التقوى.. مفتاح باب للسلام
- التقوى، رمانة الميزان للظهور الروحاني في الأمم
- غلبة الإسلام وعد إلهي تحقق.. كيف؟
- تعاليم الإسلام في مقابل المنظمات الدولية لنشر السلام
- التقوى جوهر السلام وبيانها الإسلام العملي
- كيفية التعامل الإسلامي مع المسيئين (سلمان رشدي نموذجا)
__
بعد التشهّد والتعوّذ وتلاوة سورة الفاتحة قال أمير المؤمنين مِرزا مسرور أحمد أيّده الله تعالى بنصره العزيز:
عندما تفقد الدنيا السلامَ والأمن ويسودها الاضطرابُ والقلقُ وتُرفَعُ التقوى من العالم كليةً؛ فإن الأنبياء يُرسَلون في تلك الأوقات العصيبة. فمنذ أربعة عشر قرنًا رأينا التقوى قد اختفت من على الأرض تمامًا؛ وظهر الفساد في البر والبحر؛ عندئذٍ أنزل الله تعالى شريعته الغرَّاء الأخيرة على النبي .. فأنقذ العالم من هذا الفساد.
لقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم يومئذ على رسوله فـعلمـنا طرق تأدية حقوق الله تعالى وحقوق العباد التي قد نسيتها الأمم السابقة من أتباع الأنبياء السابقين، والذين لم يرتقوا إلى تلك المستويات السامية التي جاءت بها تعاليم الإسلام. أما المشركون فقد بلغوا أدنى مراحل الجهالة.
وقد بيَّن القرآن الكريم لنا كل نوعٍ من الأحكام وعلّمنا كيفية تأدية كل الحقوق ولفت أنظارنا إلى ذلك الأمر الهام.. ألا وهي التقوى التي إذا أدركها الإنسان؛ فإنه سوف يتخلّق بأخلاق الله تعالى ويعمل بحسب صفاته سبحانه وتعالى ويمكن أن يكون خُلقه مظهرًا لصفات الله تعالى وينشر عطر تلك الصفات في المجتمع.
إن مسئولية المسلمين الأحمديين هي أن ينشروا رسالة السلام هذه في كل الأنحاء وأن يرسخوها في قلوب الجميع.. ويثبتوا أن الإسلام ليس دين العنف؛ بل هو دين الأمن والسلام..
يقول المسيح الموعود موجهًا أنظارنا إلى هذا الأمر ما معناه: بالنسبة للقرآن الكريم؛ فإن جميع الأحكام والأوامر الواردة فيه تؤكد على الاتصاف بالتقوى.. والسبب في ذلك أن التقوى تهب القوة على تفادي كل سيئة، وتدفع الإنسان إلى كل حسنة. والسر في هذا التأكيد الشديد أن التقوى (في كل أمرٍ) هي مفتاح كل باب للسلام، وهي الحصن الحصين لحماية الإنسان من كل سيئة. فالإنسان التقي يجتنب كثيرًا من مواقف الفساد والمصاعب التي يتورط فيها الآخرون، ويهلكون بسببها. وبسبب تسرعهم وعجلتهم يزرعون التفرقة في الأمم ويهيئون الفرص للأعداء للانقضاض.
إن التقوى تشكل أساس الدين.. ومادام المسلمون يتحلّون بالتقوى فإنهم وبجدارة ينشرون سلام الله تعالى وتحيته في العالم.. وتنضم إليهم الأرواح السعيدة. فبالتقوى ودوافعها المباركة خرج الإسلام من الجزيرة العربية وانتشر إلى البلاد الأخرى في قارة آسيا البعيدة حتى وصل إلى أفريقيا، ونالت هذه القارة أيضًا بركات الإسلام ورفرفت رايات الإسلام في أوروبا أيضًا. ولكن عندما تباعدت التقوى عن المسلمين؛ وبدلاً من روح الوداعة والسلام حلت مكانه مشاعر الأنانية.. فانتشر البغض والشحناء بدلاً من الحب والمودة.. وحُرِمَ المسلمون من هذه البركات والنِعم التي خصصها الله تعالى للذين هم يتقون.
وكما قلت.. إن الله تعالى قد أنزل تعليمه الأخير على النبي لرفع الفساد من البر والبحر.. واليوم فإن نفس التعليم يمكنه أن يغير الظلمات ويجعلها نورا.. ويمكنه أن يقضي على فساد العالم. ورغم أن هناك كثيرا من الذين حرموا أنفسهم من التقوى ومن بركاتها؛ إلا أن الله تعالى قد وعد النبي أن الإسلام هو الدين الغالب على كل الأديان، ولن يتخلى الله تعالى عن تحقيق وعده هذا.
واليوم.. فإن الله تعالى قد أرسل العاشق الصادق للرسول .. المسيح الموعود من أجل نشأة الإسلام الثانية وتقدمه وازدهاره؛ ولنيل العز الضائع للإسلام. وعلى الذين آمنوا بالمسيح الموعود ويعملون بالتعليم الصحيح للإسلام ويُطهِّرون قلوبهم بالتقوى؛ أن يستعيدوا ذلك الرقي للإسلام. إن مسئولية المسلمين الأحمديين هي أن ينشروا رسالة السلام هذه في كل الأنحاء وأن يرسخوها في قلوب الجميع.. ويثبتوا أن الإسلام ليس دين العنف؛ بل هو دين الأمن والسلام.. وأن تعاليم الإسلام تقدم الضمان للأمن والسلام على جميع المستويات. فالإسلام الحق على مستوى الشعوب والبلاد قد بذل الجهود وقدَّم تعليمًا تلو تعليمٍ، بصورة لا تنافسه فيها أي ديانة أو فلسفة.
بـهذا التعليم الإسلامي الجميل يمكن أن يستتب الأمن والسلام في العالم. إذا صدقنا الله في العمل به، فبعد الحرب العالمية الثانية ومن أجل نشر السلام أُنشئت منظمة الأمم المتحدة. ولكننا نلاحظ ونرى الآن أن ما آلت إليه الأمم المتحدة هو نفس المآل الذي وصلت إليه المؤسسات السابقة. فالدول الكبيرة كانت قد اجتمعت، وأسسوا هذه المنظمة، وشكّلوا بعض اللجان الكبيرة مثل مجلس الأمن لكي ينعم الناس بالأمن والسلام في العالم ويُقضى على الفساد والنـزاعات والخصومات.. وكذلك تأسست محكمة العدل الدولية.
ولكن بالرغم من كل ذلك؛ فإن ما يحدث اليوم في العالم وعلى مرئىً ومسمعٍ من الجميع.. يدل على خيبة تلك المؤسسة وفشلها. إن سبب هذه الخيبة والإخفاق هو قِلَّة التقوى. إن بعض الشعوب والأقوام بسبب غناهم وقوتهم المادية؛ قد تملكهم التكبر والغرور حتى ظنوا أن لهم ملكوت الأمن وبيدهم مقاليد السلام.. وظنوا أنفسهم أعلى من الشعوب الأخرى فجعلوا لأنفسهم العضوية الدائمة في مجلس الأمن.. وجعلوا عضوية الآخرين غير دائمة. وبهذا لا يمكن أن يستتب الأمن والسلام في العالم.. فلا يمكن مع غياب التقوى أن يكون هناك أمن.. ولا يمكن أن يتفشى السلام العالمي إذا كان الأمر في يد دولة واحدة تملك وحدها الخيار النهائي.
إن السلام يمكن فقط أن يحل في العالم بنشر رسالة الإسلام التي جاء بها رسول الله .. وجوهره هو التقوى. ما أروع خطاب القرآن للأقوام والشعوب جميعًا؛ موضحًا أساس الإنسانية.. وفيه يقول الله تعالى:
فهذا هو تعليم المؤاخاة الإسلامية. فالمؤمن الذي يتحلّى بتقوى الله تعالى هو شخص ينفذ هذه التعاليم في نفسه وينشرها في العالم كله.. وهو مأمورٌ بذلك. وبمثل هذا يمكن أن ينتشر السلام والأمن والحب في العالم، وتنشأ علاقات المودة المتبادلة.. وإلاَّ فــمهما قامت من منظمات ومؤسسات فلن يمكنها القضاء على فساد العالم. إن السلام والأمن يُمْكِنُ فقط أَنْ يُضْمَنَ في العالمِ عندما تزول تلك الأفكار الخاطئةِ والمستبدّةِ عن السيادة لبعض الدول القوية.. ولا ضمان لأمن العالم إلا إذا لم يكن هناك أفضلية لأي شعوبٍ على شعوبٍ أخرى.
إن هذا الاضطراب في العالم لن يُقضى عليه ما لم نقض على الشعور بالتكبر والأفضلية العنصرية والتفاخر.. ولا يمكن أن يستتب الأمن والسلام في العالم ما لم يترسخ في قلوب كل شعوب العالم أننا كلنا من ذرية “آدم”، وأننا جميعًا نخضع لسُنَّة كونية وأننا خُلقنا من ذكر وأنثى.. وأننا نحن جميعًا سواسيةٌ. وإذا كان هناك أحدٌ أفضل في نظر الله تعالى؛ فهو بتقواه.. ولكن من هو أفضل في التقوى؟؟ هذا في علم الله تعالى.. وليس من حق الإنسان أن يحدد هذا الأمر..وليس بوسع الإنسان أن يعين مستوى تقواه، وكذلك ليس بوسعه ولا من حقه أن يحكم على تقوى الآخرين.
إن الله تعالى يقول أن درجتكم ومكانتكم عنده سبحانه وتعالى وكونكم أفضل من غيركم لن يكون بسبب نسلكم ولا شعوبكم ولا ألوانكم ولا ثرواتكم ولا مراكزكم الدنيوية العالية.. وكذلك ليس ثمة أمة أفضل من غيرها بحيث يكون من حقها الحكم على الشعوب الأخرى والتحكم فيها. من الممكن أن يحدث هذا من شعوب العالم نحو بعضها؛ ولكن هذا لا يكون صالحا في نظر الله تعالى. فالذي هو مقبولٌ عند الله تعالى هو المتقي.. والإسلام يقول أن جميع الناس وكل البشر هم عائلة واحدة. فإذا تعاملوا هكذا؛ فإنهم عندئذٍ سوف يهتمون بسلام الآخرين كأفراد العائلة الواحدة، الصالحون الذين يتبادلون الحب فيما بينهم.
إن الله تعالى في الآية الكريمة:
قد بيَّن للشعوب والأمم أن سبب جعلهم شعوبًا وقبائل هو أن يتعارفوا فيما بينهم.. وأنهم في نظر الله تعالى جميعًا أناس. فعواطف الإنسان الغني ومشاعره هي نفس عواطف ومشاعر الإنسان الفقير.. وعواطف الأوروبي هي كعواطف الأفريقي أيضًا.. وكذلك مشاعر أهل الشرق كمشاعر أهل الغرب.. لذا يجب أن تراعوا مشاعر وعواطف الآخرين. فإذا فعلتم هذا فسوف تكونون في سلامٍ وأمنٍ. إن الله تعالى قد أودع في كل أمةٍ وكل شعبٍ من المزايا ما يمكن الاستفادة منها واستغلالها للمحافظة على السلام المتبادل.. والإسلام هو البيان الوحيد للـطرق الموصلة لتحقيق السلام والأمن الدائم. وإلاَّ-كما قلت آنفًا- فـمهما شكّلتم من اللجان وأنشأتم من المنظمات من أجل السلام؛ فلن تستطيعوا تحقيق السلام الدائم أبدًا.
إن تعاليم القرآن ليست مجرد تعاليم نظرية؛ بل إن النبي قد طبقها عمليًا في حياته المباركة.. فلقد أحب الخدم والعبيد والفقراء وعطف على المحرومين وجعل لهم مركزًا محترمًا في المجتمع. فسيدنا بلال الذي كان من العبيد ثم حُرِّر.. لم يكن له أي مركز اجتماعي؛ ولكن معاملة النبي له قد أكرمته ووضعته في مكانة جعلت سيدنا عُمَرُ بن الخطاب يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِى بِلاَلاً. (البخاري-كتاب فضائل الصحابة)..هذه هي مستويات دين الحق لإنشاء السلام.
ثم عند حجة الوداع فإن النبي قد بيَّن ذلك تمامًا للجميع فَقَالَ:
أي أنه ليست هناك أفضلية لشعب على آخر ولا للون على آخر. فهذا هو المجتمع الجميل الذي أنشأه الرسول ؛ وهو أيضًا المجتمع الذي أسسه المسيح الموعود في جماعته باتّباعه للنبي .
ثم إن الله تعالى، ومن أجل السلام العالمي- قد أمر بتعليم بالغ الرقي فيه الرد على كل الذين يتهمون الإسلام بأنه انتشر بحدِّ السيف وأنه يأمر بالتشدد والعنف.. فردا على هذه الفكرة يقول الله تعالى:
أي أن الذين لا يرفعون السيف عليكم ولا يقسون عليكم؛ فلا ترفعوا عليهم السيف ولا تقسوا عليهم، وليس ذلك فحسب؛ لم يكتف بذلك بل علمنا أنه يجب أن تَبَرُّوهُمْ وتحسنوا إليهم وأن تقدموا مقتضيات العدل والإنصاف معهم مهما كانت جنسياتهم أو دياناتهم.
يقول المسيح الموعود في هذا الصدد ما معناه: لا شك في أن تحسنوا إليهم وتواسـوهم وتقوموا بالعدل تجاههم.. فالله يحب من يفعل هذا لأن هذه هي التعاليم القرآنية.. يقول الله تعالى:
وفي هذا الحب إشارة إلى أمر آخر.. وهو أنه يمكنكم القتال إذا اضطررتم لحمل السيف للقضاء على الفساد. الذين أثاروا الفتنة ضدكم وعادوكم كشعبٍ يمكنكم أن تعلنوا الحرب عليهم.. ولكن يجب ألا تستغلوا هذا السماح أو الإذن بشكل سيء. فالذين لا يعادونكم ولا يعتدون عليكم ولا يحاولون القضاء عليكم؛ فمن الواجب عليكم أن تُحسنوا إليهم بحسب مقتضيات العدل ويجب أن تَبَرُّوهُمْ.. فهذا من الأمور التي تجعلكم محبوبين عند الله تعالى.
إن إعلان الحرب هو فقط ضد الذين شغلهم الشاغل هو الفساد في الأرض. أما الذين لا يبدأونكم بالعدوان؛ فإنه ليس من المسموح لكم الاعتداء عليهم. ومن هنا يتبين أن إعلان الحرب والبراءة وفق التعاليم الإسلامية هو مسئولية الحكومات فقط؛ وليست حقًا للأفراد..لأنه إذا أصبح حقًا لكل فرد أن يعلن الحرب فسوف يسود الفساد والقتال داخل البلد الواحد أيضًا. للأسف أنه في البلاد الإسلامية هناك بعض الفئات التي تنتهج هذه الأفكار العدوانية ونراهم ينشرون الفساد في بلادهم وبهذا يسيئون إلى الإسلام.
ثم هناك أمرٌ إلهي آخر من أجل إنشاء السلام العالمي والعلاقات الدولية.. يقول الله تعالى:
يقول المسيح الموعود في هذا الصدد ما معناه: إن الله تعالى في القرآن الكريم علّمنا أسلوب الأدب والأخلاق لدرجة أنه يقول لنا
أي لا تسبوا حتى أصنام المشركين؛ فيسبوا ربكم.. لأنهم لا يعرفون هذا الرب. فانظروا رغم أن الأصنام ليس لها أي قيمة؛ إلاَّ أن الله تعالى يعلِّم المسلمين ألاَّ يسبوا الأصنام وأن عليهم فقط أن يُفَهِّموا المشركين الذين يعبدون تلك الأصنام بالرفق واللين. لأنكم إذا سببتم أصنامهم؛ فإنهم سوف يسبون الله..عندئذٍ تكونوا أنتم المسئولين عن هذا.
هذه هي التعاليم التي تُنشئ السلام العالمي.. لأن الردَّ على كل إساءةٍ بإساءةٍ هو بمثابة دعوة لنشر الإساءة والقذارة في المجتمع. فإذا كان لكم أي عدوٍ أو مخالفٍ ورددتم عليه بنفس أسلوبه السيئ؛ فهذا قد يسبب الإساءة إلى الله تعالى. لذا يجب على المسلمين أن يتصف كلامهم بالحكمة.. ولا يعني هذا أبدًا أن يُظهر المسلمون الجُبنَ؛ بل المقصود هو أن تضعوا الموعظة الحسنة نصب أعينكم.
وكما قلت آنفًا.. أن الله تعالى قد فهّمنا تفهيما: أن تفاعلكم السيئ مع الآخرين قد يُعرِّض الله تعالى للسباب بسببكم.. وكل مسلم يغارُ لله تعالى.. لذا يجب ألا يكون مسئولاً عن حدوث شيء يسيئ لله تعالى. فإذا سببتم الكفار أو معتنقي أي دين فإنهم سوف يردون عليكم ويسبون ربكم.. وكذلك ورد في الحديث:
فهذا هو تعليم الإسلام لنشر السلام والأمن.. لا نسب المشركين رغم فظاعة الشِرك الذي هو أبغض شيء عند الله تعالى.. والذي قال الله تعالى عنه:
إذن حتى مع المشركين يجب أن تتكلموا بحسب الأخلاق الإسلامية. هذا هو التعليم القـرآني: أن تقدموا صورة الإسلام الجميلة الحقيقية.
إن واجب المسلمين اليوم أن ينفذوا هذه التعاليم الجميلة. أما الأشقياء الذين لا يتورعون عن الاستهزاء بالمسلمين.. فـسوف يعودون في النهاية إلى الله تعالى متورطين بأعمالهم هذه.. والله تعالى سوف يحاسبهم على ما كانوا يفعلون وسوف يعاملهم بما يستحقونه..حيث يقول الله تعالى عن هؤلاء:
وهكذا بيَّن الله تعالى كيف سـيتعامل مع هؤلاء الناس الذين يسيئون لله تعالى.. ومادام الله تعالى قد أخذ هذا الأمر بيده؛ فيجب علينا ألا نقلق بخصوصـه.
في هذه الأيام هناك ضجة كبيرة بالنسبة لـ”سلمان رشدي”. إن الملحدين أمثال “سلمان رشدي” وغيرهم ممن يتخذون الإلحاد معبودًا أو يتخذون الحكومات الكبرى أو المنظمات الإجرامية آلهةً لهم من دون الله؛ فالله تعالى هو الذي سيقضي فيهم بحكمه سبحانه وتعالى. أما الذين يقولون أننا يجب أن نفعل كذا وكذا في مثل هؤلاء الناس بأيدينا وأن نقوم بإجراءات ضدهم؛ فإنهم في الحقيقة يشوهون صورة الإسلام والأخلاق الإسلامية السامية. لاشك أن الهراء الذي قام به هذا اللعين “سلمان رشدي” ضد الرسول والملائكة وذات الله تعالى أيضًا يدل على خبث باطنه.. وقد أظهر هذا الخبث الباطني. فإذا قامت حكومة من حكومات الدنيا بتكريمه وأعطته جائزة نظيرَ ما قام به من أعمال؛ فإن أمر هذه الحكومة مرده إلى الله تعالى أيضًا. ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد شرفاء ونجباء في “بريطانيا” أو في الغرب؛ ففي الحقيقة أن كثيرًا من الناس قد احتجّوا على تصرف الملكة البريطانية هذا، وأعضاء البرلمان احتجّوا على ذلك التصرف.. وقالوا لا فائدة ترجى من وراء التكريم سوى تهديد سلام وأمن المجتمع.
إن هذا اللعين عندما ألَّف كتابه البذئ -آيات شيطانية- (وفي الحقيقة يمكن القول أنه قد طُلِبَ منه أن يكتبه.. وهذا ما ذهب إليه الكثير من المعلقين).. فـمن الواضح أن هناك يدا وراءه تدفعه لكتابة هذا الكتاب. إن الهدف من هذا الكتاب هو استفزاز المسلمين لكي يُظهِروا ردود فعل قاسية.. ثم يستغل المستغلون هذا الأمر للطعن في الإسلام. إن القيام بالمظاهرات ورفع بعض الشعارات والنعرات وحرق الأعلام لا يفيد بشيء.
في الحقيقة إن هذه مؤامرة كبيرة ضد الإسلام ولن نستفيد من أعمال التخريب والتدمير.. لأن القيام بتلك الأعمال سوف يعطي الفرصة لهؤلاء الناس ليستغلوها ضد الإسلام ويقولوا: انظروا إلى أعمال المسلمين فإنها تؤيد ما قلنا في حقهم. إن ردة الفعل التي يجب أن تنشأ في قلوب المسلمين هي أن ينشروا تعاليم الإسلام السمحاء وأن تُصَلُّوا على رسول الله أكثر من ذي قبل حتى تزدادوا روحانيةً.. وتقدموا أُسوة النبي للناس. إن هذه المهمة إذا كان أحدٌ يستطيع إنجازها؛ فإنهم هم الأحمديون فقط لأنهم قبلوا وآمنوا بالعاشق الصادق للنبي . فإذا كان هناك من يستطيع أن يرد على اعتراضات المعترضين؛ فإنهم الأحمديون فقط..وإذا كان هناك أحدٌ يستطيع أن يُقَدِّمَ صورة الإسلام الصحيحة للناس؛ فإنهم الأحمديون فقط. لذا على الأحمديين أن يحاولوا ذلك أكثر من ذي قبل ويُصَلُّوا على رسول الله أكثر من ذي قبل.
عندما ألَّف ذلك اللعين: “سلمان رشدي” كتابه البذئ هذا؛ طلب سيدنا أمير المؤمنين-الخليفة الرابع رحمه الله تعالى- من أحد الإخوة الأحمديين أن يرد على هذا الكتاب. فكتب أحد العلماء الأحمديين السيد أرشد أحمدي Arshad Ahmedi كتابًا للرد عليه بعنوان: (رشدي.. يلازمه شبحه الشرير)“Rushdie: haunted by his unholy ghost”..وأُضيف إليه باب آخر بتوجيه من الخليفة الرابع رحمه الله تعالى. ويجب أن يُعاد نشر هذا الرد مرة أخرى حتى تظهر الحقيقة أمام الناس. هذا ما يُظهر الأخلاق الإسلامية السامية وبذلك يعرف الناس الطريق الصحيح للاحتجاج.
إن سلام العالم وأمنه مرهونٌ بالعدل.. يقول الله تعالى:
وفي هذا الصدد يقول المسيح الموعود ما معناه: إن عداوة الأعداء يجب ألا تمنعكم عن العدل.. يجب أن تتمسكوا بالعدل لأن في ذلك تكمن التقوى. من الصعب على الإنسان أن يقوم بمقتضيات العدل والإنصاف مع الأقوام التي تؤذي وتسفك الدماء وتقتل الأطفال والنساء كما فعل كفار مكة ولكن الإسلام أوصى بالعدل والإنصاف حتى مع هؤلاء الناس.
إن بعض الـمجاملة مع الأعداء سهلة نوعًا ما، ولكن العدل والإنصاف مع العدو ليس سهلاً. من الممكن أن يجلس الإنسان مع عدوه أحيانًا ويتحاور معه؛ ولكن القيام بمقتضيات العدل معه والإحسان إليه أمرٌ صعب.
يقول المسيح الموعود ما معناه: إن الذي يعدل مع العدو المتعطش لدمه؛ فإنه عندها يكون حبيبًا لله تعالى.
إن مستوى حبك لله تعالى يجب أن يدعوك للعدالة مع عدوك الذي بلغ في عداوتك إلى المنتهى؛ انظر لما فعل الكفار مع رسول الله ومع المسلمين في مكة والمدينة؛ ورغم ذلك قال الله تعالى أنه يجب أن تعدلوا مع هؤلاء الناس.. هذا ما يجعل الحب الإنساني يتزايد وينتشر في المجتمع والعالم. فهذا هو تعليم الإسلام.. وهو أن تنشروا الحب الصادق.
أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِى بِلاَلاً.
إن أُسوة النبي في هذا الصدد قد جذبت للإسلام من كانوا أعداء كبارا وقد اتضح ذلك جليًا يوم فتح مكة، حين أعلن سيدنا رسول الله : “لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم”. إن هذا الإعلان في الحقيقة هو الذي جذب كثيرًا من الكفار والمتعطشين لدماء المسلمين إلى الإسلام.. وهذا هو الطريق الذي يجب أن تتبعوه أيضًا.
إن الحكومات إذا لم تؤد مقتضيات العدل والإنصاف؛ فـسوف تكون لعبة في أيدي الظالمين.. أي في أيدي تلك المنظمات المتطرفة التي تعيث فسادًا في العالم.
لقد قدمت لكم بعض الأوامر القرآنية التي تُقدم التعاليم الإسلامية السمحاء.. ندعو الله تعالى أن تطلع علينا تلك الأيام التي نرى فيها الحكومات تتّبع الأوامر الإسلامية، ونرى الحكام أيضًا ينشرون تعاليم الإسلام السمحاء تحت راية المسيح الموعود .. وأن يوفقهم الله تعالى للتمسك بالتقوى. ومن أجل نيل هذا المرام على المسلمين الأحمديين أن يكثروا من الدعاء.
ندعو الله تعالى أن يستجيب لدعواتنا وأن يوفق الدنيا لأن تكون مهدًا للسلام والحب والوئام، وأن يعبدوا إلهًا واحدًا الذي هو رب العالمين.. آمين