلسة واضعين تحقيق هذا الهدف نصب أعينكم ثم تعودوا إلى بيوتكم قاطعين على أنفسكم عهدا أننا سنُحدث حتما في أنفسنا تغييرات حسنة وسنجعلها جزءا من حياتنا لا يتجزأ ولسوف نتقدم في التقوى.

تذكروا دائما أن تقدمنا منوط بالدعاء وبنصرة الله تعالى إلى جانب نشر الدعوة. لذا عليكم أن تداوموا على الأدعية. فلو ركّزتم عليها وخررتم على عتبات الله مخلصين له الدينَ لأحدثت أدعيتكم ضجة وثورة في السماء، الأمر الذي سيجمع كل معاند للإسلام والمسلمين عند قدمَي محمد رسول الله .

وعلينا أن نسعى جاهدين لنكون من أهل المسيح الموعود متبعين سيرته وأسوته التي قدمها لنا، وإلا فلم يعتبر الله تعالى ابن نوح عليه السلام من أهله رغم وجود قرابة دموية بينهما. ندعو الله تعالى أن يجعلنا خاضعين له دائما، آمين.

تذكروا دائما أن زمن المسيح والمهدي ليس زمن السيوف والسهام بل هو زمن إحداث الثورة بالدعاء. وهذا ما يتبين من قول النبي في حق المسيح الموعود حيث قال: “يضع الحرب”. لقد وهب الله تعالى للعرب قدرة خارقة للتبليغ والخطاب، فلو استخدمتموها مزيِّنين إياهما بأدعيتكم وأسوتكم الحسنة لرأيتم نزول أمطار أفضال الله ورحمته الواسعة عليكم، ولرأيتم الأحمدية أي الإسلام الحقيقي تنمو وتزدهر في عالم العرب. فمن واجبنا اليوم أن نسبب للمسيحيين نجاة حقيقية ونحاول إرشاد اليهود أيضا إلى طريق صحيح انطلاقا من تعليمهم وتاريخهم، ونسعى لخيرهم محاولين جمعهم عند قدمَي النبي . ونهدي أصحاب الأديان الأخرى أيضا إلى سبل مرضاة الله تعالى، ونحاول أن ننقذ غير المؤمنين بالله تعالى من بطشه . هذه مهمة عظيمة جدا وُكِّلت إلى المؤمنين بالمسيح المحمدي .

فيا أيها الأحمديون القاطنون في الكبابير وفلسطين أنتم الجماعة الأكثر تنظيما وتنسيقا في العالم العربي في الوقت الحالي، فهبّوا وكونوا أنصارا لإمام هذا العصر وشُدُّوا مِئزركم لإيصال دعوته إلى كافة أنحاء العالم رافعين شعار: نحن أنصار الله . إن نجاة المسلمين تكمن اليوم في إيمانهم بإمام الزمان. فلو أدرك اليومَ المسلمون الأحمديون العربُ مسؤوليتهم فاعلموا أنه كما لعب المسلمون من القرون الأولى دورا بارزا في نشر دعوة الإسلام، كذلك يمكنكم أن تُعَدُّوا اليومَ من الآخِرين الذين أُلحِقوا بالأولين بأداء دوركم في هذا العصر في سبيل نشر دعوة المحب الصادق والخادم المخلص للنبي . ندعو الله تعالى أن يوفقكم وإياي لإدراك هذه المسؤولية. جعل الله جميع المشتركين في الجلسة ورثة لكافة أدعية المسيح الموعود . وتكون هذه الجلسة مجلبة لبركات لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ونرى راية سيدنا محمد رسول الله تعالى ترفرف في العالم كله قريبا، آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك